الخرطوم- في مبادرة جديدة لتحريك الجمود السياسي في السودان، طرح التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" بزعامة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، رؤية لإنهاء الحرب، سلمها لخصومه السياسيين. بينما يعتقد مراقبون أنها تحتاج إلى تعديلات جوهرية وتنازلات حتى تحقق اختراقاً في جدار الأزمة.

وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" قد حلت نفسها في 10 فبراير/شباط الماضي، بعد خلافات بين مكوناتها عن إعلان حكومة موازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وعلى إثر ذلك، شكل الرافضون لتشكيل الحكومة تحالف "صمود"، بينما انضمت فصائل ومجموعات سياسية إلى تحالف السودان التأسيسي "تأسيس" الذي يعد لتشكيل حكومة موازية.

وكشف تحالف "صمود" عن رؤية سياسية لإنهاء الحرب، عبر خارطة طريق متعددة المسارات، تشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وإصلاحًا جذريًا في المؤسسات العسكرية، وعدالة انتقالية، إضافة إلى فترة حكم مدني انتقالية تمتد عشر سنوات، نصفها تأسيسي ونصفها بحكومة منتخبة.

مضامين الرؤية

تضمنت المبادرة -التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- وقفًا دائمًا لإطلاق النار كخطوة أولى، يُتبع باتفاق سلام شامل لا يكتفي بإنهاء القتال فقط، بل يؤسس لمرحلة سياسية جديدة.

كما شمل المشروع بناء وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية فدرالية، تقوم على الفصل التام بين الانتماء الديني للمواطنين والدولة، على أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان والمعتقدات.

وتقر الرؤية بحظر النشاط السياسي لحزب المؤتمر الوطني، بزعامة الرئيس السابق عمر البشير وواجهاته، أو تمثيله في أي من مؤسسات الحكم والمفوضيات، ويمنع إعادة تسجيله أو تسجيل جمعياته ومنظماته وواجهاته، كما تؤول كل ممتلكاته وأمواله وأسهمه لصالح وزارة المالية.

وتشمل الرؤية مسارات مختلفة منها:

المسار الإنساني: ويتمثل بإيصال المساعدات وحماية المدنيين. مسار وقف إطلاق النار: ويُعنى بالاتفاق على وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الدائمة. المسار السياسي: ويشمل إطلاق حوار وطني يخاطب جذور الأزمة، ويرسي سلاماً مستداماً في البلاد. إعلان

وحددت الرؤية مدة الفترة التأسيسية الانتقالية الأولى بخمس سنوات، تنتهي بانتخابات عامة، تعقبها فترة تأسيسية انتقالية ثانية مدتها خمس سنوات أخرى، تقودها حكومة منتخبة تلتزم بإكمال مهام التأسيس.

سجال سياسي

قال المتحدث باسم تحالف "صمود" بكري الجاك، في تصريح صحفي، إن التحالف سلّم رؤيته لكل من: قوى الحرية والتغيير– الكتلة الديمقراطية برئاسة جعفر الميرغني، وحزب البعث الأصل، وحزب المؤتمر الشعبي، ومبارك الفاضل المهدي الذي يقود تحالف قوى التراضي الوطني، والتجاني السيسي زعيم تحالف قوى الحراك الوطني، وطلب اجتماعات معهم للوصول إلى توافق عن أسس ومبادئ إنهاء الحرب.

وكشفت مصادر في تحالف "صمود" للجزيرة نت، أنهم سيبعثون بنسخة من الرؤية الجديدة إلى رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

في المقابل، قالت تنسيقية القوى الوطنية القريبة من الجيش بقيادة محمد سيد أحمد "الجكومي"، إن الرؤية المطروحة لإنهاء الحرب من "صمود" جاءت "كاجترار لمبادئ عامة وشعارات فضفاضة، تفتقر كلياً لأي آليات عملية وواضحة لوقف الحرب".

وذكرت التنسيقية، في بيانها، إن "صمت هذا التحالف عن تحديد موقف واضح وصريح من التمرد (في إشارة إلى قوات الدعم السريع)، يثير الشكوك عن نواياه الحقيقية، بل يؤكد أنهم لا يزالون يراهنون على التمرد كوسيلة لإعادة تشكيل المشهد السياسي بما يضمن عودتهم إلى السلطة".

من جانبه يرى المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني، أن الرؤية التي طرحها "صمود" تمثل "مقالا طويلا يختلط فيه الرأي بالتحليل وخارطة الطريق، مع تناقضات غريبة تقدم فكرة ثم تتبنى نقيضها".

وينتقد المحلل في حديث للجزيرة نت، اقتراح مرحلتين انتقاليتين مدتهما 10 سنوات، ليصل عمر البلاد إلى 80 عامًا تحت التجريب والانتقال منذ استقلالها. كما أن الحكومة والهياكل التي تُعيَّن في الفترة الانتقالية الأولى تنتهي بانتخابات، ثم تُطالب الحكومة المنتخبة الالتزام بقرارات فترة انتقالية معينة لا تستند إلى شرعية انتخابية.

وحتى تحقق الرؤية قدراً من التوافق، يعتقد ميرغني أنها تحتاج إلى تعديلات جوهرية، تنطلق من مفهوم الأمن القومي للأزمة وليس الحل المفضي إلى امتيازات سياسية.

ووفقا له، فإن الاعتراف بالجيش كقوة شرعية تحمي البلاد ولا يجوز منازعته فيها يعد خطوة أساسية مهمة لتأسيس منصة سياسية جامعة.

حوار وليس حلا

من جهته دافع رئيس الآلية السياسية في تحالف "صمود" وزعيم حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، عن رؤيتهم للسلام، وعدّها دعوة إلى الحوار المفتوح في مسارات الخروج من الأزمة وإعادة بناء الدولة.

ويوضح الدقير في منشور على صفحته في منصة "فيسبوك" أن "الرؤية ليست نصّا مُقدّسا ولا مشروعا مفروضا، بل هي دعوة جادة للتفكير الجماعي والتفاعل البنّاء من أجل توحيد الإرادة الوطنية في اتجاه إيقاف الحرب وإحلال السلام والتوافق على مطلوبات التأسيس الوطني المعافى من أمراض الماضي".

ويقول الدقير إن "تجاوز الكارثة الراهنة ليس مستحيلا، ويمكن للسودانيين أن يجعلوا من أزمتهم منصة لانطلاقة جديدة، ومدخلا لمسار نهضوي طال انتظاره، إذا تغلّبت إرادتهم الجامعة على شتاتهم المُدمِّر".

إعلان

أما الباحث والمحلل السياسي محمد علاء الدين، فيرى أن رؤية "صمود" حملت أجندة للحوار السياسي وليس حلا للأزمة. كما أن التحالف قدم تنازلات لأول مرة بتسليم رؤيتهم لكتل سياسية موالية للجيش ودعوتهم للحوار معه، بعدما كان يرفض الجلوس إليهم في طاولة واحدة، مما يشير إلى تحول في موقفه.

ويقول الباحث السياسي للجزيرة نت، إن "صمود" يتهم الإسلاميين بالوقوف وراء الحرب والتأثير على القرار العسكري، وفي الوقت ذاته يقر بحظر نشاط حزب البشير، مما يعكس عدم اتساق دعوته للحوار من أجل إنهاء الحرب، بينما يتم إقصاء الفاعلين فيها، فالحوار يتم مع الخصوم وليس الأصدقاء، وتحقيقه اختراقاً يتطلب تنازلات متبادلة ولو كانت مؤلمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

جامعة المنصورة تقود تحالف "تطوير صناعة الألبان والصناعات الغذائية المصرية"

 أعلنت جامعة المنصورة رسميًا إطلاق تحالف "تطوير صناعة الألبان والصناعات الغذائية المصرية"، ضمن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"، وذلك عقب توقيع البروتوكول التنفيذي للتحالف خلال فعاليات افتتاح الجمعية العامة لهيئة الشراكة بين الأكاديميات 2025 والمعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وجاء إطلاق التحالف تتويجًا للجهود المبذولة منذ إعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" في فبراير 2025، والتي تهدف إلى إنشاء تحالفات إقليمية تخصصية تضم مؤسسات التعليم العالي، والمراكز البحثية، والصناعة، ورواد الأعمال، والجهات الحكومية، لتعزيز الابتكار وربط البحث العلمي بجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويضم التحالف الذي تقوده جامعة المنصورة 12 جهة مشاركة من مؤسسات أكاديمية وصناعية وبحثية واستثمارية على مستوى إقليم الدلتا، حيث تشمل الجامعات الشريكة جامعة دمياط برئاسة الدكتور حمدان ربيع، وجامعة حورس برئاسة الدكتور السعيد عبد الهادي، وجامعة كفر الشيخ برئاسة الدكتور اسماعيل اسماعيل، والمركز القومي للبحوث برئاسة الدكتور ممدوح معوض، وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر.

كما شارك في التحالف شركاء الصناعة: مجموعة شركات قتيلو، ومجموعة عبور لاند للصناعات الغذائية، وشركة المهدي لصناعات الألبان، وجمعية المستثمرين بدمياط الجديدة، وشركة CUBII Industrial Solutions،  والشركة الاستشارية للمهندسين، لتعمل جميعها مع جامعة المنصورة على تعزيز منظومة الابتكار في قطاع الصناعات الغذائية والألبان وربط البحث العلمي بالصناعة.

وفي تصريح صحفي، أعرب الدكتور شريف خاطر، عن شكره وتقديره لكل من جامعة دمياط، جامعة حورس، جامعة كفر الشيخ، والمركز القومي للبحوث، مشيرًا إلى أن مساهمتهم الأكاديمية والبحثية تُعد حجر الأساس لنجاح التحالف. كما توجه بالشكر لشركاء الصناعة المشاركين في التحالف، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمثل نموذجًا متقدمًا للتكامل بين التعليم والبحث العلمي والقطاع الصناعي والمجتمع، بما يعزز الابتكار ويربط البحث العلمي مباشرة بجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كما توجه رئيس الجامعة بخالص الشكر والتقدير لقطاع الدراسات العليا والبحوث بجامعة المنصورة برئاسة الدكتور طارق غلوش، والدكتور محمد عبد الخالق منسق التحالف، وفريق العمل الدكتور محمد غنيم والدكتور عصام مسعد، على جهودهم المتواصلة ودورهم الفاعل في إنجاح التحالف ووضع خططه البحثية والتطبيقية، والتي سيتم تنفيذها من خلال مركز التجارب والبحوث الزراعية بكلية الزراعة

وأضاف رئيس الجامعة أن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" تمثل نقلة نوعية في المشهد البحثي والعلمي في مصر، مشيرًا إلى أن التحالف الجديد يضع التعليم العالي والبحث العلمي في قلب جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال ربط مخرجات البحث العلمي بالقطاع الصناعي وتفعيل منظومة الابتكار وريادة الأعمال على مستوى الأقاليم.

وأكد أن تحالف جامعة المنصورة يسعى إلى تحويل البحوث العلمية إلى تطبيقات صناعية منتجة، ويضع خططًا تنفيذية وتشغيلية دقيقة تشمل الهيكل التنظيمي للأنشطة ومؤشرات الأداء للمرحلة الأولى، بما يضمن تنفيذ خطة العمل لمدة ثلاث سنوات وتحقيق أثر اقتصادي واجتماعي ملموس على مستوى الإقليم.

يشار أن تحالف "تطوير صناعة الألبان والصناعات الغذائية المصرية" يهدف إلى تطوير منظومة ذكية لصناعة الألبان، بهدف تحسين الجودة، دعم الأمن الغذائي، وزيادة الصادرات، بما يعزز مكانة مصر في الأسواق الإقليمية والدولية ويحقق التنمية المستدامة في قطاع الصناعات الغذائية. 

وذلك تحت رعاية  الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبحضور الدكتور/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور/ أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي،

مقالات مشابهة

  • تحالف أسطول الحرية يعلن خططًا لتوسيع رحلات كسر حصار غزة عام 2026
  • جامعة القاهرة توقع اتفاقية تحالف "الجامعة الريادية" ضمن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"
  • جامعة القاهرة توقع اتفاقية تحالف الجامعة الريادية ضمن المبادرة الرئاسية تحالف وتنمية
  • جامعة القاهرة توقع اتفاقية تحالف "الجامعة الريادية"
  • جامعة المنصورة تقود تحالف "تطوير صناعة الألبان والصناعات الغذائية المصرية"
  • الاتفاق على رئيس البرلمان ينتظر المصادقة على نتائج الانتخابات
  • هل تحالف الإسلام السياسي وقوى اليسار لنصرة فلسطين؟
  • عثمان باونين لـ "الفجر":الشباب أولًا والوحدة أساسًا.. تحالف القوى يحدد خارطة الطريق للسودان
  • قيادي بتحالف «صمود» يشرح الكارثة في السودان أمام البرلمان الأوروبي
  • أردوغان: حل الدولتين الطريق الوحيد لسلام دائم في غزة