الغرب يبحث عن وطن بديل لليهود!
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
علي بن سالم كفيتان
لم يعُد سرًا أنَّ الحديث عن البحث عن وطن بديل لليهود خارج فلسطين، بات يُتداوَل في أروقة مراكز البحث ودهاليز صُنع القرار في الغرب بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وتعمُّق الحالة بعد اعتداء الكيان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية والرد غير المتوقع منها؛ مما عمَّق الحديث ووطد الفكرة مدعومًا برغبة مئات الآلاف من الصهاينة في الفرار من فلسطين المحتلة إلى وجهات في الغالب هي دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأمريكا وروسيا، هذه الدول استشعرت خطر الهجرة المُعاكِسة للصهاينة وبدأت في دراسة الخيارات منذ وقت مبكر ومنها إيجاد وطن آخر لهم.
قد يكون هذا الحديث سابقاً لأوانه كما يرى البعض، لكنه بات حقيقة واقعة وأزمة تنتظر العالم الغربي يبحث لها عن حل؛ حيث إنَّ فلسطين لم تمنحهم حق العيش ورغد الحياة التي كانوا موعودين بها؛ بل قادتهم إلى القلق الوجودي الدائم والخوف من المجهول قرابة قرن من الزمن. فما لم يتحقق في قرابة 100 عام يعد فكرة غير قابلة للحياة من الناحية السياسية على الأقل. فأين ستكون وجهة اليهود هذه المرة؟
أعتقد أنَّ فكرة الاتفاقيات الإبراهيمية كانت إحدى تلك البدائل التي فهُمت من وجهها البسيط كتطبيع للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الكيان المحتل والدول العربية، بينما يمكن بموجبها توزيع الجالية اليهودية إلى الدول المُطبِّعة التي ترغب في استضافتهم والاندماج معهم، عبر منح الجنسيات والسماح بالزواج والتملُّك، وهذا سيكون عوضًا عن رحيلهم إلى الغرب المسيحي الذي أحرقهم في أفران الغاز يومًا ما، ولا يرغب في عودتهم إليه؛ فهل تعي الدول السائرة في هذا الركب هذه الحقيقة؟
أكتب مقالي الأسبوعي وأنا على اطلاع بالضربات الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية واعتقد أنه نوع من المساندة الشكلية للكيان المُنهار لا غير، وإرضاءً للوبي اليهودي في أمريكا؛ فالمواقع التي ضربتها أمريكا فجر الأحد، تعرَّضت لعشرات الضربات من الطيران الإسرائيلي طوال أسبوع، وفي كل مرة تُعلن إيران أن الأضرار بسيطة ولم تعطل الأجزاء الحساسة في تلك المواقع. والأمر نفسه حدث بعد القصف الأمريكي؛ حيث صرَّح الإيرانيون أنه لا توجد بواعث قلق من تسرُّبات نووية، وأن الأمر تحت السيطرة، وأنه آمن حتى على السكان المجاورين للمناطق المُستهدفة، ولم يُرصد أي تسرُّب للإشعاعات النووية إلى المحيط. وقد أعلن مسؤولون إيرانيون أن طهران أعدت العُدة لمثل هكذا أحداث، بنقل مخزونها من اليورانيوم المخصب لمواقع آمنة وإغلاق مولدات الطاقة والعمليات الفنية في تلك المواقع، وهذا ما أكده المتحدث باسم الحكومة الإيرانية بعد الضربة الأمريكية؛ أي أن طهران امتصَّت الضربة الأمريكية بنجاح، كما فعلت مع إسرائيل، ولم ترد طهران مستهدفة القواعد الأمريكية في المنطقة؛ بل دكَّت تل أبيب بصواريخ "خيبر" من الجيل الأحدث والأكثر قوة وقدرة على التدمير. هذا يعني أن التدخل الأمريكي جلب المزيد من الدمار لإسرائيل، وسوف يدعم فكرة الفرار من الجحيم في فلسطين، وهذا ما تخشاه أوروبا بالذات؛ فموجات هجرة اليهود بدأت تتدفق إلى مُدنها وآلاف العالقين فيها رفضوا العودة.
من جهة ثانية، ينمو حديث آخر عن عودة حُكم الشاه إلى طهران، وهو في الحقيقة ضمن الخارطة التي رسمها الغرب للشرق الأوسط الجديد؛ فبعد لبنان وسوريا لا بُد من عودة نظام ملكي في العراق وإيران يتواءم مع الأنظمة في المنطقة، ويتقبل السياسات الغربية ويدور في فلكها. أما وزير خارجية إيران فقد أعلن من موسكو- بعد القصف الأمريكي الأخير- أنه على واشنطن عدم تخطِّي "الخطوط الحمراء"؛ مما يعني أنه ما زالت هناك "خطوط حمراء"، ومنها طبعًا استهداف المرشد الأعلى للثورة، ونظامه، وهذا ما أكَّده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم أنه لا يمكن الاعتماد على تصريحاته؛ فقد يفعل عكسها، مثلما حدث في هذه الضربة؛ إذ بعد أن أمهل إيران أسبوعين للتفاوض، ضَرَبَ المواقع الإيرانية. وهنا نتساءل: هل غياب إيران المُشاكِسة للغرب والمُزعِجة للعرب أفضل، أم هيمنة إسرائيل على مفاصل الشرق الأوسط كذراع أمريكية متقدمة؟
أعتقدُ أن غياب الردع الإيراني سيُضعِف النُظم العربية أكثر، وسيسمح بتغوُّل صهيوني غير مسبوق، ولهذا ربما روح المناكفة بينهما رحمة للعرب، في ظل ضعفهم وعدم قدرتهم على إيجاد قُطب فعَّال في المنطقة.
إن استمرار إيران في ضرب إسرائيل يصُب في مصلحة العرب ويزيد المتاعب التي يتعرض لها نتنياهو، ويدعم فكرة الهجرة المعاكسة والبحث عن وطن بديل لليهود؛ بعيدًا عن فلسطين. ويجب على العرب قراءة المشهد من الجانب الذي يدعم قوى المقاومة الفلسطينية وتقوية الجبهة الداخلية للفلسطينيين، بحيث يكونوا مستعدين لاستلام وطنهم، عندما يرحل اليهود؛ فالأمر قادم لا محالة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما هي القاذفات الشبحية «بي-2» التي استخدمتها أمريكا في قصف إيران؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر الأحد، أن الجيش الأمريكي نفذ "هجوماً ناجحاً للغاية" على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض.
وأفادت تقارير بأن قاذفات أمريكية من طراز "بي 2" قادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات، كانت في طريقها إلى خارج الولايات المتحدة.
القدرة على ضرب المنشآت النووية
أرسل الجيش الأمريكي قاذفات شبح أمريكية من طراز بي-2 إلى جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادئ، قبل إعلان ترامب، عن الضربة الأمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية، لينضم بذلك رسمياً إلى إسرائيل في شن غارات جوية هجومية على المواقع النووية الإيرانية.
تُعتبر هذه الطائرات الكبيرة هي الوحيدة القادرة على حمل أسلحة يمكنها ضرب أكثر منشآت إيران النووية أمناً، منشأة "فوردو"، والمدفونة في أعماق الأرض أسفل جبل.
والطائرات الشبحية هي طائرات تستخدم تقنية التخفي، لتجنب اكتشافها من قبل رادارات الدفاع الجوي. ولم يُعلق المسؤولون الأمريكيون على أسباب نشر هذه الطائرات.
اختراق المخابئ الإيرانية
هذه الطائرات الضخمة، التي يزيد طول جناحيها عن 50 متراً، هي الوحيدة القادرة على حمل قنبلة GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة، وهي قنبلة تزن 30 ألف رطل (13608 كيلوغرام) قادرة على اختراق المخابئ، ويقول الخبراء إنها ضرورية لتدمير منشأة "فوردو" النووية الإيرانية العميقة.
ويُعتقد أن هذه المنشأة مدفونة على عمق نحو 100 متر تحت سطح الأرض، ومحمية بالخرسانة المسلحة.
خصائص الطائرة بي-2
يمكن للطائرة بلوغ أي نقطة في العالم والطيران حوله في رحلة واحدة بعد إعادة التزود بالوقود في الجو.
لا تعكسها موجات الرادار بسبب انسيابية جسمها الذي يشبه مثلثا ذا قاعدة مسننة.
يمكنها حمل وزن يصل إلى 20 طنا.
يبلغ مداها دون الحاجة للتزود بالوقود حوالي 9 آلاف و600 كيلومت
الطول: 20.9 مترا.
الارتفاع:5.1 أمتار.
الوزن: 72 ألفا و575 كيلوغراما.
عرض جناحيها: 52.4 مترا.
أقصى وزن للإقلاع: 152 ألف و634 كيلوغراما.
سعة الوقود: 75 ألفا و750 كيلوغراما.
القاذفات الشبحيةالقاذفات بي 2قد يعجبك أيضاًNo stories found.