في زحام الدخان المتصاعد من الشرق الأوسط، وتحت قصف لا يتوقف، لا تُستهدف فقط مواقع عسكرية، بل تُقصف العقول، وتُغتال الطموحات العلمية.

وفي الوقت الذي تنهار فيه بعض العواصم العربية تحت وطأة الفوضى والارتجال، تقف طهران، على الرغم من الحصار والتضييق، كأنها تقول إن المعركة الحقيقية ليست في ميادين القتال، بل في قاعات الدرس، ومراكز البحث، وورش التطوير.

ما يحدث اليوم ليس مجرد حرب تقليدية، بل اختبار حضاري. إيران، التي يُراد لنا أن نراها دوماً كعدو أو خطر، تجاوزت الخطاب السياسي والدعائي، وبنت منظومة علمية جعلتها تصنع، لا تستورد، تُطوّر، لا تستهلك، تُبدع، لا تكرّر.

لم تُخفِ العقول خلف الحدود، بل أطلقتها، رغم الحصار، نحو المعادلات المعقّدة في الرياضيات، والهندسة، والفيزياء النووية.

وحين نشاهد الطائرات تُرسل حممها نحو "مراكز بحثية"، ندرك أن الهدف لم يكن فقط تقويض ترسانة عسكرية، بل تدمير إرادة معرفية بدأت تشقّ طريقها في الظلام.

هل نتعلم نحن من هذا.. ؟

نعم، ولكن السؤال الأهم: هل نملك الإرادة؟

حقيقة الأمر أن ما ينقصنا ليس المال ولا البشر، بل الرؤية، وما ينقصنا أن نعيد النظر في بنية التعليم لدينا، وأن ندرك أن التحديات الجديدة لا تُواجَه بالخطب والشعارات، بل بالمختبرات والمناهج، بالبحث العلمي، لا بتقارير أمنية.

لقد أصبح مشهد المدارس المتداعية، والمناهج المحنطة، والجامعات التي أصبحت مجرد مكاتب اعتماد، مشهداً عادياً، لكنه في الواقع مأساوي.

-لماذا لا تكون الحرب درساً لنا، لا لعنةً فقط؟

لماذا لا نجعل من دماء الضحايا، بوابة لحياة أكثر عدلاً وعقلاً.. .؟

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية

لماذا لا تنشأ مبادرة عربية مشتركة، بمظلة من جامعة الدول العربية، لإنشاء شبكة من مراكز الأبحاث العلمية المتقدمة؟ تكون عابرة للحدود، متحررة من النزعات القُطرية، يمولها صندوق بحثي عربي مشترك، وتنقل الطلبة والباحثين العرب بحرية، كأننا نعيد اكتشاف العقل العربي المشترك من جديد.

هل يبدو ذلك مثالياً.. ؟ ربما.

لكن، ألم تكن إيران يوماً محاصرة ومنهكة بعد حرب استنزاف طويلة.. .؟

ألم تُبَنِ منظومتها التكنولوجية وسط العتمة؟

لم تُمنَح إيران فرصة، بل انتزعت لنفسها حق التعلم، ولقد قال أحد الباحثين في دراسات الشرق الأوسط من جامعة "حيفا"، في لحظة صدق نادرة: ما أزعج إسرائيل ليس الصواريخ فحسب، بل العقول. تفوق الطلبة الإيرانيين في الرياضيات، وفي الهندسة، وفي تصنيع السلاح دون استيراده، كان في حد ذاته تهديداً لتفوق استراتيجي تحاول تل أبيب الحفاظ عليه منذ عقود.

فمن يخاف من كتاب رياضيات أكثر من قنبلة نووية؟

ومن يخشى من مدرسة أكثر من دبابة.. ؟

الحرب اليوم، إذاً، هي حرب على العقول، والسؤال الذي يجب أن نواجهه بشجاعة: هل نعيد ترتيب أولوياتنا.. أم نظل نغني على الأطلال؟، بينما تُبنى منظومات الغد بعيداً عنا؟ في زمن يُقصف فيه العقل، تصبح الكتابة مقاومة، والتعليم ثورة.. .، ، !! [email protected]

اقرأ أيضاًبابا الفاتيكان يدعو للسلام بالشرق الأوسط ويحذر من نسيان معاناة غزة

الصين تدين الضربة الأمريكية لإيران وتبدي استعدادها لاستعادة الاستقرار بالشرق الأوسط

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرياضيات الهندسة إيران طهران قنبلة نووية الحرب في الشرق الأوسط الفيزياء النووية جامعة حيفا تصنيع السلاح

إقرأ أيضاً:

جوتيريش: سكان الشرق الأوسط لن يتحملوا دائرة جديدة من العنف

دعا الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى تغليب الدبلوماسية في النزاع بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى أن سكان منطقة الشرق الأوسط لن يتحلموا دائرة جديدة من العنف.
وأضاف جوتيريش في جلسة طارئة لمجلس الأمن بعد الضربة الأمريكية على أيران: يجب أن نتحرك فورًا وبحزم لوقف القتال، والعودة إلى مفاوضات جادة ومستدامة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
أخبار متعلقة حرب إيران وإسرائيل.. 120 وحدة سكنية دُمرت في طهران وتضرر 500حرب إيران وإسرائيل.. سماع دوي انفجارات في شمال طهرانوتابع: يجب أن تنتصر الدبلوماسية، فالسلم لا يُفرض بالقوة، ولا بدّ من حماية المدنيين وضمان سلامة الملاحة البحرية.
وأنهى حديثه بالقول: نخاطر بالانزلاق إلى دوامة من الانتقام، ولا يمكن لشعوب المنطقة تحمل دوامة دمار أخرى، ونحن مستعدون لدعم كل جهود الحل السلمي.خسائر إيران في الحرب مع إسرائيلأعلن محافظ طهران يوم الأحد أن أكثر من 200 موقع في العاصمة الإيرانية تعرضت لضربات إسرائيلية منذ بدء الحرب قبل 10 أيام.
وقال محمد صادق معتمديان للتليفزيون الرسمي، إن "أكثر من 200 موقع تعرضت لهجمات من قبل النظام الصهيوني الغاصب".
وأضاف أن أكثر من 120 وحدة سكنية دمرت بالكامل، فيما لحقت أضرار بـ500 وحدة أخرى.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الصواريخ الأمريكية ضربت أهدافًا نووية في إيران - أ ف ب
كانت أصابت ضربة إسرائيلية السبت قاعدة عسكرية في محافظة قم جنوب طهران، وأسفرت عن إصابة شخص واحد، وذلك في اليوم التاسع من الحرب المستمرة بين إسرائيل وإيران.
ونقلت وكالة ايسنا للأنباء بيانًا رسميًا من محافظة قم جاء فيه: "أصيبت إحدى القواعد العسكرية التي أُخليت بمقذوفات أطلقها النظام الصهيوني".
فيما أشارت وكالة تسنيم إلى إصابة شخص واحد.

مقالات مشابهة

  • ما بعد وقف إطلاق النار: أي دروس تستخلصها إيران من المواجهة مع إسرائيل؟
  • توترات الشرق الأوسط تطيح بسوق العملات المشفرة.. البيتكوين ينخفض أكثر من 2%
  • بوتين: الصراع في الشرق الأوسط يصل لنقطة خطيرة للغاية
  • رأي.. إردام أوزان يكتب: الشرق الأوسط في عصر الصراع المفتوح.. من سيرسم الخطوط؟
  • هل بدأت التجهيزات لاغتيال خامئني؟
  • نتنياهو: نعيد رسم ملامح الشرق الأوسط بعد القضاء على البرنامج النووي الإيراني
  • جوتيريش: سكان الشرق الأوسط لن يتحملوا دائرة جديدة من العنف
  • نيويورك تايمز: الشرق الأوسط يخشى ما قد ينتظره بعد الحرب ضد إيران
  • ما شكل الشرق الأوسط بعد الحرب؟