تصدر الموسيقار الكبير عمر خيرت تريند محرك البحث "جوجل" في مصر، تزامنًا مع حفله المنتظر مساء اليوم، والذي يُقام على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية في تمام التاسعة مساءً، وسط حضور جماهيري ضخم من عشاق موسيقاه ومحبيه من مختلف الأعمار.

ومن المقرر أن يقدم عمر خيرت خلال الحفل مجموعة من أبرز وأشهر أعماله الموسيقية التي لا تزال محفورة في ذاكرة الجمهور العربي، من بينها مقطوعات: "صابر يا عم صابر"، "ليلة القبض على فاطمة"، "ضمير أبلة حكمت"، و"خلي بالك من عقلك"، إلى جانب باقة أخرى من مقطوعاته التي تراوحت بين الموسيقى التصويرية للأعمال الدرامية والسينمائية والمقطوعات المستقلة التي أسرت قلوب المستمعين لعقود.

ويأتي هذا الحفل وسط احتفاء جماهيري واسع بمسيرة عمر خيرت الفنية، التي تجاوزت الأربعة عقود من الإبداع المتواصل، وهو ما جعله من بين أبرز صنّاع الموسيقى في الوطن العربي، حيث استطاع أن يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وأن يقدم نموذجًا موسيقيًا فريدًا يحمل بصمته الخاصة.

ولد عمر خيرت عام 1948، وتلقى تعليمه الموسيقي في سن مبكرة على آلة البيانو في معهد الكونسرفتوار المصري تحت إشراف البروفيسور الإيطالي "كارو"، قبل أن يواصل دراسته في التأليف الموسيقي بكلية "ترينتي" في لندن، وهي المرحلة التي صقلت رؤيته الإبداعية ومنحته القدرة على تشكيل أسلوبه الموسيقي المستقل، الذي يتميز بالتنوع بين الكلاسيكي والمعاصر، وبالتدفق النغمي الذي يمس وجدان المستمع.

ولا يقتصر إبداع عمر خيرت على العزف والتأليف فحسب، بل امتد أيضًا إلى عالم الموسيقى التصويرية، حيث وضع بصمته المميزة على عدد كبير من الأفلام والمسلسلات المصرية والعربية. وكان من أبرز محطاته في هذا المجال موسيقى فيلم "ليلة القبض على فاطمة" عام 1984، والتي كانت بمثابة انطلاقة قوية في مشواره مع الموسيقى التصويرية، وحققت له شهرة واسعة.

ومنذ ذلك الحين، توالت أعماله في هذا المجال لتشمل أكثر من 100 عمل درامي وسينمائي، منها: "إعدام ميت"، "عفوًا أيها القانون"، "قضية العم أحمد"، "اللقاء الثاني"، "النوم في العسل"، و"العار"، وغيرها من الأعمال التي ارتبطت موسيقاها بوجدان الجمهور وذاكرته.

وفي عام 2023، نال عمر خيرت تكريمًا رفيعًا بحصوله على لقب شخصية العام الثقافية ضمن جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـ17، وذلك تقديرًا لعطائه الموسيقي الذي لعب دورًا محوريًا في تشكيل الثقافة الموسيقية العربية الحديثة، وفي تأصيل الذائقة الموسيقية لدى أجيال متعددة.

ويعد عمر خيرت حالة فنية فريدة في تاريخ الموسيقى العربية، فهو موسيقي متجدد دائمًا، يعرف كيف يمزج بين الفخامة الكلاسيكية والحس الشعبي المصري، وبين الرومانسية والدراما، لذلك لم يكن غريبًا أن يكون حفله اليوم من بين أبرز الأحداث الثقافية التي لاقت رواجًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتصدر اسمه التريند، ويعيد التأكيد على مكانته كأحد رموز الإبداع في مصر والعالم العربي.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الفجر الفني

إقرأ أيضاً:

يحيى الفخرانى: «الملك لير» باق فى مصر

عندما تشير عقارب ساعة المسرح القومى إلى التاسعة تمامًا فى ليلة عرض (الملك لير) يسود القاعة صمت مهيب، ويدور فى الأذهان سؤال مُلح، ما الذي يجعل الفنان «يحيى الفخرانى» يعيد تقديم نص «شكسبير» للمرة الثالثة فى زمن غير الزمن؟ زمن تتسارع فيه الإيقاعات، وتتوارى فيه التفاصيل، لكن صوت الفنان القدير القادم من خلف الستائر المخملية المنسدلة على خشبة المسرح، يكسر الصمت.

ينهى حالة التساؤل تلك؛ حيث يطلب من الجمهور – بلطف حازم – أن يغلقوا هواتفهم، وأن يتهيأوا لعبور غير مرئى من عالمنا الصاخب إلى عالم «شكسبير» الساحر، الملىء بالدهشة والصدق والفن الحقيقى.

وما أن يفتح الستار، ويبدأ العرض، إلا وتتلاشى الأسئلة، وتأتى الإجابات فى أداء هذا الفنان الاستثنائى الذي استطاع من خلال عرض (الملك لير) أن يعيد المسرح إلى مكانه الطبيعى فى قلب المشهد الثقافى، وأن يجعل هذا النص الكلاسيكى مرآة لواقعنا، وشاهدًا على كونه فنانًا حقيقيًا لم يبحث يومًا عن دور لكن عن القيمة التي يقدمها من خلال هذا الدور.

وفى حوارنا مع الفنان القدير «يحيى الفخرانى» اقتربنا من تلك اللحظات التي تسبق الدخول إلى خشبة المسرح، وتَحدّثنا معه عن تفاصيل العرض الذي صار واحدًا من علامات المسرح المصري الحديث، وسألنا «الملك لير» كيف استطاع أن يحتفظ بالتاج يعتلى رأسه كل هذه السنوات؟ وكيف يستطيع كل ليلة عرض أن يوقف عقارب الساعة عند التاسعة فلا تعود أن تعمل مجددًا إلا بعد أن ينتصف ليل القاهرة ويسدل الستار؟.. وإلى نص الحوار.

قدمت مسرحية (الملك لير) للمرة الأولى عام 2001، ثم أعدت تقديمها مرة أخرى عام 2019، واليوم تعود بها من جديد إلى المسرح القومى، السؤال هنا.. لماذا يرفض الفنان «يحيى الفخرانى» أن يخلع عباءة «الملك لير»، ويصر على إعادة تقديمها على المسرح فى مراحل عمرية مختلفة؟

– الحقيقة أننى أحب «ويليام شكسبير» كمؤلف، وهذه الرواية تحديدًا لها عندى مكانة خاصة، وعندما تصديت لتقديمها لأول مرة عام 2001، قرأت أنها الرواية الوحيدة لـ«شكسبير» التي تفشل عندما يتم تقديمها على خشبة المسرح الإنجليزى، وكانت تلك المعلومة تثير اندهاشى، لكننى وجدت تفسير هذا الأمر فيما بعد؛ فقد كُتِبت تلك الرواية فى زمن كان المجتمع الإنجليزى قريبًا فيه من المجتمع العربى فيما يتعلق بعلاقة الأب ببناته، وسُلطته عليهن، فهذه الحميمية التي تربط الأب ببناته، وهذا التصدع العائلى الناجم عن عقوق الأبناء ومعارك الميراث التي تشكل حجر الزاوية فى النص الأصلى ترتبط بموروث راسخ فى مصر والعالم العربى، وباقٍ فيها حتى الآن، لكنه لم يعد له أثرٌ فى الدول الغربية، وهنا يكمن سر فشل هذا النص عندما يقدم فى بلده، بينما يرفع المسرح لافتة كامل العدد فى كل مرة أقدمه فيها، مما يدل على أن العرض يمس الجمهور بالفعل، أما السبب الأهم الذي جعلنى أقدم شخصية «الملك لير» وأنا فى الثمانين من عمرى؛ فهو أن هذه هى سن «لير» الحقيقى، فكما كتب «شكسبير» فى الرواية الملك بلغ سِنه الثمانين وزيادة، وأنا بالفعل بلغت هذا العام الـ 80 من عمرى، وبخلاف النسخة الأولى التي قدمتها وعمرى 56 سنة، والنسخة الثانية التي قدمتها وعمرى 74 سنة؛ فإن هذه النسخة من العرض تمنحنى الفرصة لأعيش الحالة النفسية للشخصية بكل معاناتها وإرهاقها ومتعتها، كما أرادها كاتبها «شكسبير».

لكنك أعدت تقديمها للتليفزيون أيضًا قبل عدة سنوات.. فهل قصدت بذلك الوصول بالنص إلى قطاعات أعرض من الجمهور؟

– بالفعل، حدث ذلك فى مسلسل (دهشة) الذي أخرجه نجلى «شادى الفخرانى» عام 2014، وكتبه المؤلف «عبد الرحيم كمال» اقتباسًا عن مسرحية (الملك لير)؛ حيث تدور أحداث المسلسل حول رجل ثرى لديه 3 بنات، يقرر توزيع تركته عليهن وهو حى يُرزَق، قبل أن يكتشف أنه أوقع نفسَه فى ورطة؛ إذ بدأت بناته فى التنكر له، ونأت كل منهن بنفسها ومالها الموروث عن والدها فى شيخوخته، وقد حقق المسلسل نجاحًا كبيرًا وقت عرضه لذات السبب؛ حيث استطاع المسلسل أن يمس المشاهدين فى المنازل كما الجمهور فى قاعة المسرح.

أخرج المسرحية فى نسختها الأولى المخرج الراحل «أحمد عبدالحليم» وفى النسخة الثانية التي أنتجت للقطاع الخاص أخرجها المخرج الشاب «تامر كرم» واليوم يخرج المسرحية المخرج صاحب البصمات الواضحة فى السنوات الأخيرة «شادى سرور».. ما الفرق بين المخرجين الثلاثة من وجهة نظرك؟

– هذا السؤال لا أستطيع أن أجيب عليه، فلكل مخرج منهم بصمته ورؤيته للنص التي لا أتدخل فيها تمامًا والأهم أن لكل مخرج منهم زمنه، وبالنسبة لى فقد استمتعت بالعمل مع المخرجين الثلاثة.

وما الذي جذبك فى رؤية المخرج «شادى سرور»؟

– لم أكن أعرف المخرج «شادى سرور» من قبل، وعندما طرح علىَّ اسمه؛ طلبت أن أشاهد أعماله، فوجدته مخرجًا متميزًا للغاية وصاحب رؤية، وأكثر ما جذبنى إليه هو أنه (لا يحب الفذلكة) لكنه يُعلى من قيمة النص، وهذا هو جوهر أعمال «شكسبير» الذي تأتى الكلمة عنده فى المقام الأول، مع الممثل، وعلى المستوى الشخصى، وجدته شخصًا دمث الخُلق، وتعاملاته الإنسانية مع المشاركين فى العرض جيدة جدًا، وهذا أمر يهمنى للغاية، والحقيقة أنه كان موفقًا جدًا فى إخراج العرض بشكل لاقى استحسان الجمهور، وهذا هو مقياس النجاح الحقيقى.

– (الكاستينج) مسؤولية المخرج تمامًا، والحقيقة أننى كنت أثق فى اختياراته تمام الثقة، وقد أثبتت التجربة أنها كانت ثقة فى محلها.

لكن لفت نظرى أن دور «كوردليا» الابنة الصغرى للملك لير تقوم بتقديمه فنانتان بالتناوب كل منهما تقدم الدور أسبوعًا.. لماذا حدث ذلك فى هذا الدور تحديدًا دونًا عن بقية الأدوار؟

– هذا أيضًا قرار يخص المخرج الذي قرر أن يمنح الفرصة لطالبتين من طلاب المعهد العالى للفنون المسرحية، وبالمناسبة فأى عرض مسرحى كبير لا بُد أن يكون له ‏Double casting، هذا ما يحدث فى الخارج، حتى إذا حدث أى ظرف لأى فرد من أفراد العرض لا تتوقف المسرحية، الأمر الذي لا يتوافر لدينا بكل أسف.

فى حواراتى مع أبطال العرض أشاد الجميع بالعلاقة الأسرية التي تقيمها معهم فى كواليس المسرحية.. فما الذي يجعلك حريصًا على خَلق هذه الحميمية مع كل المشاركين فى العرض مَهما كان حجم أدوارهم؟

– المسرح يختلف كثيرًا عن العمل فى السينما أو التليفزيون، ففى المسرح لا بُد أن يكون طاقم العمل أسرة واحدة بالمعنى الحَرفى للكلمة، وأن يتولد لدى كل فرد فى العرض وهو قادم إليه أنه ذاهب إلى بيته، وعلى مدار تاريخى فى المسرح، كنت عندما أجد شخصًا غير مندمج مع المجموعة، وغير قادر على الذوبان فيها أطلب رحيله فورًا عن العرض مَهما كانت قيمته الفنية، ومَهما كانت حاجتنا إليه، عكس السينما والتليفزيون؛ فقد يعمل سويًا فيهما أشخاص على خلاف مع بعضهم البعض ولا يظهر ذلك للجمهور.

لحظة تحية الجمهور فى نهاية العرض كانت كاشفة عن جمهور يقدر الفن الحقيقى، ويزنه بميزان من ذهب.. كيف وجدت جمهور (الملك لير) فى 2025، وأنت وُرِدت عليك أنماط مختلفة من جمهور ذات المسرحية على مدى ربع قرن؟

– هذه اللحظات تسعدنى حقًا، تمامًا كما يسعدنى هذا الإقبال الكبير على العرض من شرائح عمرية مختلفة ومتباينة، لدرجة أننى فى إحدى ليالى العرض حاولت أن أوفر تذاكر لأقاربى لكن عجزت عن ذلك، وكلمت مدير المسرح الذي أبلغنى أن التذاكر نفدت بالكامل وأنه لا يستطيع توفير أى كرسى قبل العرض بساعات، كما جاء إلى المسرح الأسبوع الماضى ممثل عن أحد المهرجانات المسرحية العراقية، وطلب مشاهدة العرض أيضًا، ولكن بسبب نفاد التذاكر أجَّل سفرَه حتى نتمكن من توفير تذكرة له فى يوم آخر.

سمعت أنكم قد تلقيتم عروضًا فى العديد من الدول العربية لاستضافة العرض.. فما هى محطتكم المقبلة بعد المسرح القومى؟

– بالفعل تلقينا عروضًا عديدة من أكثر من دولة عربية، لكننى قررت عدم السفر خارج مصر ما دامت التذاكر تنفد كل ليلة، وطالما أن هناك إقبالاً كبيرًا على المسرحية، والحقيقة أن جمهورى هنا أولَى، ومن يرغب فى مشاهدة المسرحية من الأشقاء العرب فأهلاً به فى المسرح القومى.

بوابة روز اليوسف

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • يحيى الفخرانى: «الملك لير» باق فى مصر
  • مختصون: فجوة مخرجات التعليم والاعتماد الكبير على الوافدين من أبرز تحديات توظيف المواطنين
  • ردة فعل راغب علامة على معجبة في حفل جديد.. فيديو
  • متحدث الصحة: أبرز مؤشرات نجاح حملة 100 مليون صحة هو الإقبال الجماهيري الكبير
  • تريند السجن.. ما الذي طلبته علياء قمرون أثناء التحقيقات؟
  • الحلقة الأولى من فلاش باك تتصدر تريند X خلال ساعات من عرضها
  • الموسيقى العربية والفلكلور الشعبى بختام مواسم صيف بلدنا برأس البر والجديدة
  • ما أبرز اللقاءات التي جمعت بين ترامب وبوتين منذ 2017؟
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ