ضبط ملكية العقارات وحماية المواطن .. الرقم القومي الموحد يضع ضوابط جديدة
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
في خطوة تشريعية غير مسبوقة، يستهدف قانون الرقم القومي الموحد للعقار وضع خريطة دقيقة وشاملة للعقارات في مصر، من خلال تخصيص رقم فريد لكل وحدة عقارية، ليكون بمثابة «بطاقة هوية» غير قابلة للتكرار أو التلاعب، ما يمثل نقلة نوعية في تنظيم السوق العقاري، وتوفير بيئة أكثر شفافية وعدالة.
ضبط ملكية العقارات وحماية المواطنينص القانون على أن يكون لكل عقار رقم قومي موحد، يتم إدراجه ضمن قاعدة بيانات مركزية، تتكامل فيها جهود عدد من الجهات، على رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووزارة الاتصالات، وإدارة المساحة العسكرية، وغيرها.
ويُعد هذا التحول خطوة ضرورية للحد من واحدة من أكثر المشكلات تعقيدًا في قطاع العقارات، وهي تعدد عقود الملكية لأرض واحدة، أو بيع العقار الواحد لأكثر من مشترٍ، نتيجة غياب توثيق موحد يمكن الرجوع إليه، وهو ما كان يفتح الباب واسعًا للنزاعات القضائية والمضاربات غير المشروعة.
وقف عشوائية المرافق ودمج قواعد البياناتأحد أبرز جوانب القانون الجديد هو الربط الكامل بين الرقم القومي للعقار وبين خدمات المرافق، حيث لن يتم السماح بتوصيل الكهرباء أو المياه أو الغاز أو التليفون لأي عقار دون إثبات الرقم القومي الخاص به. كما سيكون هذا الرقم شرطًا أساسيًا في معاملات الشهر العقاري والتسجيل العيني، وهو ما من شأنه أن يُنهي حالة العشوائية التي كانت تكتنف تقديم الخدمات لبعض العقارات المخالفة أو غير المسجلة.
كما ينص القانون على إلزام جميع الجهات العامة والخاصة، بما في ذلك الأشخاص الطبيعيين، بتقديم ما تطلبه الدولة من بيانات أو مستندات تتعلق بإنشاء وتحديث قاعدة البيانات، خلال مهلة أقصاها 30 يومًا، ما يعني تحولًا حاسمًا نحو إدارة إلكترونية دقيقة وموحدة للثروة العقارية في مصر.
مهلة لتوفيق الأوضاعووفقًا للقانون، فإن على الملاك توفيق أوضاعهم خلال ستة أشهر من صدور اللائحة التنفيذية، مع السماح بمد المهلة لثلاث سنوات بقرار من رئيس مجلس الوزراء، ما يتيح وقتًا مناسبًا لتطبيق أحكام القانون دون التسبب في اضطراب بالسوق.
وفي المقابل، تفرض المواد العقابية عقوبات رادعة على أي محاولة لتزوير أو إتلاف البطاقات التعريفية للعقارات، تصل إلى الحبس والغرامة، مما يعزز الجدية في التنفيذ والالتزام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرقم القومي الموحد للعقارات الرقم القومي للعقارات مجلس النواب البرلمان اخبار البرلمان الرقم القومی
إقرأ أيضاً:
الراتب في خطر
جابر حسين العُماني **
أكثر ما ينتظره ويترقبه المواطن عند بداية كل شهر هو راتبه الشهري الذي من خلاله يستطيع العيش بسلام وأمان مع أفراد أسرته، وهو يأمل دائمًا في زيادة هذا الدخل لضمان حياة كريمة يعيشها بعزة وكرامة بلا منة من أحد.
ومن المُؤسف جدًا أن يبقى راتب المواطن على حاله بلا زيادة، بينما مصاريف الحياة تتكاثر وتنمو بشكل غير طبيعي؛ مما يجعل المواطن يعيش حياة مزعجة ومُرهقة لا تطاق، بحيث لا يستطيع التكيف مع تكاليف الحياة.
وغلاء المعيشة واقعٌ صعبٌ يعيشه المواطن العربي، وهو ليس موضوعًا عاديًا ينبغي السكوت عنه، بل لا بد من التَّحرك الجاد والسريع من قبل الحكومات لتحسينه وتطويره بما يضمن للمواطن حياة كريمة، فيستطيع بذلك تلبية احتياجات أسرته ومتطلباتها الحياتية المُختلفة، والتي من أهمها تكاليف فواتير الكهرباء والماء والمدارس والغذاء والعلاج، ولكن يا ترى هل يستطيع المواطن التعايش مع تكاليف باهظة الثمن، وهو يتقاضى راتباً ثابتاً وغلاء المعيشة يتحرك بلا توقف؟
وغلاء المعيشة وإزعاج المواطن بمساوئها، يتطلب من الحكومات العربية والإسلامية العمل الجاد على إيجاد الحلول الجذرية، وذلك من خلال مُراجعة سياسة دفع الرواتب، والتضخم، والاهتمام الكامل بالدعم الحكومي للمواطن، فنحن اليوم نعيش في زمن يتطلب صناعة دول واعية تستمع باحترام وإجلال لصوت الشارع المتمثل في المواطنين الأعزاء، سواء كان ذلك المواطن باحثًا عن العمل أو مسرحًا منه أو لا زال على رأس عمله.
اليوم.. نحن في وقت لا يطلب المواطنون فيه الاستماع إلى الشعارات الرنانة والوعود غير المجدية من المسؤولين وأصحاب المناصب والكراسي، بهدف التطمين لا أكثر؛ بل يطالب المواطنون المسؤولين في الحكومات بالعمل الجاد والحقيقي لتحسين أوضاعهم المعيشية وذلك من خلال زيادة رواتبهم بما يكفيهم ويجعلهم متكيفين مع غلاء المعيشة.
وعندما نتحدث عن أهمية زيادة راتب المواطن، فنحن نتحدث عن خطوات إيجابية واستراتيجية لها الكثير من الآثار المُباشرة والرائعة على المواطن والمجتمع والاقتصاد الوطني، ومن أهم تلك الفوائد ما يلي:
أولًا: تحسين المستوى المعيشي للمواطن بما يجعله قادرا على تلبية احتياجاته اليومية بكل كرامة وعزة وشموخ. ثانيًا: تجنب الديون، فالراتب الذي يكفي المواطن يجعله أقل قرضاً ودينًا. ثالثًا: استطاعة المواطن على الادخار والاستثمار بما يتيح له إقامة المشاريع الصغيرة والكبيرة التي تعود بالنفع عليه وعلى أسرته ومجتمعه ووطنه. رابعًا: استقرار الأسرة واطمئنانها وذلك أن زيادة الدخل تعني الراحة النفسية، بينما ضعف الدخل ينعكس سلباً على الأسرة وأفرادها.وكما أن زيادة الراتب مفيدة على الصعيد الشخصي للفرد، فهي مفيدة أيضًا على الصعيد الاجتماعي، والفوائد في هذا الصعيد جمَّة وكثيرة، ومن أهمها الآتي:
أولًا: تعزيز الإنتاج والانتماء إلى الوطن، وذلك أن المواطن الموظف الذي تبادله الدولة الاحترام والتقدير من خلال منحه راتباً عادلا ومنصفاً، بكل تأكيد سيُعطي وقته وجهده وإخلاصه لتقديم عمل أفضل، مما يعود بالخير على الوطن والمواطنين. ثانيًا: الحد من انتشار الجرائم، فزيادة الدخل من خلال الراتب الشهري تساعد كثيرًا على نفي الفقر عن المجتمع، وكلما اكتفى المواطن ماديًا، قلت لديه فرص التفكير في انزلاقات الانحراف والجريمة. ثالثًا: خفض معدلات الهجرة في الداخل والخارج، وذلك أن المواطن السعيد براتبه المستقر والمرضي لا يحتاج إلى الهجرة من أجل الحصول على فرص عمل أفضل. قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: (اَلْغِنَى فِي اَلْغُرْبَةِ وَطَنٌ وَاَلْفَقْرُ فِي اَلْوَطَنِ غُرْبَةٌ). رابعًا: يستطيع الفرد عند استقرار راتبه وزيادته أن يفكر في المشاريع الخيرية، وأن يسهم في عون المحتاجين في مجتمعه، ويكون من المبادرين في إعانة المشاريع التطوعية التي تدعو لها الدولة.وفوائد زيادة راتب المواطن وتحسين دخله لا تقتصر على النحو الشخصي أو الاجتماعي فحسب، بل تمتد فوائدها على الاقتصاد، فهي تنشط الأسواق المحلية، لذا عندما يكون الدخل أعلى فذلك يعني استهلاكاً أكبر؛ مما يزيد من عملية البيع والشراء، وينعش الاقتصاد ويرفع القوة الشرائية، مما يزيد من أرباح الشركات ويدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ويجعلها مشاريع ناجحة ومُوفقة.
وأخيرًا.. عندما يكون الراتب في خطر ولا يتم تحسينه للمواطن، فذلك يعني أن هناك خللًا واضحًا في عمل المسؤولين، وقد يجلب ذلك الخلل استياء المواطنين، ويرفع من نسبة الإحباط والأمراض النفسية والجسدية، ويُضعف جهود تحقيق العدالة الاجتماعية، وهي بحاجة ماسة إلى الدواء الفاعل الذي يرجعها إلى صوابها، فكما تطلب الحكومات من مواطنيها أن يكونوا مواطنين صالحين ومحافظين على وطنهم ومُقدراته، فمن المنطق والعقل والحكمة أيضًا أن تسعى الحكومات في تحسين أوضاع المواطنين وتحسين معاشهم وعدم التَّخلي عنهم، ويكون ذلك بمحاربة الفساد وضربه بيد من حديد، وإصلاح ما فسد من خلال محاسبة الفاسدين، واستبدالهم بالصالحين الأكفاء من أهل الحكمة والدراية والعقل، والعمل الجاد على إرجاع المياه إلى مجاريها، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]. صدق الله العلي العظيم.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصر