قُتل 13 شخصا، بينهم 3 أطفال، اليوم الجمعة في قصف نفذته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور غربي السودان.

وقال مصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن 21 أصيبوا أيضا جراء القصف المدفعي الذي نفذته مليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر.

وجاء القصف بعد ساعات فقط من إعلان مجلس السيادة الانتقالي في السودان أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وافق، خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على هدنة إنسانية لمدة أسبوع في محلية الفاشر، دعما لجهود الأمم المتحدة وتسهيلا لوصول الإغاثة لآلاف المواطنين المحاصرين.

وقال غوتيريش الجمعة إننا نجري اتصالات مع الجانبين لتحقيق هذا الهدف.

لكن مصدرا في قوات الدعم السريع صرح لوكالة الصحافة الفرنسية بأنهم لم يتلقوا اقتراحا بوقف إطلاق النار.

شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تنقل مساعدات إلى دارفور (رويترز-أرشيف)

وحذّرت الأمم المتحدة مرارا من تدهور أوضاع المدنيين المحاصرين في المدينة، حيث دفع الجوع العديد من العائلات إلى تناول أوراق الشجر وقشور الفول السوداني في ظل عدم السماح بدخول أي مساعدات تقريبا.

ويقول المدنيون إن الأسعار ترتفع بشكل كبير مع غياب المرافق الصحية بشكل شبه كامل، بعدما أُجبرت جميعها تقريبا على الإغلاق بسبب القتال.

وتعرضت منشأة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي داخل الفاشر لأضرار نتيجة قصف متكرر من قوات الدعم السريع الشهر الماضي. وفي بداية يونيو/حزيران قُتل 5 من طواقم الإغاثة في هجوم على قافلة للأمم المتحدة كانت تسعى للوصول إلى المدينة.

وقد شنت قوات الدعم السريع هجمات متكررة على المدينة ومخيمات النازحين المحيطة بها المتضررة من المجاعة، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين ودفع مئات الآلاف من النازحين إلى الفرار.

ووصفت منظمة يونيسيف الوضع بأنه "جحيم على الأرض" بالنسبة لـ825 ألف طفل على الأقل محاصرين في الفاشر ومحيطها.

تصاعد دخان وألسنة لهب من مستودع وقود في بورتسودان شرقي البلاد في مايو/أيار الماضي (رويترز)

وسيطرت قوات الدعم السريع على جلّ أراضي إقليم دارفور الشاسعة في الأشهر الأولى من الحرب، لكنها لم تتمكن من السيطرة على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور رغم حصار المدينة منذ أكثر من عام.

إعلان

وتقول مصادر إغاثية إن الإعلان رسميا عن المجاعة أمر مستحيل نظرا لعدم القدرة على الوصول إلى البيانات، لكن الجوع اجتاح المدينة بالفعل.

وبحسب أحدث الأرقام المتاحة للأمم المتحدة، فإن أكثر من مليون شخص يعيشون على شفا المجاعة في شمال دارفور.

ومن بين 10 ملايين شخص نازحين داخليا في السودان، يعيش ما يقرب من 20% منهم في شمال دارفور.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً قالت فيه إن العالم يتعرّف على أهوال مدينة الفاشر من خلال الصمت والغياب، لا من خلال أدلة ملموسة، إذ لم تتمكن أي وسيلة إعلامية مستقلة من الوصول إلى المدينة السودانية الواقعة في ولاية شمال دارفور، والتي سقطت في أواخر تشرين الأول/أكتوبر بعد أكثر من 500 يوم من الحصار.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية أحياء مدمرة، وأراضي ملطخة بالدماء، وآثار مقابر جماعية.

واختفى المرضى الذين كانوا يعالجون في المستشفيات والعيادات التي استهدفها المقاتلون، فيما وصل الأطفال الفارون من الفاشر إلى مخيمات النازحين من دون آبائهم أو ذويهم.

وروى عمال الإغاثة ومسؤولو الأمم المتحدة شهادات عن مجازر وعمليات اغتصاب واسعة النطاق ارتكبتها ميليشيات قوات الدعم السريع، إحدى الفصيلين الرئيسيين في الحرب الأهلية المدمرة في السودان.



ومنذ اندلاع الصراع في نيسان/أبريل 2023، عززت قوات الدعم السريع سيطرتها على إقليم دارفور الشاسع غرب البلاد، وجسد استيلاؤها على الفاشر عملية تقسيم فعلي بين الشرق والغرب، في حين استعادت القوات المسلحة السودانية العاصمة الخرطوم في وسط البلاد.

وأدت الحرب الأهلية إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم، بعدما نزح نحو 14 مليون شخص، نصفهم من الأطفال، وتفشت المجاعة والأمراض، ومنها الكوليرا، في مناطق واسعة، خصوصا الفاشر ومحيطها، حيث وصف شهود عيان كيف عاش السكان المحاصرون على علف الحيوانات والأعشاب الضارة.

كما ترافقت الأزمة مع العنف الممنهج الذي تمارسه قوات الدعم السريع ضد جماعات عرقية وقبلية غير عربية في دارفور، ويقدر عدد المفقودين من الفاشر بنحو 150,000 شخص، فيما يشير باحثون إلى أنّ نحو 60,000 منهم قتلوا على يد قوات الدعم السريع وحلفائها خلال الشهر الماضي فقط.

وفي أعقاب سقوط الفاشر، قال ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر ييل للأبحاث الإنسانية، لشبكة "سي إن إن" الشهر الماضي: "نشهد وتيرة قتل لا يضاهيها إلا الإبادة الجماعية في رواندا".

ويتابع المختبر تداعيات ما يجري، مضيفا: "نحن بصدد كارثة بشرية قد تتجاوز في غضون أسبوع عدد ضحايا غزة خلال عامين. هذه هي سرعة القتل التي نشهدها بناء على ما نراه من أكوام الجثث على الأرض".

وقالت الصحيفة إن المنطقة لا تزال تعاني أيضا من صدمات سابقة، ففي لاهاي، أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء حكماً بالسجن 20 عاما على علي محمد علي عبد الرحمن، قائد ميليشيا الجنجويد السودانية سيئة السمعة، بعد إدانته بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت تحت إشرافه قبل أكثر من عقدين خلال حملة مكافحة التمرد في دارفور.



وتعد الجنجويد النواة الأولى لقوات الدعم السريع، لكنها كانت آنذاك تنفذ أوامر الحكومة المركزية في الخرطوم بقيادة الرئيس عمر البشير.

وذكر الكاتب إشارات متكررة إلى العنف الإبادي الحالي، قائلاً إن مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بمقاطع مصورة لمقاتلين وقادة في قوات الدعم السريع وهم يتباهون بجرائمهم ويتفاخرون بقتل واغتصاب المدنيين من مختلف القبائل.

وسابقةً لسقوط الفاشر، شهدت مدينة الجنينة في غرب دارفور أيضا مجزرة واسعة، حيث قتلت قوات الدعم السريع وحلفاؤها نحو 15,000 شخص، وارتكبت عملية تطهير عرقي بحق شعب المساليت من أصول أفريقية سوداء.

وأشار المقال إلى أنّ الفاشر تحتل مكانة محورية في سجل الإبادة الجماعية في دارفور قبل عقدين، إذ سبق أن شنّت قوات المتمردين في نيسان/أبريل 2003 غارة على منشأة عسكرية رئيسية في المدينة، ما مهّد لحملة القمع الوحشية التي دعمتها الحكومة وما تلاها من فظائع.

وأكد الكاتب أن أوجه التشابه واضحة، فنقل عن توم فليتشر، كبير مسؤولي الإغاثة في الأمم المتحدة، قوله في إحاطة لسفراء الأمم المتحدة نهاية تشرين الأول/أكتوبر: "إن ما يحدث في الفاشر يُذكّرنا بالأهوال التي عانت منها دارفور قبل عشرين عاماً. لكننا نشهد اليوم رد فعل عالمي مختلفا تماما، رد فعل استسلام. إنها أيضاً أزمة لامبالاة".

وأضاف أن محللين شددوا مراراً على أنّ المأساة الحالية كانت متوقعة، ففي بيان صدر عام 2023 عند اندلاع الحرب الأهلية، قال تيغيري شاغوتا، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لشرق وجنوب أفريقيا: "لا يزال المدنيون في دارفور اليوم تحت رحمة قوات الأمن نفسها التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور ومناطق أخرى من السودان، من المخزي أن يعيش الناس في السودان في خوف كل يوم".



ولفت إلى أن الجيش السوداني أيضاً متهم بارتكاب فظائع، لا سيما بالقصف العشوائي للمناطق المدنية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، كما يُزعم أنّ قوات الدعم السريع قتلت عشرات المدنيين بطائرات مسيرة في منطقة كردفان جنوب وسط البلاد، التي أصبحت أحدث بؤرة توتر في حرب فشلت القوى الخارجية في كبحها.

وأضافت مجموعة الأزمات الدولية في موجزها السياسي أن السودان يقف اليوم أمام مأزق سياسي لا يستطيع أي من الطرفين كسره عسكريا، في ظل تزايد جرأة قوات الدعم السريع وترسخ وجود الجيش، وبعد أن اشترط الجيش وحلفاؤه انسحاب قوات الدعم السريع من الفاشر كشرط مسبق للمفاوضات، بات أقل استعداداً للدخول في محادثات بعد الهزيمة.

وشددت المجموعة على أنّ تجنب تقسيم دائم بين الشرق والغرب يتطلب دبلوماسية عاجلة ومبتكرة من جانب "الرباعية" بقيادة الولايات المتحدة، والتي تضم مصر والسعودية والإمارات.

وختم المقال بالإشارة إلى أن المسار الدبلوماسي لا يزال ضعيفاً رغم تدخل الرئيس دونالد ترامب مؤخرا، في ظل اعتقاد العديد من الدول بأن لها نفوذا ومصالح مهمة في الصراع، وأشار إلى أنّ الإمارات، على سبيل المثال، يُعتقد أنها دعمت ومكّنت قوات الدعم السريع عبر قنوات مختلفة، رغم نفي المسؤولين الإماراتيين بشدة.

واختتم بما كتبه جاويد عبد المنعم، الرئيس الدولي لمنظمة أطباء بلا حدود: "يتم تمكين الموت والدمار بسبب امتناع العديد من الحكومات عن استخدام نفوذها للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف قتل الناس أو منع وصول المساعدات الإنسانية، إذ تكتفي بإصدار بيانات قلق سلبية، بينما تقدم هي وحلفاؤها الدعم المالي والسياسي، والأسلحة التي تدمر وتشوه وتقتل".

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع يسمح بدخول مساعدات محدودة إلى الفاشر وسط تفشي المجاعة
  • الدعم السريع تحتجز آلاف المدنيين في الفاشر بينهم نساء وأطفال
  • فرض عقوبات على قادة الدعم السريع السوداني
  • قتلى بقصف لقوات الدعم السريع وتحرك جديد للجنائية الدولية بشأن دارفور
  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • عقوبات بريطانية على قادة بالدعم السريع بينهم «دقلو»
  • المملكة المتحدة تعلن فرض عقوبات على كبار قيادات قوات الدعم السريع
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • غزة تغرق.. 12 قتيلاً بينهم أطفال ومئات الخيام تتعرض للغمر!
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان