بالصور.. عشرات الآلاف يشيعون القادة العسكريين والعلماء النوويين ضحايا العدوان الإسرائيلي على إيران
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
طهران- الوكالات
تدفقت حشود ضخمة من المشيعين المتشحين بالسواد إلى شوارع العاصمة الإيرانية طهران اليوم السبت لتشييع قادة عسكريين كبار وعلماء نوويين ومدنيين قتلوا خلال الحرب مع إسرائيل هذا الشهر.
ووفقا لوسائل إعلام رسمية، فمن بين القتلى الذين يتم تشييعهم اليوم 16 عالما على الأقل و10 من كبار القادة العسكريين منهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة محمد باقري وقائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي وقائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الجنرال أمير علي حاجي زادة.
ونُقلت نعوشهم إلى ساحة آزادي في طهران تحمل صورهم والعلم الإيراني. وبينماكانت حشود تلوح بالعلم، استطاع البعض أن يقترب من النعوش ويلمسها ويلقي عليها بتلات الورود. وعرضت قناة (برس تي.في) التلفزيونية صورة لصواريخ باليستية يجري استعراضها.
وشارك عدد كبير من المشيعين لاحقا في صلاة الجنازة بالساحة.
وقال التلفزيون الرسمي إن مراسم الجنازة أقيمت لتشييع 60 شخصا قتلوا في الحرب بينهم أربع نساء وأربعة أطفال.
وشارك في الجنازة الرئيس مسعود بزشكيان وشخصيات بارزة أخرى من بينهم علي شمخاني، وهو مستشار للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وأصيب شمخاني بجروح خطيرة خلال الصراع. وشارك في الجنازة أيضا مجتبى نجل خامنئي.
وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي حضر الجنازة أيضا، في منشور عبر تيليجرام "دافع الإيرانيون اليوم عن شرفهم وكرامتهم بصمودهم البطولي في مواجهة نظامين مسلحين بالأسلحة النووية، وهم يتطلعون إلى المستقبل بفخر وكرامة وعزيمة أكبر من أي وقت مضى".
ولم يصدر أي بيان حتى الآن من خامنئي، الذي لم يظهر في العلن منذ بدء الصراع. وكان في السابق يؤم المصلين في صلوات الجنازة على القادة الكبار قبل المراسم العامة التي يبثها التلفزيون الرسمي.
وشنت إسرائيل هجوما جويا على إيران في 13 يونيو مستهدفة منشآت نووية، مما أسفر عن مقتل القادة العسكريين الكبار وعدد من المدنيين، في أشد هجوم تشهده الجمهورية الإسلامية منذ حرب الثمانينيات مع العراق.
وردت إيران بإطلاق وابل من الصواريخ على مواقع عسكرية وبنى تحتية ومدن إسرائيلية. ودخلت الولايات المتحدة الحرب في 22 يونيو حزيران بشن غارات على منشآت نووية إيرانية.
وقالت إسرائيل، وهي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية، إن حربها على خصمها في المنطقة إيران كان هدفها منع طهران من تطوير أسلحة نووية.
وتنفي إيران امتلاكها لبرنامج أسلحة نووية. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه ليس لديها أي "مؤشر موثوق" على وجود برنامج نشط ومنسق للأسلحة في إيران.
وقُتل باقري وسلامي وحاجي زادة في 13 يونيو، وهو اليوم الأول من الحرب. وسيتم خلال فترة بعد الظهر اليوم السبت دفن باقري في مقبرة بيهشت زهراء على مشارف طهران في حين من المقرر دفن سلامي وحاجي زادة غدا الأحد.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيدرس قصف إيران مجددا بينما أكد خامنئي، الذي لم يظهر منذ بداية الحرب سوى في رسالتين مصورتين مسجلتين مسبقا، أن بلاده سترد على أي هجوم أمريكي مستقبلا بضرب قواعد عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.
وزعم مسؤول عسكري إسرائيلي كبير أن إسرائيل وجهت "ضربة قاصمة" للمشروع النووي الإيراني. وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان اليوم السبت إن إسرائيل والولايات المتحدة "فشلتا في تحقيق أهدافهما المعلنة" في الحرب.
ووفقا لبيانات وزارة الصحة الإيرانية، قُتل 610 أشخاص في إيران جراء الضربات الإسرائيلية في الحرب التي استمرت 12 يوما قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الثلاثاء الماضي. وأصيب أكثر من 4700 شخص.
وقدرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) عدد القتلى بما يصل إلى 974 قتيلا، بينهم 387 مدنيا.
وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن 28 شخصا قتلوا في إسرائيل وأصيب 3238.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التقارب المصري-الإيراني في السياق الراهن
14 غشت، 2025
بغداد/المسلة:
التقارب المصري-الإيراني في السياق الراهن
ناجي الغزي
في لحظة إقليمية تغلي بالأحداث والصراعات والتحولات، يتقدم مشهد التقارب المصري الإيراني كواحد من أبرز المؤشرات على التحول في بنية العلاقات بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط. هذا التقارب، وإن لم يصل بعد إلى مستوى التحالف الاستراتيجي، إلا أنه يحمل في طياته دلالات استراتيجية وجيوسياسية متعددة وعميقة، تتجاوز الحسابات الثنائية إلى أبعاد إقليمية ودولية تعكس حراكا متسارعا في توازنات القوة والاصطفاف. كما تعكس حالة من “إعادة التموضع” لمواجهة تحديات متصاعدة. ويمكن تلخيص أبرز دلالات هذا التقارب في النقاط الآتية:
*أولاً: الجذور التاريخية للعلاقة وصراعات الهوية والموقع*
لم تكن العلاقة بين القاهرة وطهران يوما علاقة مستقرة أو محكومة بالمصالح المجردة. لقد تباينت جذرياً تبعاً لتحولات النظامين السياسيين في طهران والقاهرة وتغير موقعيهما في النظام الدولي. ففي عهد عبد الناصر، حين كانت القاهرة تتبنى مشروعا قوميا مناهضا للغرب، اصطدمت مع نظام الشاه الموالي للولايات المتحدة. ثم ما لبثت أن شهدت تقاربا محدودا إبان حكومة مصدق، ليعود التباعد مع انقلاب 1953 وعودة الشاه. ومع صعود السادات وتحوله نحو الغرب وتوقيعه اتفاقية السلام مع إسرائيل، أصبح الشاه حليفا مقربا، في حين تحولت طهران بعد الثورة الإسلامية إلى خصم عقائدي لنهج “كامب ديفيد”.
من هنا، يتضح أن العلاقات لم تكن يوما مجرد انعكاس لتفاهمات أو خلافات ثنائية، بل كانت مرآة حقيقية لاصطفافات كبرى، تلعب فيها واشنطن وتل أبيب الدور الحاسم. وعليه، فإن أي حديث عن تقارب مصري – إيراني لا يمكن فصله عن خارطة التحالفات الإقليمية والدولية التي تتحكم ببنية القرار السياسي لكلا الدولتين.
*ثانياً: التوقيت والدلالات… لماذا الآن؟*
السؤال الجوهري هنا ليس “هل تتقارب مصر وإيران؟”، بل “لماذا يحدث هذا التقارب الآن؟”. والإجابة تتفرع إلى عدة مستويات:
1. تغير البيئة الإقليمية: منذ انفجار الحرب في غزة في السابع من أكتوبر، والتعاطي الإسرائيلي – الأمريكي مع الصراع بات أكثر انكشافا في طموحاته التوسعية، ليس فقط تجاه الفلسطينيين بل تجاه إعادة تشكيل الإقليم لصالح تسييد إسرائيل كقوة مركزية. تصريحات ترامب على سبيل المثال عن “صغر حجم إسرائيل على الخريطة وضرورة توسعها”، تشير الى ما يُرسم في الكواليس أخطر مما يُعلن. في هذا السياق، تدرك مصر وإيران، رغم خلافاتهما، أنهما مهددتان بدرجات متفاوتة من هذا المشروع الإقليمي الأميركي-الإسرائيلي.
2. الإجهاد الاستراتيجي للطرفين: كما هو معروف أن القاهرة تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة، وضغوط داخلية وخارجية متصاعدة، بينما تواجه طهران حصارا وعقوبات، وملفاً نووياً مفتوحاً، وصراعاً مع تل أبيب يمتد من سوريا إلى العراق واليمن. ومن هذا المنظور، يتشكل الوعي بضرورة “تخفيف جبهات العداء”، على الأقل مرحلياً، وتوظيف المشتركات لتقليل حدة التهديدات المشتركة.
3. الوساطات طويلة النفس: مسار التقارب بين طهران والقاهرة لم يأتي فجأة، بل تشكل عبر سنوات من الوساطات الهادئة في بغداد ومسقط، وجرت خلاله محاولات خجولة لبناء الثقة. وصول العلاقات إلى مستوى تبادل تجاري بلغ 17 مليون دولار خلال ثمانية أشهر، وزيادة بنسبة 67% في هذا التبادل، ليست مجرد مصادفة بل مؤشر على رغبة الطرفين في “اختبار إمكانات الانفتاح”.
4. الملفات المشتركة (سوريا، غزة، باب المندب): ليست المصالح الاقتصادية وحدها هي التي تحرك التقارب والعلاقات الثنائية. فالقاهرة، على سبيل المثال، لم تعد متحمسة لإسقاط النظام السوري، وهي تنظر بقلق شديد لأي انفجار في البحر الأحمر قد يهدد قناة السويس، بينما تعتبر طهران باب المندب ساحة اشتباك استراتيجي. أما غزة، فهي القضية التي يمكن أن تشكل مخرجا رمزيا لبناء تنسيق مشترك، لا سيما أن طهران مستعدة لتمويل مساعدات الى غزة تمر عبر القاهرة، دون أن تظهر علانية في الصورة.
*ثالثاً: حدود التقارب ومصادر التعقيد*
مع ذلك، لا يمكننا أن نغفل عن التحديات البنيوية التي تقف في وجه هذا المسار:
• التحالفات الاستراتيجية لمصر: العلاقة العميقة بين القاهرة وواشنطن، والارتباطات الأمنية والسياسية باتفاقية كامب ديفيد، تجعل من الصعب تخيل تحول جذري في سياسة مصر الخارجية دون تنسيق أو على الأقل دون تجاوز للخطوط الحمراء الأميركية.
• الموقف من الحركات المسلحة: القاهرة ترفض من حيث المبدأ دعم الحركات المسلحة أو الميليشيات، بينما تعتبرها إيران أداة مركزية في نفوذها الإقليمي (من حزب الله إلى الحوثيين إلى حماس). هذا التباين البنيوي يجعل من الصعب قيام تحالف استراتيجي حقيقي، لكنه لا يمنع التعاون المرحلي في ملفات محددة.
• الإرث التاريخي والصراعات الرمزية: الشارع الذي يحمل اسم خالد الإسلامبولي في طهران، والمقبرة التي تضم الشاه في القاهرة، ليست مجرد قضايا رمزية، بل شواهد على تعقيد الذاكرة السياسية المتبادلة. ومع ذلك، فإن “السياسة لا تعيش في ظل الذكريات” الجديد يطغى على القديم عندما تقتضي المصلحة.
*رابعاً: سيناريوهات المستقبل*
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط، يبرز التقارب المصري-الإيراني كمؤشر على تغير في موازين القوى الإقليمية، وكنقطة انطلاق محتملة لإعادة رسم خرائط النفوذ والتحالفات. ومع أن هذا التقارب لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه يطرح عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل العلاقة بين البلدين، تتراوح بين التعاون الانتقائي، والتدرج نحو تطبيع شامل، وحتى احتمال التراجع والانكفاء. وتنبع أهمية هذه السيناريوهات من تأثيرها المحتمل على قضايا إقليمية حساسة مثل غزة، وأمن البحر الأحمر، والصراع في سوريا، فضلًا عن انعكاساتها على التوازنات الدولية في المنطقة.
• سيناريو التعاون الانتقائي: وهو الأكثر ترجيحا حاليا، بحيث تنخرط مصر وإيران في تنسيق محدود في ملفات مثل غزة أو البحر الأحمر أو الملف السوري، دون أن يبلغ ذلك مستوى التحالف الكامل أو إعادة العلاقات الدبلوماسية الشاملة.
• سيناريو التدرج نحو تطبيع كامل: إذا تراجعت الضغوط الأميركية، واستمر التنسيق المصري السعودي الإيراني، فقد يشهد العقد القادم إعادة فتح السفارات، وتوسيع الشراكات الاقتصادية، وربما تشكيل محور ثلاثي (مصر-إيران-تركيا) يعيد رسم التوازنات في الإقليم.
• سيناريو الانكفاء والعودة للتوتر: وهو احتمال وارد إذا ما تغيرت القيادة السياسية في أي من البلدين، أو إذا ما تحركت الولايات المتحدة لفرض ضغوط قاسية على القاهرة عبر ملف المساعدات أو صندوق النقد، لمنع أي تقارب قد يضعف النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط.
من خلال هذه القراءة نستنتج أن التقارب بين مصر وإيران اليوم لم يكن صدفة، وليس مجرد تعبير عن رغبة ذاتية في تحسين العلاقات، بل هو نتاج لحظة إقليمية مأزومة، ومحاولة كلا الطرفين للتموضع مجددا في نظام إقليمي ودولي يُعاد تشكيله. إنهما قوتان حضاريتان كبيرتان، تفهمان جيدا أن الغياب عن صياغة معادلات القوة في المنطقة هو تنازل مجاني عن الدور والمصالح.
قد لا يقود هذا التقارب إلى تحالفات شاملة قريبا، لكنه بالتأكيد يفتح نافذة لتحولات أعمق في موازين القوى الإقليمية، خاصة إذا ما أدركت باقي القوى الكبرى – من السعودية إلى تركيا – أن التحدي الأكبر الذي يواجه الجميع لم يعد فقط سياسيا، بل وجوديا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts