في ذكرى عاشوراء .. المرأة اليمنية تجدد العهد في ميادين الوعي والمقاومة
تاريخ النشر: 7th, July 2025 GMT
يمانيون | تقرير
شهدت العاصمة صنعاء وعددًا من المحافظات اليمنية، يوم الأحد، فعاليات نسائية مركزية حاشدة إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، تحت شعار “هيهات منا الذلة”، نظّمتها الهيئات النسائية الثقافية في أمانة العاصمة والحديدة وصنعاء والمحويت ولحج، في مشهد إيماني وثوري عبّر عن تجذر النهج الحسيني في وجدان المرأة اليمنية، وتحوّل عاشوراء إلى محطة وعي وموقف يتجاوز الفعاليات نحو التعبئة والمواجهة.
امانة العاصمة.. عاشوراء نهج لا ذكرى
في الفعالية المركزية التي أقيمت في أمانة العاصمة، أكدت الناشطة الثقافية ابتسام الآنسي في كلمة الفعالية أن “إحياء ذكرى عاشوراء ليس مجرد استذكار تاريخي، بل محطة لتجديد العهد بالسير على نهج الإمام الحسين في مقارعة الظلم والطغيان”، مشيرة إلى أن “تضحيات الإمام الحسين شكّلت الأساس لكل حركات التحرر في التاريخ الإسلامي، وأن اليمنيين يرون في عاشوراء رمزًا للولاء لله ورسوله وآل بيته، ونهجًا لمواجهة المستكبرين”.
ورفعت المشاركات شعارات البراءة من أعداء الأمة وفي مقدمتهم أمريكا و”إسرائيل”، مؤكدات على التمسك بالنهج الحسيني في مقارعة الطغيان. وتخللت الفعالية فقرات إنشادية وأوبريت للزهرات عبرت عن المناسبة وروحها الثورية.
الحيمة ومناخة بصنعاء.. من كربلاء إلى غزة
في مديريتي الحيمة الخارجية ومناخة بمحافظة صنعاء، أحيت الهيئة النسائية ذكرى عاشوراء بفعالية جماهيرية تخللتها وقفتان تضامنيتان مع غزة، عبّرت المشاركات فيهما عن وحدة المعركة بين كربلاء وفلسطين، وبين الإمام الحسين وشعب غزة المقاوم.
وأكدت المشاركات أهمية استلهام الدروس من عاشوراء في الصبر والثبات والتضحية، مجددات العهد بالسير على درب الحسين في مواجهة الطغاة والمستكبرين، ورفض مشاريع التطبيع والخيانة، ومعلِنات تمسكهن بموقف الإمام الحسين: “والله لا أعطيكم إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد”.
الحديدة.. زينبيات العصر يصرخن في وجه الطغاة
وشهدت محافظة الحديدة خمس فعاليات نسائية متزامنة في مدينة الحديدة ومديريات باجل والمنصورية والدريهمي وبيت الفقيه، نظمتها الهيئة النسائية الثقافية العامة، تزيّنت ساحاتها بالشعارات والرايات الحسينية، وصور الشهداء وأعلام اليمن وفلسطين.
وربطت كلمات الفعاليات بين فاجعة كربلاء ومعركة الأمة اليوم، مشيرة إلى أن “المرأة اليمنية تستلهم من زينب عليها السلام دروس العزة والثبات، وتؤدي دورها التربوي في صناعة جيل مقاوم لا يساوم على قضاياه”، مؤكدة أن الصمت العربي تجاه جرائم الاحتلال يعيد إنتاج مأساة الطف، وأن صرخة اليمنيات اليوم هي امتداد لصرخة كربلاء.
وأعلنت المشاركات تأييدهن لعمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وفلسطين، واعتبرنها امتدادًا لنهج الحسين عليه السلام، مؤكدات أن المرأة اليمنية اليوم شريكة في معركة التحرير والكرامة، حارسة للهوية، ومربية للثائرين.
المحويت..كربلاء هوية شعب وثقافة مواجهة
وفي مديرية شبام كوكبان بمحافظة المحويت، نظمت الهيئة النسائية فعالية خطابية تناولت مواقف الإمام الحسين في مواجهة طغيان بني أمية، مؤكدة أن عاشوراء تمثل جوهر الهوية الإيمانية للشعب اليمني.
واستعرضت المشاركات مظلومية الإمام الحسين وأهل بيته، والواقع المأساوي الذي وصلت إليه الأمة في زمنه، مشبّهات ذلك بصمت الأنظمة اليوم إزاء ما يحدث في غزة، معتبرات أن “التخاذل العربي خيانة لعاشوراء ولرسالة الإسلام”.
وأكدت حرائر المحويت تفويضهن الكامل لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لاتخاذ ما يراه مناسبًا في مواجهة قوى العدوان والاستكبار، واعتبرن أن الولاء للحسين يعني الاستمرار في مقاومة الاحتلال الأمريكي السعودي.
لحج..من دماء كربلاء تُروى أرض الجنوب
وفي محافظة لحج، أحيت الهيئة النسائية بمديرية القبيطة ذكرى عاشوراء في أمسية خطابية أكدت على أن “قضية الحسين هي قضية الإسلام الأصيل، وثورته تمثل روح الرفض للهيمنة ومقارعة المستكبرين في كل عصر”.
وأكدت المشاركات أن ما يعيشه الشعب اليمني من حصار وعدوان، هو امتداد لمظلومية كربلاء، وأن خيارات قائد الثورة تعبّر عن موقف الأمة الحقيقي، وتجسّد الامتداد الواقعي لمبدأ “هيهات منا الذلة”.
المرأة اليمنية في خط المواجهة
هذه الفعاليات النسائية، بتعددها الجغرافي وتنوعها الثقافي، عكست مستوى الوعي الشعبي الذي تعيشه المرأة اليمنية اليوم، والتي لم تكتفِ بالدور التربوي والاجتماعي، بل باتت ركيزة أساسية في معركة الوعي والتحشيد والتعبئة.
من قلب العاصفة، ومن وسط العدوان والحصار، خرجت المرأة اليمنية لتؤكد أن عاشوراء ليست مناسبة موسمية، بل منارة تربوية وثورية، وأن الحسين ليس سيرة، بل قدوة حية تُستلهم في كل ميدان مواجهة.
ولم تكن الهتافات والشعارات الحسينية في هذه الفعاليات مجرد ترديد للرموز، بل إعلان موقف واضح: أن كربلاء لا تزال معركة مفتوحة، وأن اليمن في موقع الحسين، والعدوان الأمريكي الصهيوني في موقع يزيد العصر.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الهیئة النسائیة المرأة الیمنیة الإمام الحسین ذکرى عاشوراء
إقرأ أيضاً:
كلُّ يومٍ عاشوراء، وكلُّ أرض كربلاء الحسينُ صوتُ الكرامة في وجه الظلم
بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في زمنٍ تتعدد فيه وجوه الاستبداد وتتكرر مشاهد القمع، يبقى صوتُ الإمام الحسين عليه السلام صرخةً خالدةً تُلهم الأحرار في كل زمان ومكان، تُذكّرهم بأن المواقف لا تُقاس بالأعداد، بل بالثبات على المبادئ والتمسك بالحق. ومن هنا جاء الشعار الخالد كلُّ يومٍ عاشوراء، وكلُّ أرضٍ كربلاء”، ليكون رسالة حيّة تتجاوز حدود التاريخ والجغرافيا، وتُشكّل منارةً للمظلومين في كل مكان.
لم تكن واقعة الطف مجرّد معركة عسكرية انتهت في ساعات، بل كانت محطة مفصلية في تاريخ الإنسانية، كشفت بوضوح خطورة الانحراف عن مبادئ العدالة والحق. فالحسين عليه السلام لم يخرج طلبًا للسلطة أو الجاه، بل خرج لإحياء روح الأمة، وإعادة بوصلة القيم إلى وجهتها الصحيحة. وقدّم في سبيل ذلك أقدس التضحيات، ليُثبت أن الدم حين يُسفك من أجل القيم، فهو أقوى من السيف.
إن شعار كل يوم عاشوراء يفتح أمامنا بابًا للتأمل، إذ يعني أن كل لحظة من حياتنا قد تكون موقفًا حسينيًا إذا وُجد فيها الظلم، وكان هناك من يتصدّى له. وأن كل أرض يُهان فيها الإنسان أو يُجبر فيها على الصمت والخضوع، تصبح كربلاء جديدة، تحتاج إلى من ينهض فيها بموقف، ويجدد فيها المعنى الحقيقي للكرامة والحرية.
وفي واقعنا اليوم، تتعدد كربلاءاتنا، حيث نرى المظلومية تتكرّر بصور مختلفة في حرمان الأطفال من التعليم، في معاناة الفقراء والعاطلين، في تهميش المرأة، في غياب العدالة، وفي صرخات المرضى والمظلومين التي لا تجد من ينصت لها. كل هذه المآسي هي تجسيد حديث لعاشوراء، وكل من يسكت عنها أو يتغاضى عنها، فهو خارج عن مدرسة الحسين.
لقد أراد الإمام الحسين أن يُقيم الحجة على الزمان، بأن الدم أكرم من الخنوع، وأن الوقوف في وجه الباطل ولو كان ثمنه الحياة، هو انتصار حقيقي يبقى أثره خالدًا في وجدان الأحرار. لذلك، فإن إحياء عاشوراء لا يكون فقط بالطقوس والشعارات، بل بالفعل والوعي والتضحية من أجل إصلاح المجتمع وبناء الإنسان.
إننا بحاجة إلى أن نعيش الحسين في حياتنا اليومية في الوظيفة، في الموقف، في النصيحة، في محاربة الفساد، وفي السعي لإعلاء صوت الحق في كل مؤسسة وميدان. بهذه الطريقة فقط نحول كل أرض إلى كربلاء نبيلة، وكل يوم إلى عاشوراء يُعيد للضمير الإنساني بريقه وسط هذا العالم المثقل بالخراب واللامبالاة.
في الختام، يبقى الحسين رمزًا للثورة النبيلة، وصوتًا للعدالة لا يخبو، وكل من يسير على دربه هو مشروع إصلاح، وكل من يتغافل عن المظالم هو خارج عن خط الطف، مهما رفع من شعارات. فلنكن على قدر هذا الدم الطاهر، ولنحمل راية عاشوراء فعلًا لا قولًا، وسلوكًا لا مناسبة.