روماني رزق الله: الحريق كشف هشاشة التصميم المركزي للشبكة الرقمية.. ونحتاج لمنظومة موزعة فوريا
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
واجهت مصر واحدة من أخطر الأزمات وهي انهيار البنية التحتية الرقمية في مصر، حيث اندلع حريق هائل داخل سنترال رمسيس بوسط القاهرة، أحد أهم مراكز تشغيل خدمات الاتصالات في البلاد، ما أدى إلى توقف جزئي وكامل للإنترنت والمحمول والهاتف الأرضي في عدد من المحافظات، وتسبب في ارتباك واسع بعدد من القطاعات الحيوية.
الحريق الذي وقع ظهر الإثنين كشف عن نقاط ضعف في تصميم الشبكات واعتمادها على نموذج مركزي واحد للتشغيل، ما طرح تساؤلات كبيرة حول مدى استعداد الدولة لمواجهة الطوارئ الرقمية، وضرورة وضع خطة بديلة لحماية الأمن القومي المعلوماتي وخدمات الاتصالات الحيوية.
قال المهندس الاستشاري روماني رزق الله، رئيس الاتحاد الأفروآسيوي للذكاء الصناعي والحوكمة، إن توقف خدمات الاتصالات في مصر ليوم كامل ليس مجرد حادث عرضي، بل كشف خطير لهشاشة البنية التحتية الرقمية، وجرس إنذار يستدعي تحركًا استراتيجيًا فوريًا لإعادة هيكلة منظومة الاتصالات القومية.
وأكد رزق الله أن سنترال رمسيس يعد مركزًا حيويًا يربط بين الشبكات الأرضية وشبكات المحمول، ويضم مراكز بيانات رئيسية، ويدير نحو 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية، وبالتالي فإن أي خلل فيه ينعكس بشكل مباشر وشامل على المنظومة كلها.
الحريق أدى إلى انهيار كامل في الاتصال بين الشبكاتوأوضح أن الحريق الذي اندلع بالمبنى أدى إلى تلف أنظمة الكهرباء ولوحات التحكم ومحولات التيار وأجهزة الفايبر (الألياف الضوئية)، ما أثر على دوائر الربط الحيوية بين السنترالات، واضطرت فرق الطوارئ لفصل التيار الكهربائي بالكامل.
وأضاف روماني أنظمة الـ UPS لم تنجح في تعويض الانقطاع، مما أدى إلى فقدان جداول التوجيه، ونتج عن ذلك انهيار شامل للاتصال بين الشبكات، وليس مجرد عطل جزئي.
سنترال رمسيس يمثل “نقطة فشل واحدة” تهدد المنظومة بالكامل
وأشار رزق الله إلى أن الكارثة تعود في الأساس إلى الاعتماد على نموذج مركزي هش، موضحًا أن سنترال رمسيس يمثل ما يعرف فنيًا بـنقطة فشل واحدة ، وهي نقطة ضعف جوهرية تعني أن أي عطل فيه يؤدي إلى شلل كامل في النظام، بسبب غياب المصارات البديلة وخطط التحويل الفوري.
وقال المنظومة مصممة بشكل مركزي يجعلها شديدة الهشاشة، دون أي خطة توزيع أو بدائل جاهزة، ودون تحديث حقيقي للبنية التحتية أو تفعيل خطط الطوارئ.
الحل يبدأ من الشبكات الموزعة والاعتماد على الذكاء الاصطناعيوأكد رئيس الاتحاد الأفروآسيوي للذكاء الصناعي أن تجاوز هذه الأزمة مستقبلاً يتطلب التحول إلى نموذج الشبكات الموزعة، من خلال توزيع البنية التحتية على مواقع متعددة بديلة، بما يضمن استمرار الخدمة في حال تعطل أحد المراكز.
وأوضح أن هذا النموذج يتيح وجود مسارات متعددة للاتصال وليس مسارًا واحدًا فقط، مع تفعيل النسخ الاحتياطي الفوري والتحويل التلقائي.
وشدد رزق الله على ضرورة الاستفادة من تقنيات الحوسبة السحابية لحفظ البيانات وتأمينها، إلى جانب تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي (AI) لرصد الأعطال المحتملة والتنبؤ بها قبل وقوعها، واتخاذ إجراءات وقائية لحماية البنية التحتية.
وأضاف التحول الرقمي لا يكتمل بدون نظام إنذار مبكر فعال، يراقب الأداء ويعطي إشارات تحذيرية عند حدوث أي خلل، هذه ليست رفاهية، بل ضرورة أمن قومي في ظل ما نواجهه من تحديات تقنية متصاعدة.
ما حدث فرصة لإعادة بناء منظومة الاتصالات من جديد
واختتم رزق الله تصريحاته قائلاً الأزمة لم تكن فقط نتيجة حريق، بل نتيجة تراكم إهمال تصميمي وضعف استثماري في البنية الرقمية، وما حدث يجب أن يكون دافعًا لإعادة بناء المنظومة وفق رؤية تكنولوجية حديثة تعتمد على المرونة، والتوزيع، والذكاء الاصطناعي، والتأمين الرقمي الشامل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سنترال رمسيس حريق سنترال رمسيس منطقة وسط البلد البنیة التحتیة سنترال رمسیس رزق الله أدى إلى
إقرأ أيضاً:
خبراء: سنترال رمسيس ليس مجرد مبنى.. بل نقطة ضعف كشفت هشاشة الشبكة.. ولايجوز لدولة بحجم مصر الاعتماد على نقطة تشغيل واحدة
في مشهد أثار ذعرًا واسعًا في أنحاء متفرقة من الجمهورية، اندلع عصر الإثنين 7 يوليو حريق ضخم داخل مبنى سنترال رمسيس بوسط القاهرة، أحد أهم مراكز تشغيل خدمات الاتصالات والإنترنت في مصر.
امتدت ألسنة اللهب إلى عدة طوابق بالمبنى، ما أدى إلى توقف جزئي وكلي لخدمات المحمول والإنترنت الأرضي بعدد من المحافظات، وسط محاولات مكثفة من قوات الحماية المدنية للسيطرة على الحريق.
الحادث الذي أصاب البنية التحتية الرقمية، فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول أسباب الحريق، وكفاءة أنظمة السلامة.
خبير تكنولوجيا: شلل رقمي بسبب حريق سنترال رمسيس.. ولازم إعادة هيكلة عاجلة للبنية التحتيةقال المهندس تامر محمد، خبير تكنولوجيا المعلومات في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن ما حدث من تعطل شبه كامل لخدمات الاتصالات والإنترنت بعد حريق سنترال رمسيس، يكشف عن خلل كبير في البنية التحتية الرقمية لمصر، مشددًا على أن “من غير المنطقي أن تعتمد دولة بحجم مصر على نقطة واحدة في التشغيل”.
وأوضح أن سنترال رمسيس يعتبر نقطة تحكم رئيسية لخدمات الاتصالات والبيانات، قائلاً: “النهاردة وصلنا لـ24 ساعة من التوقف، لحد دلوقتي ناس كتير مش قادرة تكلم شبكة أورنج مثلًا، ومحدش عارف يوصل لحد.. ده بيأكد إن في حاجة غلط في التصميم”.
وأضاف: “مش منطقي أبدًا إن شبكة البنوك كلها تبقى مربوطة بنقطة اتصال واحدة، ولا إن المؤسسات الخدمية تعتمد على سنترال واحد، ده تصميم قديم جدًا وكان المفروض يتراجع من سنين”.
وأشار إلى أن هناك محاولات تمت بالفعل لتحجيم الأزمة، قائلًا ماحدث إنهم نقلوا التراسل من سنترال رمسيس لسنترال الروضة، لكن الواضح إن الروضة غير مؤهلة تقنيًا لاحتواء الشبكة بالكامل، فعملت الخدمة جزئيًا وظلت الأزمة مستمرة.
وتابع الموضوع محتاج تحقيق شامل، وليس فقط أن نحل المشكلة ونعود كما كنا، يجب أن يكون هناك خطة جديدة تمنع تكرار ماحدث، خاصة إننا مررنا بنفس الأزمة في أوائل الألفينات، في وقت الإنترنت المجاني 0777، ووقتها كان ايضا سنترال رمسيس سبب التعطل.
وقال إنه ليس من المنطقي أن نكون قد صرفنا مليارات على تطوير البنية التحتية الرقمية، ومازالت لدينا نقطة تشغيل واحدة تتحكم في كل شئ.. يجب مراجعة شاملة وتوزيع الأحمال وتعدد مراكز التحكم.
طالب المهندس تامر محمد، خبير تكنولوجيا المعلومات، بتشكيل لجنة فنية من خارج الشركة المصرية للاتصالات، تكون من خبراء محايدين وتعمل تحت إشراف الدولة، لوضع حلول جذرية ومنهجية للأزمة، قائلًا “الموضوع أكبر من كونه قرار شركة، دي مصلحة دولة واقتصاد كامل، ومينفعش نسيب إدارة البنية التحتية الرقمية بالكامل في إيد جهة واحدة بس”.
وأكد أن الأمر يستدعي تدخلًا مباشرًا من أجهزة الدولة، قائلًا: “زي ما البنك المركزي بيعمل رقابة وخطط طوارئ للبنوك، لازم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يبقى عنده نفس الدور، لازم تكون في سيناريوهات بديلة ومجربة، إزاي نوقع سنترال كامل حتى من غير حريق ونشوف هل البلد هتشتغل ولا لأ؟”.
واختتم تصريحاته قائلًا الموضوع يحتاج إشراف دولة، وليس مجرد تأمين حريق ولا تقنياً فقط ، يجب أن نعمل على خطة استجابة وطنية مدروسة ومجربة لكي نضمن إن اقتصادنا لا يشل مرة اخرى بسبب نقطة واحدة ضعف في الشبكة.
استشاري حرائق: السنترالات القديمة قنابل موقوتة وكود الحماية لا يطبق عليها
وأكد المهندس أحمد عبد الغني، رئيس الجمعية المصرية لمكافحة الحريق عضو لجنة كود الحريق بمركز بحوث البناء والإسكان، أن الحرائق التي تندلع داخل مراكز السنترالات غالبًا ما تكون نتيجة لمجموعة من الأسباب المتداخلة، أبرزها فشل العادم الكهربائي بسبب الأحمال الزائدة أو الاستخدام غير السليم للأجهزة، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة واحتراق الأسلاك.
وقال عبد الغني إن وجود أجهزة قديمة أو معطلة قد يتسبب في إطلاق شرارات كهربائية أو سخونة مفرطة، مضيفًا أن فشل أنظمة التبريد أو ارتفاع نسبة الرطوبة داخل المكان قد يرفع من احتمالات نشوب حريق.
ولفت إلى أن الأخطاء البشرية والتعامل غير السليم مع المعدات من العوامل التي لا يمكن تجاهلها، موضحًا أن استخدام مواد تنظيف قابلة للاشتعال أو إهمال الصيانة الدورية يزيد من حجم المخاطر.
وحذر من أن الاعتماد على كابلات وتوصيلات غير مطابقة للمواصفات أو غير مؤمنة جيدًا قد يؤدي إلى حدوث شرر كهربائي يسبب اشتعالًا واسعًا.
وطالب عبد الغني بـ تشكيل لجنة فنية متخصصة تضم أعضاء من مركز بحوث البناء والدفاع المدني للتحقيق في ملابسات الحريق، على غرار ما جرى عقب حريق مكتبة الإسكندرية، مشددًا على أن السبب قد يكون نتيجة عامل واحد أو تداخل عدة عوامل أو حتى بفعل فاعل.
وانتقد استشاري الحريق ما وصفه بـ”التهريج” في تطبيق الكود المصري للحماية من الحرائق، قائلاً: “الكود غير مطبق على المباني القديمة، رغم أنها تضم تجهيزات تشغيل حيوية يجب أن تدار بأنظمة حماية متعددة، لضمان استمرار الخدمة حتى لو تعطل أحدها”.
وأشار إلى أن تصميم المباني المعمارية أحيانًا يتضمن أخطاء لا تكتشف إلا عند الكوارث، لافتًا إلى أن ضعف خبرات بعض المصممين، وعدم التزام مهندسي الصيانة بإجراءات الصيانة الدورية يزيد من احتمالات الكارثة.
واختتم تصريحاته بالتأكيد على ضرورة إجراء مراجعة شاملة للأحمال التي قد تكون زادت مع الوقت، والتأكد من التزام الفرق الهندسية بعمليات الصيانة الدورية والفحوص الفنية المستمرة.