في تطور مثير وغير مسبوق في مجال المراقبة الرقمية، عرض باحثون بجامعة لا سابينزا في روما نظاماً يُدعى «هوفاي (WhoFi)»، يُمكنه تحديد وتتبع الأشخاص اعتماداً على التداخلات التي تُحدثها أجسادهم في إشارات «الواي ‑ فاي»، دون الحاجة إلى كاميرات أو أجهزة ذكية على الشخص نفسه.

تعتمد التقنية الجديدة على مبدأ يُعرف بـ«Channel State Information (CSI)» وهي تغييرات دقيقة في طاقة الإشارة وموجتها تتسبب بها الأجسام المتحركة في البيئة.

وباستخدام شبكة عصبية عميقة مدربة، يُحوِّل النظام هذه التغييرات إلى بصمة رقمية يمكن تمييزها وتمييز صاحبها بدقة تصل إلى 95.5 %.

وتم تحقيق هذا الإنجاز باستخدام أجهزة «واي ‑ فاي» عادية مثل «TP‑Link N750»، دون الحاجة إلى معدات متخصصة. وبحسب الباحثين، يعمل«هوفاي» بكفاءة حتى في الظلام التام أو عبر الجدران، ما يفتح الباب أمام مراقبة سرية لا تتطلب رؤية مباشرة. وهو بذلك يتفوق على تقنيات التعرف التقليدية مثل الكاميرات.

تقنية مقلقة

رغم أن المطورين يشددون على أن«هوفاي» لا يجمع بيانات شخصية ولا يكشف هوية الأفراد، بل يعتمد فقط على الأنماط الفيزيائية، فإن قدرته على تحديد الأشخاص دون علمهم أثارت مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية. قد تكون الآثار خطيرة، فاستطاعة تتبع حركة شخص داخل متجر أو منزل أو مطار دون علمه يمكن أن تكشف عاداته اليومية أو احتياجاته أو أماكن تردده. ورغم أن الاستخدام العملي لهذه التقنية لا يزال في المرحلة الأكاديمية، فإن انتشارها المحتمل يطرح تحديات أخلاقية وقانونية كبيرة.

ما الجديد؟

سبق أن قدَّم فريق الباحثين تقنيةً سابقة تُدعى «آي فاي ( EyeFi)»، لكنها حقَّقت دقة لا تتجاوز 75 % وأكثر ضعفية في الأداء. أما «هوفاي»، فجاءت بدقة مُحسَّنة وباستخدام نماذج حديثة تعمل بأسلوب المحوّلات (Transformer)، وأثبتت جدارتها في تحليل التغيرات الدقيقة على مدى الوقت والأماكن. هذا التحول في الأداء جعل النظام يتخطى حدود المساحة الضيقة ليشمل مناطق أوسع تصل إلى نطاق شبكة «الواي ‑ فاي» بكاملها، ما يعزز قدرته على التتبع الجماعي.

تطبيقات محتملة وخطورة كامنة

تعدُّ هذه التقنية فرصةً مثيرةً للاستخدامات التجارية والمراقبة الذكية. فقد تُستخدَم في المتاجر لتعقب العملاء المكررين وتقديم عروض ترويجية «ذكية»، أو في الفعاليات لتحديد الحضور وتنظيم الدخول دون الحاجة إلى بوابات أو معرفات بصرية. لكن الجانب الآخر مقلق للغاية؛ إذ يمكن للجهات الأمنية استخدامها لتتبع المشتبه بهم أو حتى لتحديد نشاطات احتجاجية دون استخدام الكاميرات، مما يثير أسئلةً حول حدود المراقبة القانونية واحترام الحريات الفردية.

مرحلة التجربة الأكاديمية

حتى الآن، يظل «هوفاي» مشروعاً بحثياً دون أي خطط لتطبيق تجاري أو حكومي. ومع ذلك، يرى الخبراء أن انتشار «استشعار الواي ‑ فاي» مدعومٌ بمعايير صناعية حديثة مثل «IEEE 802.11bf» ما يجعل الطريق نحو تطبيق واسع مفتوحاً. وقد بدأت تقنيات مشابهة تظهر بالفعل في مجالات مثل كشف السقوط في المنازل، أو الرصد عن بُعد في الأماكن العامة، أو حتى التعرف على الحركات والإيماءات داخل الغرف دون الحاجة لكاميرات.

من دون كاميرات أو هواتف، وباستخدام شبكة «الواي ‑ فاي» نفسها، يستطيع نظام «هوفاي» اليوم أن يحدّد ويُميّز الأشخاص ويُتابعهم بحرفية قريبة من الكاميرات التقليدية، حتى في الظلام أو ما وراء الجدران. التقنية تقدّم ما يوصف بأنه «نظام بصمة مجسمة غير مرئية»، بقدرات عالية لا يُسبق لها سقف.

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

لمكافحة السرقة.. فورد تطور تقنية لإيقاف تشغيل السيارات عن بعد

في محاولة لمواجهة الارتفاع المقلق في معدلات سرقة المركبات، خاصة الشاحنات واسعة الانتخدام، أعلنت شركة "فورد" عن توسيع نطاق تقنيتها المتقدمة لمكافحة السرقة لتشمل طرازاتها الأكثر شعبية: F-150 و Super Duty. 

هذه التقنية، المعروفة باسم "منع التشغيل" (Start Inhibit)، تمنح المالكين القدرة على إيقاف محركات شاحناتهم عن بعد، حتى لو نجح اللص في الحصول على مفتاح مصرح به للسيارة، مما يمثل تحديثًا جذريًا في سباق التكنولوجيا بين الشركات والمجرمين.

"منع التشغيل" يفك الارتباط بين المفتاح والمحرك

يأتي نظام "Start Inhibit" ليغير قواعد اللعبة في حماية الشاحنات. فبمجرد تفعيله عبر تطبيق "فورد باس" (FordPass)، يقوم النظام بإغلاق السيارة عن بعد ومنع تشغيل المحرك، ولا يمكن إلغاء التفعيل إلا عبر التطبيق أو بإدخال رقم تعريف شخصي (PIN) يستخدم لمرة واحدة على شاشة المعلومات والترفيه المركزية للشاحنة. 

مما يعني أنه حتى لو قام السارق بسرقة المفتاح الأصلي أو استنساخه، فلن يتمكن من تشغيل المحرك، مما يوفر طبقة دفاع رقمية غير مسبوقة. 

وتتوفر هذه الميزة مجاناً لمدة عام واحد عند شراء طرازات F-150 (موديلات 2024-2025) و Super Duty (موديل 2025)، ثم تتاح باشتراك شهري.

تنبيهات فورية وتنسيق مباشر مع الشرطة

لا تقتصر الميزة على تعطيل المحرك فحسب، بل تمثل جزءاً من حزمة أمنية شاملة توفر للمالكين تنبيهات فورية. 

يتلقى المستخدمون إشعارات على هواتفهم الذكية في حال محاولة فتح الأبواب بشكل غير مصرح به أو اكتشاف حركة مشبوهة حول السيارة. 

والأهم من ذلك، يتيح النظام لعملاء "فورد" التنسيق بشكل مباشر مع خدمة استرداد المركبات المسروقة التابعة لـ "فورد". 

فبمجرد الإبلاغ عن السرقة وتقديم رقم بلاغ الشرطة، تبدأ "فورد" بتتبع موقع المركبة ومشاركة المعلومات المحدثة مع سلطات إنفاذ القانون المحلية للمساعدة في الاسترداد السريع.

يأتي هذا التعزيز التكنولوجي كاستجابة مباشرة للتصاعد المستمر في جرائم سرقة السيارات. 

وعلى الرغم من أن إحصائيات عام 2024 شهدت انخفاضًا بنسبة 17% في سرقات المركبات بالولايات المتحدة مقارنة بالعام السابق، إلا أن أكثر من 850,000 مركبة سرقت في عام 2024 وحده، مما يكبد الملاك وشركات التأمين خسائر مجمعة تقدر بمليارات الدولارات سنويًا. 

وبما أن شاحنات "فورد" تحظى بشعبية كبيرة بين السارقين، فإن "Start Inhibit" يمثل محاولة حاسمة من "فورد" لاستعادة زمام المبادرة في معركة مكافحة السرقة.

طباعة شارك فورد سيارات فورد سرقة السيارات مكافحة سرقة السيارات تقنيات السيارات

مقالات مشابهة

  • لمكافحة السرقة.. فورد تطور تقنية لإيقاف تشغيل السيارات عن بعد
  • أوتشا: الأوضاع في قطاع غزة مزرية مع تواصل هطول الأمطار
  • الحاجة لـنظرية جديدة للمجتمع المدني العربي
  • أحمديات: مملكة النمل تتحدث عن البشر
  • دبي تعتمد تقنية جديدة لتسجيل الوصول الفندقي الرقمي
  • سر الأهرامات.. مواجهة ساخنة بين زاهي حواس ووسيم السيسي على صدى البلد
  • أسرار تحت الأهرامات .. بين إشارات وزيف أثري .. جدل الكشف عن هياكل عملاقة في الجيزة
  • عدوى جديدة خطيرة قد تنتقل من الحيوانات الأليفة إلى البشر
  • عمرها 111 عام.. "الحاجة بدور" أكبر ناخبة تدلي بصوتها في انتخابات النواب بأسوان
  • أسرار تحت الأهرامات… إشارات غامضة من الأقمار الصناعية ونفي قاطع من الأثريين