على مدار التاريخ ظلت مصر غنية بصناعها المهرة، كنزها الذى لا ينفد فى كل الحرف، وتشهد ورش الحسين والجمالية والدرب الأحمر على هذه الحرف والصنايعية الذين يستحقون أن تلف أياديهم بالحرير والذهب، لكن هذه الميزة تكاد تندثر، فلم يعد لدينا أسطوات زمان الذين يعلمون ويدربون الصنايعية، وبعض المهن اليدوية المصرية تواجه الخطر بسبب قلة من يحترفون صنعتها.
الحكومة اهتمت ببعض هذه المهن وسارعت بتأسيس مدارس فنية متخصصة لتخريج أجيال جديدة من الحرفيين المتخصصين فيها مثل مدرسة الذهب، لكن هناك مهنًا تواجه الخطر بحق مثل صناعة الفضة والأرابيسك والصدف والسيرما، لأن الصنايعية الكبار فيها أصبحوا نادرين.
الأمر هنا بالتأكيد له أكثر من بعد، لكن الأهم هو التعليم الفنى الذى ظلمناه كثيرا بسبب النظرة المجتمعية المتدنية له، رغم أهميته ودوره الكبير فى تخريج حرفيين نحتاج إليهم بشدة ويطلبهم سوق العمل المحلى والعربى أيضا.
فى دولة مثل ألمانيا وكما قال لى الدكتور كمال عقيل تصل نسبة خريجى المدارس الفنية أكثر من ٨٠ بالمائة سنويا، لأنهم هناك يقدرون التعليم الفنى، كما أن دخل الفنى لا يقل عن دخل خريج التعليم العالى بل ربما يزيد، والنظرة المجتمعية له محترمة، لكن فى مصر ورغم احتياجنا الشديد للصنايعية نجد أن التعليم الفنى لا يحظى بإقبال مناسب ولا بنظرة مجتمعية تليق بدوره وأهميته، ولذلك نجد أنه لا يقبل على هذا التعليم سوى نسبة قليلة، والأخطر أن خريج المدارس الفنية ليس على المستوى المطلوب للمنافسة فى سوق العمل، لأن أغلب المدارس الفنية لا تهتم بتقديم خريج مؤهل، وصحيح أن الدولة بدأت تلتفت إلى هذا الأمر وتطلق استراتيجية للاهتمام والتوسع فى التعليم الفنى المتخصص، مثل المدرسة الفنية للطاقة النووية ومدرسة الكهرباء وغيرها، لكن تظل النظرة المجتمعية والدخل عقبتين تهددان هذه الاستراتيجية على أرض الواقع.
القضية تحتاج تغيير الثقافة المجتمعية كى نستطيع تصحيح الصورة، وأن يقتنع الجميع أنه لا فارق بين فنى ومؤهل عالٍ، وأن العبرة بما يتطلبه سوق العمل، والأرقام تقول إن نسبة البطالة الأعلى بين المؤهلات العليا وليس الدبلومات الفنية، والواقع يقول إن مصر غنية بالمواهب التى يمكن أن تعيد مهنًا كثيرة إلى الحياة بشرط التأهيل الصحيح للأجيال الجديدة وثقل مواهبهم، والدور الذى كان يقوم به الأسطوات يمكن أن تقوم به المدارس الفنية إذا وجدت من ينضم إليها من خلال حملة إعلامية تستهدف تغيير الثقافة المجتمعية وإظهار ميزات التعليم الفنى، وإذا كانت وزارة التعليم بدأت فى مسار جيد وهو تكريم أوائل التعليم الفنى مثلما تكرم أوائل الثانوية العامة، فإننا نحتاج أن نستغل هذا التوجه ونبنى عليه فى حملة قومية عنوانها
«متضيعش موهبتك» ويكون هدفها إقناع كل شاب يمتلك موهبة فنية ألا يخجل من الالتحاق بالتعليم الفنى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المدارس الفنیة التعلیم الفنى
إقرأ أيضاً:
الأوقاف تطبق مبادرة صحح مفاهيمك لتعزيز الوعي بالقيم المجتمعية
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، من مقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، الإعلان الرسمي عن انطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك"، التي أطلقتها وزارة الأوقاف بقيادة الدكتور أسامة الأزهري، وبحضور عدد من الوزراء، في خطوة نوعية تستهدف بناء وعي مجتمعي راسخ، قائم على الفهم الديني الصحيح والتصدي للسلوكيات السلبية.
وأكد رئيس الوزراء خلال كلمته أن المبادرة تمثل أحد المرتكزات الجوهرية في مسار بناء الإنسان المصري، من خلال معالجة المفاهيم المغلوطة والأفكار الهدامة التي تنال من تماسك المجتمع وقيمه، مشيرًا إلى أن الحكومة ستتابع بشكل مستمر تنفيذ هذه المبادرة بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
من جانبه، أوضح الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن مبادرة "صحح مفاهيمك" تأتي كأحد أدوات الجمهورية الجديدة، وتسعى إلى التصدي لأكثر من أربعين قضية مجتمعية ودينية تمس الواقع اليومي، منها: حرمة المال العام، والغش، والتحرش، وإدمان الإباحية الرقمية، والتنمر، والتفكك الأسري، والتدخين، والتطرف، وحبوب الغلة، وغيرها.
وأشار إلى أن المبادرة ليست فعالية مؤقتة، بل مشروع وطني مستمر، يُنفذ من خلال محتوى متنوع يشمل المواد المصورة، والمقالات، والعروض المسرحية، والمشاهد التوعوية، والبرامج، والقوافل الميدانية، والأنشطة المجتمعية، والتغطيات الإعلامية، سعيًا للوصول إلى كل بيت ومدرسة ومنصة إعلامية.
وثمّن وزير الأوقاف التعاون المثمر مع العديد من الوزارات والهيئات الوطنية في تنفيذ المبادرة، من بينها وزارات: الشباب والرياضة، الثقافة، التربية والتعليم، التضامن الاجتماعي، الصحة، البيئة، السياحة، والموارد المائية، بالإضافة إلى المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، ومحكمة النقض، والنيابة العامة، وغيرها من الجهات.
واختتم رئيس مجلس الوزراء بتوجيه الشكر لجميع من ساهموا في إعداد محتوى المبادرة، مؤكدًا أن الأيام المقبلة ستشهد إطلاق سلسلة من المواد التوعوية التي يشارك فيها نخبة من العلماء والمثقفين والفنانين، بما يحقق الفائدة للمواطن البسيط، ويسهم في ترسيخ الفهم السليم ومعالجة المفاهيم الخاطئة المنتشرة على بعض المنصات غير الموثوقة.
تجدر الإشارة إلى أن المبادرة تأتي ضمن رؤية شاملة أطلقها الرئيس السيسي لبناء الجمهورية الجديدة، القائمة على الوعي والانتماء والانضباط، وتدعو وزارة الأوقاف جميع أفراد المجتمع للتفاعل البنّاء مع المبادرة، التي تتوافر موادها عبر المنصة الرقمية للأوقاف: https://awkafonline.gov.eg