ما زالت قضية الهجوم الغادر الذي استهدف قوة الجيش والأمن في مديرية حوف بمحافظة المهرة، شرق اليمن مطلع يوليو الماضي، أثناء توجهها لاستلام القيادي الحوثي البارز محمد الزايدي، تثير موجة واسعة من الغضب والجدل، خاصة بعد الإفراج عنه وعودته إلى صنعاء وسط استقبال رسمي من قبل جماعته.

الحادثة التي وقعت في 7 يوليو الماضي، أسفرت عن سقوط العميد عبدالله محمد زايد، والعقيد يحيى محمد الوشلي، إضافة إلى عدد من الجنود المصابين، أثناء مواجهة كمين مسلح استهدفهم وهم في طريقهم إلى منفذ صرفيت الحدودي، حيث كان الزايدي قد تم توقيفه خلال محاولة فرار بجواز سفر مزور إلى سلطنة عمان.

>> مقتل عقيد وإصابة ضابط في عملية اعتقال قيادي حوثي بارز في المهرة

ورغم دماء الشهداء وتضحياتهم، انتهت القصة في نهاية ذات الشهر بصفقة مشبوهة أفضت إلى الإفراج عن الزايدي، في خطوة وصفها نشطاء بأنها "تنازل عن الحق" وإهانة لدماء العسكريين. حيث ظهر القيادي الحوثي في صنعاء بحفل استقبال كبير من قيادات الجماعة وترديده الصرخة الإيرانية.

الخميس، شهدت محافظة المهرة تشييعًا مهيبًا لجثماني الشهيدين العميد زايد والعقيد الوشلي، بحضور محافظ المهرة محمد علي ياسر، وقيادات عسكرية وأمنية بارزة، وجموع من المواطنين الذين عبّروا عن فخرهم واعتزازهم بمواقفهما الوطنية في الدفاع عن أمن واستقرار المحافظة.

وذكر المركز الإعلامي لمحافظة المهرة، أن الموكب الجنائزي انطلق من ساحة العروض بقيادة محور الغيضة، قبل أن يُوارى جثماناهما الطاهران الثرى في مقبرة الغيضة. وأعرب المحافظ بن ياسر، عن اعتزاز أبناء المهرة جميعاً بالمواقف الوطنية المشرّفة للشهيدين، وما قدّماه من تضحيات جليلة في سبيل الحفاظ على أمن المحافظة واستقرارها.

>> مقتل عقيد وإصابة ضابط في عملية اعتقال قيادي حوثي بارز في المهرة

غير أن مشهد التشييع دون إي تحرك قانوني أو قضائي ضد مرتكبي هذه الجريمة أثار موجة غضب شعبي في المهرة وباقي المحافظات المحرر. حيث قال الناشط المهري أبو علي غسان إن "القيادي الحوثي ينعم اليوم بالراحة والسكينة في صنعاء، بعد أن استُقبل استقبال الأبطال، بينما قياداتنا العسكرية تُشيَّع إلى مثواها الأخير، في نتيجة لصفقة مشبوهة كان يفترض أن تقود لمحاكمته لا لإطلاق سراحه".

وأضاف الناشط: "هل يعني أن إجراء التشييع ودفن شهداء الواجب انتهت القضية وجرى تمييعها وإغلاقها دون محاسبة". مطالبًا السلطة المحلية بالتوضيح السريع والعاجل بعد فضيحة إطلاق السراح الغامضة دون ضبط إي من منفذي الجريمة والاستهداف الغادر".

>> الزايدي بين الاعتقال والعبور.. رسالة حوثية مشفّرة للقبائل أم تهرّب من الحساب؟

السلطة المحلية في المهرة، وفي بيان سابق على قرار الإفراج، بررت الخطوة بوجود تقارير طبية أكدت حاجة الزايدي للعلاج خارج البلاد بسبب إصابته بمرض في القلب، مشيرة إلى الإبقاء على اثنين من أقربائه كضمانة قانونية حتى استكمال الإجراءات القضائية. وأكد البيان أن كل ما جرى تم ضمن "الإطار القانوني الصرف" ومع مراعاة المعايير الإنسانية، وأن الحق القانوني للدولة في ملاحقة الجناة في قضية مقتل الضباط لا يزال قائمًا.

لكن على أرض الواقع، كان المشهد مختلفًا عن مضمون البيان؛ إذ عاد الزايدي بالفعل إلى صنعاء، حيث جرى استقباله بشكل احتفالي من قبل جماعة الحوثي، ما جعل الكثيرين يرون أن حقوق الشهداء قد ضاعت وأن الجريمة أُغلقت دون تحقيق العدالة الكاملة.

نشطاء قالوا أن قضية الزايدي، وما رافقها من تطورات، فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول جدية الالتزام بمسار العدالة في التعامل مع القيادات الحوثية الموقوفة، ومدى قدرة الدولة على فرض سيادتها القانونية وحماية دماء من يضحون في الخطوط الأمامية. وبينما يرى البعض أن الإفراج قد يكون مرتبطًا بحسابات سياسية أو ضغوط إنسانية، يؤكد آخرون أن أي تنازل في هذا الملف يمثل رسالة سلبية للقوات الميدانية ويضعف الثقة في المنظومة الأمنية والقضائية.

>>الزايدي يصل صنعاء بعد إطلاق سراحه من المهرة في صفقة غامضة

>> الحدود والتهريب والولاءات.. مشروع "حوثي- إخواني" لإغراق المهرة بالفوضى

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی المهرة

إقرأ أيضاً:

تقرير حقوقي: مديرية ماوية الأكثر تضرراً من الانتهاكات الحوثية في تعز وعدد الضحايا يقارب 1300

تتصدر مديرية ماوية بمحافظة تعز قائمة المناطق اليمنية الأكثر تضرراً من الانتهاكات الإنسانية خلال عام 2025، وسط ظروف أمنية وصحية ومعيشية خانقة فرضتها سيطرة مليشيا الحوثي على أجزاء واسعة منها، حيث تنوعت الانتهاكات بين الحصار والتجويع، والتهجير القسري، والاختطافات التعسفية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، في مشهد يرقى إلى جرائم حرب وفق القانون الدولي.

وفي واحدة من أبشع الحوادث الموثقة، توفيت المواطنة فهمية شايف مسعد في الأول من أغسطس 2025 بعد معاناة استمرت ساعات مع النزيف أثناء الولادة، نتيجة منع أسرتها من نقلها إلى مركز صحي بسبب الحصار المفروض على جبل تنسم والقرى المحاذية له، وفق شهادة ابن عمها عبدالوهاب علي مسرع.

وذكر قريب الضحية، أنه رغم مناشدات الأسرة المتكررة، رفضت مليشيا الحوثي السماح بمرور المركبات، ما أدى إلى وفاتها فجراً، بحسب تقرير نشرته منظمة "سام" الحقوقية.

 

شهادات ميدانية

وأكد مدير عام المديرية، عبدالجبار الصراري، أن المليشيا الحوثية المدعومة إيرانياً، فرضت منذ أكثر من شهرين حصاراً شاملاً، واختطفت معلمين وأطباء وأعضاء مجالس محلية، ونفذت عمليات تهجير قسري لسكان قرى متاخمة لخطوط التماس، خاصة في مناطق المسيمير وكرش وخدير.

التقرير الحقوقي الصادر عن منظمة "سام" أوضح أن هذه الانتهاكات ليست إجراءات ظرفية، بل سياسة ممنهجة تستهدف النساء والأطفال والشرائح الأضعف، وتحرمهم من أبسط حقوقهم في الأمن والحركة والرعاية الصحية.

 

أرقام صادمة

البيانات الموثقة تكشف تهجير نحو 183 أسرة تضم 1,281 شخصاً على الأقل - مع تقديرات بارتفاع العدد إلى 1,500 شخص-، من قرى النجد، الأخيرم، الفراشة، والطعنة، إلى مناطق خطرة مثل "ورزان"، حيث توجد مواقع عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ بين الأحياء السكنية. وشهادات النازحين تؤكد أن التهجير تم تحت تهديد السلاح ودون السماح بحمل الممتلكات.

 

أعمال قسرية

بحسب إفادات ميدانية، أجبرت المليشيا بعض النازحين، خصوصاً الشباب، على أعمال ذات طابع عسكري، منها حفر الخنادق ونقل المعدات، فيما خضع آخرون لدورات فكرية قسرية. كما واصلت الجماعة حصار مناطق جبل تنسم والوبيد، ما أدى إلى كوارث إنسانية بينها وفاة مواطنين لغياب الرعاية الطبية.

وأدت هذه الانتهاكات إلى تدمير النسيج الاجتماعي وحرمان الأطفال من التعليم، وفقدان مصادر الدخل، والاعتماد الكامل على مساعدات إنسانية شحيحة.

كما سجلت حالات انهيار نفسي واكتئاب بين النساء، واضطرابات حادة لدى الأطفال نتيجة الخوف المزمن، في ظل غياب الدعم النفسي والاجتماعي.

 

جرائم حرب

وصنّف التقرير الحقوقي ما جرى في ماوية كجرائم حرب، استناداً إلى اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي، باعتبارها تشمل النقل القسري، الحصار المميت، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهي أفعال تستوجب المساءلة الجنائية الدولية.

وحملت منظمة "سام" مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات، مؤكدة أن المسؤولية تمتد إلى القيادات السياسية والعسكرية، وأنها لا تسقط بالتقادم.

وطالبت الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي عاجل، وإحالة المسؤولين للمحكمة الجنائية الدولية، مع دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية لإرسال فرق طوارئ لتقديم الإغاثة والرعاية الطبية والنفسية.

مقالات مشابهة

  • تقرير حقوقي يكشف تفاصيل مهمة عن "الزينبيات" التشكيل النسائي التابع لمليشيا الحوثي
  • تعلن الهيئة العامة للأراضي م/ صنعاء بأن الأخ/ محمد علي الأغبري تقدم إليها بطلب تسجيل بصيرة
  • نا حكاية البدء
  • تقرير حقوقي: مديرية ماوية الأكثر تضرراً من الانتهاكات الحوثية في تعز وعدد الضحايا يقارب 1300
  • المهرة.. تشييع مهيب لجثماني العميد عبدالله زايد والعقيد الوشلي
  • تشييع جثمان الشهيد الملاحي بصنعاء
  • تعلن الهيئة العامة للأراضي فرع م صنعاء أن الأخ محمد علي الأغبري تقدم بطلب تسجيل بصيرته
  • أحمد علي عبدالله صالح يعزّي في وفاة الشيخ محمد بن محمد الزايدي
  • قوات صنعاء تعلن تنفيذ أربع عمليات عسكرية ضد اهداف حيوية إسرائيلية