السودان بين سندان «الكوليرا» والإبادة بالتجويع
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
تحولت بعض ولايات السودان لغزة أخرى تكافح الكوليرا والأوبئة من جانب والإبادة بالجوع من جانب آخر ووقع السودان ضحية حرب منسية فيما تركز عدسات الإعلام على القطاع المحاصر بالإبادة على مدار 678 يوما.
كانت الفاشر عاصمة ولاية دارفور حتى وقت قريب قبل تمركز ميليشيا الدعم السريع فيها قبلة الجميع فهى حاضرة الولاية لكنها وقعت وأهلها أسرى الميليشيا الإرهابية يحاصرهم الموت قتلا وجوعا فيما وقفت المنظمات الإنسانية عاجزة عن انقاذ حياة مئات الآلاف من السودانيين هناك.
أصبح الطعام فى المدينة نادرًا كما أن الأسعار ارتفعت بشكل هائل، لدرجة أن المبلغ الذى كان يكفى لشراء وجبات أسبوع كامل، أصبح لا يكفى الآن إلا لشراء وجبة واحدة، بينما تدين منظمات الإغاثة الدولية ما تصفه بالاستخدام الممنهج للتجويع كسلاح حرب.
ومنذ أكثر من عام ترزح مدينة الفاشر غرب السودان تحت حصار خانق من الدعم السريع، مع تحذيرات متزايدة من خطورة الأوضاع الإنسانية.
وتترافق التحذيرات مع نداءات لتدخّل عاجل من أجل تقديم مساعدات إنسانية بسبب تفشى الأمراض والجوع ونقص الغذاء بين سكان المدينة والنازحين فيها.
وأطلقت شبكة أطباء السودان الأهلية فى بيان نداء استغاثة عاجل للسلطات المحلية والمنظمات الدولية لإنقاذ الفاشر بسبب وصول الجوع إلى المرحلة الثالثة.
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن القلق إزاء التقارير الواردة من مدينة الفاشر المحاصرة فى ولاية شمال دارفور بشأن وفاة أكثر من 60 شخصا بسبب المجاعة وسوء التغذية فى أسبوع واحد فقط.
وأكد المكتب الأممى أنه وثق وقوع المجاعة لأول مرة فى مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور قبل نحو عام، مؤكدا أنه يتوقع أن تمتد المجاعة إلى مناطق أخرى.
وقالت الأمم المتحدة أن شركاءها المحليين أبلغوا عن أكثر من 5300 حالة مشتبه بها ومؤكدة لمرض الكوليرا، مع وقوع 84 وفاة ذات صلة بالمرض منذ 21 يونيو الماضى، معظمها فى محلية طويلة، حيث يقيم 330 ألف نازح من مخيم زمزم ومدينة الفاشر.
وأشارت إلى أن الاكتظاظ والوضع المتدهور للصرف الصحى والوصول الإنسانى المحدود وموسم الأمطار المستمر كلها عوامل تعجّل بانتشار المرض وتعيق إيصال المساعدات.
وكشفت منظمة الصحة العالمية، عن الإبلاغ عما يقرب من 100 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا فى جميع أنحاء السودان منذ يوليو 2023، مع مواجهة أزمة إنسانية مدمرة ناجمة عن الصراع المسلح المستمر،
وقال تيدروس «أدهانوم غيبريسوس» المدير العام لمنظمة الصحة العالمية فى مؤتمر صحفى فى جنيف: انتشر وباء الكوليرا فى جميع ولايات السودان، ورغم أن الاتجاهات الأخيرة تشير إلى انخفاض فى أعداد المصابين، إلا أن هناك فجوات كبيرة فى رصد الأمراض، ويظل الوضع محفوفا بالمخاطر.
وأغرقت الحرب بين الجيش السودانى، بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، والدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، السودان فى حالة من الفوضى منذ أبريل من العام الماضى، وقتل عشرات الآلاف، بينما يعانى ملايين آخرون من النزوح والجوع والمرض.
ورفض مجلس الأمن الدولى إعلان ميليشيا الدعم السريع الشهر الماضى عن تشكيل حكومة موازية فى أجزاء من السودان تسيطر عليها، محذرا من أن هذه الخطوة تهدد وحدة البلد الافريقى وتفاقم الصراع بين الميليشيا والقوات الحكومية.
واعرب أعضاء المجلس فى بيان أورده مركز أنباء الأمم المتحدة، عن قلقهم إزاء إعلان ميليشيا الدعم السريع عن إنشائها سلطة حكم موازية فى المناطق الخاضعة لسيطرتها. محذرين من تداعيات هذه الإجراءات التى تمثل تهديدا مباشرا لسلامة أراضى السودان ووحدته، وتنذر بتفاقم الصراع الدائر، وتفتيت السودان وتؤجج القتال، وتفاقم الوضع الإنسانى المتردى.
وشدد أعضاء مجلس الأمن، فى بيانهم، على دعم سيادة السودان واستقلاله ووحدته..داعين قوات «الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية للعودة إلى محادثات لوقف إطلاق النار وتهيئة الظروف لتسوية سياسية شاملة، تهدف إلى حكومة مدنية قادرة على قيادة السودان نحو انتخابات ديمقراطية ومستقبل مستقر.
وأشاروا إلى قرار المجلس رقم 2736 لسنة 2024 والذى يطالب برفع حصار الفاشر ووقف القتال، مع السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، محذرا من تزايد خطر الجوع وانعدام الأمن الغذائى فى المدينة المحاصرة منذ أبريل 2024.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان تشكيل حكومة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: الدعم السريع تحتجز آلاف الرهائن وتقتل مَن لا يدفع فدية
استعرضت صحيفة واشنطن بوست شهادات لبعض الناجين ذكروا فيها أن مقاتلي قوات الدعم السريع قاموا باعتقال جماعي للمدنيين في مدينة الفاشر بالسودان مع تعريضهم للتعذيب وابتزاز عائلاتهم للحصول على المال.
وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم كاثرين هوريلد وحافظ هارون- بأن شهادات الناجين ومنظمات حقوقية أشارت إلى ارتكاب قوات الدعم السريع انتهاكات واسعة النطاق عقب سيطرتها على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تمثلت في خطف جماعي للمدنيين واحتجازهم مقابل فدى مالية، مع تنفيذ إعدامات فورية بحق الذين يعجزون عن الدفع، وأحيانا أمام أفراد من أسرهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلاlist 2 of 2"إسرائيل مسؤولة".. هآرتس: المياه أغرقت خيام غزة والأوضاع تنذر بالخطرend of listووفق هذه الروايات، تعرّض المحتجزون للتعذيب والتجويع والإذلال، وأُجبروا تحت تهديد السلاح على الاتصال بذويهم للمطالبة بمبالغ مالية كبيرة مقابل الإفراج عنهم، كما نقلت الصحيفة الأميركية.
وتفاقمت هذه الانتهاكات بعد حصار طويل للمدينة استمر نحو عام ونصف -حسب الصحيفة- ومع انسحاب الجيش السوداني أواخر أكتوبر/تشرين الأول، نفذت قوات الدعم السريع حملات اعتقال واسعة شملت رجالا ونساءً وأطفالا.
ومع أنه يصعب تحديد الحجم الحقيقي للجرائم بسبب انقطاع الاتصالات -كما تقول الصحيفة- فإن الشهادات المتوفرة تصف مشاهد مروعة من دهس مدنيين بمركبات مدرعة، وإعدامات جماعية مصورة، إلى ترك أطفال يتامى تائهين في الصحراء.
وتأتي هذه الأحداث في سياق حرب مستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، صنفتها الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، أدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، مع مقتل أعداد هائلة من المدنيين.
ويعتقد ناثانيال ريموند، مدير مختبر البحوث الإنسانية في كلية ييل للصحة العامة، أن عشرات الآلاف قُتلوا بالفعل على يد قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر وحدها، مشيرا إلى أن مختبره سوف يصدر تقريرا الأسبوع المقبل يوثّق ما لا يقل عن 140 موقعا لتكدس الجثث، ويرصد جهودا واسعة النطاق لإخفاء أدلة المذابح.
إعلانوقد كشفت التقارير عن وجود منظومة ابتزاز منظمة داخل مراكز احتجاز -كما تقول الصحيفة- خاصة في مدينة نيالا، حيث يحتجز آلاف المدنيين في ظروف قاسية، ولا يُفرج عنهم إلا بعد دفع فدى عبر تحويلات مالية، في حين أدت عمليات التعذيب وسوء الأوضاع الصحية إلى وفيات متكررة.
وأكدت منظمات طبية وحقوقية احتجاز أطباء وسياسيين وإعلاميين ضمن الضحايا، وقال عامل طبي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، إنه بقي في مدينة الفاشر طوال فترة الحصار، وعندما اجتاح المقاتلون المدينة، فر مع مجموعة تضم نحو 100 شخص، لكنهم أُسروا سريعا، وأُعدم نحو 30 منهم في المكان عينه.
الشهادات المتوفرة تصف مشاهد مروعة من دهس مدنيين بمركبات مدرعة وإعدامات جماعية مصورة إلى ترك أطفال يتامى تائهين في الصحراء
محتجزون تحت تهديد السلاحوقال العامل إن الناجين نقلوا في قافلة إلى مدينة كتم، وأضاف: "أنزلونا في منزل مهجور وأمرونا بالاتصال بعائلاتنا. قالوا لي عليك إقناعهم بدفع 50 مليون جنيه سوداني، وإلا سنعدمك فورا".
اتصل العامل الطبي -حسب الصحيفة- بأصدقائه لأنه يعلم أن عائلته لا تملك هذا المبلغ، وتمكّن أصدقاؤه من تخفيض الفدية إلى 15 مليون جنيه سوداني (نحو 25 ألف دولار)، وحُوّلت الفدية وأُطلق سراحه.
وقال هذا العامل إن الحراس يشجعون على القتل العشوائي، وإنه سمع أحدهم يقول: "يجب أن تقتلوا نصفهم للضغط على البقية كي يدفعوا". وقال شاهد آخر إن نحو 150 شخصا غادروا الفاشر معه لم يبقَ منهم سوى 30، بعد أن قتلت قوات الدعم السريع الباقين على الحواجز وفي القصف وبالدهس.
وعلى الصعيد السياسي، سلّطت الفظائع الضوء على التنافس الإقليمي حول السودان، وسط اتهامات بدعم أطراف في النزاع، في وقت لم تفلح فيه العقوبات الدولية في وقف العنف.
وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، لا يزال آلاف المدنيين محتجزين تحت تهديد السلاح، مما يعكس عمق المأساة الإنسانية واتساعها في دارفور والسودان عموما.