القيادات الحوثية تحت هاجس الاختراق الإسرائيلي.. مخاوف متصاعدة وإجراءات استثنائية
تاريخ النشر: 3rd, September 2025 GMT
تعيش ميليشيا الحوثي الإيرانية في صنعاء منذ الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت اجتماعًا حكوميًا وأودت بحياة رئيس حكومتهم أحمد الرهوي وعدد من الوزراء والقيادات البارزة، حالة من الهلع والارتباك الأمني غير المسبوق.
الضربة، التي وصفت بالأكثر دقة منذ بدء الحرب، كشفت عمق الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي داخل صنعاء، وأدخلت الجماعة في دوامة من الإجراءات الاحترازية التي تعكس هشاشة بنيتها الأمنية والعسكرية.
مصادر مطلعة أكدت أن قيادات الحوثي خففت بشكل كبير من تحركاتها داخل صنعاء، بعد أن كانت تظهر بمواكب عسكرية ضخمة ومدججة بالأسلحة. وبدلاً من ذلك، باتت القيادات البارزة تتنقل بحراسة شخصية محدودة وعلى متن سيارات مدنية عادية، مع اتخاذ تدابير استثنائية تشمل الانتقال إلى مناطق ريفية خارج العاصمة أو العودة إلى معاقلهم في صعدة.
وفي المقابل، فضّل بعض القياديين البقاء في صنعاء، لكنهم اتخذوا من مباني السفارات الأجنبية التي يسيطرون عليها مقرات إقامة مؤقتة، مع تغيير أماكن تواجدهم بشكل دوري.
تقرير حديث لمركز (P.T.O.C) اليمني للأبحاث والدراسات كشف أن الميليشيات الحوثية حوّلت ما لا يقل عن 20 سفارة أجنبية، بينها سفارات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى مقرات عسكرية وغرف عمليات ومخازن للأسلحة. التقرير استند إلى صور أقمار اصطناعية وتحليل أنماط الحركة داخل هذه المباني، مؤكدًا أن ما جرى يمثل انتهاكًا صارخًا للحصانة الدبلوماسية وجريمة حرب تستوجب المحاسبة الدولية.
ومنذ الاستهداف الإسرائيلي لرئيس أركان الحوثيين منتصف يونيو، تراجعت تحركات قيادات الصفين الأول والثاني بشكل لافت. وبحسب المصادر فرضت الجماعة حالة طوارئ غير معلنة في العاصمة خلال اليومين الماضيين، شملت استحداث عشرات الحواجز الأمنية، ونشر المئات من عناصر "الأمن والمخابرات" و"الأمن العام" في أحياء عدة أبرزها الجراف الغربي، السبعين، الجزائر، الستين، وحدّة. هذه الإجراءات الأمنية المشددة ترافقت مع تفتيش عشوائي وإرباك واسع أثار قلق السكان المدنيين.
وفي السياق ذاته، أفادت منصة "ديفانس لاين" المحلية بأن الحوثيين أعادوا نشر مراكزهم القيادية الأمنية في مواقع بديلة داخل صنعاء، في محاولة للحد من الاختراقات المحتملة مستقبلاً.
في خضم هذه التطورات، صعّد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي من لهجته في خطابه الأخير، مركزًا على "المعركة الأمنية لتحصين الجبهة الداخلية"، أكثر من تركيزه على الرد ضد إسرائيل. الصحفي المتخصص في شؤون جماعة الحوثي، عدنان الجبرني اعتبر أن خطاب الحوثي توعّد اليمنيين أكثر مما توعّد إسرائيل، محذرًا من أن الكشف عن مزيد من أسماء القتلى في صفوف الجماعة سيُظهر إن كان الحوثي يخدع مؤيديه.
بدوره، ربط المراقب الحقوقي هشام المخلافي بين خطاب الحوثي وبين اقتحام مسلحي الجماعة لمقار منظمات أممية واعتقال موظفين تابعين لها، معتبرًا أن ذلك يعكس ترجمة عملية لشعارات "المعركة الأمنية" التي باتت تستهدف الداخل أكثر من الخارج.
ويرى مراقبون أن حالة الهلع الأمني التي تشهدها صنعاء تكشف عن إدراك الحوثيين لحجم الاختراق الإسرائيلي، في ظل وعود تل أبيب بمزيد من الضربات "غير المسبوقة". وفي المقابل، تحاول الجماعة استثمار الحادثة لإحكام قبضتها الداخلية، عبر تصوير الإجراءات الأمنية على أنها مواجهة مع "الخونة والعملاء"، بينما الحقيقة تعكس فقدانها المتزايد لثقة حاضنتها الشعبية التي ترى أن دماء قادتها باتت أهدافًا سهلة، فيما دماء المدنيين رهينة القمع والانتهاكات اليومية.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
العليمي يدعو لتركيز الجهود ضد الحوثي
شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي، على ضرورة تركيز الجهود على المعركة الأساسية ضد المليشيات الحوثية الإرهابية والتنظيمات المتعاونة معها، محذرا من مخاطر أي تصعيد إضافي يفاقم المعاناة الإنسانية ويعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وخلال اتصالين هاتفيين بمحافظي حضرموت والمهرة، سالم الخنبشي ومحمد علي ياسر، نبه العليمي إلى أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء، مؤكدا أن الأولوية يجب أن تبقى لمواجهة المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، وتحقيق تطلعات اليمنيين في السلام والتنمية.
وفي سياق متصل، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة، وتمكين السلطات المحلية من إدارة شؤونها الأمنية والخدمية، بما يضمن استعادة الهدوء وتهيئة الظروف لعمل مؤسسات الدولة.
وحث العليمي أبناء المحافظتين، بمختلف مكوناتهم السياسية والقبلية والاجتماعية، على الالتفاف حول جهود الدولة، ودعم السلطات المحلية للقيام بواجباتها تجاه المواطنين، مشيرا إلى أن التصعيد الأمني والعسكري الأخير بدأ ينعكس على الوضع الاقتصادي، حيث ظهرت أولى مؤشراته في تعليق صندوق النقد الدولي لأنشطته الحيوية في اليمن.