مركز أبحاث: جذور النزاع المسلّح الراهن في اليمن يعود إلى النظرية الثيوقراطية للأئمّة الزيديين
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
قالت ورقة تحليلية جديدة أن جذور النزاع المسلّح الراهن في اليمن تعود إلى النظرية الثيوقراطية للأئمّة الزيديين، الذين حصروا الحكم في ذرية الحسنين باعتباره "استحقاقًا إلهيًا"، ما أشعل على مدى قرون صراعًا متواصلاً مع الشعب اليمني الرافض لحكم الإمامة.
وأكدت الورقة الصادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية أن الصراع في اليمن يتمحور حول مشروعين متناقضين: مشروع جمهوري يقوم على حق الشعب في اختيار نظامه السياسي ومؤسساته، لكنه تعثر في ترسيخ نظام عادل ومستدام؛ ومشروع إمامي سلالي تجسد في جماعة الحوثي التي مثّلت – وفق الدراسة – عودة رجعية متطرفة لفكر الإمامة والعنصرية السلالية، والتي أطاحت بالنظام الجمهوري عبر انقلاب 21 سبتمبر 2014.
وأوضحت الورقة التي أعدها الدكتور إسماعيل السهيلي أن إخفاقات بناء الدولة منذ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وما بعد الوحدة اليمنية عام 1990، أدت إلى تراكم الأزمات ودورات العنف والانهيارات المؤسسية، مما جعل حلم الدولة الحديثة المؤسسية هدفًا مؤجلاً يتطلع إليه اليمنيون.
وتطرقت الورقة إلى مرحلة ما بعد "الربيع العربي"، حيث استفادت جماعة الحوثي من حالة السخط الشعبي تجاه حكومة الوفاق الوطني، وتوظيف الرئيس هادي لصراعات القوى، إلى جانب تحالفها مع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، والدعم الإيراني، فضلاً عن تواطؤ المبعوث الأممي جمال بن عمر، ما مكنها من السيطرة على صنعاء والتوسع في بقية المحافظات.
ورأت الورقة أن مستقبل اليمن مرهون بقدرة القوى الوطنية على تجاوز إخفاقات الماضي وتوحيد صفوفها لمواجهة المشروع الإمامي، مشيرةً إلى أن استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية سيبقي البلاد رهينة للفوضى والعنف، فيما يظل استعادة الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات والقانون الخيار الوحيد لضمان السلام والاستقرار.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الصراع النظام الجمهوري
إقرأ أيضاً:
الحناء.. جذور تاريخية واستعــــــمالات اجتماعية وصحية
كتبت - خلود الفزارية
الحناء زينة ورفيق للمرأة في المناسبات والاحتفالات. وهو من النباتات التي ارتبطت بالعادات العمانية منذ قرون؛ ليس بوصفها وسيلة للتجميل وحسب، وإنما كجزء من الموروث الاجتماعي والطبي الشعبي. وكان للحناء مكانة خاصة في الثقافة العمانية؛ حيث ارتبطت بمناسبات مختلفة من أعراس إلى أعياد، وشكلت رمزا جماليا للمرأة، ووسيلة علاجية في الطب الشعبي. وما يزال هذا الموروث متكيفا مع التحولات الاجتماعية والثقافية الحديثة.
النشأة والانتشار
ترجع أصول الحناء إلى مناطق واسعة من آسيا وإفريقيا. ويرجح أن وصولها إلى عمان ارتبط بالنشاط التجاري البحري والبري الذي ميزها منذ العصور القديمة، خاصة عبر موانئها التاريخية. ومع مرور الوقت استقرت زراعتها في عدد من الولايات الزراعية كنزوى وبهلا وصحار وصور حيث توفرت التربة الخصبة والمياه الجوفية.
زينة الحناء
المرأة العمانية تستخدم الحناء في كل مراحلها العمرية؛ فالحناء وسيلة طبيعية للزينة منذ زمن بعيد. ولم يقتصر استخدامها على العروس فقط، بل امتد ليشمل الفتيات، والنساء المتزوجات وكبيرات السن. ومن استعمالات الحناء الأخرى تلوين الشعر وتقويته، وله فوائد كثيرة للشعر والجلد. كما تشكل الحناء ركنا أساسيا في طقوس الزواج؛ حيث تخصص ليلة في العرس العماني تعرف بـ«ليلة الحناء» للعروس تزين فيها يديها وقدميها برسوم دقيقة تتفاوت بين البساطة والتعقيد. وتعد هذه الزينة علامة على الجمال والخصوبة، والاستعداد للانتقال إلى الحياة الزوجية. كما يوضع للعريس في بعض المناطق مقدار رمزي من الحناء.
الاستخدامات الطبية والشعبية
إلى جانب بعدها التجميلي شغلت الحناء موقعا مهما في الطب الشعبي العماني؛ حيث استخدمت في علاج الجروح السطحية والالتهابات الجلدية، وتقوية الشعر، والحد من تساقطه، والتقليل من القشرة بالإضافة إلى خفض حرارة الجسم في حالات الحمى بوضعها على باطن القدمين أو الكفين، وتسكين بعض الآلام مثل آلام المفاصل أو الصداع عند وضع معجون الحناء على مواضع الألم. كما ثبتت فعالية أوراق الحناء ضد التقلصات المعدية، ووقف الإدماء والنزيف الدموي الداخلي، وفي علاج صداع الرأس، وتضخم الطحال، وتعمل على تخفيض ضغط الدم المرتفع.
فوائد الحناء
يستخدم الحناء في عصرنا الحالي في نطاقات عديدة أهمها تقوية الشعر، وتلوينه، وإزالة تقصفه وأمراضه، ومعالجة الأمراض الجلدية، وتشقق الجلد وفطريات الجلد التي تصيب الجلد، وعلاج الأظافر المتشققة والمصابة بالتهابات فطرية، وعلاج الجروح والقروح المزمنة، وعلاج الصداع. كما أن مغلي الأوراق يستعمل غرغرة لآلام الحلق، ولتشقق الأظافر، والبثور العارضة في الساقين والرجلين وسائر البدن. وزهره إذا سحق وخلط مع خل سكن الصداع، ويفيد في منع تقصف الأظافر. وقد انتشر استخدام الحناء في أنواع الشامبوهات ومستحضرات الشعر ودهونه بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة؛ نتيجة لانتشار الفوائد الطبية للحناء للشعر والجلد. وأظهرت الدراسات أن الحناء يحتوي على صبغة طبيعية مؤقتة للشعر تكسبه لمعانا وبريقا، وتمنع تقصف نهايات الشعر، ولا يسبب الحساسية، كما تفعل الصبغات الأخرى الصناعية.
الحناء في الأثر
عرف الحناء في مناطق واسعة من الشرق الآسيوي، وكان التأثير على الموروث العماني من الاندماج التجاري والاجتماعي، والثقافي، وخير ما ذكر عن الحناء في الأثر أحاديث كثيرة؛ فقد ذكر عبد الملك بن حبيب أن الحناء دواء رسول -الله صلى الله عليه وسلم-، وإذا أصابه خدش أو جرح أو قرحة وضع عليها الحناء حتى يرى أثره على جلده. وكان إذا صدع غلف رأسه بالحناء. وكان لا يشتكي إليه أحد وجعا برجليه إلا أمره بالحناء يخضبهما به. وذكر حديثا عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من دخل الحمام فأصاب هذه النورة، ولم يصب شيئا من حناء فأصابه وضح فلا يلوم إلا نفسه».
وقال أبو هريرة كان رسول الله -صلى عليه وسلم- إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء. وفي الطب النبوي عن سلمى -رضي الله عنها- قالت: «ما شكا أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجعا في رأسه إلا أمره بالحجامة ولا وجعا في رجليه إلا قال أخضبهما بالحناء». وعن أبي رافع رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عليكم بسيد الخضاب الحناء يطيب البشرة..». وفي الترمذي عن سلمى أم رافع خادمة النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: «كان لا يصيب النبي قرحة ولا شوكة إلا وضع عليهما الحناء».
زراعة الحناء
تتميز طبيعة سلطنة عمان بتنوع مناخها، وهناك العديد من الولايات الزراعية التي تتميز بخصوبة أراضيها، وتنوع محاصيلها الزراعية. وتعد شجرة الحناء من الأشجار التي تتميز بها القرى العمانية، وتناسبها جميع أنواع التربة في سلطنة عمان. وتعد أشجار الحناء من الأشجار دائمة الخضرة، وتستمر لعدة أعوام تصل لعشر سنوات، ويصل ارتفاعها لثلاثة أمتار. وهي من الأشجار الطبية والعطرية، ولها فوائد دوائية بالإضافة إلى استخدامها في الزينة خاصة في المناسبات. وتحافظ ولايات وقرى سلطنة عمان على زراعة الحناء باعتبارها جزءا من ثقافة المجتمع، وتفضل النساء الحناء الطبيعية؛ نظرا لنقائها وجودتها. ومع الطلب المستمر على الحناء العماني بقي تراث زراعة الحناء موجودا في العديد من الولايات العمانية محافظا على حضوره في القرى العمانية بجودة عالية من حيث اللون والثبات. وتجلب الحناء المستوردة عادة من الهند والسودان واليمن، وتستخدم في النقوش ورسم الحناء على اليد والرجل.
المرأة العمانية والحناء
ما تزال الحناء تحافظ على مكانتها ورونقها بالرغم من انتشار مستحضرات التجميل الصناعية، إلا أنها حاضرة بقوة في المجتمع العماني. وتتنوع نقوش الحناء متأثرة بالزخارف الهندية والخليجية، وظهور فنانات في نقش الحناء. كما توسع حضورها التجاري من خلال الملصقات الجاهزة، وهي رسوم يمكن تعبئتها بالحناء لتسهل عملية التزيين، ناهيك بمنتجات تسريع التلوين أو تثبيت اللون.