صّعدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملتها ضد المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن فرضت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، عقوبات على ثلاث منظمات حقوق إنسان فلسطينية بارزة تحظى بموثوقية دولية، ويرى محللون أن هذه الخطوة ستعرقل جهود المحكمة في جمع الأدلة المتعلقة بإدارة دولة الاحتلال الإسرائيلي حربها في غزة.



ونشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا تقول فيه، إن وزير الخارجية ماركو روبيو برر القرار بالقول إن المنظمات الفلسطينية طلبت من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم إسرائيل واتهامات الإبادة الجماعية في غزة.

ووفق التقرير الذي أعدته، كيت براون، تشمل العقوبات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، وتحظر على الكيانات الأمريكية التعامل معها، فيما مُنحت جهات خارجية كالبنوك ومزودي الخدمات الإلكترونية مهلة شهر لإنهاء معاملاتها مع هذه المؤسسات.

وقال روبيو في بيان إن هذه الكيانات "شاركت بشكل مباشر في جهود المحكمة للتحقيق مع مواطنين إسرائيليين أو اعتقالهم أو محاكمتهم دون موافقة إسرائيل"، مؤكدا رفض ما سماه "أجندة المحكمة المسيسة وتجاهلها لسيادة الولايات المتحدة وحلفائها".



وأضافت الصحيفة أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في تشرين الثاني/نوفمبر مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى ثلاثة من قادة حركة حماس قتلوا جميعا على يد القوات الإسرائيلية. ولا تعترف إسرائيل ولا الولايات المتحدة باختصاص المحكمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن خبراء قانونيون حذروا من أن العقوبات تهدد المعايير الدولية وقد تقوض مكانة واشنطن كمدافعة عن حقوق الإنسان، حيث قال محسن فرشنيشاني، المحامي الرئيسي في "مركز قانون العقوبات" بواشنطن، إن العقوبات صُممت لمحاسبة مرتكبي الجرائم أو معاقبة من يهددون الأمن القومي الأمريكي، "لكن لم يُقصد منها إسكات من يوثقون فظائع حقوق الإنسان".

ووفق الصحيفة، صدرت هذه التصنيفات استنادا إلى صلاحيات الطوارئ التي استخدمها ترامب في شباط/فبراير، حين اتهم المحكمة الجنائية الدولية بأنها تقوم بـ"أعمال غير مشروعة ولا أساس لها" تستهدف الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل.

واعتبر أن أي تحقيق أو مقاضاة للمسؤولين الإسرائيليين يشكل "تهديدا استثنائيا" للأمن القومي الأمريكي، واستُخدمت الصلاحيات نفسها لفرض رسوم جمركية على الواردات، وترحيل المهاجرين، ونشر الحرس الوطني داخل المدن الأمريكية.

وطالت العقوبات المدعي العام للمحكمة كريم خان ونائبيه وستة قضاة، إضافة إلى فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي وصفت حملة إسرائيل على غزة بأنها إبادة جماعية.

ولفتت واشنطن بوست إلى أن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 دمرت معظم غزة، وشردت سكانها، وقتلت أكثر من 64 ألف شخص بحسب وزارة الصحة في القطاع، ولم يرد متحدث باسم المحكمة على طلب الصحيفة للتعليق.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي سابق في مجال العقوبات قوله: "هذه هي الطريقة التي نطبق بها العقوبات على أمراء الحرب وتجار المخدرات، ونريد ضرب الشبكة الأوسع نطاقا بحيث يصعب على جوهرها العمل، وفي هذه الحالة جوهرها هو المحكمة الجنائية الدولية".

من جانبه، كتب المحامي براد بروكس-روبين في مجلة "نيو لاينز" الشهر الماضي أن "العقوبات أشبه بلكمة في الوجه، وأحيانا تكون لكمة واحدة كافية لتغيير الموقف، لكن غالبا ما يتطلب الأمر أكثر من ذلك". ورغم أنه لم يتطرق مباشرة لحملة إدارة ترامب ضد المحكمة، فإن محللين أكدوا أن غياب جماعات حقوقية يوثق جرائم الحرب سيجعل من الصعب على المحكمة تلبية متطلبات الأدلة لمقاضاة المشتبه بهم.



أما براد باركر، محامي "مركز الحقوق الدستورية" في نيويورك، فقال إن هذه التصنيفات تمثل "محاولة لمعاقبة المدافعين عن المساءلة في ذروة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي". وأضاف أن المنظمات الفلسطينية ستواجه صعوبات في دفع الرواتب أو جمع الأموال، وقد يواجه موظفوها عقوبات مدنية وجنائية، معتبرا أن "كل شيء قد يتوقف تماما، إنه هجوم انتقامي يخلق مشكلة وجودية".

وبدورها حذرت المحامية إميلي شيفر أومرمان من أن العقوبات ستثبط المنظمات عن التعاون مع المحكمة أو مع نظيراتها الفلسطينية، مؤكدة أن "أي دعم مادي أو تقني أو مالي لكيان محظور يصبح جريمة، ويعرض المنظمات في الولايات المتحدة لغرامات باهظة أو خسارة وضعها كجهات غير ربحية".

وفي سياق متصل، أكدت الصحيفة أن وزارة الحرب الإسرائيلية كانت قد فرضت عقوبات على ست منظمات فلسطينية في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وجميعها عملت مع المحكمة الجنائية الدولية. وقالت أومرمان إن دولة الاحتلال طالبت حينها الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية بإدراج هذه المنظمات على قوائمها السوداء، لكن المحاولة فشلت. وأضافت: "لن أفاجأ إذا كانت التصنيفات الجديدة على قائمة أمنيات نتنياهو، فلا أراها بطريقة أخرى".



وفي فترة ولاية ترامب الأولى، جُمّدت أصول عدد من مسؤولي المحكمة المشاركين في التحقيق بجرائم الحرب المزعومة في أفغانستان والأراضي المحتلة، وفرضت عليهم قيود سفر، وفي عام 2018 أعلن ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المحكمة "لا تملك أي اختصاص أو شرعية أو سلطة" بالنسبة للولايات المتحدة.

وتابعت الصحيفة أن إدارة بايدن ألغت هذه العقوبات لاحقا، لكن "معهد فلسطين للسياسات العامة" دعا الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل "قانون الحجب" الذي وُضع في التسعينيات لمواجهة العقوبات الأمريكية، بما يعفي الأطراف الأوروبية من الالتزام بها.

ونقلت واشنطن بوست عن متحدث باسم مؤسسة الحق، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن تداعيات هذه الإجراءات "كارثية"، مضيفا أن "هذه الإجراءات تتجاوز حدود فلسطين، فمن خلال حماية الاحتلال الإسرائيلي من المساءلة، فإنهم يفككون النظام القانوني الدولي ويقضون على إمكانية تحقيق العدالة لضحايا الجرائم الخطيرة في كل مكان".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية فلسطينية الإسرائيلي غزة نتنياهو إسرائيل امريكا فلسطين غزة نتنياهو المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

العفو الدولية تطالب بوقف تهجير عائلة فلسطينية في القدس

بحسب منظمة العفو الدولية، فإن إسرائيل قد اتخذت منذ احتلالها للقدس الشرقية عام 1967 سلسلة من الإجراءات تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني في المدينة وتوسيع المستوطنات غير القانونية، تشمل مصادرة الأراضي وسحب تصاريح الإقامة وعمليات الإخلاء القسري.

قالت منظمة العفو الدولية إن الفلسطيني صالح دياب وعائلته يواجهون خطر التهجير القسري من القدس الشرقية المحتلة، وذلك بعد أن رفضت المحكمة الإسرائيلية المركزية في فبراير/شباط 2025 استئنافهم ضد قرار إخلائهم من منزلهم في حي الشيخ جراح.

وأوضحت المنظمة أن عمليات الإخلاء القسري هذه، التي تقودها جماعة المستوطنين "نحلات شمعون"، تأتي ضمن نمط متواصل من نزع الملكية في الشيخ جراح.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد منحت العائلة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إذناً للاستئناف على قرار الإخلاء، بالإضافة إلى أمر قضائي مؤقت بوقف التنفيذ، وهو ما يشكل آخر وسيلة قانونية متاحة أمامهم لمواجهة التهجير.

ووجّهت العفو الدولية رسالة إلى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر جاء فيها: "نكتب إليكم للتعبير عن قلقنا البالغ إزاء الإخلاء القسري الوشيك لصالح دياب وعائلته من منزلهم في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، والتي ضُمّت بشكل غير قانوني.

وحثّت الرسالة الوزير ساعر على "التدخل الفوري لوقف الإخلاء القسري لعائلة دياب في الشيخ جراح، وإنهاء عمليات التهجير القسري المستمرة بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية"، محذرة من أن "تنفيذ هذه الإخلاءات سيشكل جريمة حرب تتمثل في النقل غير القانوني، وقد ترتقي - إذا وقعت في سياق هجوم واسع أو منهجي ضد السكان المدنيين - إلى جريمة ضد الإنسانية عبر النقل القسري". كما طالبت بـ"ضمان حماية صالح دياب وعائلته من العنف والمضايقات والاعتداءات التي يمارسها المستوطنون".

وفي سياق متصل، أشار تقرير أممي سابق إلى أن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بلغ بين يونيو/حزيران 2024 ومايو/أيار 2025 حوالي 737 ألف مستوطن، يتوزعون على 165 مستوطنة و271 بؤرة استيطانية، منها 55 بؤرة جديدة.

Related كيف حوّلت منظمات استيطانية ومحاكم إسرائيلية حيّاً فلسطينياً في القدس إلى "هدف للإخلاء"؟تصاعد العنف ضد سائقي الحافلات العرب في القدس: أكثر من 12 هجوماً في أسبوعخلافات تعصف بالجيش الإسرائيلي.. غوتيريش يندد بمداهمة مقر الأونروا في القدس

وأضاف التقرير أنه في المتوسط، تم تهجير 366 فلسطينياً شهرياً نتيجة عمليات الهدم، مقارنة بـ 244 شخصاً خلال الفترة التي غطاها التقرير السابق.

ولفتت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن ذلك يشمل للمرة الأولى بؤراً استيطانية في المنطقة (ب)، معربةً عن قلقها من هذا "التطور المقلق في التوسع الاستيطاني". وأشارت إلى تعليق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على الموافقة لبناء 22 مستوطنة جديدة بقوله: "إن ذلك يمنع إقامة دولة فلسطينية".

وأكدت أن "النظام المؤسسي والقانوني التمييزي لا يترك للفلسطينيين خياراً سوى مغادرة منازلهم وأراضيهم"، وذلك من خلال "الاستيلاء غير القانوني" على الأراضي والموارد عبر إعلان ما يُسمى "أراضي الدولة ونظام الهدم والإخلاء الممنهج"، وفق تعبيرها.

وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن إسرائيل قد اتخذت منذ احتلالها للقدس الشرقية عام 1967 سلسلة من الإجراءات تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني في المدينة وتوسيع المستوطنات غير القانونية، تشمل مصادرة الأراضي وسحب تصاريح الإقامة وعمليات الإخلاء القسري.

وتشير المنظمة إلى أن "قانون الشؤون القانونية والإدارية لعام 1970" يمنح حقوقاً حصرية لليهود الإسرائيليين للمطالبة بممتلكات يدّعون أنها تعود لهم قبل عام 1948، في حين يحرم الفلسطينيون الذين هُجّروا في الفترة نفسها من أي حق مماثل.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • فنزويلا تنسحب من «المحكمة الجنائية الدولية».. آخر تطورات التوتر مع أمريكا!
  • بريطانيا تهدد المحكمة الجنائية الدولية بالانسحاب وقطع التمويل إذا صدرت مذكرة توقيف ضد نتنياهو
  • صحف عالمية: الإسرائيليون يرفضون العفو عن نتنياهو ولندن تبتز الجنائية لحمايته
  • ألمانيا تَطعن المحكمة الجنائية الدولية
  • أمريكا تشدد العقوبات على فنزويلا وتستهدف مادورو وأقربائه وشركات النفط
  • العفو الدولية تطالب بوقف تهجير عائلة فلسطينية في القدس
  • أبناء شقيق مادورو.. الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات ضد فنزويلا
  • حكومة الاحتلال تثمن خطوات إدارة ترامب ضد الجنائية الدولية
  • أميركا تتوعد المحكمة الجنائية الدولية بفرض عقوبات جديدة
  • وزير الخارجية الإسرائيلي: رحبت بإجراءات إدارة ترامب ضد الجنائية الدولية