كشأن غالبية التكفيريين وإخوانهم ممن يطلق عليهم الغرب، «الإسلام السياسى»، ألغى الرئيس السورى أحمد الشرع الاحتفال بحرب أكتوبر، شاطبا جهد الجيش السورى، أو الجيش الأول فى الجمهورية العربية المتحدة.
وبينما أبقى على عيد الأم، الذى طالما وصفته تلك التيارات بأنه «عيد غربى»، فإنه أسقط ذكرى تدمير 500 دبابة إسرائيلية وإسقاط 60 طائرة فى معارك الجولان المحتل خلال أيام حرب 1973.
القضية ليست وحدها فى إلغاء الاحتفال بالذكرى المجيدة، وإنما أنه لا سبب معلن، ولا مبرر قدمته السلطة الدينية، ما طرح تصورات وتساؤلات وتحليلات.
فمنهم من قال إن سوريا لم تنتصر، وهو تبرير غير مقبول..
فإذا كانت سوريا لم تنتصر وتحرر الأرض، فيكفيها شرف المحاولة والمقاومة والاستبسال فى الدفاع عن المناطق التى حررتها فى الجولان خلال الأسبوع الأول من الحرب، وبشهادة الإسرائيليين أنفسهم.
أما إذا كان الإلغاء رغبة فى «التسوية» مع الواقع الميدانى الذى فرضته إسرائيل، فهنا الكارثة والهزيمة الجديدة.
لقد مثّلت الحرب نقطة تحول فى تاريخ المواجهة العربية الإسرائيلية، ليس فقط من حيث النتائج الميدانية، بل من حيث إعادة الاعتبار للإرادة القتالية العربية.
فقد اشتركت فى الجبهة السورية، فرقتان مدرعتان من العراق بجانب ألوية من الكويت والسعودية والأردن والمغرب، وقدم العراق وحده أكثر من 300 شهيد.
الغريب أنه تم رفع العلم السورى على القنيطرة بعد تحريرها من المحتل الإسرائيلى عام 1974، بينما فى 2025 وفى عهد الرئيس أحمد الشرع، رفع عليها علم إسرائيل!
ورغم أن سوريا فى عهد الأسد لم تستعد كامل الجولان، فإنها استعادت القنيطرة ضمن اتفاقية فك الاشتباك التى رعتها الأمم المتحدة، وهو إنجاز رمزى كبير أعاد الثقة إلى الجيش السورى، وأكد قدرة العرب على خوض حرب منظمة ضد إسرائيل بعد هزيمة 1967.
فى حرب أكتوبر، فشلت سوريا فى الاحتفاظ بالأراضى التى حررتها فى الجولان، لكنها كسرت سطوة إسرائيل، فى معارك ملحمية منها معركة مرصد جبل الشيخ التى قتل فيها 16 جنديا إسرائيليا وأسر 31 آخرين، وتم الاستيلاء على أحدث تكنولوجيا الرادارات ونقلت إلى الاتحاد السوفييتى.
تمسك السوريون فى الجولان بالأرض، وأحرقتهم قذائف الدبابات الأمريكية التى وصل مداها فى ذلك الوقت إلى 5 كيلومترات، مقابل غالبية تسليح سورى من دبابات تى 55 بمدى أقل بكثير، بجانب أخطاء تكتيكية لاتقلل من وطنيتهم... لكن ليس بجديد، على التكفيريين و«الإسلام السياسى»، ما يحدث فى سوريا.
فهنا فى مصر، قتلوا الرئيس أنور السادات، واستحلوا دمه، وأهونهم من روج أكاذيب عن الجبهة المصرية فى حرب أكتوبر، وضخم من دور الفريق سعد الدين الشاذلى واضعا إياه فوق الجميع، ومغلقا عليه الدين والإخلاص.
ومنهم من ضخم الرواية الإسرائيلية حول الثغرة، وخون السادات، ليس لأنه لم يسحب قوات من شرق القناة لتطويق القوات الإسرائيلية التى دخلت عبر ثغرة الدفرسوار.. بل لأن «الجماعة» تهدم كل ما دونها.
فهم محتكرو الدين والوطنية والجهاد.
سيظل الرئيس السادات بطلا، إذ لم يكن خائنا أو مقصرا كما يدعى البعض.. وإنما كان يخشى من انهيار الجبهة إذا رأى الجنود المصريون، زملاءهم فى الجيش الثالث ينسحبون من شرق القناة إلى غربها، خصوصا أن النكسة كانت لا تزال ماثلة فى الأذهان.
تحية إجلال وتقدير لجيش مصر العظيم، مدافعا عنها ضد كل من يريد بها وبأهلها شرا.
حفظ الله مصر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نهاية الجيش الأول الإسلام السياسي
إقرأ أيضاً:
نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، كلمة بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر المجيدة لعام ١٩٧٣. وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم..
أبناء قواتنا المسلحة الباسلة..
السيدات والسادة،
في هذا اليوم المجيد، نقف جميعاً وقفة عز وفخر، نُحيى فيها ذكرى يوم خالد في تاريخ ووجدان الأمة، يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ .. ذلك اليوم الذي أضاف لمصر والعرب جميعاً.. فخراً ومجداً.. إنه يوم الانتصار العظيم، يوم العبور، يوم وقف فيه العالم احتراماً وإجلالاً، لعظمة وإرادة المصريين، ولوحدة القرار العربى.
وفى هذه الذكرى العطرة، نتوجه بتحية خالصة، إلى روح القائد العظيم الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" .. بطل الحرب والسلام.. صاحب القرار الجرىء، والرؤية الثاقبة.. الذي قاد الأمة بحكمة وشجاعة، نحو النصر والسلام.
ونحيى قادة القوات المسلحة.. وكل ضابط وجندى.. وكل شهيد ارتقى إلى السماء.. وكل جريح نزف من أجل الوطن.. وكل من لبى نداء مصر، فى تلك اللحظة الفارقة من تاريخها.. لتظل راية مصر خفاقة شامخة.
وإننا إذ نستحضر هذه الذكرى العظيمة.. فإننا لا نحييها لمجرد الاحتفال.. بل لنستلهم منها الدروس والعبر.
لقد علمتنا ملحمة أكتوبر.. أن النصر لا يمنح، بل ينتزع .. وأن التخطيط المحكم، والعمل المخلص الدءوب، والتنسيق بين مؤسسات الدولة، وتماسك الجبهة الداخلية، واليقين بنصر الله.. هى مفاتيح النصر والمجد ..قال تعالى: ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ .. بهذا اليقين، انتصرت مصر.. وبهذا اليقين، ستظل منتصرة بإذن الله، إلى يوم الدين.
ومن روح أكتوبر.. نستمد عزيمتنا اليوم فى بناء مصر الجديدة .. مصر الحديثة ..مصر التى تليق بمكانتها وتاريخها.. وتستحق أن تكون فى مصاف الدول الكبرى.
إننا نعمل بكل جد وإخلاص.. على بناء دولة قوية، عصرية، متقدمة، تعبر عن وزن مصر الحقيقى، وعن قيمتها الحضارية والإنسانية، فى عالم لا يعترف إلا بالأقوياء.
نبنى مؤسسات راسخة.. ونطلق مشروعات تنموية عملاقة.. ونعيد رسم ملامح المستقبل .. لتكون مصر كما يجب أن تكون.. رائدة، ومتقدمة، ومؤثرة.
وإذا كانت تلك المبادئ؛ قد قادتنا إلى النصر فى أكتوبر ١٩٧٣ .. فإننا اليوم؛ فى ظل ما تمر به منطقتنا من أزمات متلاحقة.. أحوج ما نكون إلى استدعائها واسترجاعها، وتطبيقها كنهج راسخ، فى حياتنا السياسية والاجتماعية.
فالأوضاع الإقليمية، لم تعد تحتمل التراخى، والظروف التى نعيشها، تتطلب منا أن نكون على قدر المسئولية، وأن نستلهم من روح أكتوبر ما يعيننا على تجاوز التحديات، بل والتقدم إلى الأمام.
لقد خاضت مصر وإسرائيل حروباً ونزاعات عسكرية ضارية، دفع فيها الطرفان أثمانا فادحة من الدم والدمار، وكان للعداء أن يستمر ويتجذر، لولا بصيرة الرئيس السادات وحكمة القيادات الإسرائيلية آنذاك.. والوساطة الأمريكية، التى مهدت الطريق نحو سلام عادل وشجاع.. أنهى دوامة الانتقام.. وكسر جدار العداء.. وفتح صفحة جديدة من التاريخ.
وإن السلام؛ كى يكتب له البقاء.. لابد وأن يشيد على دعائم العدالة والإنصاف.. لا أن يفرض فرضا، أو يملى إملاء.
فالتجربة المصرية فى السلام مع إسرائيل.. لم تكن مجرد اتفاق.. بل كانت تأسيساً لسلام عادل.. رسخ الاستقرار.. وأثبت أن الإنصاف، هو السبيل الوحيد للسلام الدائم ..إنها نموذج تاريخى.. يحتذى به فى صناعة السلام الحقيقى.
ومن هذا المنطلق؛ نؤمن إيمانا راسخا.. بأن السلام الحقيقى فى الشرق الأوسط.. لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.. وفقا لمرجعيات الشرعية الدولية.. وبما يعيد الحقوق إلى أصحابها.
إن السلام الذى يفرض بالقوة، لا يولد إلا احتقانا.. أما السلام الذى يبنى على العدل، فهو الذى يثمر تطبيعا حقيقيا، وتعايشا مستداما بين الشعوب.
وفى هذا السياق؛ لا يسعنى إلا أن أوجه التحية والتقدير.. للرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" .. على مبادرته، التى تسعى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة.. بعد عامين من الحرب والإبادة، والقتل والدمار.
وإن وقف إطلاق النار، وعودة الأسرى والمحتجزين، وإعادة إعمار غزة.. وبدء مسار سلمى سياسى، يفضى إلى إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها تعنى أننا نسير فى الطريق الصحيح..نحو السلام الدائم والاستقرار الراسخ.. وهو ما نصبو إليه جميعا.
فالمصالحة؛ لا المواجهة.. هى السبيل الوحيد لبناء مستقبل آمن لأبنائنا.
وأشدد هنا؛ على أهمية الحفاظ على منظومة السلام.. التى أرستها الولايات المتحدة، منذ سبعينيات القرن الماضى .. والتى شكلت إطارا إستراتيجيا، للاستقرار الإقليمى.
وإن توسيع نطاق هذه المنظومة.. لن يكون إلا بتعزيز ركائزها.. على أساس من العدل، وضمان حقوق شعوب المنطقة فى الحياة، والتعاون بما ينهى الصراعات.. ويطلق طاقات التكامل والرخاء والازدهار، فى ربوع المنطقة.
شعب مصر العظيم،
وفى ختام كلمتى .. أطمئنكم أن جيش مصر.. قائم على رسالته، فى حماية بلده والحفاظ على حدودها، ولا يهاب التحديات، جيش وطنى؛ من صلب هذا الشعب العظيم ..وأبناؤه؛ يحملون أرواحهم على أكفهم.. ويقفون كالسد المنيع، أمام كل الصعاب والتهديدات.
أجدد التحية لقواتنا المسلحة الباسلة.. ولشهدائنا الأبرار.. الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة .. ولجنودنا الأبطال.. الذين يسهرون كى تنام مصر آمنة مطمئنة.
كل عام وأنتم بخير.
ودائمــا وأبـــدا وبالله: