فورين بوليسي: العالم بعد السابع من أكتوبر
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
لتقييم التأثيرات الجيوسياسية لعامين من الحرب وجرائم الحرب، نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا لخصت فيه ما ورد في حوار بين رئيس تحرير المجلة رافي أغروال وبين الأستاذ في جامعة هارفارد والمؤلف المشارك لكتاب "اللوبي الإسرائيلي" ستيفن والت.
يقول أغروال في مقدمته لهذا الحوار إن آثار ما حدث ويحدث في غزة امتدت إلى ما هو أبعد من ذلك القطاع الصغير.
ويضيف أغروال أنه أراد التراجع خطوة إلى الوراء لتقييم ما تغير في العالم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرا إلى أنه اختار للحديث عن هذه المسألة والت الذي يكتب كذلك عمودا في فورين بوليسي.
ويمكن تلخيص ما جاء في هذا الحوار المنشور بالصوت والصورة على موقع المجلة في ما يلي:
أولا، نظرة عامة على الصراع وأثره المباشربخصوص هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وتداعياته المباشرة، يشير أغروال إلى أنه أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، وأسفرت السنتان التاليتان من الصراع عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني في غزة.
ويبرز الكاتب هنا أن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة وصفت ما قامت به إسرائيل في غزة بأنه إبادة جماعية، وهو تقييم تتفق معها فيه منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 90% من منازل غزة قد تضررت أو دمرت، وقد أعلن خبراء الأمن الغذائي التابعون للأمم المتحدة عن تفشي المجاعة في مدينة غزة.
كما امتد الصراع إلى ما هو أبعد من غزة، إذ هاجمت إسرائيل دولا عدة في المنطقة، مما دفع الخبراء إلى التشكيك في امتثالها لتطبيق القانون الدولي وتسبب ذلك في استقطاب عالمي عميق، وفقا للكاتب.
ثانيا، تغيرات وتحولات جيوسياسية
أعرب والت، المؤلف المشارك لكتاب "اللوبي الإسرائيلي"، عن دهشته من "النطاق الواسع للأحداث" والطبيعة البعيدة المدى للصراع. وقارن الوضع الحالي بمقال لمستشار الأمن القومي الأميركي السابق جيك سوليفان في مجلة فورين أفيرز، المنشور قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بقليل، والذي ذكر فيه أن الشرق الأوسط "أهدأ مما كان عليه لعقود".
إعلانوأضاف أن ذلك ربما كان صحيحا يوم نشره، لكنه لم يكن يدري ما كان يجري في الخفاء، ولا أحد يجادل في أن الشرق الأوسط اليوم أكثر هدوءا مما كان عليه آنذاك، وفقا لوالت.
ولفت إلى أن تحولات شهدتها القوى الإقليمية، إذ ضعفت حماس وحزب الله بشكل كبير، كما سقط نظام الأسد في سوريا، وكانت الحرب عاملا مسهما في ذلك، فضلا عن تقلص البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير.
وفي خضم حديثه عن هذه التغيرات، أبرز والت أن النفوذ الأميركي تضاءل وتراجعت معه قدرة الولايات المتحدة على إدارة الأحداث الإقليمية، مما دفع حلفاء سابقين إلى فقدان ثقتهم بالدعم الأميركي والبدء في البحث عن ترتيبات بديلة.
ثالثا، القانون الدولي والأمم المتحدة
قبل عامين، كانت معظم الدول تقول إن لإسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن نفسها، أما اليوم فتقول معظم هذه الدول إن إسرائيل تجاوزت الحدود، ليس فقط في غزة، بل أيضا في هجماتها عبر الحدود خاصة على قطر، وفقا لأغروال الذي سأل والت عن رأيه عندما تستقر الأمور بشأن هذا الصراع، عن تأثيره الأطول أمدا على القانون الدولي والإفلات من العقاب.
اتفق كل من أغروال ووالت على أن القانون الدولي كان قد "تعرض لضربات موجعة" في السابق، مستشهدين بالحرب في أوكرانيا و"الحرب العالمية على الإرهاب" التي تشنها الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يُشير والت إلى أن الكثير يعتمد الآن على محاسبة مرتكبي "الأعمال الشنيعة" من الجانبين الإسرائيلي وحماس.
وأوضح أن محاكمة المسؤولين الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو إبادة جماعية سيعزز الشعور السائد بأنه لا ينبغي القبول ببعض الأفعال أو التسامح معها، وكذلك إذا تم ذلك بالنسبة للمسؤولين من حماس عن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول إن كان لا يزال منهم أحياء على أن يكون ذلك الحساب من قبل المجتمع الدولي.
وأوضح والت أن غياب المساءلة سيعزز فكرة أن "النظام القائم على القواعد لا معنى له"، مما قد يؤدي إلى "عالم لا يخضع لقانون".
ولفت في هذا الصدد إلى تسارع فقدان الأمم المتحدة مصداقيتها لأنها اتخذت مواقف متعارضة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويشير الكاتب إلى تهديد الولايات المتحدة بمعاقبة مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية كدليل على أن أقوى دولة في العالم تُقوّض بنشاط البيئة المعيارية، مما يفتح الباب أمام دول مثل الصين وروسيا للقول إن النظام المدعوم من أميركا أخرق.
رابعا، تفسير الصراع: النظرية والسياسة والاستقطاب
بخصوص نظرية العلاقات الدولية، يُشير والت إلى أن كلا من النظريتين اللتين تُركزان على دور الأفراد (مستشهدين بالرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب) والواقعية السياسية تُسهمان في تفسير الوضع.
فالواقعية تشير إلى أن الدول ستخالف القواعد عندما تشعر بانعدام الأمن الشديد أو عندما ترى فرصا مغرية، كما تفسر كيف أن موقع القوة المناسب للولايات المتحدة يسمح لها باتباع سياسات "مفرطة في الذاتية" و"سياسات داخلية" قد تكون ضارة على المدى البعيد.
وعن توجس الدول العربية في ظل الوضع الحالي، يرى والت أن القلق إزاء أحداث غزة والخوف من تحول إسرائيل إلى قوة إقليمية مهيمنة دفع المملكة العربية السعودية مثلا إلى إبرام اتفاقية دفاع مع باكستان، كما دفع العديد من الدول إلى تعزيز علاقاتها مع الصين، وجعل السعودية تختار حالة انفراج في علاقتها مع إيران.
وعالميا، أبرز والت الاستقطاب الذي اتخذ جملة أبعاد، فهناك انقسام بين الجنوب العالمي والغرب، وانقسامات داخل الدول (على سبيل المثال: في إيطاليا حيث توجد خلافات بين الحكومة والنقابات العمالية، وفي الولايات المتحدة).
إعلانوفي هذا الإطار، أبرز أغروال طرح المفكر الهندي بانكاج ميشرا في كتابه "العالم بعد غزة" أن الانقسام العالمي يتداخل مع انقسام ما بعد الاستعمار، حيث يتعارض الجنوب العالمي غير الأبيض مع الأغلبية البيضاء في الغرب، ويتفق والت مع هذه الرواية المناهضة للاستعمار والتي تتجلى عالميا وحتى داخل الدول الغربية نفسها.
خامسا، تحولات في السياسة الأميركية والأوروبية
تحدث والت عن تحول جذري في الرأي العام الأميركي، مستشهدا باستطلاع رأي جديد أجرته صحيفة نيويورك تايمز وجامعة سيينا أظهر تحولا جذريا في الدعم الأميركي، حيث انحاز المزيد من الناخبين إلى الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين لأول مرة منذ عام 1998، الاستطلاع كشف أن 40% من الناخبين يقولون الآن إن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا.
ويشير والت إلى أن هذا التحول أعمق بين الديمقراطيين، ولكنه واضح أيضا في الحزب الجمهوري، على سبيل المثال مع تاكر كارلسون، موضحا أن هذا التوجه إن لم يُغيّر السياسة بعد فهو يُشكّل مصدر قلق بالغ للإسرائيليين الذين يعتمدون بشكل كبير على الدعم الأميركي.
وبخصوص اللوبي الإسرائيلي، جادل كتاب والت وجون ميرشايمر الصادر عام ٢٠٠٧ في أمرين كشفت حرب غزة أنهما صحيحان: أولا أن اللوبي الإسرائيلي قوي جدا وهو السبب الأهم وراء الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل، وثانيهما أن الولايات المتحدة والمنطقة ستكونان في وضع أفضل لو اتخذتا موقفا أكثر توازنا في هذا الصراع الذي ينبع من وجود 7.5 ملايين فلسطيني يريدون دولة وأغلبية 7.5 ملايين يهودي إسرائيلي يُعارضونها.
أما رد الفعل الأوروبي على ما يحدث في غزة، من احتجاجات واسعة، وتحركات من دول مثل فرنسا وبريطانيا للاعتراف بدولة فلسطينية، فاعتبره والت ردا مفهوما على القسوة المستمرة في القطاع الفلسطيني.
ويقترح والت أن تكون الخطوة التالية هي استخدام الدول الأوروبية لأدوات أخرى، مثل تقييد التجارة أو استبعاد إسرائيل من الفعاليات الرياضية مثل كأس العالم، والثقافية مثل مسابقة الأغنية الأوروبية.
وقال والت إن مثل هذا الضغط يذكر بما مورس على جنوب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصري، لكن والت يختم بقوله إن السؤال يبقى: هل سيدفع هذا الضغط إسرائيل إلى تكييف سياستها أم سيشجعها على أن تصبح إسبرطة فائقة الاكتفاء الذاتي التي تحدث عنها نتنياهو؟
لكن هذا السيناريو سيشجع أيضا المزيد من الإسرائيليين التقدميين على مغادرة البلاد، كما حدث في جنوب أفريقيا. ونتيجة لذلك، سيصبح السكان الذين سيبقون في إسرائيل أكثر ميلا إلى اليمين والتطرف، وغير مستعدين للتنازل، وستكون إسرائيل أقل ازدهارا وفاعلية عسكرية واهتماما بالتطبيع، على حد تعبير والت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات أکتوبر تشرین الأول اللوبی الإسرائیلی الولایات المتحدة القانون الدولی على أن ما کان إلى أن فی هذا فی غزة
إقرأ أيضاً:
7 أكتوبر تاريخ غير المعادلة
يمانيون| بقلم: احترام عفيف المُشرّف
يوم السبت بتاريخ السابع من أكتوبر لعام 2023م عندما انطلقت شرارة طوفان الأقصى والتى غيرت الكثير من المعادلات وغربلت الشوائب لمعرفة الغث من السمين وتجلت المواقف لتفضح كل بموقفه ومكانته وما اختاره لنفسه من الشرف أو العار من المقاومة والمساندة والدعم بأي نوع أو شكل للطوفان ورجاله أو الانبطاح والتخلي، بل والتجريم والتصغير لما قامت به المقاومة الفلسطينة وماساندها من دول محور المقاومة.
هذا التاريخ ميز الألوان وجعلها لونين فقط لايتداخلها أي لون آخر أما أسود فاحم أو أبيض ناصع أو كما يقال في الشريعة الإسلامية برز الإيمان كله للشرك كله. لذلك لامجال للمزايدة والفلسفة الجوفاء وضبابية الموقف أما أن تكون هنا أو هناك فقط لا غير.
وما نراه أن أغلب المواقف قد حددت والكثير قد حجزوا أماكنهم وجلسوا على مقاعدهم عيانا بيانا بكل وضوح وشفافية.
ولهذا أرى أن السابع من أكتوبر له فضل كبير لأننا بدأنا نرى كل شيء بوضوح وانتهت السمفونية المشروخة والتي استمعنا لها منذ عقود وهي تغرد بالقول القضية الفلسطينة هي قضية العرب الأولى والمركزية، والقدس هي البوصلة وهي المقصد وتحريرها هو الغاية والسبيل والذي من أجله تعد الجيوش وتدخر الأسلحة وتشحذ الهمم وتقام القمم العربية والإسلامية وتخرج البيانات المزلزلة التي تدين العدو الإسرائيلي.
سمفونية استمعنا إليها حتى صمت أذاننا ومللناها وسئمناها ولم تعد تحرك فينا ساكنا.
حتى أنقذنا منها تاريخ السابع من أكتوبر 2023م وعرى الجميع ليرتدي الجميع كل ما يناسبه من رداء أما رداء المقاومة والنصرة حتى النصر أو الاستشهاد أو رداء الخنوع والتطبيع والمساندة الظاهرة والتي أخرجها الطوفان من تحت الطاولة التي كانت هذه الفئات مستترة تحتها لعقود من الخيانة للقضية.
نعم فقدنا الكثير من القادة الذين ضحوا بسنين حياتهم للجهاد في سبيل الله وتكللوا بتاج الشهادة في طريق القدس ولكنهم تركوا وراؤهم مشاريع قادة يسيرون على طريقهم ويحذون حذوهم
نعم غزة بلغت فيها المآسي إلى حد لم يعد بقدور البلغاء والفصحاء وصفه. ولكنها تقول للعدو غزة لم ولن تموت وستظل وستقاوم مادام هناك طفل فلسطيني يولد وما دام هناك شرفاء في هذه الأمة.
نعم هناك محاولات كبيرة وقوية في تقطيع أوصال طوق المقاومة ولكن هناك إصرار على الاستمرار والمواصلة وأنها معركة فاصلة لا رجوع عنها ولا استسلام فيها حتى النصر ولاشيء غير النصر مهما كان الثمن ومهما بلغت التضحيات ومع كل شهيد يسقط في معركة الكرامة ينهض ألف مجاهد يحملون دمه ومنهجه وروحيته.
وحتى ظهور العمالة الواضحة أفاد الطوفان وزاد من قوته لكي لايتكأ على ركن واهي أو يثق بحكام وجيوش ودول مغلوبة على أمرها ولم يعد بيدها شيء سوى التوسل لسيدها الأمريكى أن لا يسخط عليها.
ليس هذا فقط ما صنعه السابع من أكتوبر فهو لم يفضح الدول الخانعة فقط بل أنه قد أتى على كل شيء و أوضحه فقد فضحت مآسي غزة الشعوب التي أعجبها وضع التدجين والتجميد التي تعيشه منذ زمن طويل وفضح المحللون السياسون والمفكرون والكتاب ومن يسمون أنفسهم عباقرة الزمان وجهابذة العصر، أتى الطوفان ليفضح بعضهم من كانت تحليلاتهم وتعاطيهم مع القضية مقرف ومخزي ومهين لهم.
ويرفع راية من نصع جبينهم ولم يقولوا أو يكتبوا سوى كلمة الحق في هذه المعركة. التى لن ينساها التاريخ.
وهاهو الطوفان مازال يجرف الغثاء ويحتفظ بالدرر
وأن كان لنا أن نتبأ بشيء سوف يحدثه في المستقبل القريب إن شاءالله هو أنه وبهذه الرؤية الواضحة التي أحدثها وكشف بها كل المستترين فأنه سوف ينضم إليه ويسير في ركبه الكثير الكثير ممن كانت أعينهم وعقولهم مشتتة لا يعرفون أين يتجهون. وقد شوشت عقولهم بمن كانت لهم براعة الإقناع بأن مايحدث ليس إلا عبث وغوغاء يحدثها هؤلاء المقاومون فقد وهنت كلماتهم ودحظت حجتهم ولم يعد بإمكانهم اقناع حتى البهائم. وهم يحاولون تغطية شمس الحرية بغربال وبانضمام كل هؤلاء وهم كثر ستتوسع المقاومة أكثر وأكثر وليس ما نقوله تكهنات ولا أمنيات بل هي معطيات وقراءة لما حدث ويحد منذ ثلاث سنوات وإلى اليوم وحتى النصر بأذن الله والعاقبة للمتقين.