مئات الآلاف يعودون إلى غزة والاحتلال يحذر ويعيد تموضع قواته
تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT
بدأ مئات آلاف النازحين الفلسطينيين العودة إلى شمال قطاع غزة اليوم الجمعة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، لينهي بذلك حربا استمرت عامين كاملين وأودت بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني.
وتحركت حشود ضخمة من النازحين شمالا باتجاه مدينة غزة، أكبر منطقة حضرية في القطاع، والتي كانت هدفا لهجوم واسع قبل أيام فحسب،
في إحدى أعنف العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب.
وعلى طول شارعي الرشيد وصلاح الدين، احتشدت العائلات العائدة سيرا على الأقدام وهي تحمل أطفالها وأمتعتها القليلة، ولم يجد كثيرون منهم بيوتا يعودون إليها.
وقال أحد العائدين من مخيم النصيرات: "ما في بيت، بس راجعين.. الأرض إلنا حتى لو فوق الركام".
وأعلنت وزارة الداخلية في غزة أن عناصر الأمن والشرطة بدؤوا الانتشار في المناطق التي انسحب منها الاحتلال لإعادة النظام وتأمين الطرق للمدنيين.
وجاء وقف إطلاق النار ضمن اتفاق سياسي شامل رعته الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، ويمثل المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب.
وتنص هذه المرحلة على وقف شامل لإطلاق النار، وانسحابات إسرائيلية جزئية، وتبادل للأسرى، إضافة إلى فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية.
وحسب مصادر سياسية، يُفترض أن تفرج حماس عن 20 أسيرا إسرائيليا مقابل إطلاق سراح ألفي أسير فلسطيني خلال الأيام المقبلة.
ونشرت وزارة العدل الإسرائيلية قائمة تضم أسماء 250 أسيرا فلسطينيا من المحكومين بالمؤبدات والأحكام العالية، يُرتقب الإفراج عنهم في إطار اتفاق التبادل، ولا تتضمّن أسماء عدد من القيادات الفلسطينية البارزة على غرار مروان البرغوثي وأحمد سعدات.
إعادة تموضع وتحذيراتوبالتزامن مع عودة النازحين، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء إعادة تموضع قواته في غزة، مؤكدا أن "القوات بدأت الانسحاب من داخل المدن باتجاه الحدود الشرقية".
إعلانوقال -في بيان- إن "اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ عند الساعة 12:00″، مضيفا أنه "منذ الساعة 12:00 (09:00 بتوقيت غرينتش)، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي بالتموضع على خطوط انتشارها الجديدة، استعدادا لتنفيذ اتفاق الهدنة وعودة الرهائن".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للعدالة الدولية- إن بلاده "ستراقب التزام حماس بنزع السلاح، ولن تتهاون في الرد على أي خرق".
وحذر الجيش الإسرائيلي سكان غزة من أن عددا من مناطق القطاع ما زال "في غاية الخطورة". وجاء في بيان للمتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي على منصة إكس أنه "يعتبر الاقتراب من مناطق بيت حانون، وبيت لاهيا، والشجاعية ومناطق تمركز القوات في غاية الخطورة".
وأضاف "وفي منطقة جنوب القطاع، من الخطر جدا الاقتراب من منطقة معبر رفح، ومنطقة محور فيلادلفيا، وكافة مناطق تمركز القوات في خان يونس".
وقال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف -نقلا عن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون)- إن الجيش الإسرائيلي أنجز المرحلة الأولى من انسحابه من غزة لتبدأ معها فترة الـ72 ساعة قبل إطلاق سراح الأسرى.
وكتب ويتكوف -على منصة إكس- أن القيادة الوسطى للجيش الأميركي أكدت أن الجيش الإسرائيلي "أنجز المرحلة الأولى من الانسحاب إلى الخط الأصفر عند الظهر بالتوقيت المحلي".
مناشداتمن جهته، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الهدنة "خطوة أولى نحو إنهاء مأساة إنسانية غير مسبوقة في غزة"، مشددا على أن نجاحها "مسؤولية الجميع".
وكتب على منصة إكس: "مع دخول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، نؤكد أن دولة قطر لن تدخر جهدا بما يعكس واجبها الإنساني والتاريخي والدبلوماسي تجاه الأشقاء الفلسطينيين والمنطقة".
وبعدما أكد كبير مفاوضي حماس خليل الحية -أمس الخميس- أن الحركة تلقت ضمانات من الوسطاء والولايات المتحدة بأن الحرب انتهت تماما، ويُنتظر الآن التفاوض على المرحلة الثانية من خطة ترامب.
من جهتها، دعت الأمم المتحدة إلى فتح جميع المعابر الحدودية إلى قطاع غزة، وفقا لما أعلنه ممثلون عن عديد من المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في جنيف اليوم الجمعة.
وكانت إسرائيل قد أنهت تعاونها مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مطلع هذا العام، زاعمة أن الوكالة مرتبطة بحركة حماس.
وصرحت المتحدثة باسم "أونروا" جولييت توما -للصحفيين في جنيف- بأن أعمال الإغاثة في قطاع غزة كانت ستبقى مستحيلة لولا شبكة موظفي أونروا الذين يبلغ عددهم 12 ألف شخص، والذين واصلوا العمل هناك رغم المقاطعة الإسرائيلية.
بدورها، قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش -في بيان- إن "الأيام المقبلة حاسمة. أحث الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم. يجب أن تتم عمليات إطلاق سراح الأسرى بسلامة وكرامة". وحثت على "استئناف تسليم المساعدات الإنسانية على وجه السرعة وبكامل طاقتها وإيصالها إلى الناس بأمان أينما كانوا".
ودعت ميريانا إلى "معاودة سريعة للمساعدات الإنسانية بالطاقة الكاملة وإيصالها بأمان إلى الناس أينما كانوا"، مؤكدة أن فرق الصليب الأحمر في إسرائيل وغزة والضفة الغربية ستشارك في تنفيذ هذا الاتفاق من خلال المساعدة في إعادة الأسرى والسجناء إلى عائلاتهم.
إعلان فرح وحذرورغم فرحة العودة، فإن ملامح الحزن بدت واضحة على وجوه السكان الذين فقدوا بيوتهم وأقاربهم، ورغم الأجواء الإيجابية، فلا تزال الأسئلة معلّقة حول من سيتولى إدارة القطاع بعد الحرب، وكيف ستنفذ بقية مراحل الاتفاق.
لكن بالنسبة للعائدين، يكفي اليوم أن المدافع صمتت، وأنهم يسيرون نحو بيوتهم ولو كانت مجرد ركام.
يقول إسماعيل زايدة من حي الشيخ رضوان "رجعنا ندوّر على بيتنا، بس اللي لقيناه أنقاض.. أهم شي نعيش بسلام"، في حين اعتبرت بلقيس، وهي أم لـ5 أطفال، أن وقف إطلاق النار رجّع لنا الأمل، يمكن تكون بداية حياة جديدة".
وقال أمير أبو عيادة (32 عاما) "نحن اليوم ذاهبون باتجاه بيوتنا لتنظيفها. رغم الدمار ورغم الحصار المتواجدين فيه ورغم الألم، ذاهبون إلى مناطقنا مليئين بالجروح، ونحمد الله". وأضاف "نحن سعداء، عائدون رغم الدمار.. وإن شاء الله يستمر الهدوء وتنتهي الحرب".
أما أريج أبو سعادة (53 عاما)، فقالت "والله أنا سعيدة بالهدنة والسلام مع أنني أم لشهيدين، ولد وبنت، حزينة عليهما لكن الهدنة أيضا لها فرحتها برجوعنا إلى ديارنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات المرحلة الأولى من الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
اتفاق غزة على المحك.. إسرائيل تعرقل والوسطاء يضغطون للمرحلة الحاسمة
يشهد ملف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حراكًا دبلوماسيًا غير مسبوق، حيث تكثّف الأطراف الوسيطة اتصالاتها في محاولة لتجاوز التعقيدات التي تعترض الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
الترقب الإقليمي والدوليويأتي هذا الحراك وسط حالة من الترقب الإقليمي والدولي، خاصة مع بروز خلافات جوهرية تتعلق بالتنفيذ على الأرض، أبرزها الموقف الإسرائيلي الذي يواصل طرح اشتراطات جديدة تُرجئ المضي قدمًا في بنود الاتفاق.
تثبيت وقف دائم لإطلاق الناروفي الوقت ذاته، يتزايد الضغط الدولي من أجل تثبيت وقف دائم لإطلاق النار وتحديد مستقبل إدارة القطاع بعد سنوات من الصراع المتواصل، ويبرز دور القوى الإقليمية، وفي مقدمتها مصر، التي تواصل جهودها للحيلولة دون أي مخططات تستهدف تغيير الواقع الديمغرافي في غزة، إلى جانب سعيها لتأمين التزامات الأطراف كافة ببنود الاتفاق.
الخطة الأمريكيةومع دخول الخطة الأمريكية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب حيّز النقاش العملي، بات الانتقال إلى المرحلة الثانية محوريًا لإنجاح المسار السياسي وتثبيت الاستقرار وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
عراقيل إسرائيليةمن جانب آخر؛ بثّ برنامج "عن قرب مع أمل الحناوي" على قناة القاهرة الإخبارية تقريرًا بعنوان: "اتفاق غزة.. عراقيل إسرائيلية تعقّد الانتقال إلى المرحلة الثانية"، تناول فيه التطورات المرتبطة بالجهود الهادفة إلى تفعيل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
تأجيل الانتقال إلى المرحلة التاليةوتشير المعطيات إلى أن الوسطاء يواصلون اتصالات مكثفة مع كل من الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، في محاولة لإزالة العقبات التي تحول دون تنفيذ البنود المتفق عليها، خصوصًا بعد أن انتفت المبررات التي كانت إسرائيل تتذرع بها لتأجيل الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة السلام التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
بدء عملية إعادة الإعماروأوضح التقرير أن المرحلة الثانية تتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، واستكمال الانسحاب التدريجي لقوات الاحتلال من القطاع، إضافة إلى بحث مستقبل إدارة غزة عبر لجنة مستقلة تتولى إدارة الشؤون المدنية، ومعالجة ملف سلاح الفصائل الفلسطينية، إلى جانب بدء عملية إعادة الإعمار.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مطلع العام المقبل سيشهد الإعلان عن أسماء قادة العالم المشاركين في "مجلس السلام" الخاص بغزة، معتبرًا أن هذه الخطوة يمكن أن تساهم في تثبيت الهدنة طويلة الأمد.
وفي سياق متصل، ضغط الوسطاء باتجاه تسريع تشكيل قوة دولية للاستقرار في غزة، إلى جانب المضي في تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية المفترض توليها إدارة القطاع.
كما نقل التقرير تصريحًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار فيه إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق تقترب من نهايتها، موضحًا أن إسرائيل تنتظر استلام جثمان المحتجز الأخير قبل الانتقال الرسمي إلى المرحلة الثانية.
تهجير الفلسطينيينوفي تطور مهم، أحبطت مصر مرة أخرى مخططًا إسرائيليًا يستهدف تهجير الفلسطينيين من القطاع، بعد إعلان الاحتلال نيته فتح معبر رفح لخروج السكان. وشدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن معبر رفح لن يكون بوابة للتهجير، مؤكدًا أن فتحه يجب أن يتم في الاتجاهين وبما يتوافق مع اتفاق وقف إطلاق النار.