بدأ مئات آلاف النازحين الفلسطينيين العودة إلى شمال قطاع غزة اليوم الجمعة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، لينهي بذلك حربا استمرت عامين كاملين وأودت بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني.

وتحركت حشود ضخمة من النازحين شمالا باتجاه مدينة غزة، أكبر منطقة حضرية في القطاع، والتي كانت هدفا لهجوم واسع قبل أيام فحسب،
في إحدى أعنف العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب.

وعلى طول شارعي الرشيد وصلاح الدين، احتشدت العائلات العائدة سيرا على الأقدام وهي تحمل أطفالها وأمتعتها القليلة، ولم يجد كثيرون منهم بيوتا يعودون إليها.

وقال أحد العائدين من مخيم النصيرات: "ما في بيت، بس راجعين.. الأرض إلنا حتى لو فوق الركام".

وأعلنت وزارة الداخلية في غزة أن عناصر الأمن والشرطة بدؤوا الانتشار في المناطق التي انسحب منها الاحتلال لإعادة النظام وتأمين الطرق للمدنيين.

وجاء وقف إطلاق النار ضمن اتفاق سياسي شامل رعته الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، ويمثل المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب.

وتنص هذه المرحلة على وقف شامل لإطلاق النار، وانسحابات إسرائيلية جزئية، وتبادل للأسرى، إضافة إلى فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية.

وحسب مصادر سياسية، يُفترض أن تفرج حماس عن 20 أسيرا إسرائيليا مقابل إطلاق سراح ألفي أسير فلسطيني خلال الأيام المقبلة.

ونشرت وزارة العدل الإسرائيلية قائمة تضم أسماء 250 أسيرا فلسطينيا من المحكومين بالمؤبدات والأحكام العالية، يُرتقب الإفراج عنهم في إطار اتفاق التبادل، ولا تتضمّن أسماء عدد من القيادات الفلسطينية البارزة على غرار مروان البرغوثي وأحمد سعدات.

إعادة تموضع وتحذيرات

وبالتزامن مع عودة النازحين، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء إعادة تموضع قواته في غزة، مؤكدا أن "القوات بدأت الانسحاب من داخل المدن باتجاه الحدود الشرقية".

إعلان

وقال -في بيان- إن "اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ عند الساعة 12:00″، مضيفا أنه "منذ الساعة 12:00 (09:00 بتوقيت غرينتش)، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي بالتموضع على خطوط انتشارها الجديدة، استعدادا لتنفيذ اتفاق الهدنة وعودة الرهائن".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للعدالة الدولية- إن بلاده "ستراقب التزام حماس بنزع السلاح، ولن تتهاون في الرد على أي خرق".

وحذر الجيش الإسرائيلي سكان غزة من أن عددا من مناطق القطاع ما زال "في غاية الخطورة". وجاء في بيان للمتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي على منصة إكس أنه "يعتبر الاقتراب من مناطق بيت حانون، وبيت لاهيا، والشجاعية ومناطق تمركز القوات في غاية الخطورة".

وأضاف "وفي منطقة جنوب القطاع، من الخطر جدا الاقتراب من منطقة معبر رفح، ومنطقة محور فيلادلفيا، وكافة مناطق تمركز القوات في خان يونس".

وقال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف -نقلا عن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون)- إن الجيش الإسرائيلي أنجز المرحلة الأولى من انسحابه من غزة لتبدأ معها فترة الـ72 ساعة قبل إطلاق سراح الأسرى.

وكتب ويتكوف -على منصة إكس- أن القيادة الوسطى للجيش الأميركي أكدت أن الجيش الإسرائيلي "أنجز المرحلة الأولى من الانسحاب إلى الخط الأصفر عند الظهر بالتوقيت المحلي".

مناشدات

من جهته، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الهدنة "خطوة أولى نحو إنهاء مأساة إنسانية غير مسبوقة في غزة"، مشددا على أن نجاحها "مسؤولية الجميع".

وكتب على منصة إكس: "مع دخول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، نؤكد أن دولة قطر لن تدخر جهدا بما يعكس واجبها الإنساني والتاريخي والدبلوماسي تجاه الأشقاء الفلسطينيين والمنطقة".

وبعدما أكد كبير مفاوضي حماس خليل الحية -أمس الخميس- أن الحركة تلقت ضمانات من الوسطاء والولايات المتحدة بأن الحرب انتهت تماما، ويُنتظر الآن التفاوض على المرحلة الثانية من خطة ترامب.

من جهتها، دعت الأمم المتحدة إلى فتح جميع المعابر الحدودية إلى قطاع غزة، وفقا لما أعلنه ممثلون عن عديد من المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في جنيف اليوم الجمعة.

وكانت إسرائيل قد أنهت تعاونها مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مطلع هذا العام، زاعمة أن الوكالة مرتبطة بحركة حماس.

وصرحت المتحدثة باسم "أونروا" جولييت توما -للصحفيين في جنيف- بأن أعمال الإغاثة في قطاع غزة كانت ستبقى مستحيلة لولا شبكة موظفي أونروا الذين يبلغ عددهم 12 ألف شخص، والذين واصلوا العمل هناك رغم المقاطعة الإسرائيلية.

بدورها، قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش -في بيان- إن "الأيام المقبلة حاسمة. أحث الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم. يجب أن تتم عمليات إطلاق سراح الأسرى بسلامة وكرامة". وحثت على "استئناف تسليم المساعدات الإنسانية على وجه السرعة وبكامل طاقتها وإيصالها إلى الناس بأمان أينما كانوا".

ودعت ميريانا إلى "معاودة سريعة للمساعدات الإنسانية بالطاقة الكاملة وإيصالها بأمان إلى الناس أينما كانوا"، مؤكدة أن فرق الصليب الأحمر في إسرائيل وغزة والضفة الغربية ستشارك في تنفيذ هذا الاتفاق من خلال المساعدة في إعادة الأسرى والسجناء إلى عائلاتهم.

إعلان فرح وحذر

ورغم فرحة العودة، فإن ملامح الحزن بدت واضحة على وجوه السكان الذين فقدوا بيوتهم وأقاربهم، ورغم الأجواء الإيجابية، فلا تزال الأسئلة معلّقة حول من سيتولى إدارة القطاع بعد الحرب، وكيف ستنفذ بقية مراحل الاتفاق.

لكن بالنسبة للعائدين، يكفي اليوم أن المدافع صمتت، وأنهم يسيرون نحو بيوتهم ولو كانت مجرد ركام.

يقول إسماعيل زايدة من حي الشيخ رضوان "رجعنا ندوّر على بيتنا، بس اللي لقيناه أنقاض.. أهم شي نعيش بسلام"، في حين اعتبرت بلقيس، وهي أم لـ5 أطفال، أن وقف إطلاق النار رجّع لنا الأمل، يمكن تكون بداية حياة جديدة".

وقال أمير أبو عيادة (32 عاما) "نحن اليوم ذاهبون باتجاه بيوتنا لتنظيفها. رغم الدمار ورغم الحصار المتواجدين فيه ورغم الألم، ذاهبون إلى مناطقنا مليئين بالجروح، ونحمد الله". وأضاف "نحن سعداء، عائدون رغم الدمار.. وإن شاء الله يستمر الهدوء وتنتهي الحرب".

أما أريج أبو سعادة (53 عاما)، فقالت "والله أنا سعيدة بالهدنة والسلام مع أنني أم لشهيدين، ولد وبنت، حزينة عليهما لكن الهدنة أيضا لها فرحتها برجوعنا إلى ديارنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات المرحلة الأولى من الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

مئات الآلاف يواصلون العودة في اليوم الثاني لوقف الحرب على غزة

يواصل مئات آلاف الفلسطينيين النازحين العودة إلى مدينة غزة ومناطق أخرى، وسط أطنان من الركام والدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة طيلة عامين.

وعلى طول شارعي الرشيد وصلاح الدين، تسير العائلات العائدة على الأقدام وهي تحمل أطفالها وأمتعتها القليلة، ولا يجد كثيرون منهم بيوتا يعودون إليها.

كما تمكن فلسطينيون من العودة إلى وسط مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة بعد انسحاب الآليات العسكرية الإسرائيلية من وسط المدينة في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار.

من جانبه، قال رئيس بلدية خان يونس إن 85% من محافظة خان يونس مدمرة، مضيفا أن 400 ألف طن ركام يجب إزالتها من شوارع المدينة.

وتابع أن 300 كيلومتر من شبكات المياه في المدينة قد دمرت، كما أن 75% من شبكة الصرف الصحي في المدينة مدمرة.

وأوضح أيضا "علينا التعامل مع أكثر من 350 ألف طن من النفايات في المدينة"، مشيرا إلى ضرورة الحاجة إلى آليات حديثة للتعامل مع الركام.

تمسّك بالأرض

وخلفت العملية العسكرية التي استمرت أكثر من 5 أشهر في مدينة خان يونس دمارا غير مسبوق في مبانيها ومنشآتها التجارية والصحية والتعليمية.

ويشدد العائدون على بقائهم في أرضهم وعدم مغادرتها رغم الواقع الصعب والمعقد الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية.

وقالت وزارة الداخلية في غزة إن عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية انتشرت في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال لاستعادة النظام ومعالجة مظاهر الفوضى التي سعى الاحتلال لنشرها.

وأهابت وزارة الداخلية بالمواطنين إلى المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة والتعاون والالتزام بالتوجيهات والتعليمات التي ستصدر عن الجهات المختصة.

وقال رئيس بلدية غزة يحيى السراج إن الأولوية في الوقت الراهن هي الاستعداد لاستقبال العائدين من جنوب القطاع. وأوضح في لقاء مع الجزيرة أن الإمكانات تكاد تكون معدومة لتهيئة الطرق، مؤكدا تواصل البلدية مع عدد من الجهات لتوفير المعدات اللازمة في أقرب وقت.

إعلان تحديات كبيرة

وبدأت السلطات المحلية في مدينة غزة فتح الطرقات في المدينة، حيث أظهرت صور مشاهد جرافات تزيل الركام والمخلفات من أحد الشوارع.

ويُتوقع استمرار مثل هذه العمليات بسبب حجم الدمار الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بالبنية التحتية والسكنية في قطاع غزة بمختلف مناطقه.

وفي هذا السياق، قالت حكومة غزة إنها أنجزت أكثر من 5 آلاف مهمة ميدانية وخدماتية وإنسانية خلال 24 ساعة ضمن خطة طوارئ لإعادة الحياة تدريجيا إلى القطاع.

وذكر المتحدث باسم بلدية غزة للجزيرة أن الأولوية الآن تتلخص في تأمين المياه وفتح الشوارع وجمع النفايات ومعالجة مشاكل الصرف الصحي.

وبدأت عودة النازحين أمس الجمعة إلى الأماكن التي انسحب منها الجيش في مناطق مختلفة من القطاع مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وعبّر بعض النازحين عن فرحهم الحذر بهذا الاتفاق، معربين عن آمالهم في أن يسهم بوقف الحرب بلا رجعة، بينما اضطر مئات النازحين من الذين وصلوا إلى مناطق سكنهم الجمعة إلى نصب خيام على أنقاض منازلهم بعدما دمرتها الإبادة الإسرائيلية.

وقف إطلاق النار

ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس (09:00 بتوقيت غرينتش)، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجرا.

وشملت انسحابات الجيش الإسرائيلي مدينة غزة (شمال) باستثناء حي الشجاعية وأجزاء من حيي التفاح والزيتون.

وفي مدينة خان يونس (جنوب)، انسحب الجيش من مناطق الوسط وأجزاء من الشرق، فيما منع دخول الفلسطينيين إلى بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال)، ومدينة رفح (جنوب)، وبحر القطاع.

ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، ونزع لسلاح حركة حماس.

وجاءت الموافقة على مرحلته الأولى بعد 4 أيام من مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمنتجع شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وإشراف أميركي.

وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ولسنتين إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و211 شهيدا على الأقل، و169 ألفا و961 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.

مقالات مشابهة

  • عشرات الآلاف يحتشدون في سيدني لدعم الفلسطينيين
  • مئات الآلاف من أهالي غزة يعودون برسالة واحدة: لن نستسلم
  • نصف مليون فلسطيني يعودون إلى شمال غزة
  • مئات الآلاف يواصلون العودة في اليوم الثاني لوقف الحرب على غزة
  • ألوف يعودون لمنازلهم المدمرة بغزة مع بدء الانسحاب الإسرائيلي
  • مئات الآلاف يعودون لمدينة غزة بعد ساعات من سريان وقف إطلاق النار (شاهد)
  • فرحة أهالي غزة بالعودة إلى القطاع.. «مئات الآلاف يسلكون شارع الرشيد» - فيديو
  • بدء وقف إطلاق النار في غزة.. وعودة الآلاف إلى شمال القطاع
  • زامير يحذر قواته في غزة: العدو لم يختفِ بعد