هل يجوز الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 11th, October 2025 GMT
ورد الى دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه هل يجوز الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة في الصلاة؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إن الاستعاذة: هي اللجوء والاعتصام بالله عزَّ وجلَّ، يقال: عاذ فلان بربه يعوذ عوذًا؛ إذا لجأ إليه واعتصم به، وعاذ وتعوَّذ واستعاذ بمعنى واحد. ينظر: "تهذيب اللغة" للإمام محمد الهروي (3/ 93، ط.
ونوهت أن مقصود الاستعاذة قبل قراءة القرآن: هي نفي وساوس الشيطان عند القراءة. ينظر: "تفسير الرازي" (1/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي).
حكم الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة
وأوضحت أن الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنَّة من سنن الصلاة مطلقًا، سواء كانت صلاة فريضة أم نافلة، على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب؛ مستدلين على ذلك بعموم قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98].
ولما رُوِي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين افتتح الصلاة قال: «اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، والْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم قال: أَعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيم مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
وما ورد عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنه قام يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَيْطَانِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ» رواه عبد الرزاق في "المصنف" واللفظ له، وأحمد في "المسند".
قال الإمام أبو البركات النسفي الحنفي في "كنز الدقائق" (ص: 160، ط. دار البشائر الإسلامية) عند عدِّه سنن الصلاة: [وسننها: رفع اليدين للتحريمة، ونشر أصابعه، وجهر الإمام بالتكبير، والثناء، والتَّعوذ] هـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 325، ط. دار الفكر): [قال الشافعي والأصحاب: يستحب التَّعوذ في كل صلاة، فريضة أو نافلة أو منذورة، لكلِّ مصلٍّ من إمام ومأموم ومنفرد ورجل وامرأة وصبي وحاضر ومسافر وقائم وقاعد ومحارب، إلَّا المسبوق الذي يخاف فوت بعض الفاتحة لو اشتغل به] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 343، ط. مكتبة القاهرة): [الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنَّة، وبذلك قال الحسن، وابن سيرين، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي] اهـ.
وفي رواية عن الإمام أحمد أنَّه واجب؛ قال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وسنن الأقوال اثنا عشر: الاستفتاح، والتعوذ).. وعنه أنهما واجبان، اختاره ابن بطة، وعنه: التعوذ وحده واجب، وعنه: يجب التعوذ في كلِّ ركعةٍ] اهـ.
وقال عطاء بالوجوب أيضًا؛ بناء على ظاهر الأمر الوارد في الآيات. ينظر: "البناية" للإمام بدر الدين العيني (2/ 188، ط. دار الكتب العلمية).
مذهب المالكية في المسألة
بينما ذهب السادة المالكية إلى كراهة التعوذ قبل القراءة في الصلاة المكتوبة، وإلى جوازها في النافلة على قولين، وعلى تفصيلٍ في محلها: قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها، وإلى أن تركها أولى إلا أن يُراعي المصلي الخلاف فيها.
قال الإمام الدرير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 337، ط. دار المعارف، ومعه "حاشية العلامة الصاوي"): [(وكره تعوذ وبسملة) قبل الفاتحة والسورة (بفرض) أصلي، وجازا بنفل ولو منذورًا، وتركهما أولى ما لم يراع الخلاف] اهـ.
قال العلامة الصاوي مُحشيًّا عليه: [قوله: (تعوذ وبسملة قبل الفاتحة) إلخ: ظاهره وأسرَّ أو جهر، وهو ظاهر "المدونة" أيضًا.. وقوله: (ما لم يراع الخلاف): أي من غير ملاحظة كونها فرضًا أو نفلًا؛ لأنَّه إن قصد الفرضية كان آتيًا بمكروه كما علمت، ولو قصد النفلية لم تصح عند الشافعي فلا يقال له حينئذٍ مراع للخلاف] اهـ.
وقال الإمام الرهوني في "حاشيته على شرح الزرقاني" (1/ 424، ط. المطبعة الأميرية): [ولا يتعوذ في المكتوبة ويتعوذ في قيام رمضان.. وفي محله قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها قولان: ظاهر "المدونة" التقديم وجواز الجهر، وفي "العتبية" كراهة الجهر؛ لأنها ليست من الفاتحة بإجماع.. وفي "الذخيرة" عن "الطراز" اختلف قول مالك في التعوذ قبل الفاتحة في النافلة، فأجازه في "الكتاب" وكرهه في "العتبية"] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حكم الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة الإفتاء الصلاة الاستعاذة صلاة الفريضة صلاة السنة الاستعاذة قبل القراءة فی الصلاة قبل الفاتحة قال الإمام الله ع
إقرأ أيضاً:
حكم قراءة الفاتحة لسيدنا النبي.. يسري جبر: جميع عبادات الأمة واصلة إليه
أكد الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، أن تعبير الناس بقولهم " الفاتحة لسيدنا النبي " هو تعبير شعبي يدل على المحبة، موضحًا أن كل عبادة تصدر عن الأمة تصل في صحيفته صلى الله عليه وسلم سواء نُصِّ عليها أو لم يُنص، لأنه الدال على الخير، فكل أعمال الأمة من لدن الصحابة إلى قيام الساعة هي في ميزانه الكريم، وإن الفاتحة للنبي سواء ذكرت أو لم تُذكر فهي واصلة إليه بلا شك.
هل يجوز قراءة الفاتحة لسيدنا النبي؟وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن مسألة وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت من المسائل التي اختلفت فيها الأمة، إلا أنه يميل إلى القول بأن ثوابها يصل.
واستشهد الدكتور يسري جبر بإجماع الأمة على جواز الحج عن الميت، والحج يجمع كل أنواع العبادات من صلاة وقرآن وذكر وطواف ودعاء ونفقة، فإذا وصل ثواب الحج للميت دلّ ذلك على أن سائر العبادات يصل ثوابها كذلك.
وأضاف الدكتور يسري جبر، أن صلاة الجنازة دليل صريح على وصول الثواب، فالمصلي يقرأ الفاتحة أولًا، والصلاة للميت وليست لنفسه، مما يدل على وصول ثوابها إليه، وكذلك الصلاة على النبي بعد التكبيرة الثانية، ثم الدعاء الصريح للميت.
كيف تعامل النبي في حادثة الإفك؟.. يسري جبر: مرّ شهر كامل دون وحي أو أي علامة
حكم الدعاء بالمجربات الصالحين وأثرها على الشرع؟.. الدكتور يسري جبر يوضح
ما الحكمة وراء تشديد الشرع على حق الجار؟.. الدكتور يسري جبر يكشف
لا حياء في الدين مقولة خاطئة أم صحيحة؟.. يسري جبر يجيب
وأشار الدكتور يسري جبر إلى أن الميت ينتفع بما يُهدى إليه من أعمال الأحياء، مستدلًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الدال على الخير كفاعله”، فالنبي هو الذي دل الأمة على الخير، فجميع عباداتهم وأعمالهم واصلة إليه وإلى الوالدين أيضًا، لأن الوالدين هم الذين علموا أبناءهم القرآن والصلاة والزكاة وحب النبي والصالحين.
وأكد الدكتور يسري أن كل عمل يعمله الإنسان هو في ميزان والديه، وأعمال الوالدين في ميزان أجدادهم، ثم الجميع في النهاية يصل إلى النبي الكريم، مشبهًا الأمة كلها بسبحة متصلة الحلقات يجمع النبي صلى الله عليه وسلم خيوطها جميعًا.
وقال الدكتور يسري جبر إن هذا الفهم يُظهر ارتباط الأمة بعضها ببعض، وأن الفضل متصل لا ينفصل، والله تعالى أعلى وأعلم.