إعادة إعمار غزة.. مهمة شاقة بتكلفة تتجاوز 70 مليار دولار
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
بينما يعود آلاف الفلسطينيين إلى أحيائهم في قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار، لا يحمل كثير منهم سوى الذكريات المؤلمة ومشهد الركام الذي كان يومًا منازلهم ومدارسهم ومصادر رزقهم.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن تكلفة إعادة إعمار غزة تُقدّر بنحو 70 مليار دولار، في واحدة من أضخم المهام الإنسانية والإنشائية في التاريخ الحديث.
شبكة "بي بي سي" وصفت المشهد بأنه "أقرب إلى البدء من تحت الأنقاض لا من الصفر"، فيما قال البروفيسور أندرياس كريغ، خبير أمن الشرق الأوسط في كلية كينغز كوليدج لندن: "الأمر أسوأ من البدء من الصفر... هنا لا تبدأ من الرمال، بل من الأنقاض."
ويؤكد ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للفلسطينيين جاكو سيلييه أن حجم الدمار في غزة "يقترب من 84 في المائة، ويصل في بعض المناطق، مثل مدينة غزة، إلى 92 في المائة". وتُظهر بيانات الأقمار الصناعية، بحسب تحليل بي بي سي، أن هناك أكثر من 60 مليون طن من الأنقاض المتناثرة في غزة، تحتوي على رفات بشرية وقنابل غير منفجرة، ما يجعل عملية التطهير أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
ويقول فيليب بوفرات، المدير التنفيذي السابق لشركة المعدات البريطانية "جي سي بي": "الخطوة الأولى هي تأمين المواقع. بعدها نبدأ بفرز الأنقاض وسحقها لإعادة استخدامها كأساسات للبناء، لكننا سنحتاج إلى ميناء عميق لجلب آلاف الحاويات من مواد البناء". تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن إزالة الأنقاض وحدها قد تستغرق أكثر من عامين، وتشكل العائق الأول أمام أي عملية إعادة إعمار شاملة.
بحسب اليونيسف، فإن أكثر من 70 في المائة من مرافق المياه والصرف الصحي في غزة — والبالغ عددها نحو 600 مرفق — قد تضررت أو دُمرت منذ أكتوبر 2023. ويحذر الأطباء من انتشار الإسهال والكوليرا بسبب تراكم مياه الصرف الصحي، في ظل انهيار شبكات المعالجة، وتدمير محطة الشيخ عجلين المركزية ومرافق تحلية المياه.
ويقول ماهر نجار، نائب مدير مصلحة مياه بلديات الساحل: "كل مرافقنا متضررة. نحتاج في البداية إلى 50 مليون دولار لإعادة 20 في المائة فقط من الخدمات الأساسية." ويضيف: "الخسائر الإجمالية تُقدَّر بأكثر من مليار دولار."
وتُقدّر الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات) تدمير أو تضرر أكثر من 283 ألف منزل وشقة في أنحاء غزة — أي نحو نصف إجمالي الوحدات السكنية في القطاع.
وتقول الباحثة شيلي كولبيرتسون من مؤسسة "راند" البحثية في واشنطن: "إعادة بناء المساكن في غزة قد تستغرق عقودًا... إذا سارت العملية كما حدث بعد حرب 2014 و2021، فسنحتاج إلى 80 عامًا لإعادة البناء. لكن مع التخطيط الجيد، يمكن اختصار الزمن."
بلدية غزة من جانبها أعلنت أن 90 في المائة من شبكة الطرق دُمرت بالكامل، ما يجعل إعادة الإعمار شبه مستحيلة دون إعادة تأهيل البنية التحتية أولاً.
وتقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تُظهر أن أكثر من 80 في المائة من أصول توليد وتوزيع الكهرباء في غزة قد دُمرت أو تعطلت منذ بداية الحرب، بخسائر تجاوزت 494 مليون دولار.
شركة توزيع كهرباء غزة (GEDCO) أعلنت أن 70 في المائة من منشآتها دُمر بالكامل، بينما تعطلت محطة الكهرباء الوحيدة بسبب نفاد الوقود. وباتت المستشفيات والمدارس تعتمد على مولدات ديزل محدودة وألواح شمسية متضررة جزئيًا.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية تدمير أكثر من 97 في المائة من محاصيل الأشجار و82 في المائة من المحاصيل السنوية في قطاع غزة. وتشير تحليلات خبراء من جامعة ولاية كينت إلى أن الأراضي الزراعية تعرضت للتجريف الشامل ونشاط المركبات العسكرية الثقيلة، ما أدى إلى انعدام الأمن الغذائي وإعلان المجاعة في بعض المناطق خلال سبتمبر الماضي.
ويقول بوفرات: "تطهير الأرض من القنابل والألغام أولوية عاجلة... إذا تمكن المزارعون من العودة للزراعة، سيتمكنون من إطعام أنفسهم واستعادة دورة الحياة."
ونحو نصف سكان غزة دون سن 18 عامًا، ومع ذلك فإن أكثر من 91 في المائة من المدارس التابعة للأونروا تحتاج إلى إعادة بناء كاملة. وخلال الحرب، تحولت مئات المدارس إلى ملاجئ للنازحين قبل أن تُستهدف بالقصف، مثل جامعة الأزهر وجامعة الإسراء اللتين دُمرتا بالكامل.
تقول الأونروا إن "إعادة التعليم للأطفال هي الأساس لعودة الحياة الطبيعية"، لكنها تواجه نقصًا حادًا في التمويل والبنية التحتية، ما يجعل آلاف الأطفال خارج الفصول الدراسية للعام الثاني على التوالي.
ويرى محللون أن عملية إعادة الإعمار في غزة لن تواجه فقط تحديات مالية وتقنية، بل سياسية بالدرجة الأولى، نظرًا لغياب سلطة مركزية قادرة على إدارة العملية، والخلافات بين الفصائل، والقيود المفروضة على إدخال مواد البناء.
ويُجمع الخبراء على أن أي خطة لإعادة إعمار غزة تحتاج إلى آلية دولية مستقلة تشرف عليها الأمم المتحدة، وتضمن الشفافية وتدفق المساعدات بعيدًا عن الصراعات السياسية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی المائة من إعادة إعمار أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة نحو 70 مليار دولار
الممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشعب الفلسطيني، أوضح أن حجم الدمار في غزة “هائل ومروع”، مشيراً إلى أن آلاف العائلات ما زالت تنبش الركام بحثاً عن مقتنياتها.
التغيير: بورتسودان
قالت الأمم المتحدة إن إعادة إعمار قطاع غزة ستتطلب نحو 70 مليار دولار وفقاً لتقييم مشترك أجرته المنظمة الدولية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، مشيرة إلى أن هناك حاجة ماسة لتوفير 20 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لبدء عملية الإعمار.
وأوضح الممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشعب الفلسطيني، جاكو سيلييرس، في مؤتمر صحفي من القدس اليوم الثلاثاء، أن حجم الدمار في غزة “هائل ومروع”، مشيراً إلى أن آلاف العائلات ما زالت تنبش الركام بحثاً عن مقتنياتها، بينما يبحث الأطفال عن الماء والطعام بدلاً من العودة إلى مدارسهم. وأضاف أن “صمود سكان غزة وتصميمهم على إعادة الإعمار رغم المأساة أمر مذهل”.
وأشار سيلييرس إلى أن البرنامج تمكن حتى الآن من إزالة نحو 81 ألف طن من الركام، وإعادة استخدام 13 ألف طن منها في رصف الطرق وتحسين الملاجئ المؤقتة. وأكد ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار الذي أتاح لآلاف الفلسطينيين العودة من جنوب القطاع إلى شماله، موضحاً أن الالتزام بالهدنة ضروري للاستقرار والتعافي على المدى الطويل.
وفي ما يتعلق بالوضع الصحي، أكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق ياساريفيتش، أن الضغط على المستشفيات ما زال شديداً، داعياً إلى زيادة الإمدادات الطبية وتوسيع عمليات الإجلاء الصحي.
وقال إن نحو 15,600 شخص، من بينهم 3,800 طفل، بحاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي خارج غزة، وطالب المزيد من الدول بفتح أبوابها لاستقبال المرضى، إضافة إلى إعادة فتح مسارات الإجلاء إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وشدد ياساريفيتش على ضرورة عدم إهمال الصحة النفسية، قائلاً إن أكثر من مليون شخص في غزة يحتاجون إلى دعم نفسي عاجل في ظل تضاعف معاناة السكان، لافتاً إلى وجود 42 ألف مصاب بإعاقات جسدية دائمة، ربعهم من الأطفال، فضلاً عن أكثر من خمسة آلاف شخص فقدوا أطرافهم منذ أكتوبر 2023. كما أشار إلى وفاة 500 شخص هذا العام نتيجة سوء التغذية، داعياً إلى توسيع نطاق فحص التغذية ومراقبة الأمراض.
من جانبه، أشار المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كريستيان كاردون، إلى دور اللجنة في تبادل الأسرى والرهائن، موضحاً أنه تم أمس تسليم 20 رهينة إلى السلطات الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح 1809 معتقلين فلسطينيين من أحد السجون الإسرائيلية، حيث أُعيد بعضهم إلى غزة والبعض الآخر إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأضاف أن اللجنة تسلمت أيضاً رفات أربعة رهائن متوفين وسلمتهم للسلطات الإسرائيلية، مؤكداً أن عملية التعامل مع الرفات “حساسة للغاية وتتطلب أقصى درجات الاحترام والكرامة الإنسانية”.
وبحسب اللجنة الدولية، فإن إجمالي من أُطلق سراحهم منذ أكتوبر 2023 بلغ 172 رهينة و3473 معتقلاً فلسطينياً.
وأوضح كاردون أن اللجنة لم تتمكن من الوصول إلى جميع المعتقلين الفلسطينيين خلال العامين الماضيين رغم مطالباتها المتكررة، لكنها أجرت مقابلات طبية وإنسانية مع من أُفرج عنهم مؤخراً، لضمان معاملتهم وفق المعايير الإنسانية.
وأكد كاردون أن اللجنة ستواصل توفير المستلزمات الضرورية للتعامل مع الرفات، بما في ذلك أكياس الجثامين والمركبات المبردة، لضمان حفظ الكرامة الإنسانية وتسهيل تحديد هوية الضحايا ومساعدة العائلات في معرفة مصير أحبائها المفقودين.
الوسومالدولة الفلسطينية قطاع غزة