تعيد بيروت عبر متحف سرسق، فتح نوافذ الضوء على قرن من الإبداع النسائي العربي في معرض استثنائي بعنوان "ديفا.. من أم كلثوم إلى داليدا"، حيث تتحول الجدران إلى مرايا للزمن، وتصبح الفساتين والأنغام شواهد على دور النساء في تشكيل وجدان أمة بأكملها.

المعرض الذي انطلق أمس الجمعة ووصل إلى العاصمة اللبنانية بعد محطات في باريس وأمستردام وعمّان، هو أكثر من استعادة لأسماء لامعة مثل أم كلثوم، أسمهان، فيروز، صباح، سعاد حسني، داليدا، وردة، وغيرهن.

إنه قراءة بصرية وصوتية في تحولات صورة المرأة العربية، من كائن حالم يُغنّى له، إلى صانعة وعي جماعي وثقافة وهوية سياسية وجمالية.

في صالات المتحف، تمتزج الذاكرة الفنية بالحنين. من زاوية تتهادى أنغام "أنت عمري"، وفي أخرى ترتفع فيروز بهدوئها لتقول "بحبك يا لبنان"، فيما تستعيد الزائرة أمام فستان صباح جرأة تلك المرحلة التي مزجت بين الأناقة والتحرر.

لكن المعرض لا يكتفي بعرض الأزياء والأغاني، بل يسائل التاريخ نفسه: كيف تحولت هؤلاء الفنانات إلى رموز للتحرر القومي والنسوي معًا؟ وكيف عبّرن، بأصواتهن وإطلالاتهن، عن تحولات الحداثة العربية بين الاستعمار والاستقلال، بين الذكورة والأنوثة، بين الشرق والغرب؟

في إحدى لوحات المعرض نقرأ فكرة المنظمين: أن هذا التكريم لا يستحضر الماضي فقط، بل يعيد بناء "ذاكرة الفن العربي بوصفها ذاكرة للمقاومة الثقافية"، حيث كانت كل أغنية ومسرحية وإطلالة شكلًا من أشكال الوجود في مواجهة القهر والتهميش.

تقول مديرة المتحف كارينا الحلو في تصريحات صحفية: "بعد كل ما مرّ به لبنان، كان لا بدّ أن نحتفل بالحياة، بالمسرح، بالنور.. هذا المعرض ليس مجرد حنين، بل هو فعل مقاومة ثقافية ضد الخراب".

وهكذا، يتجاوز المعرض حدوده البصرية ليصبح مشهداً نقدياً في تاريخ الجمال العربي، حيث تظهر "الديفا" (لفظ من المعجم الإيطالي يرتبط بالآلهة) لا كصورة أنثوية متألقة فحسب، بل كرمزٍ لمجتمعٍ حاول أن يعيد تعريف نفسه من خلال الفن.

بيروت، المدينة التي كانت مسرحًا لصعود تلك الأصوات، تبدو اليوم وهي تحتفي بهن كمن تستعيد نبضها عبر ذاكرة المغنيات؛ ذاكرة تقول إن الفن، في لحظات الانهيار، هو ما يُبقي الشرق حيًّا.

ويستمر المعرض في متحف سرسق حتى 11 كانون الثاني/يناير 2026، كجسر بين الماضي والحاضر، وبين ما غنّته الديفات للعروبة والحرية، وما تحاول بيروت أن تغنّيه اليوم للحياة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير أخبار ثقافية تقارير معرض اللبنانية لبنان فن معرض دلالات تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

معرض فني لطلاب طب قصر العيني في إطار احتفالات أكتوبر (صور)

نظّم طلاب كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة معرضاً فنياً ومشغولات يدوية من ابتكاراتهم، في إطار الاحتفالات بانتصارات أكتوبر المجيدة. 

يوم علمي عن مخاطر المبيدات في كلية طب قصر العيني

وعبّر طلاب قصر العيني من خلالها عن روح الانتماء والوطنية، وجسّدوا قيم الإبداع التي تجمع بين الفن والعلم.

أُقيم المعرض تحت رعاية الدكتور حسام صلاح مراد، عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة القاهرة، وبإشراف الدكتورة حنان مبارك، وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب، وبالتعاون مع اتحاد طلاب الكلية، وإشراف إدارة رعاية الشباب.

تضمّن المعرض لوحات فنية ومجسمات ومشغولات يدوية أبدعها الطلاب بأفكار مبتكرة عكست روح أكتوبر وما تمثله من قيم التضحية والعطاء، وشهد إقبالاً من طلاب الكلية وأعضاء هيئة التدريس الذين أشادوا بمستوى الأعمال المعروضة.

وأشاد  الدكتور حسام صلاح بمشاركة طلاب الكلية، مشيراً إلى أن “المعرض يعكس الوجه الإنساني والإبداعي لطلاب قصر العيني، الذين يجمعون بين التفوق العلمي والقدرة على التعبير الفني، ليبرهنوا أن الطبيب القصرعيني ليس فقط علماً في مهنته، بل أيضاً فناناً في رؤيته وإحساسه.”

مقالات مشابهة

  • معرض فني لطلاب طب قصر العيني في إطار احتفالات أكتوبر (صور)
  • «الشارقة للفنون» تنظم معرض «من أرض ومياه»
  • في القلب.. تجربة بصرية تستعيد أثر صنع الله إبراهيم داخل عالم الكوميكس (غدا)
  • دار البدع تشارك بإصدارات متنوعة في معرض كتارا للكتاب
  • آمال ماهر تتألق في افتتاح مهرجان الموسيقى العربية بمصاحبة فرقة موسيقية كبيرة و تغني أغاني أم كلثوم
  • مهرجان الجونة 2025.. حنان مطاوع تسحب البساط من نجمات الفن بأناقتها
  • «طرق دبي» تفتتح معرض «يوم الوثيقة العربية»
  • أورنچ: دعم معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" يعزز الحوار بين الإبداع والتكنولوجيا
  • معرض «من أرضٍ ومياه» ينطلق بعد غدٍ في كلباء