سعر المتر يبدأ ب ٢٠٠ جنيه.. والمقاولون يتلاعبون بالتوريدات وخسائر الدولة بالملايين
وراء كل عقار يُهدم حكاية أكبر من مجرد أنقاض تُرفع من الشوارع.. فمخلفات البناء والهدم تحولت إلى «بيزنس» سرى يدر الملايين على المقاولين وبعض مسؤولى الأحياء.
السنوات القليلة الماضية شهدت توسيع العديد من الشوارع والميادين العامة بهدف تسيير حركة المواطنين. تم هدم العديد من المنازل تارة بهدف توسعة الشارع كما حدث فى شارع ترسا بمحافظة الجيزة وتارة أخرى بسبب إقامة كبارى كما حدث عند إقامة محور الفريق كمال عامر فى ذات المحافظة وفى بعض الأحيان بغرض التطوير كما حدث فى مثلث ماسبيرو فى محافظة للقاهرة..لم يقتصر هذا الأمر على حى بعينه بل امتد للعديد من الأحياء فى نطاق القاهرة الكبرى ومحافظات أخرى.
والسؤال أين تذهب مخلفات البناء؟ من طوب وحديد وأخشاب وكيف يتم البيع؟ وفى حالة البيع من يتولى تقييم السعر؟ إذا كان الحى أو المحافظة تتولى تكاليف الهدم، فمن يقوم بتحصيل تكاليف بيع الأنقاض؟ وما شروط التعاقد مع المقاولين؟
وفقاً للقانون فإن التعاقد مع المقاولين لا يتم إلا بعد موافقة الأجهزة الرقابية، وتقدير قيمة الأنقاض يتم وفق أسعار السوق الفعلية، من خلال مناقصة علنية يشارك فيها المقاولون، ويتم اختيار العرض الأقل سعراً والأكثر التزاماً بالمعايير الفنية والقانونية.
«الوفد» تفتح الملف المسكوت عنه.. أين تذهب حصيلة مخلفات البناء التى تصل إلى ملايين الجنيهات؟ خاصة أن مخلفات البناء تعتبر حرزا رسميا يتم تسليمه لمخازن الأحياء تحت إشراف شرطة المرافق، وأى خلل فى هذه المنظومة يتيح سرقة كميات كبيرة من الحديد والأخشاب والتى تقدرها قيمتها بملايين الجنيهات.
فى الوقت الذى تؤكد فيه الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة أن العمل يجرى وفق منظومة دقيقة تضمن الرقابة الكاملة على المال العام، نجد أن ملف الإزالات، بات ساحة صراع بين المقاولين وجهات التنفيذ، وسط مطالبات بتشديد الرقابة على حركة الأنقاض ومخلفات البناء لضمان الشفافية ومنع أى تلاعب فى مقدرات الدولة.
قال أحمد محمدى، رئيس حى الزاوية الحمراء، فى تصريح خاص لـ«الوفد» إن الدولة تسير فى اتجاه واضح نحو ترشيد الإنفاق العام، موضحاً أن مقاولى الإزالات لا يحصلون على أموال نقدية، بل يحصلون على الأنقاض الناتجة عن أعمال الإزالة وفقاً لكراسة الشروط التى تحدد أسعار المواد القابلة للبيع مثل الحديد والخشب.
وأضاف «محمدى» أن عملية الإزالة تتم وفق نظام دقيق يخضع للرقابة الكاملة من الجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة المالية، مشيراً إلى أن كل عملية إزالة تحاسب بشكل منفصل فى حينها، مع إعداد مستخلص لكل حالة على حدة، منعاً لتراكم الأعمال أو تضارب الحسابات.
وأكد رئيس الحى أن التعاقد مع المقاولين لا يتم إلا بعد موافقة الأجهزة الرقابية، وأن تقدير قيمة الأنقاض يتم وفق أسعار السوق الفعلية، من خلال مناقصة علنية يشارك فيها المقاولون، ويتم اختيار العرض الأقل سعراً والأكثر التزاماً بالمعايير الفنية والقانونية، موضحاً أن الدولة تحرص على إدارة المال العام بكفاءة وعدالة دون إهدار أو مجاملة.
من جانبه أكد المهندس سامى صادق، أحد مقاولى أعمال الإزالات، فى تصريح خاص لـ«الوفد» أن الجهاز المركزى للمحاسبات كشف عن مخالفات مالية جسيمة قام بها أحد المقاولين المسئولين عن رفع مخلفات البناء - الوفد تحتفظ باسمه منها للتشهير - شملت نهب كميات حديد، وتحرير مستخلصات وهمية، وكارتات حديد منقوصة، إضافة إلى صرف مبالغ مالية دون وجه حق تجاوزت قيمتها 7 ملايين جنيه، تخص مركز ومدينة كرداسة، الذى يطالبه حتى الآن برد هذه المبالغ.
وأوضح «صادق» أن المقاول المذكور يحاول حالياً العمل داخل محافظة القاهرة رغم ثبوت مخالفاته فى الجيزة، حيث تلاعب بأسعار الإزالات التى يبلغ سعر المتر فيها 200 جنيه، مضيفاً أن المقاول كان يضيف جنيهاً أو خمسة جنيهات على المتر للاطاحة بكافة المقاولين من المناقصة، ويتفق ليلاً مع بعض المخالفين لتسوية أوضاعهم بشكل غير قانونى.
وأضاف صادق أن الأنقاض الناتجة عن الإزالات من المفترض أن تسلّم إلى مخازن الأحياء، ليجرى بعدها إعداد مستخلص رسمى يحدد الكميات والمقابل المالى، بما يضمن أمانة تسليم مخصصات الدولة، وأكد أن رئيس الحى يجب أن يشكل لجنة لحصر الأعمال وتسليم المستخلصات، إلا أن هذا الإجراء غالباً لا ينفذ، ما يفتح الباب أمام نهب المال العام والتلاعب فى أوزان الأنقاض.
وأشار إلى أن نسبة 40% من المخلفات لا تخصم فعلياً من المستخلصات، ولا يتم رفعها من مواقع الإزالات، لافتا إلى أن الأنقاض تعتبر حرزا رسمياً يتم تسليمه لمخازن الأحياء تحت إشراف شرطة المرافق، وأن أى خلل فى هذه المنظومة تتيح سرقة كميات كبيرة من الحديد والاخشاب والمخلفات. وشدد على ضرورة وجود عضو مالى أو مندوب من إدارة الإزالات أثناء تسلم الأنقاض من المقاول لتسليمها فوراً إلى المخزن، حفاظاً على المال العام ومنع أى تلاعب فى المستخلصات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محافظة الجيزة نطاق القاهرة الكبرى
إقرأ أيضاً:
فيضانات وموت تحت الأنقاض: فصل جديد من الكارثة الإنسانية يضرب مخيمات غزة (تفاصيل)
يعيش قطاع غزة اليوم، كارثة إنسانية غير مسبوقة مع اشتداد الأمطار جراء المنخفض الجوي العميق، بالتزامن مع استمرار الإبادة الجماعية والحصار والتجويع للعام الثالث على التوالي، حيث يعيش أكثر من مليون ونصف نازح قسريًا في خيام مهترئة ومساكن مدمرة، معرضين لتهديد مباشر على حياتهم مع دخول فصل الشتاء، تفاقمت المأساة الإنسانية بفعل المنخفضات الجوية، التي أدت إلى غرق آلاف الخيام والمساكن، وأسفرت أمس عن وفاة 13 مواطنًا، من بينهم ثلاثة أطفال، نتيجة انهيار المنازل المدمرة وغرق الخيام، إلى جانب استشهاد 4 وإصابة 10 آخرين نتيجة استهداف الاحتلال. ويصل عدد ضحايا الإبادة منذ أكتوبر 2023 إلى 70373 شهيدًا، وعشرات الآلاف من المفقودين، و171079 إصابة.
وأكد الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، أن نحو 850 ألف نازح في أكثر من 760 موقع نزوح - أي ما يعادل 40% من سكان القطاع - يواجهون خطر الفيضانات المباشر، بعد أن غمرت المياه أو غرقت أكثر من 27 ألف خيمة، ما ترك سكانها بلا مأوى. وحذر من مخاطر تداخل مياه الأمطار مع مياه الصرف الصحي، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة، ويفاقم مأساة السكان، خصوصًا الأطفال وحديثي الولادة وكبار السن، الذين يواجهون البرد القارس دون مأوى أو تدفئة أو ملابس مناسبة.
وأشاد «عبد العاطي» بدور الطواقم الطبية والدفاع المدني، مشيرا إلى أنها تعمل بإمكانات محدودة للاستجابة لآلاف نداءات الاستغاثة، في ظل مواصلة الاحتلال عرقلة ومنع إدخال الخيام والمنازل المؤقتة والمعدات الثقيلة ومضخات المياه والمستلزمات الشتوية ومواد الإغاثة والإعمار والوقود من تداعيات الكارثة الإنسانية، ويحوّل المخيمات إلى ساحات موت يومية.
وأكد عبد العاطي أن ما يجري اليوم يشكل فصلًا جديدًا من الإبادة الجماعية، عبر مختلف الأدوات التي تشمل القتل الحصار والتجويع وترك المدنيين تحت وطأة الطقس القاسي، هذه السياسات والجرائم التي يتحمل المسؤولية الكاملة عنها دولة الاحتلال الإسرائيلي تشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، كما أن العجز الدولي عن وقف الكارثة الإنسانية، الذي تفاقم مع دخول المنخفض الجوي، يعكس فشلًا أخلاقيًا وانهيارًا كاملًا لمنظومة القوانين والقيم الدولية، ويشكل تواطؤًا يشرّع استمرار حرب الإبادة، حيث يترك المدنيين بلا حماية أمام تهديدات الموت اليومي.
وشدد عبد العاطي على الحاجة لتدخل دولي عاجل وجاد لإنقاذ سكان غزة قبل فوات الأوان، فكل ساعة تمر تزيد حجم الكارثة، مطالبا المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية وأحرار العالم بالضغط والتدخل العاجل من اجل إلزام الاحتلال بإدخال جميع احتياجات القطاع، بما في ذلك خيام مقاومة للمياه والعواصف وكرافانات عاجلة، تضمن الحد الأدنى من الحماية والكرامة الإنسانية، وفتح جميع المعابر بشكل كامل ودون قيود لإدخال الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية، وتوفير حماية دولية فعّالة للمدنيين ووقف استهداف مراكز الإيواء، وتمكين المؤسسات الإنسانية، وخاصة الأونروا، من العمل دون قيود، مع تحرك أممي عاجل لوقف الإبادة الجماعية وبدء عملية استجابة إنسانية عاجلة لإنقاذ حياة السكان.
اقرأ أيضاًأكثر من 250 ألف نازح بسبب الأمطار.. بلدية غزة: الأوضاع كارثية (عاجل)
وزير الخارجية يبحث مع «جوتيريش» جهود دعم مسار التهدئة وتثبيت وقف اطلاق النار فى غزة
مستشار الرئيس الفلسطيني: قبلنا خطة ترامب لوقف الإبادة الجماعية في غزة