تشهد مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور تصعيدًا عسكريًا متجددًا بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث اندلعت معارك عنيفة بين الجانبين، تزامنًا مع إعلان “الدعم السريع” السيطرة على مدينة بارا بولاية شمال كردفان، في وقتٍ لم تُؤكَّد فيه هذه المزاعم من مصادر مستقلة،..

التغيير: الخرطوم

تجدّدت، اليوم السبت، المواجهات البرية العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالتزامن مع معارك أخرى في ولاية شمال كردفان، في أحدث جولات الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين الطرفين.

وأفادت مصادر محلية بأن الاشتباكات تركزت في المحاور الشمالي والشمالي الغربي والجنوبي من مدينة الفاشر، واستخدمت فيها الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة، فيما بث عناصر من الجيش مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تحدثوا فيها عن تصديهم لهجمات قوات الدعم السريع داخل المدينة.

وفي المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع، على لسان مستشار قائدها الباشا طبيق، سيطرتها على مدينة بارا الاستراتيجية بولاية شمال كردفان، مضيفًا أن قواته “تطارد القوات التابعة للجيش ومناصريه حتى تخوم مدينة الأبيض”، وفق منشور على صفحته في “فيسبوك”.

كما تداولت حسابات تابعة للدعم السريع مقاطع فيديو قالت إنها تُظهر سيطرتها على قصر السلطان علي دينار وعدد من المباني السيادية قرب قيادة الفرقة السادسة مشاة في الفاشر.

وتُعدّ مدينة الفاشر آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، ويعيش فيها أكثر من 250 ألف مدني — نصفهم من الأطفال — تحت حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من 16 شهرًا، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي حذّرت الجمعة من أن المدينة “على شفا مجاعة” بعد انهيار المرافق الصحية ونفاد الغذاء والدواء، ما يعرّض آلاف الأطفال لخطر الموت نتيجة سوء التغذية الحاد.

ويُذكر أن الجيش كان قد أعلن الخميس تصديه لهجوم واسع شنّته قوات الدعم السريع على المدينة عبر خمسة محاور، بمشاركة “مرتزقة من عدة دول”، حسب وصفه.

أما في ولاية شمال كردفان، فقد أكدت مصادر محلية أن القتال في محيط مدينة بارا أدّى إلى نزوح جديد للأهالي وسط انقطاع الطرق المؤدية إلى الأبيض، في حين لم يصدر حتى صباح السبت أي بيان رسمي من الجيش أو الدعم السريع بشأن نتائج المعارك.

وتقترب الحرب بين الجيش والدعم السريع من عامها الثالث، وقد أسفرت حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 14 مليون شخص داخل السودان وخارجه — أي نحو ثلث السكان — وفق تقارير أممية ومحلية، فيما قدّرت دراسة صادرة عن عدد من الجامعات الأمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.

الوسومالفاشر بارا حرب الجيش والدعم السريع دارفور شمال كردفان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الفاشر بارا حرب الجيش والدعم السريع دارفور شمال كردفان قوات الدعم السریع مدینة الفاشر شمال کردفان

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: الدعم السريع تحتجز آلاف الرهائن وتقتل مَن لا يدفع فدية

استعرضت صحيفة واشنطن بوست شهادات لبعض الناجين ذكروا فيها أن مقاتلي قوات الدعم السريع قاموا باعتقال جماعي للمدنيين في مدينة الفاشر بالسودان مع تعريضهم للتعذيب وابتزاز عائلاتهم للحصول على المال.

وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم كاثرين هوريلد وحافظ هارون- بأن شهادات الناجين ومنظمات حقوقية أشارت إلى ارتكاب قوات الدعم السريع انتهاكات واسعة النطاق عقب سيطرتها على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تمثلت في خطف جماعي للمدنيين واحتجازهم مقابل فدى مالية، مع تنفيذ إعدامات فورية بحق الذين يعجزون عن الدفع، وأحيانا أمام أفراد من أسرهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلاlist 2 of 2"إسرائيل مسؤولة".. هآرتس: المياه أغرقت خيام غزة والأوضاع تنذر بالخطرend of list

ووفق هذه الروايات، تعرّض المحتجزون للتعذيب والتجويع والإذلال، وأُجبروا تحت تهديد السلاح على الاتصال بذويهم للمطالبة بمبالغ مالية كبيرة مقابل الإفراج عنهم، كما نقلت الصحيفة الأميركية.

وتفاقمت هذه الانتهاكات بعد حصار طويل للمدينة استمر نحو عام ونصف -حسب الصحيفة- ومع انسحاب الجيش السوداني أواخر أكتوبر/تشرين الأول، نفذت قوات الدعم السريع حملات اعتقال واسعة شملت رجالا ونساءً وأطفالا.

فرار أكثر من 187 ألف مدني من مواقع القتال بالفاشر (المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بالسودان)منظومة ابتزاز

ومع أنه يصعب تحديد الحجم الحقيقي للجرائم بسبب انقطاع الاتصالات -كما تقول الصحيفة- فإن الشهادات المتوفرة تصف مشاهد مروعة من دهس مدنيين بمركبات مدرعة، وإعدامات جماعية مصورة، إلى ترك أطفال يتامى تائهين في الصحراء.

وتأتي هذه الأحداث في سياق حرب مستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، صنفتها الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، أدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، مع مقتل أعداد هائلة من المدنيين.

ويعتقد ناثانيال ريموند، مدير مختبر البحوث الإنسانية في كلية ييل للصحة العامة، أن عشرات الآلاف قُتلوا بالفعل على يد قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر وحدها، مشيرا إلى أن مختبره سوف يصدر تقريرا الأسبوع المقبل يوثّق ما لا يقل عن 140 موقعا لتكدس الجثث، ويرصد جهودا واسعة النطاق لإخفاء أدلة المذابح.

إعلان

وقد كشفت التقارير عن وجود منظومة ابتزاز منظمة داخل مراكز احتجاز -كما تقول الصحيفة- خاصة في مدينة نيالا، حيث يحتجز آلاف المدنيين في ظروف قاسية، ولا يُفرج عنهم إلا بعد دفع فدى عبر تحويلات مالية، في حين أدت عمليات التعذيب وسوء الأوضاع الصحية إلى وفيات متكررة.

وأكدت منظمات طبية وحقوقية احتجاز أطباء وسياسيين وإعلاميين ضمن الضحايا، وقال عامل طبي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، إنه بقي في مدينة الفاشر طوال فترة الحصار، وعندما اجتاح المقاتلون المدينة، فر مع مجموعة تضم نحو 100 شخص، لكنهم أُسروا سريعا، وأُعدم نحو 30 منهم في المكان عينه.

الشهادات المتوفرة تصف مشاهد مروعة من دهس مدنيين بمركبات مدرعة وإعدامات جماعية مصورة إلى ترك أطفال يتامى تائهين في الصحراء

محتجزون تحت تهديد السلاح

وقال العامل إن الناجين نقلوا في قافلة إلى مدينة كتم، وأضاف: "أنزلونا في منزل مهجور وأمرونا بالاتصال بعائلاتنا. قالوا لي عليك إقناعهم بدفع 50 مليون جنيه سوداني، وإلا سنعدمك فورا".

اتصل العامل الطبي -حسب الصحيفة- بأصدقائه لأنه يعلم أن عائلته لا تملك هذا المبلغ، وتمكّن أصدقاؤه من تخفيض الفدية إلى 15 مليون جنيه سوداني (نحو 25 ألف دولار)، وحُوّلت الفدية وأُطلق سراحه.

وقال هذا العامل إن الحراس يشجعون على القتل العشوائي، وإنه سمع أحدهم يقول: "يجب أن تقتلوا نصفهم للضغط على البقية كي يدفعوا". وقال شاهد آخر إن نحو 150 شخصا غادروا الفاشر معه لم يبقَ منهم سوى 30، بعد أن قتلت قوات الدعم السريع الباقين على الحواجز وفي القصف وبالدهس.

وعلى الصعيد السياسي، سلّطت الفظائع الضوء على التنافس الإقليمي حول السودان، وسط اتهامات بدعم أطراف في النزاع، في وقت لم تفلح فيه العقوبات الدولية في وقف العنف.

وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، لا يزال آلاف المدنيين محتجزين تحت تهديد السلاح، مما يعكس عمق المأساة الإنسانية واتساعها في دارفور والسودان عموما.

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع يسمح بدخول مساعدات محدودة إلى الفاشر وسط تفشي المجاعة
  • فرض عقوبات على قادة الدعم السريع السوداني
  • مصرع مواطن سوداني بنيران الدعم السريع في كردفان
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • واشنطن بوست: الدعم السريع تحتجز آلاف الرهائن وتقتل مَن لا يدفع فدية
  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • عقوبات بريطانية على قادة بالدعم السريع بينهم «دقلو»
  • المملكة المتحدة تعلن فرض عقوبات على كبار قيادات قوات الدعم السريع
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • جيش جنوب السودان يحمي حقل هجليج واشتباكات في كردفان