اعتداءات المستوطنين تعطل موسم قطاف الزيتون
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
ترمسعيا (الاراضي الفلسطينية"أ ف ب": انتشر مشهد في ساعات قليلة على شبكات التواصل الاجتماعي، يظهر فيه شاب ملثّم يضرب بعصا فلسطينية تقطف الزيتون في الضفة الغربية المحتلة، ويواصل ضربها بعد سقوطها أرضا.
وقعت الحادثة مؤخرا في ترمسعيا قرب رام الله، البلدة التي شكلت هذه السنة بؤرة العنف المتزايد من جانب المستوطنين الإسرائيليين ضد سكان الضفة الغربية المحتلة منذ العام 1967.
يقول ياسر علقم، الموظف في بلدية ترمسعيا الذي كان موجودا في الموقع، إنّ "الجميع كانوا يهربون لأن المستوطنين هجموا فجأة، ربما كان هناك مئة منهم"، مضيفا أنّ متطوعا سويديا أصيب أيضا بكسر في ذراعه وساقه.
من جانبه، يقول نائل القوق وهو مزارع من ترمسعيا، إنّ "الرد لن يؤدي سوى إلى تأجيج العنف الذي يحظى ببعض الأحيان بدعم من الجيش".
ويوضح علقم أنّ أم صلاح أبو عليا (55 عاما) التي تعرّضت للاعتداء، كانت تنتظر ابنها لمغادرة الحقل.
في مكان غير بعيد عن موقع الهجوم، يظهر علم إسرائيلي مرفوع فوق مستوطنة قيد الإنشاء.
- تكاثر المستوطنات -
ووصل الجيش الإسرائيلي إلى المكان وأطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد.
وكان العديد من الشباب المهاجمين ملثمين، كما كان واحد منهم على الأقل وهو الشاب الذي اعتدى على المزارعة، يرتدي الملابس التقليدية لليهود الملتزمين دينيا.
وأمر رئيس الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية موشي بينشي عناصره بالعثور على المعتدي، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.
وزعم الجيش الإسرائيلي بأنّه "يعمل بالتنسيق مع الشرطة الإسرائيلية لفرض تطبيق القانون بشأن الإسرائيليين المتورّطين" في مثل هذه الأعمال.
وشاهد صحافيون برس ستة حوادث منفصلة على الأقل، حيث تمّ منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، أو تعرضوا لهجوم من قبل مستوطنين أو تكبدوا أضرارا خلال موسم القطاف في العام 2025.
ويتزامن تصاعد العنف هذه السنة مع توسع المستوطنات الإسرائيلية في مناطق مهدّدة بالضم من قبل شريحة من الطبقة السياسية الإسرائيلية.
في بلدة المغير، يندد عبد اللطيف أبو عليا (55 عاما) بتدمير بستانه من أشجار الزيتون، بأمر من الجيش بعد إصابة إسرائيلي خلال مشاجرة قرب منزله.
ويقول "أملك عشر دنمات (هكتارات) من أشجار الزيتون، لكن لم يتبقَ لي سوى تلك الموجودة في حديقتي. لقد اقتلعوا كل شيء".
وبينما باتت أرضه جرداء، تظهر على أطرافها ثلاثة منازل نقالة تشير إلى البدء بإنشاء بؤرة استيطانية جديدة. وتعتبر هذه المستوطنات الناشئة غير قانونية بموجب القانون الدولي وبحسب السلطات الإسرائيلية.
ويقول وزير الزراعة الفلسطيني رزق سليمية إنّ "هذا أسوأ موسم (قطاف زيتون) منذ ستين عاما"، لا سيما وأن إنتاج الزيتون الذي يعتبرمن أهم صادرات الضفة الغربية، تأثر هذه السنة أيضا بسوء الأحوال الجوية.
وفي مواجهة النطاق غير المسبوق من الهجمات، دعا المجتمع الدولي إلى حماية المزارعين.
- إفلات من العقاب -
وثقت منظمات غير حكومية العديد من الهجمات التي نفذها مستوطنون إسرائيليون ضدّ مدنيين فلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يعيش أكثر من نصف مليون إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وندد مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة أجيت سانغاي بـ"هجمات خطيرة"، معربا عن أسفه لـ"مستويات خطيرة من الإفلات من العقاب" لمرتكبيها.
من جانبه، أحصى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) تعرّض 27 قرية في الضفة الغربية لهجمات مرتبطة بموسم القطاف خلال الأسبوع الممتد من السابع إلى 13 أكتوبر وحده.
وقال المكتب إنّ "الحوادث شملت هجمات ضدّ جامعي الزيتون، وسرقة محاصيل ومعدات، وأعمال تخريب طالت أشجار الزيتون، ما أسفر عن جرحى أو أضرار مادية أو كليهما".
وتوجد في الضفة الغربية أكثر من ثمانية ملايين شجرة زيتون لحوالى ثلاثة ملايين نسمة، وفقا للتعداد الزراعي للعام 2021.
ورغم أنّ مواسم القطاف شهدت في السنوات الأخيرة هجمات وأعمال عنف متزايدة شملت مستوطنين إسرائيليين وجنود ومزارعين فلسطينيين ومتطوعين أجانب، إلا أنّها تشكّل تقليديا فترة طيبة في حياة الفلسطينيين تجمع المزارعين وكذلك سكان المدن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يرفض تحديد سقف زمني لعملياته بالضفة.. ويقر بعنف المستوطنين
نقلت شبكة "بي بي سي" عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن الاحتلال يتبنّى في الوقت الحاضر "استراتيجية جديدة" في الضفة الغربية كما وصفها، تقوم على استهداف قدرات المسلحين الفلسطينيين الموجودين هناك، قبل أن تتشكّل لديهم نية لتنفيذ هجمات، بحسب تعبيره.
ويأتي ذلك في ظل ارتفاع ملحوظ في وتيرة التحركات الأمنية والعسكرية لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة خلال الأسابيع والأشهر الماضية، والتي يُرجّح أن تستمر، ولا سيما مع مزاعم اكتشاف الجيش أسلحة في مناطق مختلفة هناك بشكل شبه يومي، على حد قوله.
المسؤول العسكري قال إن مناطق مثل طوباس وطولكرم وجنين تُشكل، وفق تقييمه، تعد "بؤراً مركزية" للنشاط المسلح ، وهو ما يبرر شن عمليات بشكل "استباقي"، مشيرًا إلى اعتقال أعداد كبيرة ممن وصفهم بالمطلوبين، إلى جانب فرار آخرين باتجاه ما سمّاها المناطق المفتوحة "بعد انهيار مراكز نفوذهم داخل المخيمات"، وتابع المسؤول الإسرائيلي الذي رفض الكشف عن اسمه في إحاطة مع الـ"بي بي سي" نيوز عربي بالقول إن الجيش "غير مستعد لإنهاء العمليات قريبًا.
وتقول مصادر عسكرية إسرائيلية لـ"بي بي سي" إن الضفة الغربية شهدت في عام 2023 مستوى مرتفعًا من العمليات، شمل إطلاق نار وعمليات طعن ودهس، حيث سُجّل نحو 870 هجومًا خلال العام، وهو من أعلى المعدلات في السنوات الأخيرة.
ما سر توقيت إطلاق الاحتلال عمليته في طوباس وطمون؟
ورغم الإعلان عن انتهاء العملية العسكرية في طوباس وطمون، إلا أن الجيش لا يزال ينفّذ عمليات في مناطق أخرى، ويقول إنه يواصل محاولاته للعثور على أسلحة في مدينتَيْ جنين وطولكرم، حيث بدأت إسرائيل عملية عسكرية واسعة مطلع عام 2025 إلى جانب مناطق أخرى في الضفة الغربية.
وتابع المسؤول العسكري الإسرائيلي قائلًا إن: "إمكانية التصعيد الواسع لا تزال قائمة، خصوصًا مع ارتفاع مستوى ما وصفه بـ"الاحتكاك والاشتباك اليومي"، موضحًا أن الجيش "غير مستعد للسماح بظهور بؤر تسلح جديدة"، ما يعني أن العمليات التي توصف في بعض التقارير بـ"الاستباقية" لن تتوقف قريبًا.
كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن نهاية الشهر الماضي، تنفيذ عملية عسكرية في مناطق بشمال الضفة الغربية هي الأكبر منذ سنوات تحديداً في طوباس وطمون، أما عن سبب اختيار التوقيت الحالي لتنفيذ هذه العملية، رغم قوله إن سببها يعود إلى تحركات شرع فيها المسلحون منذ بداية العام الجاري، فأجاب المسؤول الإسرائيلي بأن هذا النوع من العمل العسكري يحتاج وقتًا طويلًا للتخطيط وجمع المعلومات.
تبرير عنف المستوطنين
وخلال الإحاطة، سألت الـ"بي بي سي" المسؤول العسكري الإسرائيلي عن أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون في الضفة الغربية، حيث أجاب زاعمًا: "الجيش لا يميّز بين الخارجين عن القانون، سواء كانوا يهودًا أم فلسطينيين"، لكنه أقرّ بأن حجم الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون أصبح أكبر من أي وقت مضى، موضحًا أن وجود "نحو 500 ألف مستوطن مقابل 2.5 مليون فلسطيني" يخلق بيئة "قد تؤدي إلى انفجار كبير إذا لم يتم ضبط الوضع"، من دون توضيح الأساليب التي يمكن أن تُعتمد لذلك.
وشهدت الضفة الغربية خلال العامين الماضيين ارتفاعًا غير مسبوق في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وفق بيانات الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية. ففي عام 2023 سُجّل أكثر من 1190 اعتداءً، قبل أن يقفز العدد في عام 2024 إلى نحو 1420 هجومًا استهدف أشخاصًا وممتلكات فلسطينية، وترافق هذا التصعيد مع توسّع النشاط الاستيطاني في مناطق مختلفة من شمال الضفة الغربية وجنوبها، إضافة إلى زيادة عدد حالات تحويل التلال والأراضي الزراعية الفلسطينية إلى نقاط استيطانية جديدة.
هجمات المستوطنين.. جزء من نمط متصاعد من "العنف المنهجي"
ووفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، أدى عنف المستوطنين خلال العامين الأخيرين إلى استشهاد ما لا يقل عن 28 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 1450 آخرين، بينهم مزارعون وناشطون وصحفيون. كما تسبب في تهجير ما لا يقل عن 2800 فلسطيني من عشرات التجمعات الريفية، نتيجة الاعتداءات المباشرة أو الضغط المستمر على السكان.
تقول منظمات حقوقية دولية إن وتيرة هذه الهجمات، إلى جانب "محدودية المحاسبة القانونية" للمتورطين فيها، تجعلها جزءًا من نمط متصاعد من "العنف المنهجي" المرتبط بالتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، ويعتبر المجتمع الدولي، جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية بموجب القانون الدولي، وبالأخص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل سكان القوة المحتلة إلى الأراضي المحتلة. وقد أعلنت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعظم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، أن التوسع الاستيطاني يشكل "عقبة أساسية" أمام حل الدولتين، وتقويضاً لأي عملية سياسية مستقبلية.