مات ويتن مؤلف مسلسل «د.هاوس» يكشف أسرار الكتابة الناجحة لجمهور الشارقة للكتاب
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
قدم الكاتب والسيناريست الأمريكي الشهير مات ويتن مؤلف «د.هاوس» و«بريتي ليتل لايرز» و«لو آند أوردر»، ورشة عمل تقنية تحت عنوان: «خمس خطوات ونصف للنجاح في كتابة الحبكات»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، مستعرضا رؤى قيمة حول صناعة الدراما التلفزيونية وكيفية بناء قصص مشوقة وشخصيات حية تتفاعل مع المشاهد.
وكشف ويتن خلال الورشة، أسرار الكتابة الناجحة، بدءا من صياغة الفكرة المركزية مرورا بتطوير الشخصيات، وصولا إلى إعداد العرض التقديمي (Pitch) الذي يجذب المنتجين والجمهور على حد سواء.
استهلّ مات ويتن الورشة بدعوة الحضور إلى التفكير في مسلسلاتهم المفضلة، مؤكدا أن هذه الخطوة البسيطة تفتح الباب لفهم ما يجعل العمل الدرامي ناجحاً ومؤثراً، وانطلاقاً من هذا السؤال شرح فلسفته في الكتابة، مشدداً على أن الخطوة الأولى في بناء أي مسلسل ناجح هي صياغة فكرة مركزية واضحة يمكن التعبير عنها في جملة واحدة، قائلاً: "إذا لم تستطع تلخيص فكرتك في جملة واحدة، فهي ليست ناضجة بعد».
وأوضح ويتن أن الجملة المركزية لا بد أن تحتوي عنصر الصراع، فهو قلب الدراما وحركتها، والصراع يمكن أن يكون داخلياً في الشخصية، أو خارجياً مع شخص آخر، أو اجتماعياً مع العالم المحيط، واستشهد بأمثلة واقعية من أعمال درامية ناجحة، منها مسلسل «د.هاوس»، و «بريكنغ باد» مؤكدا أن الفكرة القوية يجب أن تتضمن هذا التوتر المزدوج: بين ما يريده البطل وما يفعله، وبين ما يقبله المجتمع وما يرفضه.
وانتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية، التي تتمثل في إعداد العرض التقديمي (Pitch) للفكرة، وهو نصّ أو عرض شفهي يقدّم جوهر العمل بطريقة موجزة وجذابة، تتراوح بين ثلاث إلى ثماني صفحات عند كتابته، أو من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة عند تقديمه أمام المنتجين أو لجان القراءة.
وشدّد ويتن على أن الكاتب الناجح هو من يخلق شخصيات فاعلة لا منفعلة، معتبراً ذلك الخطوة الثالثة في مسار الكتابة، قائلاً: «إذا كانت شخصيتك تحاول النجاة، فهذا مختلف تماماً لو كانت تقاتل من أجل النجاة، فالشخصيات السلبية التي تتلقى الأحداث دون مقاومة تفقد المشاهد اهتمامه سريعا، بينما الأبطال الذين يصنعون مصيرهم بأفعالهم هم من يُحدثون الأثر الحقيقي».
وأوصى بأن تُكتب بعد الجملة المركزية فقرة موجزة عن كل شخصية رئيسية توضّح دوافعها العميقة وتاريخها الشخصي، مشيرا إلى أن التفاصيل الصغيرة هي ما يمنح الشخصية صدقها الإنساني، فيما اعتبر الحفاظ على التطور المستمر للشخصيات عبر كل حلقة وكل موسم هي الخطوة الرابعة في البناء الدرامي.
وبين أن الخطوة الأخيرة هي التركيز على الجملة الأولى التي تلخص جوهر العمل، داعياً الكتّاب إلى أن يحتفظوا بها أمامهم طوال مراحل الكتابة، لأنها البوصلة التي تعيدهم إلى الهدف الأصلي إذا تاهوا في التفاصيل، أما ما وصفه بالنصف بعد الخطوة الخامسة، فيقصد بها المرونة الإبداعية، أي السماح للنص بالتغيّر والتطور مع تقدّم العمل دون الخضوع التام للقواعد أو الخطط المسبقة.
وأكّد ويتن أن وصف العالم الذي يجري فيه المسلسل يمثل عنصرا أساسيا في أي عرض تقديمي، خصوصا إذا كان العمل مستقبليا أو مبتكرا، فالتفاصيل الدقيقة تمنح النص مصداقية وتجذب المشاهدين، وغالباً ما يطلب المنتجون توضيح هذه البيئة منذ البداية، إلى جانب تحديد نبرة العمل (Tone) منذ البداية مع الحفاظ على إيجاز النص لتجنب فقدان انتباه الجمهور.\
كما شدّد على أن الحلقة التجريبية (Pilot Story) يجب أن تعكس تعقيدات المسلسل وتوضح الصراع المركزي وطبيعة الأحداث.
وختم حديثه بضرورة تركيز الكتّاب على كتابة نهاية مرضية تلمّح إلى القضايا الكبرى للمواسم القادمة، بما يتيح بناء السلسلة وتوسيعها كسلسلة متسلسلة (Franchise)، قائلاً: «كل مشهد في الحلقة التجريبية يجب أن يعكس جوهر العمل ويبرهن على سبب نجاحه المحتمل»، مؤكداً أهمية الثقة بالعملية الإبداعية والتمسك بالفكرة المركزية طوال مراحل الكتابة.
اقرأ أيضاًاختيار اسم أديب نوبل شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ 57
7 إصدارات مصرية تضيء القائمة القصيرة للجائزة الدولية لأدب الطفل العربي بالشارقة للكتاب
مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تختتم مشاركتها الفعّالة في فرانكفورت الدولي للكتاب وتُعزز حضورها الدولي على الساحة الفكرية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معرض الشارقة للكتاب الشارقة للكتاب مسلسل د هاوس
إقرأ أيضاً:
في جلسة حوارية بمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2025.. روائيون يؤكدون: الحكاية ذاكرة الشعوب وجسرها إلى المستقبل
الشارقة - الرؤية
أكد كتّاب وروائيون أن الحكاية تمثل ذاكرة الأمم وجسرها نحو المستقبل، مشيرين إلى أنها ليست وسيلة للترفيه فحسب، بل أداة تربط الأجيال بجذورها وتعزز حضور اللغة والثقافة في الوعي الجمعي.
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان «الحفاظ على الثقافة والتراث من خلال رواية القصص»، ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، شارك فيها كل من شازيا خان وبشاير العيسى والدكتور أحمد الخوري، حيث تناول المتحدثون دور السرد في ترسيخ القيم وتعزيز الهوية الثقافية ونقل التراث بأسلوب يجمع بين التعليم والإبداع.
استهلت الكاتبة شازيا خان حديثها بالقول إن تجربتها في كتابة قصص الأطفال انطلقت من واقع عملها في التعليم داخل بيئة متعددة الثقافات، موضحة أنها لاحظت غياب كتب باللغة الإنجليزية تعكس تفاصيل الحياة اليومية في الإمارات، وأضافت: «كنت أبحث عن قصص يرى فيها الأطفال أنفسهم، فكتبت أعمالاً تدور أحداثها في البيوت والمزارع والصحراء، وتحتفي بالعادات المحلية كالكرم واستقبال الضيوف»، مؤكدة أن القصة قادرة على جعل القراءة امتداداً للحياة لا انفصالاً عنها.
من جانبها، تحدثت الكاتبة بشاير العيسى عن تجربتها في الكتابة باللهجة الخليجية، معتبرة أن استخدامها للغة اليومية يقرّب الطفل من القصة ويعزز إحساسه بالانتماء، وقالت: «لاحظت أن أطفالي لا يتفاعلون مع القصص العربية المطبوعة لأن مفرداتها بعيدة عن لغتهم، فقررت أن أكتب باللهجة التي يسمعونها في البيت، ليتعرّفوا على لغتهم المحلية ويكتشفوا تنوع اللهجات الخليجية»، مشددة على أن القيمة التربوية للنص لا تتعارض مع اللهجة، بل تتكامل معها في بناء الهوية.
أما الكاتب الدكتور أحمد الخوري، فاستعاد محطات من ذاكرة الإمارات وتحولاتها منذ خمسينيات القرن الماضي، قائلاً: «عشت رحلة الإمارات من الصحراء إلى الحاضر، وأردت أن أوثقها في كتابي ‹حيث لا تغيب الشمس›، لأن الذاكرة الجماعية تحتاج إلى من يسردها للأجيال»، مضيفاً أن القصة تبقى الجسر الأعمق بين الماضي والحاضر، تحفظ ذاكرة المكان وتغرس الانتماء في النفوس، مؤكداً: «علينا أن نحكي لأبنائنا كيف كانت الإمارات قبل النفط، وكيف صُنعت النهضة بالعزيمة والاتحاد، فالحكايات ترسّخ ما لا تحفظه الوثائق».
وفي ختام الجلسة، أجمع المشاركون على أهمية دمج الأدب القصصي في المناهج التعليمية وتوسيع حضور الحكايات المحلية في المدارس، مؤكدين أن القصة ليست ترفاً ثقافياً، بل أداة لبناء الوعي وصون الذاكرة الوطنية، لأن الأمم التي تروي قصصها تبقى قادرة على تجديد ذاتها في وجدان أبنائها.