تونس تسجل أول إصابة بمتحور كورونا الجديد لدى رضيع
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
كشف مسؤول صحي تونسي، اليوم الاثنين، أن البلاد سجلت تونس أول حالة إصابة بمتحور فيروس كورونا الجديد "EG.5" لدى رضيع، وفق آخر تقطيع جيني قام به قسم الأمراض الفيروسية بمستشفى شارنيكول.
وفي التفاصيل، أوضح عضو اللجنة العلمية لمجابهة كورونا ورئيس لجنة التلقيح، هاشمي الوزير، أن حالة الرضيع مستقرة بعد مغادرته مستشفى مستشفى شارنيكول، ولم يتسبب في حالة عدوى داخل المؤسسة الاستشفائية أو في محيط عائلته.
وأشار "الوزير" إلى أن المتحور الجديد لفيروس كورونا لا يمثل تهديدا على صحة المواطنين مقارنة بالمتحورات الأخرى التي أثرت بشكل واضح على المنظومة الصحية، مضيفا: "لقد قمنا بقرابة 70 تقطيع جيني منذ شهر جويلية الماضي والتي أظهرت أنه لا يوجد متحور مهيمن من فيروس كورونا حاليا في تونس".
وبيّن أن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا خلال نفس الفترة يعود إلى نقص المناعة وعدم تلقي التلقيح المضاد لكوفيد-19 منذ إنقضاء آخر موجة وبائية، إضافة إلى كثرة التجمعات خلال فصل الصيف مما يساهم في انتشار الفيروس، مشيرا إلى أن 95% من الإصابات بفيروس كورونا هي حالات بسيطة، فيما شهد كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بعض التعكرات، وأن الأسبوع الفارط شهد انخفاضا في عدد الإصابات بكورونا.
وتعليقا على عدد الوفيات بفيروس كورونا، رجح هاشمي الوزير إمكانية وجود بعض الوفيات خلال الفترة الأخيرة، ولكنها تبقى بأعداد قليلة جدا مقارنة بالموجات الوبائية التي شهدتها تونس عند بداية انتشار الفيروس، وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية التي صرحت بأن هذا المتحور لا يتسبب في حالات وفيات ولكنه سريع الانتشار، حسب المتحدث، داعيا المصابين بأمراض مزمنة وكبار السن إلى تلقي التلقيح والتزام الأشخاص الذين قد تظهر عليهم أعراض الإصابة بارتداء الكمامات بالإضافة إلى تهوئة الفضاءات لتفادي العدوى.
ويشار أن أعراض المتغير الفرعي الجديد لا تختلف عن أعراض أوميكرون ولا تمثل خطورة الا على كبار السن والاشخاص الذين يعانون من نقص المناعة والامراض المزمنة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: تلف كبار السن ارتفاع منظمة الصحة وباء تونس منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
تونس: تعدد المبادرات وغياب المراجعات
على وقع صعوبات اقتصادية وتوترات اجتماعية تمر بها تونس، وفي أجواء ساخنة بسبب استمرار المحاكمات السياسية وممارسات التنكيل ضد عدد من المعارضين، تتواتر هذه الأيام "مبادرات" سياسية ترفع شعار توحيد القوى الوطنية من أجل مواجهة منظومة 25 تموز/ يوليو، وبغاية استعادة الديمقراطية بعد أن فشل الجميع في ترسيخها وبعد أن صارت كل الأطراف السياسية تشعر بالاستهداف وبالاقصاء من قِبل "إدارة 25 تموز/ يوليو".
ما مدى جدية تلك المبادرات وما حظوظ نجاحها وهل قام أصحابُها بمراجعات لتجاربهم السابقة؟
المبادرة التي حظيت باهتمام كبير وتضاربت حولها التقديرات، هي مبادرة الحزب الدستوري الحر، حيث انعقد في مقره يوم 5 أيار/ مايو 2025 اجتماع حضره عدد من قيادييه، كما حضر وزير التربية السابق والناشط السياسي ناجي جلول وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، وهو أحد أبرز مناصري إجراءات 25 تموز/ يوليو قبل أن يصبح معارضا لها، وكذلك بعض الأسماء السياسية والحقوقية والأكاديمية.
الذين يُعلنون "مبادرات" لحوار وطني، ثم يُحدّدون هوية المعنيين بتلكمُ المبادرات فإنهم يُعلنون من البداية أن "مبادراتهم" ليست وطنية؛ لكونها لا تتسع للجميع وإنما تستثني خصوما أيديولوجيين يُحمّلونهم لوحدهم مسؤولية كل الخيبات ويُعلقون على أكتافهم تبعات ما قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021
وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع قال عضو الديوان السياسي للحزب ثامر سعد: "إن الحزب يطرح مبادرة سياسية جامعة للمؤمنين بالدولة المدنية".
ثم كانت المبادرة المشتركة بين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي؛ بالدعوة إلى عقد "مؤتمر وطني للحقوق والحريات ومن أجل دولة ديمقراطية". وقد أمضى رئيسا المنظمتين بيانا في ذلك، ثم جاء توضيح من المجلس الوطني للرابطة في بيانه الختامي يوم 16 أيار/ مايو حول الأطراف المعنية بالمشاركة، حيث ورد في النقطة السابعة منه: "يُعتبر مشروع تنظيم مؤتمر وطني للحقوق والحريات ومن أجل دولة ديمقراطية دعامة إضافية للعمل المشترك في مقاومة الاستبداد، ويؤكد أنه لا يشمل من ثبت تورطه في انتهاك حقوق الإنسان وإهدار مقدرات البلاد سواء كان ذلك قبل 14 جانفي (كانون الثاني/ يناير) 2011 أو قبل 25 جويلية (تموز/ يوليو) 2021 وبعدهما، ويؤكد المجلس أن نجاح هذه المبادرة يبقى رهين الإعداد الجيد لانجازها وتعميق التشاور في شانها".
هذه "المبادرات" كشفت عن حقيقتين في المشهد السياسي التونسي:
- الحقيقة الأولى: خيبة كل الأطراف السياسية التي ساندت إجراءات 25 تموز/ يوليو ظنا منها أنها ستستفيد من تغييب خصمها الذي عجزت عن هزمه ديمقراطيا، وأنها ستكون شريكا فاعلا وكامل "الحقوق" في "معركة التحرير" التي أعلن عنها قيس سعيد.
كل تلك الأطراف كانت تعمل بكل وضوح على إفشال ديمقراطية لم ينتصر فيها إلا خصمها التقليدي، أي حركة النهضة التي لم يكن ممكنا إخراجها من السلطة عبر صناديق الاقتراع، لذلك اتبع خصومها في تهرئتها كل الأساليب. وقد عبر عن ذلك الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي في كتابه "تونس والفرص المهدورة".
الاتحاد العام التونسي للشغل لم يكن مجرد منظمة عمالية، بل كان أشبه ما يكون بـ"ثكنة" أيديولوجية عالية التدريب ومُحكمَة التنظيم ووافرة الجرأة وسريعة الحركة، "ثكنة" يشترك في إدارتها ممثلون لمدارس أيديولوجية تختلف كثيرا وتلتقي دائما ضد خصم لدود هو "الإسلام السياسي".
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نشأت حقوقية خالصة، وانتهت أيديولوجية أيضا، فـ"الإنسانُ" عند "مسؤوليها" ليس هو الكائن المفرَد الجمع في هويته الإنسانية المقدسة، إنما هو إنسان وفق مواصفات محددة تخضع لمعايير السياسة والتحزّب والأيديولوجيا.
المنظمتان اللتان كانتا طرفين مهمين في الحوار الوطني سنة 2014 ونالتا جائزة نوبل، لم تتحررا من هيمنة أصحاب الحسابات السياسية والأهواء الأيديولوجية، وهما الآن لا تحظيان بأي تقدير من السلطة الراهنة التي لا تعترف بأي "جسم" يظن نفسه وسيطا بين الناس وبين الحاكم كما هو معتاد في بلادنا.
- الحقيقة الثانية: أن أغلب الأطراف التي ساهمت في إنتاج الأزمة السياسية والتي مهّدت لإجراءات 25 تموز/ يوليو، ما زالت لم تغادر تصوراتِها وأفهامَها وعُقدها النفسية، ما زالت تكابر وتعاند ولا تعترف بأخطائها ولا تعلن مراجعات واضحة وصريحة حتى يصدقها عموم الناس فيتعاطفون معها ويدعمون ما تعلنه من "مبادرات" لإخراج البلاد من مصاعبها السياسية ومتاعبها الاجتماعية.
الذين يُعلنون "مبادرات" لحوار وطني، ثم يُحدّدون هوية المعنيين بتلكمُ المبادرات فإنهم يُعلنون من البداية أن "مبادراتهم" ليست وطنية؛ لكونها لا تتسع للجميع وإنما تستثني خصوما أيديولوجيين يُحمّلونهم لوحدهم مسؤولية كل الخيبات ويُعلقون على أكتافهم تبعات ما قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021.
المعنيون بالاستثناء دائما هم "تيار الهوية"، أي الإسلاميون بمختلف تعبيراتهم وحلفاؤهم في تشكيل "جبهة الخلاص الوطني"، رغم أن زعيم هذه الجبهة هو قيدوم المناضلين اليساريين الأستاذ أحمد نجيب الشابي.
غياب نصوص في المراجعات هي حالة عامة تشمل أغلب التعبيرات السياسية، سواء ممن مارسوا الحكم أو ممن مارسوا المعارضة قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021، وهي حالة لا تساعد على طمأنة عموم الناس بكون تلك الطبقة السياسية قد تعافت، لا من نقائصها النظرية فقط، بل وأساسا من عُقدها النفسية ومن لوثاتها الأيديولوجية ومن أنانيتها وأوهامها ومن حالة الإنكار
هذا الاستثناء كشفه الدكتور رياض الشعيبي، مستشار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المحبوس في حبس المرناقية منذ أكثر من عامين، وقد جاء في تدوينة له على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي بتاريخ 31 أيار/ مايو ما يلي: "حوار سياسي لا تمثل فيه حركة النهضة وجبهة الخلاص وكل مكونات الساحة السياسية القابلة بحوار جامع وبقيم العيش المشترك، هذا الحوار المزيّف لن يكون شعاره استعادة الديمقراطية، لأنه يفتح الأبواب لأصوات دافعت عن الانقلاب وبررته، وأرادت توظيفه لتصفية خصومها السياسيين، فلما فشلت في ذلك انقلبت عليه دون أن تغير أهدافها".
كما عبر عدد من الناشطين في مجالي الفكر والسياسة، عن عدم اطمئنانهم لمختلف الأطراف المتنادية إلى تحالف "نضالي" ضد مسار 25 تموز/ يوليو، لكون تلك الأطراف، بنظرهم، غير مبدئية بل ويُحمّلونها هي مسؤولية "تخريب" التجربة الديمقراطية، وهي نفس الفكرة التي أكدها رياض الشعيبي في ذات التدوينة بقوله:
"ظهور بعض الأصوات من مخلفات الأوطاد والاقصائيين مستغلين مواقعهم داخل بعض منظمات المجتمع المدني لتمرير مواقف سياسية وأيديولوجية لا ديمقراطية وتبريرها باستعادة أكاذيب ما قبل 25 جويلية، يكشف خارطة انتشار طابور التخريب الوظيفي الذي تمارسه هذه الأصوات".
غياب نصوص في المراجعات هي حالة عامة تشمل أغلب التعبيرات السياسية، سواء ممن مارسوا الحكم أو ممن مارسوا المعارضة قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021، وهي حالة لا تساعد على طمأنة عموم الناس بكون تلك الطبقة السياسية قد تعافت، لا من نقائصها النظرية فقط، بل وأساسا من عُقدها النفسية ومن لوثاتها الأيديولوجية ومن أنانيتها وأوهامها ومن حالة الإنكار، رغم أن كل تلك "الطبقة" تتعرض لعملية تحييد تام عن المشهد حتى صارت، في الغالب، مجرد ظاهرة احتجاجية في البيانات والندوات الصحفية وبعض الوقفات الدورية، بمعزل عن جمهور المواطنين الذين كانوا منذ 14 كانون الثاني/ يناير 2011 وقود كل أعراس الديمقراطية؛ يأتونها طواعية وحماسة في طوابير منحت السياسة هيبة والسياسيين مهابة.
لقد خسر أغلب السياسيين أنفسهم يوم خسروا السياسة بما هي أرقى الفنون.. "فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ" (القمر: 22).
x.com/bahriarfaoui1