غرسات دماغية تعطي الأمل لفاقدي النطق بالتحدث مجددا
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
تعكف جامعتا ستانفورد وكاليفورنيا الأميركيتين على دراستين علميتين تعطيان الأمل للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام جرّاء مرض أو حادث، حيث قام الباحثون بتطوير غرسات دماغية قد تساعد على التحدث مجددا.
ويشرح أستاذ جراحة المخ والأعصاب بجامعة ستانفورد، الدكتور جيمي هندرسون تفاصيل الدراسة بقوله: " إن الإشارات تضخم من خلايا الدماغ الفردية وترسل عبر جهاز من الفولاذ المقاوم للصدأ يوضع على جمجمة المريض، ويخرج من خلال فروة الرأس.
ويضيف: "ثم تضخم الإشارات المنتجة وتُنقل إلى خارج الجمجمة ببرمجية التعلم الآلي وتُعالَج بواسطة خوارزمية، وبعد ذلك يمكن فك تشفير النشاط الدماغي وتحويلُه إلى كلمات على شاشة الحاسوب، وذلك عبر الصوت. "
ورغم أن برامج الحواسيب التي تترجم الإشارات من الدماغ إلى اللغة موجودةٌ مُنذ سنوات عديدة، إلّا أن الباحثين يهدفون الآن إلى تَكرار الكلام العادي باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ومن أجل الحصول على إشارات لفك شفرتها إلى لغة، زرع فريق جامعة ستانفورد أقطابا كهربائية صغيرة تخترق دماغ إحدى المريضات، ويحصُل الكلام باستخدام وحدات صوتية أو ما يسمى في اللسانيات الفونيم وهي التي تشكل الكلمات، ويقول العلماء إنهم يأمُلون زيادةَ عدد الكلمات التي يمكن للشخص أن يولدها.
ويؤكد الدكتور جيمي هندرسون أنهم تمكنوا من فك رموز 125 ألف كلمة من المفردات، وهي لغة إنجليزية عامة، معَ معدل خطأ يصل إلى 24% تقريبًا، وتمكنوا من فك شفرة مفردات مكونة من 50 كلمة، وهي أصغر بكثير وأكثر فائدة. إنها مفردات مفيدة يمكن لشخص مصاب بالشلل الشديد استخدامُها لإيصال الاحتياجات الأساسية.
تقنية مشابهةومن جهة أخرى، أجرى باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو دراسة مفصلة، شاركت فيها "آن" التي تعاني شللًا نصفيًّا مُنذ إصابتها بنزف في جذع الدماغ ولم تتمكن من التحدث لمدة 17عامًا.
وتعتمد الدراسة على تقْنية تعمل بطريقة مشابهة لدراسة جامعة ستانفورد، لكنها لا تَستخدمُ الأقطاب الكهرَبائية التي تخترق الدماغ. ويضع الفريق شبكة كهربائية تحت الجمجمة، لذلك يتطلب الأمر عملية جراحية، حيث يوضع الجهاز فوق الدماغ.
وحقق هذا الجهاز أداء مماثلًا تقريبًا لما حققه نظام فريق جامعة ستانفورد، إذ ارتفع معدّل المحادثة إلى 28 كلمة في الدقيقة، أي أسرع بخمس مرات مما كان عليه.
ويقول الفريق إن هدفهم الآن إنتاجُ نسخة لاسلكية من الجهاز، قد تكون لها آثارٌ عميقة على استقلالية المرضى وتفاعلاتهم الاجتماعية.
ويذكر أن الدراستين اللتين أجرتهما جامعتا ستانفورد وكاليفورنيا نشرت نتائجهما مجلة "نيتشر" العلمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جامعة ستانفورد
إقرأ أيضاً:
من كل بستان زهرة – 102-
من كل #بستان #زهرة – 102-
#ماجد_دودين
مَثِّلْ وُقُوفَكَ يَوْمَ الْحَشْرِ عِريَانا … مُسْتَعْطِفًا قَلِقَ الأحْشَاءِ حَيْرانَا
النَّارُ تَزْفُر مِنْ غَيْظٍ وَمِن حَنَقٍ … عَلَى العُصَاةِ وَتَلْقَ الرَّبَ غَضْبَانَا
مقالات ذات صلة هل سيوقف ترمب و حلفائه الغربيين الحرب على غزة؟ 2025/05/20اقْرَأ كِتَابَكَ يَا عَبْدِي عَلَى مَهَلٍ … وَانْظُرْ إِليه تَرَى هَل كَانَ مَا كَانا
لَمَّا قَرَأت كِتابًا لَا يُغَادِر لِي … حَرفًا وَمَا كَانَ فِي سِرٍّ وَإعْلانَا
قال الجليل خُذُوْهُ يَا مَلَائِكَتِي … مُرُوا بِعَبْدِي إِلَى النِّيْرَانِ عَطْشَانًا
يَا رَبِّ لَا تَخْزِنَا يَوْمَ الْحِسَابِ وَلا … تَجْعَلْ لَنَارِكَ فِيْنَا اليَوْمَ سُلْطَانَا
اللهم ارزقنا أنفسًا تقنع بعطائك، وترضى بقضائك، وتصبر على بلائك، وتوقن بلقائك وتشكر لنعمائك وتحب أوليائك وتبغض أعداءك واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.
السعداء هم الذين تركوا الدنيا فأصابوا، وسمعوا منادي الله فأجابوا، وحضروا مشاهد التقى فما غابوا، واعتذروا مع التحقيق ثم تابوا وأنابوا، وقصدوا باب مولاهم فما ردوا ولا خابوا.
قال ابن القيم في وصف عرائس الجنّة:
فَاسْمَعْ صِفَاتِ عَرَائِس الْجَنَّاتِ ثُمَّ … اخْتَر لنَفْسُكَ يَا أَخَا العِرْفَانِ
حُوْرٌ حِسَانٌ قَدْ كَمَلْنَ خَلائِقًا … وَمَحَاسِنًا مِنْ أَجْمَلِ النِّسْوَانِ
حَتَّى يَحَارُ الطَّرْفِ فِي الْحُسْنِ الَّذِي … قَدْ ألْبِسَتْ فَالطَّرْفُ كَالْحَيْرَانِ
وَيَقولُ لَمَّا أَنْ يُشَاهِدَ حُسْنَهَا … سُبْحَان مُعْطِي الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ
وَالطَّرْفُ يَشْرَبُ مِن كِئوسِ جَمَالِهَا … فَتَراهُ مِثْلَ الشَّارِب النَّشْوَانِ
كملت خلائقها وأكمل حسنها … كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها … والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من … ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه … سبحان متقن صنعة الإنسان
وكلاهما مرآة صاحبه إذا … ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها … وترى محاسنها به بعينان
حمر الخدود ثغورهن لآليء … سود العيون فواتر الأجفان
والبدر يبدو حين يبسم ثغرها … فيضيء سقف القصر بالجدران
من كان داؤه المعصية، فشفاؤه الطاعة، ومن كان داؤه الغفلة، فشفاؤه اليقظة، ومن كان داؤه كثرة الأشغال، فشفاؤه في تفريغ المال.
فمن تفرغ من هموم الدنيا قلبه، قل تعبه، وتوفر من العبادة نصيبه، واتصل إلى الله مسيره، وارتفع في الجنة مصيره، وتمكن من الذكر والفكر والورع والزهد والاحتراس من وساوس الشيطان، وغوائل النفس.
ومن كثر في الدنيا همه، أظلم طريقه، ونصب بدنه، وضاع وقته، وتشتت شمله، وطاش عقله، وانعقد لسانه عن الذكر، لكثرة همومه وغمومه، وصار مقيد الجوارح عن الطاعة، من قلبه في كل واد شعبة، ومن عمره لكل شغل حصة.
تَبْغِيْ الوُصُولَ بسَيْرَ فيه تَقْصِيْرُ … لاَ شَكَّ أنَّكَ فِيْما رُمْت مغْرُوْرُ
قَدْ سَار قَبْلَكَ أَبْطَالٌ فَمَا وَصِلُواْ … هَذا وفي سَيْرهَمْ جِدٌ وَتَشْمِيْرُ
يا مُدَّعِي الحُبَّ في شَرْعِ الغَرامِ وَقَدْ … أَقَامَ بَيَّنَةً لَكِنّهَا زُوْرُ
أَفْنَيْتَ عُمْرَكَ في لَهْوٍ وفي لَعِبٍ … هَذَا وَأَنْتَ بَعْيدُ الدَّارِ مَهْجُوْرُ
لَوْ كَانَ قَلْبُكَ حَيًا ذُبْتَ مِنْ كَمَدٍ … مَا لِلْجرَاح بَجِسْمِ المَيْتِ تَأْثِيْرُ
لا تغتم إلا من شيء يضرك في الآخرة، ولا تفرح بشيء لا يسرك غدًا، وأنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال الحزن منك على ما فاتك من الطاعة، وألزمك الفكر في بقية عمرك.
عليك بصحبة من تذكرك الله عز وجل رؤيته، وتقع هيبته على باطنك ويزيد في عملك منطقه.
ويزهدك في الدنيا عمله، ولا تعصي الله ما دمت في قربه، يعظك بلسان فعله ولا يعظك بلسان قوله.
خُذْ مَا صَفَا لَكَ فَالْحَيَاةُ غُروْرُ … وَالْمَوتُ آَتٍ وَاللَّبِيْبُ خَبِيْرُ
لَا تَعْتِبَنَّ عَلَى الزَّمَانِ فَإِنَّهُ … فَلَكٌ عَلَى قُطْبِ الْهِلاكِ يَدورُ
تَعْفُو السُّطوْرُ إِذَا تَقَادَمَ عَهْدُهَا … وَالْخَلْقُ فِي رِقِّ الْحَيَاةِ سُطُوْرُ
كُلّ يَفرُ مِن الرَّدَى لِيَفُوتَهُ … وَلَه إِلَى مَا فَر مِنْهُ مَصِيْرُ
فَانْظُرْ لنَفْسُكَ فَالسَّلَامَة نُهْزَةٌ … وَزَمَانُهَا ضَافِي الْجَنَاحِ يَطِيْرُ
مِرْآةُ عَيْشِكَ بِالشَّبَابِ صَقِيْلَةٌ … وَجَناحُ عُمْرَك بِالْمَشِيْبِ كَسِيْرُ
بَادِرْ فَإِنَّ الوَقْتَ سَيْفٌ قَاطِعٌ … وَالعُمْرُ جَيْشٌ وَالشَّبَابُ أَسِيْرُ
بذكر الله تحيا القلوب من موت غفلتها فالله الله بالمداومة على ذكر الله سرًا وجهارًا ليلاً ونهارًا قيامًا وقعودًا ماشين ومضطجعين.
ذاكر الله لا يستطيع الشيطان في ظله مقيلا، ذاكر الله لا يجد الشيطان إلى إغوائه سبيلا، ذاكر الله لا يزال شيطانه مدحورًا ذليلا، ذاكر الله قد تكفل الله بحفظه وكيف يضيع من كان الله به كفيلا، بذكر الله تطمئن القلوب وتحيا، قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨]. وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢(
وَالذِّكرُ فِيْهِ حَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ كَمَا … تَحْيَا البِلَادُ إِذَا مَا جَاءَهَا الْمَطَرُ
قال أحد الزهّاد: مَا لِي وَلِهَذَا الْخَلْق كنت فِي صلب أبي وحدي … …
ثم صرت في بطن أمي وحدي … …ثم دخلت الدنيا وحدي … …ثم تقبض روحي وحدي … …
ثم أدخل في قبري وحدي … …ثم يأتيني منكر ونكير فيسألاني وحدي … …فإن صرت إلى خير صرت وحدي … …
ثم يوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي … …وإن بعثت إلى الجنة بعثت وحدي … …
فما لي وللناس؟!! … ..
قال الحسن البصري ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود.
وَمَا الْمَرْءُ إِلَاّ رَاكِبٌ ظَهْرَ عُمْرِه … عَلَى سَفَرٍ يُفِنْيِه بِاليَوْمِ وَالشَّهْرِ
يَبِيْتُ وَيُضْحِى كَل يَومٍ وَلَيْلَةٍ … بَعِيْدًا عَنْ الدُّنْيَا قَرَيْبًا إِلَى القَبْرِ
فالذي ينبغي للإنسان أن يحافظ على وقته أعظم من محافظته على ماله، وأن يحرص على الاستفادة منه في كل لحظة فيما ينفعه في دينه وفي دنياه، مما هو وسيلة إلى الدار الآخرة.
قال حكيم من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه وظلم نفسه.
قال بعض العلماء أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء.
انشغالهم بالنعمة عن شكرها.
ورغبتهم في العلم وتركهم العمل.
وإقبال الآخرة وهم معرضون عنها.
والاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم.
وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها.
والمسارعة إلى المعاصي والذنوب وتأخير التوبة.
وَكَمْ ذِيْ مَعَاصٍ نَالَ مِنْهُنَّ لَذَّةً … وَمَاتَ وَخضلَاّهَا وَذَاقَ الدَّوَاهِيَا
تَصَرَّمُ لذات المعاصي وتنقضي … وتبقى تباعات المعاصي كما هيا
فَيَا سَوْءَتَا وَاللهِ رَاءٍ وَسَامِعٌ … لِعَبْدٍ بِعَيْنِ اللهِ يَغْشَى الْمَعَاصِيَا
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كَأَنَّكَ غريب أو عابر سبيل» وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري.
قالوا في شرح هذا الحديث معناه لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطنًا ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا تشتغل فيها إلا بما يشتغل به الغريب فقط الذي يريد الذهاب إلى أهله، وأحوال الإنسان ثلاث: حال لم يكن فيها شيئًا وهي قبل أن يوجد.
وحال أخرى وهي من ساعة موته إلى ما لا نهاية له في البقاء السرمدي فإن لنفسك وجود بعد خروج الروح من البدن إما في الجنة وإما في النار وهو الخلود الدائم وبين هاتين الحالتين حالة متوسطة وهي أيام حياته في الدنيا فانظر إلى مقدار ذلك بالنسبة إلى الحالتين يتبين لك أنه أقل من طرفة عين في مقدار عمر الدنيا.
يَا غَافِلَ الْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ الْمَنَيَّاتِ … عَمَّا قَلِيْل سَتُلْقَى بَيْنَ أَمْوَاتِ
فَاذْكُر مَحَلَّكَ مِن قَبْل الْحُلُولِ بِهِ … وَتُبْ إِلَى الله مِنْ لَهْوٍ وَلَذَّاتِ
إِنَّ الْحِمَامَ لَهُ وَقْتٌ إِلَى أَجَلٍ … فَاذْكُرْ مَصَائِبَ أَيَّامٍ وَسَاعَاتِ
لَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزِيْنَتَهَا … قَدْ آنَ لِلمَوْتِ يَا ذَا اللَبِّ أَنْ يِأْتِي
ليس العجب من انهماك الكفرة في حب الدنيا والمال فإن الدنيا جنتهم وإنما العجب أن يكون المسلمون يصل حب المال والدنيا في قلوبهم إلى حد أن تذهل عقولهم وأن تكون الدنيا هي شغلهم الشاغل ليلاً ونهارًا وهم يعرفون قدر الدنيا من كتاب ربهم وسنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم – أليس كتاب الله هو الذي فيه {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: ٢٠)
ويقول: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً} [الإسراء: ١٩ .
قال أحد العلماء رحمه الله تعالى أعلم أن الدنيا رأس كل خطيئة كما قال – صلى الله عليه وسلم – وقد صارت عدوة لله وعدوة لأوليائه وعدوة لأعدائه، أما عداوتها لله تعالى فلأنها قطعت الطريق بينه وبين أوليائه.
ولهذا فإنه لم ينظر إليها منذ خلقها، وأما عداوتها لأوليائه فلأنها تزينت لهم بزينتها وغمرتهم بزهرتها وتزهت لهم بنضارتها حتى تجرعوا مرارات الصبر في مقاطعتها وتحملوا المشاق في البعد منها.
وأما عداوتها لأعدائه فلأنها استدرجتم بمكرها ومكايدها واقتنصتهم بحبائلها وأقصدتهم بسهامها حتى وثقوا بها وعولوا عليها.
فخذلتهم أحوج ما كانوا إليها وغدرت بهم أسكن ما كانوا إليها فاجتنوا منها حسرة تنقطع دونها الأكباد. وحرمتهم السعادة الأخروية على طول الآماد فانتبه يا من اغتر بها قبل أن يصيبك مثل ما أصاب المغترين بها.
قال بعض العارفين إذا كان أبونا آدم عليه السلام بعد ما قيل له أسكن أنت وزوجك الجنة صدر منه ذنب واحد فأمر بالخروج من الجنة فكيف نرجو دخولها مع ما نحن مقيمون عليه من الذنوب المتتابعة والخطايا المتواترة.
يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدًا له ولا يغتر بشبابه وصحبته فإن أقل من يموت الشيوخ الطاعنين في السن. وأكثر من يموت الشبان خصوصًا في زمننا الذي كثرت فيه الحوادث ولهذا يندر من يكبر وقد أنشدوا:
يَعَمَّرُ وَاحدٌ فَيَغُرُّ قَوْمًا … وَيُنْسَى مَن يَمُوتُ مِن الشَّبَابِ
آخر:
لَا تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ نَاعِمٍ خَضِلٍ … فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الشَّيْبِ شُبَّانُ
ومما يعنيك على الجد والاجتهاد في الطاعة تصور قصر عمرك وكثرة الأشغال، وتصور قوة الندم على التفريط والإضاعة عند الموت، وطول الحسرة على البدار بعد الفوت.
وتصور عظم ثواب السابقين الكاملين وأنت ناقص، والمجتهدين وأنت متكاسل، واجعل نصب عينيك ما يلي: قوله تعالى: {تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠
وقوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} [آل عمران: ٣٠
وقوله تعالى: {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [النبأ: ٤٠
وقوله تعالى: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٦
وقوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [مريم: ٣٩ . فتصور الحسرة والندامة والحزن عندما ترى الفائزين.
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِن التُّقَى … وَأَبْصَرْتَ بَعْدَ الْمَوتِ مَن قَد تَزَودَّا
نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ … وَأَنَّكَ لَمْ تُرْصَدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا
فالبدار البدار والحذر الحذر من الغفلة والتسويف وطول الأمل فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً.
وإنما يقدم على المعاصي ويؤخر التوبة لطول الأمل وتبادر الشهوات.
وتنسى التوبة والإنابة لطول الأمل وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب.
وتنسى التوبة والإنابة لطول الأمل فيا أيها المهمل وكلنا كذلك انتهز فرصة الإمكان وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب.
فبادر في محوها بالتوبة النصوح وأكثر من الدعاء والاستغفار كل وقت خصوصًا أوقات الإجابة