النظام الحزبى فى الولايات المتحدة الأمريكية قائم على نظام ثنائى الحزبين، حزب الجمهوريين، وحزب الديمقراطيين، ولكل حزب منهما توجهاته وكذلك الفئة المعينة التى تدعمه.
فى الحزب الجمهورى الأمريكى يعتمدون على الدعم من: الأفراد ذوى التوجه المحافظ، أصحاب الأعمال الصغيرة، سكان المناطق الريفية، المسيحيين الإنجيليين، وكذلك فإنهم يحصلون على الدعم الأكبر من الرجال دون النساء، كما أن شعبيتهم تتزايد فى مناطق الجنوب.
أما الحزب الديمقراطى فى أمريكا فإنهم يعتمدون على: التأييد من سكان الحضر، الجماعات الإثنية، رجال الأعمال، العمال، النساء العاملات، كذلك فإن قاعدتهم الجماهيرية أكبر لدى النساء، ويتمركزون فى الشمال.
وبناء على ما سبق نجد أنه لا يوجد ظهور لأى أحزاب أخرى أو لا يظهر حزب ثالث، ذلك بسبب أن دعم الأحزاب السياسية الصغيرة ودعم مرشحيها، سوف يعتبر مضيعة للأصوات وللتمويل المقدم لها، وأيضاً بسبب فكرة أن هناك 6 آلاف منصب فى الحكومة الفيدرالية يتم شغلها بالانتخاب، فالأحزاب الصغيرة تحصل على عدد قليل من المناصب، ولذلك لا يكون لها شعبية جماهيرية داخل الولايات.
فالنظام الحزبى فى الولايات المتحدة يتميز بكونه ثابتاً وجامداً، على الرغم من أنه لا يحد من إنشاء حزب ثالث أو أن يتم إنشاء أكثر من حزب، إلا أن فكرة إنشاء حزب ثالث هى فكرة ضعيفة وتؤدى إلى ضياع الأصوات والتمويل، هذا بالإضافة إلى أن الحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى فى الولايات المتحدة، يقدمان التنوع الفكرى والسياسى الكافى الذى يجعل خيارات الناخبين لا تخرج عن هذا الإطار، فهى تمتاز بكونها وسطاً فلا نجد أياً من الحزبين يقع أقصى اليمين أو أقصى الشمال بل هما فى المنتصف، فلا توجد أحزاب متطرفة، وهو أكثر ما يؤيده الناخبون أن تكون أحزاباً ضد التطرف.
وأهم دور تلعبه الأحزاب فى الولايات المتحدة هو الدفع بمرشح رئاسى تابع لها، فهى أحزاب تركز على مرشحيها والحملات الانتخابية سواء انتخابات الكونجرس أو الانتخابات الرئاسية، وضخامة التمويل الذى تحصل عليه.
الأحزاب الأمريكية محور اهتمامها هو الانتخابات سواء على مستوى انتخابات الكونجرس أو على مستوى الانتخابات الرئاسية، وبما أن عملية الانتخاب هذه تكون غير مباشرة، فيكون الدور الرئيسى بداخلها هو للأحزاب السياسية، فبالنسبة للانتخابات الرئاسية فهى تمر أولا بمرحلة تسمية المرشحين وهو ما يتم قبل الانتخابات بمدة طويلة قد تكون عاماً أو عامين، ثم انتخابات تمهيدية وهى من فبراير إلى يناير، هذه الانتخابات تأخذ شكلين، إما مغلقة ويقتصر التصويت فيها على أعضاء الحزب السياسى فقط، وإما أن تكون مفتوحة ويحق لأى فرد التصويت فيها سواء من داخل الحزب أو من خارجه، ثم يتم التوصل إلى مرشح، وأنه هو مرشح الحزب وإعداد حملة ملائمة له، ثم التوجه نحو مرحلة رأى الشعب وهو المجمع الانتخابى والتوصل إلى النتيجة النهائية ومن ثم يصبح المرشح الرئاسى.
ومن خلال هذه العملية الطويلة، نجد أن الدور المحورى فى هذه العملية الانتخابية هو الأحزاب السياسية، فهى التى ترشح أسماء فى البداية ثم تقوم بانتخاب مرشح من هذه الأسماء وهكذا، فالأحزاب هى التى تساند المرشح الرئاسى وهى ما تمنحه قوته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحزب الديمقراطي الولايات المتحدة فى الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
هل ينبغي لفرنسا إلغاء الأحزاب السياسية للخروج من أزمتها؟
طرح مقال بمجلة لوبوان سؤالا عما إذا كان قمع الأحزاب السياسية هو الحل للأزمة السياسية الحالية في فرنسا، وهو ما ينسجم مع فكرة الفيلسوفة سيمون فايل.
واختار جوزيف لو كور قراءة فكرة سيمون فايل الثورية التي دعت عام 1950 إلى إلغاء الأحزاب السياسية، معتبرة إياها "سُم الديمقراطية" ومصدر الانحراف عن الحقيقة والعدالة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سويسرا تعيد تحديث شبكة ملاجئها لعصر جديد من عدم الاستقرارlist 2 of 2تحقيق لهآرتس يكشف تفاصيل صادمة عن مقتل الطفل محمد الحلاق بالضفةend of listوكان النصّ، الذي كتبته الفيلسوفة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية ونُشر بعد وفاتها، يقدم نقدا جذريا لروح التحزب التي تُفسد البحث عن الحقيقة وتحوّل السياسة إلى صراع مصالح، وفقا لرؤيتها.
فايل: الأحزاب السياسية "سُم الديمقراطية" ومصدر الانحراف عن الحقيقة والعدالة.
ففايل ترى أن الأحزاب ليست أدوات ديمقراطية، بل "كيانات منظمة علنا لقتل الإحساس بالحقيقة والعدالة في النفوس"، كما أن الانتماء إلى حزب معين يُجبر الفرد على الكذب، لأنه لا يستطيع أن يكون مخلصا في الوقت نفسه للحقيقة و"لخط الحزب"، مما يعني أن الانضباط الحزبي ينتج عنه الولاء الأعمى، وبالتالي فهو يقضي على التفكير الحر.
وتنتقد فايل ما تسميه "انقلاب العلاقة بين الغاية والوسيلة"، موضحة أن الأحزاب التي وجدت أصلا لخدمة الصالح العام، صارت غايتها الأولى النمو والبقاء في السلطة، وبذلك فإن السياسة تتحول من سعي نحو الحقيقة والعدل إلى مجرد صراع من أجل النفوذ، حيث "الغاية تنسى والوسيلة تُؤلَّه"، وهو ما تعتبره فايل شكلا من الوثنية السياسية.
فايل: الانتماء إلى حزب معين يُجبر الفرد على الكذب، لأنه لا يستطيع أن يكون مخلصا في الوقت نفسه للحقيقة و"لخط الحزب"
لكن طرح فايل يقابله، حسب لو كور، موقف الفيلسوف النمساوي هانس كلسن، الذي يرى في كتابه: (الدمقراطية، طبيعتها وقيمتها 1932) أن "الديمقراطية الحزبية" ضرورة، إذ تتيح للأفراد التأثير في الحكم عبر تنظيم أنفسهم في أحزاب تعبّر عن مصالحهم.
وهذا ما ترفضه فايل، المتأثرة بالفيلسوف وعالم الاجتماع السويسري الفرنسي جان جاك روسو، إذ ترى أنه يخضع لمنطق المصالح في حين تؤمن هي بـ"الإرادة العامة" التي تتجسد في العقل الجماعي لا في الأهواء الجماعية، حسب قول لو كور.
إعلانوتدعو الفيلسوفة إلى "المرونة بدل الدوغمائية" التي تعد حالة من التمسك الشديد بأفكار ومعتقدات معينة، لدرجة رفض أي رأي أو فكرة مخالفة، أي أن فايل تدعو إلى تكوين جماعات فكرية غير جامدة، تحافظ على حرية التفكير والحوار، بعيدا عن الانغلاق الحزبي، وكما يوضح الفيلسوف الفرنسي المختص في فكر فايل، روبير شينافييه، فإنّ الديمقراطية الحقيقية لا تقوم على تبادل الشعارات، بل على "ممارسة التفكير" عبر الصمت والوقت والانتباه، على حد تعبيره.
ويُذكّر لو كور بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن إعجابه بسيمون فايل، حاول في بدايات حكمه تجسيد هذا التصور عبر حركة "إلى الأمام" التي تجاوزت الأحزاب التقليدية، لكنه، مثل غيره، انتهى إلى جعل السلطة غاية بحد ذاتها، متخليا عن مبادئه الإصلاحية، وفقا للكاتب.
وكمثال على ذلك، يقول الكاتب، إن ماكرون اختار التخلي عن إحدى الحقائق القليلة التي آمن بها والتي انتُخب على أساسها عام 2022 وهي إصلاح نظام التقاعد، وهكذا، لم تعد سلطة ماكرون وسيلة لتحقيق غاية، بل أصبحت غاية بحد ذاتها، وفقا للكاتب.
وهنا يلخص الكاتب مقاله بما قاله جاك جوليارد، وهو أحد أبرز المتخصصين في فكر فايل، بأنه يجب فهم دعوة الفيلسوفة إلى أنها تروج لــ "إلغاء الأحزاب" كفكرة تنظيمية مثالية لا كأمر سلطوي، فهي دعوة إلى تجاوز التحزب نحو ديمقراطية روحية وعقلانية يكون فيها التفكير، لا الولاء، هو معيار الفعل السياسي، على حد قول لو كور.