يواجه الليبيون، حاليا، تداعيات كارثية لمؤامرة حلف «الناتو» (المدعومة من أنظمة شرق أوسطية، راعية للإرهاب) والتعاون لإسقاط الزعيم الليبي، معمر القذافي، قبل المشاركة في اغتياله، في 20 أكتوبر 2011، بمسقط رأسه (مدينة سرت) على يد مجموعات مسلحة، تهيمن، الآن، على معظم المنظومة الأمنية في العاصمة، طرابلس، وتهدد حياة سكان الغرب الليبي، في الذكرى الـ54 لثورة الفاتح، التي قام بها العقيد، معمر القذافي، مطلع سبتمبر عام 1969!

ومنذ سقوط النظام الليبي قبل حوالي 12 عاما، تتعدد الأزمات الكارثية التي تواجه الشعب الليبي (الانفلات الأمني، الانقسام المؤسسي، الفساد السياسي والمالي، تردي الخدمات المعيشية والحياتية) مع تحكم شخصيات منقوصة الولاء في معظم مفاصل البلاد، وهو ما يتبدى من ممارسات سياسية، تهدد بعودة البلاد إلى الحرب الأهلية.

ولمواجهة ردود الفعل الشعبية المتوقعة، خلال أجواء الذكرى الـ12 لإسقاط نظام «القذافي» كثفت حكومة غرب ليبيا، المنتهية ولايتها (برئاسة عبد الحميد الدبيبة) نشر عناصر لضبط الأمن، في طرابلس، وحاولت الربط بين الاحتجاجات واجتماع مشبوه جمع مسئولة ملف الشئون الخارجية في حكومة الدبيبة، نجلاء المنقوش، مع الوزير الإسرائيلي، إيلي كوهين، مؤخرا.

ونشرت حكومة الدبيبة مئات المصفحات (بعضها يحمل أسلحة ثقيلة) في الطرق والشوارع الرئيسية بطرابلس، مع تسيير دوريات عسكرية، والمثير أن من تم تكليفهم بضبط الأمن، هم عناصر الفصائل المسلحة، التي تتسبب في زعزعة الأمن، وتدخل في اشتباكات بينية عنيفة، نتيجة الخلافات على مناطق النفوذ.

وفي محاولة لإشغال الرأي العام عن الذكرى الـ12 لإسقاط نظام «القذافي» بادر، الدبيبة، باتخاذ قرار غير واضح المعالم «وقف» نجلاء المنقوش عن العمل، وتسريبه للإعلام باعتباره «إقالة رسمية» بعد إحالتها للتحقيق بسبب اللقاء الذي جمعها بوزير الخارجية الإسرائيلي، في العاصمة الإيطالية، روما، خلال الشهر الماضي.

وحاولت إسرائيل التخفيف من وقع «اللقاء السري» بعد فضحه، إعلاميا، فقال وزير خارجيتها، إيلى كوهين: «ناقشنا أهمية الحفاظ على تراث الطائفة اليهودية في ليبيا، بما في ذلك تجديد المعابد والمقابر.. وتناولت المساعدات الإسرائيلية المحتملة في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه» بحسب بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية.

وناقضت حكومة «غرب ليبيا» نفسها، عندما زعمت أن «اجتماع المنقوش- كوهين، عفوي، وغير رسمي، ولم يتضمن أي محادثات أو اتفاقات أو مشاورات» بينما الواقع يؤكد أن الحكومات المتتابعة على منطقة غرب ليبيا، برعت في عقد الاتفاقيات القانونية «المشبوهة»، وغير القانونية، التي تؤكد مواصلة التفريط في الموارد والمقدرات الليبية.

وأشارت معلومات إلى أن، الدبيبة، سيتراجع في قرار معاقبة «المنقوش» وسيعيدها لمنصبها، لاحقا، بعد أن هددت بكشف ملفات ووقائع تدين الحكومة المنتهية ولايتها، وأن الدبيبة كان يشرف بنفسه «على اللقاءات التي تمت بين الجانبين، لاسيما التفاوض على تعويض اليهود الذين هاجروا من ليبيا منذ عام 1945» للالتحاق بالعصابات اليهودية، آنذاك في فلسطين.

وأشارت المعلومات أيضا إلى أن «إبراهيم الدبيبة» (نجل شقيق رئيس حكومة غرب ليبيا) ومعه وزير الدولة للاتصال والشئون السياسية، وليد اللافي، رافقا «المنقوش» خلال لقائها وزير الخارجية الإسرائيلي، في روما، وأن اللقاء كان يتم الإعداد له منذ يوليو الماضي، ولم يكن مصادفة، بحسب بيانات «المنقوش» و«الدبيبة».

وأمام حالة التناقض، تمددت الاحتجاجات في طرابلس، ومناطق أخرى غرب ليبيا، واقتحم متظاهرون مقر وزارة الخارجية للتنديد بالاجتماع، بينما هاجم آخرون وأحرقوا مقر إقامة الدبيبة، في طرابلس، وفي بلدة الزاوية أحرق متظاهرون العلم الإسرائيلي، كما اندلعت احتجاجات في مدينة مصراتة، معقل الدبيبة.

وانتقد مجلس النواب الليبي (المؤسسة الوحيدة المنتخبة في البلاد) اجتماع المنقوش- كوهين، وقال إنه «جريمة دبلوماسية وقانونية وأخلاقية» ما يؤكد أن ليبيا تعاني خلال السنوات الماضية من عورات نخبها السياسية، التي هيمنت على دوائر صنع القرار بعد الإطاحة بنظام الزعيم معمر القذافي، وتفكيك المؤسسات الليبية.

وتؤكد التحركات «السرية، والعلنية» التي تقوم بها حكومات غرب ليبيا، سر تمسك الغرب (الأوروبي- الأمريكي) بها ودفاعه عنها، وتغاضيه عن تمدد القوات الأجنبية، وعناصر المرتزقة في مناطق نفوذها، غرب البلاد، وعدم محاسبة أنظمة عربية وشرق أوسطية، ضالعة في دعم الإرهاب، وسرقة موارد الشعب الليبي، يأتي هذا رغم فشل الحكومات المتعاقبة خلال الفترة المذكورة في مهامها الرئيسية (سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وخدميا).

ولم يبد تيار الإسلام السياسي (خاصة جماعة الإخوان، فرع ليبيا، التي تهيمن على معظم المؤسسات التنفيذية) أي رد فعل على لقاء «المنقوش- وكوهين» في بداية كشف إسرائيل عن اللقاء، لكن مع تمدد الاحتجاجات حاولت جماعة الإخوان «تسجيل موقف» سياسي خجول، قياسا بموقف الشارع الليبي، الذي كان الأعلى صوتا في مواجهة فضيحة «اللقاء السري»!

وفي المقابل، تمددت مظاهرات في المدن الليبية (خاصة سبها وتراجن وبني وليد) احتفالا بثورة الفاتح، وعلت الهتافات والأناشيد الحماسية في المدن الليبية وانتشرت الإعلام الخضراء في البلاد وتم إذاعة بعض من خطب وكلمات الزعيم الليبي السابق معمر القذافي والتي تندد بالامبريالية الأمريكية والتطبيع مع العدو الصهيوني، كما لم تخل الهتافات من إدانة لتصرفات حكومة الدبيبة المتورطة في التطبيع مع إسرائيل.

سياسيا، أعلنت لجنة «6+6» انتهاء أعمالها بالتوقيع علي نسخة نهائية لمشروع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإحالتهما لرئاسة مجلس النواب، تمهيدا لإصدارهما رسميا، ثم إحالة القانونين للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، تمهيدا للإعلان عن مواعيد إجراء الانتخابات، طبقا للقانون، وكشفت لجنة «6+6» عن تواصلها مع جميع الأطراف المعنية والتيارات السياسية الليبية كما تواصلت مع البعثة الأممية، برئاسة عبد الله باتيلي، بهدف إيجاد مساحة من التوافق حول القوانين الانتخابية، وإبداء الملاحظات، قبل حسم الملف.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ليبيا حلف الناتو القذافي نجلاء المنقوش الأزمة الليبية الصراع في ليبيا الانقسام في ليبيا معمر القذافی غرب لیبیا

إقرأ أيضاً:

الكشف عن “مفاجأة” حول الـCIA واغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي

الولايات المتحدة – لأول مرة منذ اغتيال الرئيس جون كينيدي قبل نحو 62 عاما، أقرت الـ”CIA” بشكل ضمني بأن ضابطا متخصصا في الحرب النفسية أدار عملية تواصلت مع لي هارفي أوزوالد قبل حادثة القتل في دالاس.

وجاء هذا الكشف يوم الخميس ضمن مجموعة تضم 40 وثيقة تتعلق بالضابط جورج جوانيديس، ويشير إلى أن الوكالة كذبت لعقود بشأن دور جوانيديس في القضية، قبل وبعد الاغتيال، بحسب خبراء في قضية اغتيال كينيدي.

والوثيقة المحورية هي مذكرة من وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) بتاريخ 17 يناير 1963، تظهر أن جوانيديس تم توجيهه لاستخدام اسم مستعار ورخصة قيادة مزورة تحمل اسم “هوارد جيبلر”.

وحتى يوم الخميس، كانت الوكالة تنكر أن جوانيديس كان يعرف باسم “هوارد”، وهو الاسم الذي استخدمه ضابط الاتصال المسؤول عن التعامل مع نشطاء من مجموعة طلابية مناهضة للشيوعية تعارض الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو وتعرف باسم “مديرية الطلاب الكوبية”.

لعقود، زعمت الوكالة أيضا زيفا أنها لم تكن على صلة بالمجموعة الطلابية، التي لعبت دورا محوريا في نشر مواقف لي أوزوالد (المتهم الرئيسي باغتيال الرئيس الأميركي جون إف. كينيدي) المؤيدة لكاسترو بعد الاغتيال بوقت قصير.

وقال المؤلف والخبير في قضايا الاغتيال جيفرسون مورلي: “قصة التغطية لجوانيديس قد انتهت رسميا… هذه مسألة كبيرة. وكالة الاستخبارات المركزية تغير موقفها بشأن لي هارفي أوزوالد”.

يأتي هذا الكشف في إطار أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكومة بالوفاء بالتزاماتها في الكشف عن جميع الوثائق بموجب قانون سجلات كينيدي لعام 1992.

لم يعرف الكثير عن دور جوانيديس في القضية حتى الإفصاح عن سجلات في عام 1998 بموجب القانون. والآن، فإن الإفصاحات الجديدة عن سجلات كانت مخفية سابقا تستمر في كشف مزيد من التفاصيل عن القصة.

كان جوانيديس يشغل منصب نائب رئيس فرع وكالة الاستخبارات في ميامي، ويشرف على “جميع جوانب العمل السياسي والحرب النفسية”، بما في ذلك تمويل وتوجيه مجموعة الطلاب الكوبية سرا، والتي كانت تُعرف اختصارا بـ DRE.

وفي 9 أغسطس 1963، أي أكثر من ثلاثة أشهر قبل اغتيال كينيدي في 22 نوفمبر، دخل أربعة من عناصر الـDRE في مشاجرة مع أوزوالد في نيو أورلينز، عندما كان يوزع منشورات مؤيدة لكاسترو صادرة عن “لجنة اللعب النزيه من أجل كوبا”. وقد غطت وسائل الإعلام المحلية جلسة المحكمة اللاحقة.

وفي 21 أغسطس 1963، شارك أوزوالد في مناظرة مع نشطاء الـDRE على شاشة تلفزيون محلي، مما لفت إليه مزيدا من الانتباه بصفته “شيوعيا”.

وبعد الاغتيال، نشرت النشرة الإخبارية الخاصة بالـDRE أن أوزوالد شيوعي مؤيد لكاسترو، وقد غطت الخبر صحيفتا “ميامي هيرالد” و”واشنطن بوست”.

وقبل عام من أن يعرف أوزوالد بأنه مؤيد لكاسترو، وضع البنتاغون خطة تعرف باسم “عملية نورثوودز” تتضمن تنفيذ هجوم زائف داخل الولايات المتحدة، وإلقاء اللوم على كوبا، ثم مهاجمتها.

والوثائق الجديدة لا تلقي مزيدا من الضوء على حادثة الاغتيال نفسها، ولا تحسم الجدل بشأن ما إذا كان أوزوالد تصرف بمفرده. كما لا تتضمن أي دليل على سبب تستر الـCIA على علاقة جوانيديس بالـDRE.

كل الوثائق التي تم الكشف عنها حتى الآن تظهر كيف كذبت وكالة الاستخبارات بشأن تمويلها أو ارتباطها بالـDRE، بما في ذلك تواصلها مع لجنة وارن (1964)، ولجنة تشيرش (1975)، ولجنة مجلس النواب الخاصة بالاغتيالات (1977-1978)، ومجلس مراجعة الاغتيالات (حتى 1998).

ولم يقتصر دور جوانيديس على معرفته بأوزوالد قبل الاغتيال، بل لعب دورا مركزيا في تضليل لجنة مجلس النواب الخاصة بالاغتيالات بعد ذلك. فقد عينته الوكالة في ذلك الوقت ليكون حلقة الوصل مع اللجنة، لكنه والوكالة أخفيا حقيقة ارتباطه بالـDRE وبالتالي بالقضية، وعرقلا تقديم السجلات، وكذبا.

وقد أدلى المستشار القانوني للجنة، روبرت بلاكي، بشهادته في عام 2014 بأنه سأل جوانيديس عن “هوارد” والـDRE، فقال إن “جوانيديس أكد لي أنه لم يتم العثور على أي سجل لضابط بهذا الاسم مرتبط بالـDRE، لكنه سيواصل البحث”.

أما المحقق السابق في اللجنة، دان هاردواي، فقد أدلى بشهادته أمام لجنة الرقابة في مجلس النواب الشهر الماضي قائلا إن جوانيديس كان يدير “عملية سرية” لإفشال التحقيق البرلماني في الاغتيال.

وبعد عامين من عرقلته لعمل اللجنة، منحته الـCIA وسام المخابرات المهنية في عام 1981. وتوفي في عام 1990.

وقالت النائبة الجمهورية من فلوريدا، آنا بولينا لونا، والتي تشرف على لجنة مجلس النواب التي تراجع الوثائق الجديدة الخاصة باغتيال كينيدي، إن جوانيديس كان “متورطًا بنسبة 1000%” في عملية تستر للـCIA.

ويرى مورلي وآخرون كتبوا بإسهاب عن اغتيال كينيدي أن عملاء مارقين من الـCIA ربما تورطوا في عملية القتل، لكن مورلي لا يزال غير مستعد للقول إن جوانيديس كان أحدهم.

بينما يرى آخرون مثل الكاتب جيرالد بوسنر أن أوزوالد هو القاتل الوحيد. لكن الجميع يتفق على أن وكالة الاستخبارات تصرفت بسوء نية بعد مقتل كينيدي.

وقال بوسنر: “إنها بصمة الـCIA المعروفة. لا يقدمون الشفافية أبدًا. لا يقولون الحقيقة. يضللون ويخفون. وعندما تظهر الوثائق، يبدون في وضع سيئ”.

وقال متحدث باسم الـCIA لموقع “أكسيوس” إن الوكالة “امتثلت بالكامل وقدمت جميع الوثائق المتعلقة باغتيال الرئيس السابق جون كينيدي ودون حجب، إلى إدارة الأرشيف الوطني، تماشيا مع توجيه الرئيس ترامب، في خطوة غير مسبوقة من الشفافية من قبل الوكالة”.

ويقول مورلي ولونا إن مدير الـCIA جون راتكليف ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد يستحقان الإشادة لمطالبتهما بمزيد من الشفافية. لذا، من المتوقع نشر المزيد من الوثائق لاحقا.

المصدر: “أكسيوس”

مقالات مشابهة

  • سويري: حكومة الاستقرار كسرت العزلة.. والدول تتسابق للتعاون مع الطرف الأقوى في ليبيا
  • الكشف عن “مفاجأة” حول الـCIA واغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي
  • المرعاش: حكومة الاستقرار كسرت احتكار الدبيبة للعلاقات الخارجية.. وبيلاروسيا مكسب لليبيين
  • الشاعري: لجنة الـ60 التي تريد البعثة إنشاءها تعيد ‎ليبيا إلى مربع المجلس الانتقالي
  • الخولي: الطرح السوري بتسليم طرابلس مقابل الجولان مؤامرة على لبنان
  • تعزيز أمني واقتصادي: قطر تمد يد العون للمؤسسة العسكرية اللبنانية
  • عاجل- السيسي يستقبل رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بالقاهرة.. ويؤكد دعم مصر للاستقرار في ليبيا
  • السيسي ورئيس مجلس النواب الليبي يؤكدان دعم وحدة ليبيا وسيادتها
  •  فيضانات كارثية في تكساس.. 13 قتيلاً وعشرات المفقودين
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!