رزان المبارك تضيء على دور إفريقيا مناخياً
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
دبي:«الخليج»
أكدت رزان خليفة المبارك رائدة الأمم المتحدة لتغيّر المناخ لمؤتمر الأطراف «COP28» ورئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، على أهمية تسريع وتيرة العمل في الحفاظ على النظم البيئية المتنوعة في القارة الإفريقية، بدءاً من المناطق البحرية والساحلية إلى البيئات البرية الشاسعة، ولا سيما مع تحول العالم إلى حلول الطاقة المتجددة.
جاء ذلك خلال مشاركتها في أسبوع المناخ الإفريقي الذي تقيمه اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ بالتزامن مع قمة المناخ الإفريقية في العاصمة الكينية، نيروبي، تحت رعاية الحكومة الكينية، والرئيس ويليام روتو، ويعد هذا الأسبوع أحد الأسابيع الإقليمية الأربعة المقرر تنظيمها لبناء الزخم المطلوب تمهيداً لانعقاد «COP28» في دبي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وتسعى رزان المبارك خلال هذه المشاركة إلى تأكيد التزامها بتعزيز مستوى النقاشات المتعلقة بحماية الموارد الطبيعية الحيوية في إفريقيا والارتقاء بها، وإعطاء الأولوية للحلول القائمة على الطبيعة في خطط العمل المناخي العالمية، وتعزيز رفاهية المجتمعات المحلية في إفريقيا، حيث قالت: «يدل التنوع البيولوجي المذهل في إفريقيا على الثروة الطبيعية التي تتمتع بها القارة، ودور المجتمعات المحلية الرائد بحمايته ورعايته. وستسمح الشراكات العالمية بتكثيف الجهود المحلية وتوسيع نطاقها لحماية هذه النظم البيئية الحيوية واستفادة جميع الأطراف من ذلك».
كما أعلنت رزان المبارك عن تلقي مبادرة «الجدار الأزرق العظيم»، تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار دعماً لهدفها بإنشاء شبكة من المناطق المحمية البحرية والساحلية.
المصدر: صحيفة الخليج
إقرأ أيضاً:
حتى لا يصبح التطرف نمط حياة
اعتاد العالم أن يوجه أصابع الاتهام إلى المتطرفين بوصفهم استثناء عن القاعدة. لكن ماذا لو لم يعد التطرف استثناء؟ ماذا لو بات قاعدة في تفكير المجتمعات، وسلوك الأفراد، وخيارات الدول؟ بل ماذا لو أصبح التطرف ـ دينيا كان أم سياسيا، ثقافيا أم طائفيا ـ هو النَفَس اليومي الذي نتنفسه، دون أن ندرك أننا نختنق به؟
لم يعد التطرف اليوم مقصورا على الجماعات المسلحة أو الحركات الدينية المتشددة، بل تسلل إلى تفاصيل الحياة اليومية، تسلل إلى نقاشاتنا، وإلى انحيازنا واختياراتنا، وإلى نظرتنا للآخر، وحتى إلى طريقة قراءة الأخبار وتفسيرها. صار الغلو، مع الأسف الشديد، جزءا من منظومة التفكير. وما كان يُعدّ يوما سلوكا شاذا، أصبح اليوم مقبولا، بل محبّذا، ومطلوبا في بعض البيئات الإعلامية والسياسية.
وساعدت التحولات التكنولوجية الهائلة، وثورة وسائل التواصل الاجتماعي، في تكريس منطق «الاصطفاف» المتطرف.. إما أن تكون معي، أو فأنت ضدي. إما أن تتبنى موقفي بالكامل، أو فأنت خائن. لا منطقة وسطى أبدا، ولا احتمال للتعدد في وجهات النظر. وهذا النوع من التفكير الثنائي هو الوجه الجديد للتطرف، وهو أكثر تعقيدا من مجرد خطاب كراهية، وأشد تأثيرا لأنه يتخفى في شعارات الفضيلة والمبادئ والخطاب الشعبوي الذي يدغدغ المشاعر الدينية والوطنية.
لا يولد هذا الغلو من فراغ، فثمة أسباب عميقة تتضافر لصناعته تتمثل في ما يمكن أن نسميه بالفقر الثقافي، وهشاشة الهوية، والخوف من التغيير، والعجز عن قبول التعدد الفكري. لكن هذا النوع من الغلو، وفي الحقيقة كل أنواعه، إنما هو نتيجة منطقية للمجتمعات لم تُربَّ على فكرة النقد، وعاشت حياتها على فكرة التلقين، ومجتمعات لم تعتد أن تعيش مع المختلف عنها ثقافيا وفكريا، واعتادت أن تهاجمه وتخوّنه، وتسخر منه. ويتأسس هذا المستوى من التفكير من داخل الأسرة، ومن المدرسة وحتى من المؤسسات التي لا يسودها التفكير المشترك إنما «الصواب الأوحد» الذي لا يأتيه الباطل من أي مكان.
ويبدو أن الكثير من الموازين باتت مقلوبة، فحتى الاعتدال لم يعد ينظر له باعتباره قيمة نبيلة لا بد أن نكرسها في حياتنا وحياة مجتمعاتنا. وتحول المعتدل في هذه البيئة الجديدة إلى «متخاذل» أو «جبان».
والأزمة هنا لا تكمن في التطرف بوصفه ظاهرة، ولكن في تحوله إلى معيار جديد للحكم على المواقف، فالغلو لم يعد دخيلا، ولكنه هو الطبيعي، وبديله يُستقبل بالريبة. بل إن بعض التيارات الدينية والثقافية باتت تقدّم الغلو بوصفه دليلا على الالتزام الحقيقي، وكأن الوسطية ضعف، والرحمة تواطؤ، والانفتاح تفريط.
ومع هذا كله، فإن الخطورة الأكبر لا تكمن في الأفكار المتطرفة بحد ذاتها، بل في البنية الثقافية التي تتقبل التطرف بوصفه أسلوب حياة، كأن تصبح لغتنا التي نتعامل بها في حياتنا وفي بناء أفكارنا لغة متطرفة، وذوقنا متطرف، ونقاشاتنا اليومية متطرفة، واحتفالاتنا متطرفة، وغضبنا متطرف، فإننا حينها نكون أمام حالة مجتمعية كاملة لا مجرد أفعال هامشية.
لا يسود هذا الأمر في المجتمعات العربية فقط، ولعل مشاهد الاصطفاف العنيف في السياسات الغربية، وتصاعد الشعبويات القومية، والحروب الثقافية في الجامعات الغربية، تؤكد أن التطرف لم يعد مشكلة شرق أوسطية فقط، بل هو أزمة إنسانية عالمية.
نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة بناء الثقافة الوسطية باعتبارها موقفا معرفيا وأخلاقيا وسلوكيا بدءا من العتبات الأولى للتربية وليس انتهاء إلى الأطروحات الفكرية والفلسفية الكبرى التي ينتجها المفكرون والفلاسفة. كما نحتاج إلى تفكيك البنى النفسية والثقافية في مجتمعاتنا لفهم أسس بناء التطرف والغلو فيها، وهذا وحده الذي يستطيع أن يحمي المجتمعات من نفسها ومن خطر التحلل الداخلي، حتى لو كانت هذه المجتمعات ترفع شعارات النهضة والتقدم؛ فالمجتمع المتطرف لا يحتاج إلى أعداء خارجيين كي يسقط؛ يكفيه أن يظل غارقا في صراعاته الداخلية حتى يتحلل من داخله، بصمت، وعلى مرأى من الجميع.