الخليج الجديد:
2025-06-09@16:12:51 GMT

عبء عسكرة العلاقات الأمريكية الخليجية

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

عبء عسكرة العلاقات الأمريكية الخليجية

عبء عسكرة العلاقات الأمريكية الخليجية

استفادت الصين من الاستقرار الخليجى، الذى تؤمنه واشنطن لها مجانا، فى وقت وسعت وأصبحت الشريك التجارى الأكبر لدول المنطقة.

وفرت واشنطن مظلة أمنية لدول المنطقة، وبدأت تتعامل مع دول الخليج الست كوحدة واحدة عندما يتعلق الأمر بالمصالح الاستراتيجية لها فى المنطقة.

أمريكا المصدر الرئيس لسلاح وعتاد وتدريب جيوش دول الخليج، وتجمعها اتفاقيات عسكرية ومناورات ثنائية متعددة بها، وأخرى جماعية فى الوقت ذاته.

تتمتع الصين بعلاقات قوية بالجانب الإيرانى المقابل فى الخليج، وهو ما أتاح لها ضمان مكانتها كصديق مقرب وشريك موثوق به لأكبر منتجى النفط والغاز فى العالم.

ساهمت بيروقراطية صنع السياسة الأمريكية في عدم الخروج من نمط التفكير التقليدي في الاعتماد على أن العلاقات العسكرية بدول الخليج أهم من باقي مجالات العلاقات.

مبدأ كارتر: «أي محاولة من قوة خارجية للسيطرة على الخليج بمثابة اعتداء على المصالح الحيوية لنا، وستتم مواجهة هذا الاعتداء بأى وسيلة ضرورية، بما فى ذلك القوة العسكرية».

* * *

لا ينافس أحد الوجود العسكرى الأمريكى فى الخليج العربى، فمنذ اندلاع الثورة الإيرانية ونجاحها فى التأسيس لنظام سياسى معاد للمصالح الأمريكية، وفرت واشنطن مظلة أمنية لدول المنطقة، وبدأت تتعامل مع دول الخليج الست كوحدة واحدة عندما يتعلق الأمر بالمصالح الاستراتيجية لها فى المنطقة.

وكان إعلان الرئيس، جيمى كارتر، فى خطاب حالة الاتحاد عام 1980 أن «أى محاولة من قوة خارجية للسيطرة على الخليج العربى بمثابة اعتداء على المصالح الحيوية لنا، وستتم مواجهة هذا الاعتداء بأى وسيلة ضرورية، بما فى ذلك القوة العسكرية» رسالة جادة ومباشرة لمن يفكر فى الاقتراب عسكريا من الخليج.

نفذت واشنطن ما تعهدت به خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية والتى استمرت خلال عقد ثمانينيات القرن الماضى، حيث وفرت الحماية لأساطيل تصدير النفط والغاز الخليجى للعالم، ثم تدخلت ضد غزو العراق للكويت في بداية تسعينيات القرن الماضى، وكذلك أرسلت مئات الآلاف من جنودها لتحرير الكويت.

ينتشر اليوم لواشنطن ما يقرب من 40 ألف جندى بمختلف دول مجلس التعاون الخليجى، ولها كذلك قواعد عسكرية ضخمة فى أغلب دول المنطقة. وتعد واشنطن المصدر الرئيس لسلاح وعتاد وتدريب جيوش دول مجلس التعاون الخليجي، وتجمعها كذلك اتفاقيات عسكرية ومناورات ثنائية متعددة بهذه الدول، واتفاقيات ومناورات جماعية لدول مجلس التعاون الخليجى فى الوقت ذاته.

• • •

خلال نفس الفترة التى ركزت فيها الولايات المتحدة على الجانب العسكرى من العلاقات بدول الخليج، نما وجود الصين فى دول الخليج بشكل كبير فى جميع مجالات الاقتصاد والتجارة ومظاهر القوة الناعمة.

وترى بكين حاليا أن مصالحها بالشرق الأوسط تُخدم بشكل أفضل من خلال التركيز على التجارة والابتعاد عن الشئون الأمنية والعسكرية. ونجحت بكين فى أن تصبح الشريك التجارى الأكبر، وربما الأهم، لكل دول مجلس التعاون الخليجى.

كذلك تتمتع الصين بعلاقات قوية بالجانب الإيرانى المقابل فى الخليج، وهو ما أتاح لها ضمان مكانتها كصديق مقرب وشريك موثوق به لأكبر منتجى النفط والغاز فى العالم.

وبالفعل أصبحت الصين الشريك التجارى الأول مع كل من السعودية وإيران، وكلتاهما دولتان حيويتان لمصالح الصين الاستراتيجية الخاصة، لا سيما حاجتها إلى مصادر موثوقة للنفط فى وقت تستورد فيه الصين النفط بوتيرة تبلغ حوالى 10 ملايين برميل يوميا، وفقا للبيانات الصينية الرسمية، وهو رقم يُتوقع استمراره فى الارتفاع خلال السنوات القادمة. ونجحت الصين فى لعب دور هام سمح بتطبيع العلاقات بين الرياض وطهران بعد قطعها لسنوات.

رغم بعض التقارير الأمريكية عن سعى الصين وضع موطئ قدم عسكرى لها في الإمارات العربية يكون بمثابة نواة لتواجد عسكرى أوسع بمنطقة الخليج، لا يبدو أن دول الخليج لديها أي استعداد بعد لمد نطاق التعاون الثنائى مع الصين لجانبه العسكرى، ولا يبدو كذلك أن الصين فى عجلة من أمرها فيما يتعلق بالتواجد العسكرى فى الخليج.

* * *

دفع نجاح بكين فى مارس الماضى فى التوسط لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، وتركيز البيت الأبيض على ملفات وقضايا المواجهة الأكبر مع الصين خاصة فى منطقة المحيطين الهندى والهادى، لخروج بعض المعلقين بآراء مفادها أن واشنطن تخسر نفوذها وبسرعة فى الخليج.

كما يضيف استمرار العداء الأمريكى الإيرانى الكثير للدفع وإبراز الجانب العسكرى فى علاقات واشنطن الخليجية، ويؤدى التعثر المتكرر والمستمر لإحياء الاتفاق النووى الإيرانى إلى وجود أسباب لتوتر مياه الخليج والتأكيد على دور واشنطن العسكرى فى حماية تصدير النفط والغاز، وهو ما يخدم المصالح الصينية والخليجية بصور مباشرة وغير مباشرة، إلا أنه لا يخدم مصالح واشنطن خاصة فيما يتعلق بمواجهتها الحتمية للصعود الصينى.

خلال سنوات حكمه الأربع، قال الرئيس السابق دونالد ترامب فى عدة مناسبات إن على الدول الخليجية أن تبدأ فى الدفع مقابل توفير المظلة الأمنية والحماية العسكرية الأمريكية لدولهم. ويؤمن قطاع كبير من الشعب الأمريكى أن بلاده تخسر الكثير من الأموال نتيجة تواجد قواته فى الخليج، وتعد عملية إرسال قوات للمنطقة مكلفة للغاية.

وفى الوقت الذى لم تعد الولايات المتحدة تستورد النفط من الشرق الأوسط، برزت أصوات تطالب بالتقشف فيما يتعلق بحماية الخليج عسكريا. وعقب حادثة هجوم طائرات مسيرة على منشآت شركة أرامكو السعودية فى سبتمبر 2019، لم ترد واشنطن عسكريا على الحوثيين الذين أعلنوا مسئوليتهم، ولا على إيران التى يُعتقد على نطاق واسع قيامها بتلك الهجمات.

وأكدت هذه الحادثة مخاوف السعودية من هشاشة علاقاتها العسكرية بواشنطن خاصة مع مطالبة ترامب الرياض بدفع مليارات الدولارات تكلفة إرسال جنود أمريكيين عقب هذه الهجمات.

* * *

ساهمت بيروقراطية صنع السياسة الأمريكية على عدم الخروج من النمط التقليدى فى التفكير والاعتماد على أن العلاقات العسكرية مع دول الخليج هي أهم من بقية مجالات العلاقات.

وسمح ذلك للصين بالاستفادة من الاستقرار الخليجى، الذى تؤمنه واشنطن لها مجانا، فى وقت وسعت وأصبحت الشريك التجارى الأكبر لدول المنطقة. ولم تعد دول الخليج تكترث بالقلق الأمريكى من زيادة تعاملها واعتمادها التكنولوجى على الصين خاصة فيما يتعلق بشبكات الجيل الخامس، وتطبيقات الذكاء الاصطناعى.

فى الوقت ذاته، يخشى الكثير من معلقى دول الخليج من إمكانية إقدام واشنطن على بيع المصالح الاستراتيجية فى الخليج من أجل «صفقة كبرى» مع إيران، وهى مخاوف لا مبرر لها إذ تقوم سياسة واشنطن تجاه طهران بمراعاة حسابات ومخاوف وضغوط إسرائيل، وليس الحسابات الخليجية أو العربية.

*محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشؤون الأمريكية من واشنطن

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا الصين إيران الاستقرار الخليج كارتر السعودية المصالح الاستراتيجية صفقة كبرى مجلس التعاون الخليجي دول مجلس التعاون لدول المنطقة النفط والغاز دول المنطقة دول الخلیج فیما یتعلق فى الخلیج فى الوقت

إقرأ أيضاً:

جنوب السودان.. سالفا كير يعلن الطوارئ في ولايتين وتحذيرات من عسكرة الحياة المدنية

أعلن رئيس جنوب السودان، سالفا كير، يوم الجمعة، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في مقاطعة ميوم بولاية الوحدة وولاية واراب، على خلفية تصاعد العنف القبلي، خصوصًا في منطقة تونج الشرقية، التي شهدت مواجهات دموية مرتبطة بسرقة الماشية وهجمات انتقامية.

وجاء الإعلان عبر مرسوم رئاسي بثه التلفزيون الحكومي، تضمن قيودًا على حركة المدنيين، فيما تحدثت تقارير عن تنفيذ غارات جوية في بعض المناطق في محاولة لردع الميليشيات المسلحة ووقف دوامة العنف.

وبموجب الدستور الانتقالي، يُفترض عرض حالة الطوارئ على الهيئة التشريعية خلال 15 يومًا من إعلانها، غير أن البرلمان في عطلة طويلة، مما يثير تساؤلات حول قانونية وتوقيت المصادقة، بحسب موقع “راديو تمازج”.

وعلّق الناشط الحقوقي تير منيانق قاتويج على القرار، واصفًا إياه بـ”غير الفعّال”، داعيًا الحكومة إلى تنفيذ الفصل الثاني من اتفاق السلام الموقع عام 2018، والذي ينص على تشكيل قوات موحدة لحفظ الأمن، محذرًا من “عسكرة الحياة المدنية”.

في المقابل، أيد الناشط المدني أدموند ياكاني حالة الطوارئ في ولاية واراب، معتبرًا أنها “خطوة وقائية”، لكنه شدد على ضرورة محاسبة النخب السياسية المتورطة في تأجيج الصراعات المحلية.

وتأتي هذه الإجراءات في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة أن المئات لقوا مصرعهم منذ ديسمبر 2024، بسبب تفاقم الصراعات الطائفية في البلاد، وخاصة في منطقة تونج الشرقية، كما أشارت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يونميس) إلى أن العنف أدى إلى دمار واسع في الممتلكات ونزوح جماعي للسكان.

وفي السياق الإنساني، أعلنت السلطات السودانية وصول نحو 25 ألف لاجئ من جنوب السودان إلى ولاية النيل الأبيض بالسودان خلال مايو الماضي، هربًا من العنف والانفلات الأمني، ما ينذر بتدهور إضافي في الوضع الإقليمي، في ظل أزمات إنسانية متراكمة تمتد على طول الحدود.

ووسط هذه التطورات، تتزايد الضغوط على حكومة جنوب السودان والمجتمع الدولي لتفعيل بنود اتفاق السلام، ووقف النزاعات المحلية قبل أن تتفاقم إلى مستوى يصعب احتواؤه.

يذكر أن جنوب السودان هو أحدث دولة مستقلة في العالم، نالت استقلالها عن السودان في يوليو 2011 بعد استفتاء شعبي. رغم الآمال الكبيرة التي صاحبت إعلان الدولة الجديدة، انزلقت البلاد سريعًا إلى حرب أهلية دامية في ديسمبر 2013، بسبب خلافات سياسية بين الرئيس سالفا كير ونائبه السابق رياك مشار، ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين، ورغم توقيع اتفاق سلام نهائي في 2018، لا تزال البلاد تعاني من هشاشة أمنية، وتفشي النزاعات القبلية، وضعف مؤسسات الدولة، وفشل في تنفيذ بنود الاتفاق، خصوصًا المتعلقة بتوحيد القوات ونزع سلاح الجماعات المسلحة. الأوضاع الإنسانية في البلاد شديدة التعقيد، مع تفشي الفقر وسوء التغذية وانتشار الأمراض، إلى جانب اعتماد ملايين المواطنين على المساعدات الدولية.

آخر تحديث: 6 يونيو 2025 - 18:19

مقالات مشابهة

  • صورة نادرة توثق المسح الزلزالي بحثًا عن النفط شرق المملكة قبل 86 عامًا
  • الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية تعكس سلوك واشنطن المتناقض
  • تايوان تجري تدريبات عسكرية بالقرب من بحر الصين الجنوبي
  • رد إيراني حاسم على العقوبات الأمريكية.. وتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الجزائر
  • طهران: العقوبات الأمريكية تؤكّد عداء عميق تجاه الشعب الإيراني
  • واشنطن تفرض عقوبات على شبكة مصرفية إيرانية وتتهمها بدعم جماعات مسلحة
  • أسعار النفط تتجه لتحقيق مكاسب مع استئناف المحادثات الصينية الأمريكية
  • الغاز يزاحم النفط.. دول الخليج في الصدارة عربياً باستخدامه لتوليد الكهرباء
  • آفاق العلاقات السورية ـ الأمريكية
  • جنوب السودان.. سالفا كير يعلن الطوارئ في ولايتين وتحذيرات من عسكرة الحياة المدنية