سلط موقع أويل برايس الأمريكي المتخصص في شؤون الطاقة، الضوء على تداعيات قرار السعودية وروسيا القاضي بتمديدهما خفض إنتاج وتصدير النفط حتى نهاية العام الجاري، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 90 دولارا للبرميل، للمرة الأولى في عام 2023.

ووفق مقال إيرينا سلاف الكاتبة والمحللة المخضرمة في شؤون صناعة النفط والغاز، فإن القرار التمديد كان غير متوقع على الاطلاق، مشيرة إلى أن تلك الخطوة التي تكررت خلال عام تضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مأزق يصعب الخروج منه.

وأوضحت أن قرار الخفض الذي أعلنه تحالف أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا العام الماضي كان مفهوما أن الدولتين تريدان من وراءه رفع أسعار النفط وهو ما قد حدث.

وتزامن قرار العام الماضي مع غزو روسيا لأوكرانيا الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والوقود، وفي محاولة لتهدئة الأسعار باعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ما يقرب من 200 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي.

لكن الآن، وقبل عام واحد فقط من الانتخابات الأمريكية، ارتفعت الأسعار مرة أخرى بسبب التمديد، وبلغ الاحتياطي الاستراتيجي للنفط أدنى مستوياته منذ أربعين عاما.

وذكرت سلاف أنه بموجبه التمديد الأخير، أصبح الخيط الذي يربط العلاقات الأمريكية السعودية أرق وأكثر اهتراء من أي وقت مضي، إذ أظهر السعوديون بوضوح أن أولوياتهم لم تعد تتماشى مع أولويات أصدقائهم في الخارج ولاسيما في واشنطن.

وقال رعد القادري، المحلل في مجموعة أوراسيا، إن السعوديين ليس لديهم في الوقت الحالي الكثير من الأصدقاء. وهناك بالتأكيد خطر أن يصبحوا الهدف الأول من قبل واشنطن لتحميله مسؤولية ارتفاع أسعار الوقود أو تباطؤ الاقتصاد مرة أخرى.

وذكرت سلاف أن أسعار النفط آخذة في الارتفاع، فقد ارتفعت أسعار البنزين، وعلى الرغم أنه كان ورغم ارتفاعا متواضعا، إلا أن مجرد وجوده قد يكون مدعاة للقلق لأن الطلب على البنزين ينخفض بعد عيد العمال، لكن الأسوأ من ذلك هو أن أسعار الديزل ارتفعت بنسبة 40% منذ شهر مايو/آيار.

وقال نائب رئيس شركة وود ماكنزي للتكرير والكيماويات وأسواق النفط إن "الديزل بشدة بسبب نوع الخام الذي يتم سحبه من السوق.. يوفر النفط السعودي عائدًا أعلى للديزل مقارنة بالنفط الخام الأخف. وتضيف هذه الخسارة تكلفة إضافية على الاقتصاد"

وبحسب سلاف إن كل هذا يحدث بالتزامن مع انتعاش الآمال في أن الولايات المتحدة لديها فرصة جيدة للتغلب على تداعيات أحداث خفض انتاج النفط العام الماضي وتجنب الركود الشامل.

وفي دليل على تلك الآمال، كانت هناك توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف ينهي رفع أسعار الفائدة (التي تسبب في التضخم) في وقت لاحق من هذا العام.

ولكن يبدو الآن أن أسعار الوقود ستقوم بمهمة رفع أسعار الفائدة، وذلك بفضل تمديد خفض أسعار الفائدة السعودي الأخير، والذي أثار المخاوف بشأن العرض العالمي.

وذكرت سلاف أن كل الاقتصادات تعتمد على وقود الديزل، ومع الارتفاع الكبير في أسعار الوقود، فإن كل شيء آخر يصبح أكثر تكلفة أيضًا، وفي نهاية المطاف، سيؤدي هذا إلى انخفاض الاستهلاك.

اقرأ أيضاً

السعودية.. هل تصل الإيرادات غير النفطية تريليون ريال في 2030؟

كل هذا وفقا لسلاف من شأنه أن يعني المزيد من الضغط على العلاقات السعودية الأمريكية، وتعزيز التصور بأن المملكة الخليجية تتحرك في اتجاه جديد - في حالة أن قبولها في مجموعة بريكس لم يكن واضحًا بما فيه الكفاية.

ولا يبشر هذا التوتر بالخير بالنسبة لأمن الطاقة في الولايات المتحدة على المدى القريب، كما لا يبشر بخير بالنسبة لفرص بايدن في انتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.

ووفق سلاف، فإن ما سبق قد تكون المشاكل الأقل أهمية بالنظر لوجود عدد قليل جدًا من الموردين الكبار لهذا النوع من الخام الثقيل الذي تحتاجه مصافي الولايات المتحدة لإنتاج المزيد من وقود الديزل.

وتضم القائمة روسيا وفنزويلا وإيران، إلى جانب كندا، والتي ينبغي أن ترسم صورة واضحة عن سبب حاجة واشنطن إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرياض.

ومع ذلك، فهي بحاجة أولاً إلى إصلاح هذه العلاقات بعد أن ألقى الرئيس بايدن باللوم على السعوديين في ارتفاع الأسعار العام الماضي، ثم اتبع ذلك بتهديدات، ثم ذهب المملكة وصافح ولي العهد الأمير محمد بقبضة يده - وهي خطوة اعتبرها العديد من المراقبين في ذلك الوقت بمثابة القشة الأخيرة لسياسة ترامب السعوديين.

والمشكلة الأكبر التي تواجه إدارة بايدن هي أنها هذا العام، ليس لديها احتياطيات احتياطية وفيرة لاستخدامها في تهدئة الأسعار كما فعلت العام الماضي.

فالاحتياطي عند أدنى مستوياته منذ أربعة عقود، ولم تتم عملية إعادة التعبئة التي وعد بها البيت الأبيض قط، حتى عندما كانت الأسعار في النطاق الذي أرادته الإدارة، وهو ما يعني أن هناك مساحة بكثير للمناورة من قبل واشنطن لتهدئة الأسعار.

ووفق سلاف فإن إلقاء اللوم على السعوديين وتحميلهم مسؤولية ارتفاع الأسعار لم ينجح في المرة الأولى (العام الماضي)، ولن ينجح هذه المرة أيضا، كما لا يمكن لإدارة بايدن إلقاء اللوم على الروس بسبب العداوة بين الجانبين جراء حرب أوكرانيا

وإلى جانب السعودية وروسيا، لا توجد أهداف مناسبة أخرى يمكن أن يحلمها البيت الأبيض مسؤولية ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي يجعل إدارة بايدن تمر مرة أخرى بوقت عصيب.  

وعقبت أن السعوديين، الذين كانوا في السابق موردًا موثوقًا للنفط الخام وحليفًا جيوسياسيًا، يظهرون الآن أنه، كما قال حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي: "لن تكون لديكم علاقة جيدة معنا، حسنًا، ستكون لدينا علاقة جيدة مع روسيا."

أما الموردون الكبار الآخرون للخام الثقيل اللازم لإنتاج الديزل فهم البلدان الخاضعة للعقوبات الأمريكية، مع استثناء ملحوظ لكندا، التي من غير المعروف أن حكومتها الفيدرالية تدعم بشكل كبير صناعة النفط في البلاد.

وخلصت سلاف أن إدارة بايدن اليوم موضوعة في مأزق، صنعته لنفسها إلى حد كبير،  لكن هذه المرة مأزق يصعب الخروج منه.

اقرأ أيضاً

الوكالة الدولية: تخفيضات السعودية وروسيا ستحدث نقصا كبيرا في إمدادات النفط

المصدر | إيرينا سلاف / أويل برايس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: خفض إنتاج النفط السعودية روسيا العلاقات السعودية الأمريكية جو بايدن الرئيس الأمريكي محمد بن سلمان السعودیة وروسیا ارتفاع أسعار العام الماضی أسعار النفط إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

إضراب واسع لأصحاب الشاحنات في إيران.. ما هي الأسباب؟

الاقتصاد نيوز - متابعة

دخل إضراب أصحاب الشاحنات في العديد من المدن الإيرانية يومه السابع، أمس الأربعاء، احتجاجا على قرار حكومي برفع أسعار الوقود جرى العدول عنه مؤقتاً تحت وطأة الاحتجاجات، وفق صحيفة “دنياي اقتصاد” (دنيا الاقتصاد) الإيرانية، فيما حذر مسؤول قضائي من اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق كل من يمنع تقديم الخدمات ونقل البضائع والسلع بواسطة الشاحنات.

وبدأ الإضراب في مدينة بندر عباس المطلة على الخليج قبل نحو أسبوع لينتقل إلى مدن أخرى ويصل إلى ذروته، يوم الثلاثاء، حيث ذكرت وسائل إعلام محلية أن سائقي الشاحنات في أكثر من 100 مدينة التحقوا بالإضراب، الذي تراجعت حدته، أمس، بعد تراجع الحكومة مؤقتاً عن رفع سعر الوقود، إلا أنه ما زال مستمراً في بعض المدن.

يحتج السائقون المضربون على العديد من الأمور، في مقدمتها زيادة رسوم التأمين، ورفع أسعار الوقود، وانخفاض أجور النقل، فضلاً عن غياب الأمن في بعض الطرقات. ويقول السائق الأربعيني علي رضا لـ”العربي الجديد” إن الإضراب الذي شهده قطاع الشاحنات خلال الأيام الماضية، كان أكبر من حالات مماثلة خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن السائقين قد سئموا من وعود تطلقها السلطات المعنية من دون تنفيذها، مما دفعهم إلى الإضراب عن الشحن.

ويضيف رضا أن تراجع الحكومة عن رفع سعر الوقود “خطوة جيدة، لكنها لا تلبي مطالبنا المتراكمة منذ سنوات”، مؤكدا ضرورة إلغاء القرار. ودعا السلطات المعنية إلى “معالجة مشاكل هذه الشريحة المكافحة جذرياً”.

حينئذ يقاطعه زميله أحمد قائلا: “هذا الإضراب يكلفنا خسائر مالية.. اشتريت شاحنتي قبل عامين ولم تنتهِ بعد أقساطها، لكننا مع ذلك قررنا أن نخوض هذا الإضراب لأن لا جدوى للعمل مالياً في ظل هذا الوضع السيئ وتجاهل مطالبنا”، موضحاً أن “تدابير تخديرية لن تنفع في معالجة المشكلة”.

في الأيام الأخيرة، وعد عدد من المسؤولين الإيرانيين، من بينهم رئيس البرلمان الإيراني ومسؤولو وزارة الطرق ومنظمة الضمان الاجتماعي، بحل مشكلات السائقين المضربين عن العمل، لكن قناة تليغرام الخاصة باتحاد نقابات سائقي الشاحنات أعربت عن شكوكها بشأن جدية هذه الوعود.

وأطلق رفع سعر الوقود شرارة هذه الإضرابات، حيث أقر مجلس الوزراء قبل فترة عرض الديزل بثلاثة أسعار ابتداءً من يوليو/تموز المقبل، كخطوة من أجل مكافحة التهريب الواسع في ظل انخفاض الأسعار وتحسين استهلاك الوقود.

وكان رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، قد كشف خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في جلسة برلمانية، عن تهريب ما يتراوح بين 25 و30 مليون لتر من الوقود إلى خارج البلاد، واصفا عمليات التهريب هذه بالمنظمة. واتهم “مراكز إنتاج ومستهلكين رئيسيين” بالضلوع في ذلك، من دون الكشف عن هوياتهم.

ووفق القرار الحكومي، تتحدد ثلاثة أسعار للديزل، الأول هو سعر الحصة المدعومة حالياً البالغ 300 تومان (نحو ثلاثة سنتات) للأسطول النشط الذي يستخدم بوليصة الشحن الإلكترونية، أما السعر الثاني، فهو شبه مدعوم، حيث يُحتسب بنصف سعر الشراء من المصافي للاستهلاك حتى 40% فوق الحصة المقررة، وتشير التقديرات إلى أنه سيكون حوالي 12 ألفاً و500 تومان (15 سنتاً)، أما السعر الثالث، والذي يُطبق للاستهلاك الأعلى، فهو يعادل سعر شراء الديزل من المصافي، ويقدر بحوالي 25 ألف تومان (22 سنتاً).

وأمام تصاعد الإضراب بين أصحاب الشاحنات في إيران، أعلن رئيس منظمة الطرق والنقل البري رضا أكبري، أن “المسؤولين الحكوميين الكبار لم يتخذوا بعد قراراً بشأن تسعير الديزل بثلاثة أسعار”، متحدثاً عن زيادة حصة الوقود لأسطول نقل البضائع، واعداً بحل مشكلة التأمين والوقود خلال شهر.

وأشار رئيس منظمة الطرق والنقل البري في حديث مع وكالة “تسنيم” الإيرانية المحافظة إلى استياء سائقي الشاحنات في الأيام الأخيرة، قائلا إن اجتماعات منتظمة عُقدت خلال الأشهر الأخيرة مع النقابات والجمعيات المهنية للنقل، وتم التعرف على بعض مشاكل السائقين ومعالجتها.

وأضاف المسؤول الإيراني أن من الإجراءات المهمة اتخاذ قرار حول توزيع البضائع بشكل عادل بين الشاحنات، مشيرا إلى أن هذا القرار لقي ترحيباً من قبل السائقين. كما تم حل موضوع ضريبة القيمة المضافة لشركات النقل بعد موافقة مجلس الشورى. وما زالت هذه الاجتماعات مستمرة، وتجري متابعة بقية المطالب.

وخلال الأيام الأخيرة، انتشرت مقاطع مصورة على شبكات التواصل، يحث فيها أصحاب الشاحنات زملاءهم على الإضراب، وفي بعض الحالات يمنعونهم من ذلك. وعليه، أعلن المدعي العام والثوري في مركز محافظة فارس “كامران ميرحاجي” الاثنين الماضي عن اعتقال وتشكيل ملفات قضائية واتخاذ إجراءات قانونية بحق من اعتبرهم “مخلين بأنشطة السائقين وسائقي الشاحنات في المحافظة”.

وشدد المسؤول القضائي الإيراني، وفق وكالة “إيسنا” الإيرانية شبه الرسمية، على أن أمن المرور مكفول في جميع طرقات فارس وتتم متابعته بدقة وحساسية، قائلا: “سيتم اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق كل من يمنع تقديم الخدمات ونقل البضائع والسلع بواسطة الشاحنات وفقاً للقانون”.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • «أوبك+» يزيد إنتاج النفط 411 ألف برميل يومياً في يوليو
  • كيف أطاحت نكتة عن “الأرز” بمنصب وزير ياباني؟
  • محللون إسرائيليون: لهذه الأسباب فشلنا في تحقيق أهداف حرب غزة
  • الحداد: أنصح بتناول الحليب يومياً لهذه الأسباب.. فيديو
  • الانخفاض الحاد في عائدات النفط يُجبر السعودية على "تقييم" أولويات الإنفاق
  • أرامكو السعودية تقترض مجددا لتعويض خسائر النفط.. ديونها ارتفعت لأعلى مستوى في 3 سنوات
  • بلومبرغ: السعودية تسعى لاجتذاب المستثمرين عبر اكتتابات جديدة وأرامكو تواصل الاقتراض
  • إضراب واسع لأصحاب الشاحنات في إيران.. ما هي الأسباب؟
  • الغرف التجارية: ظاهرة أوفر برايس السيارات تراجعت بشكل كبير
  • لهذه الأسباب..وكيل شباب الدقهلية تستقبل رئيس مجلس إدارة مركز شباب سندوب