أويل برايس: خفض إنتاج النفط يعمق الخلاف السعودي الأمريكي لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
سلط موقع أويل برايس الأمريكي المتخصص في شؤون الطاقة، الضوء على تداعيات قرار السعودية وروسيا القاضي بتمديدهما خفض إنتاج وتصدير النفط حتى نهاية العام الجاري، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 90 دولارا للبرميل، للمرة الأولى في عام 2023.
ووفق مقال إيرينا سلاف الكاتبة والمحللة المخضرمة في شؤون صناعة النفط والغاز، فإن القرار التمديد كان غير متوقع على الاطلاق، مشيرة إلى أن تلك الخطوة التي تكررت خلال عام تضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مأزق يصعب الخروج منه.
وأوضحت أن قرار الخفض الذي أعلنه تحالف أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا العام الماضي كان مفهوما أن الدولتين تريدان من وراءه رفع أسعار النفط وهو ما قد حدث.
وتزامن قرار العام الماضي مع غزو روسيا لأوكرانيا الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والوقود، وفي محاولة لتهدئة الأسعار باعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ما يقرب من 200 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي.
لكن الآن، وقبل عام واحد فقط من الانتخابات الأمريكية، ارتفعت الأسعار مرة أخرى بسبب التمديد، وبلغ الاحتياطي الاستراتيجي للنفط أدنى مستوياته منذ أربعين عاما.
وذكرت سلاف أنه بموجبه التمديد الأخير، أصبح الخيط الذي يربط العلاقات الأمريكية السعودية أرق وأكثر اهتراء من أي وقت مضي، إذ أظهر السعوديون بوضوح أن أولوياتهم لم تعد تتماشى مع أولويات أصدقائهم في الخارج ولاسيما في واشنطن.
وقال رعد القادري، المحلل في مجموعة أوراسيا، إن السعوديين ليس لديهم في الوقت الحالي الكثير من الأصدقاء. وهناك بالتأكيد خطر أن يصبحوا الهدف الأول من قبل واشنطن لتحميله مسؤولية ارتفاع أسعار الوقود أو تباطؤ الاقتصاد مرة أخرى.
وذكرت سلاف أن أسعار النفط آخذة في الارتفاع، فقد ارتفعت أسعار البنزين، وعلى الرغم أنه كان ورغم ارتفاعا متواضعا، إلا أن مجرد وجوده قد يكون مدعاة للقلق لأن الطلب على البنزين ينخفض بعد عيد العمال، لكن الأسوأ من ذلك هو أن أسعار الديزل ارتفعت بنسبة 40% منذ شهر مايو/آيار.
وقال نائب رئيس شركة وود ماكنزي للتكرير والكيماويات وأسواق النفط إن "الديزل بشدة بسبب نوع الخام الذي يتم سحبه من السوق.. يوفر النفط السعودي عائدًا أعلى للديزل مقارنة بالنفط الخام الأخف. وتضيف هذه الخسارة تكلفة إضافية على الاقتصاد"
وبحسب سلاف إن كل هذا يحدث بالتزامن مع انتعاش الآمال في أن الولايات المتحدة لديها فرصة جيدة للتغلب على تداعيات أحداث خفض انتاج النفط العام الماضي وتجنب الركود الشامل.
وفي دليل على تلك الآمال، كانت هناك توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف ينهي رفع أسعار الفائدة (التي تسبب في التضخم) في وقت لاحق من هذا العام.
ولكن يبدو الآن أن أسعار الوقود ستقوم بمهمة رفع أسعار الفائدة، وذلك بفضل تمديد خفض أسعار الفائدة السعودي الأخير، والذي أثار المخاوف بشأن العرض العالمي.
وذكرت سلاف أن كل الاقتصادات تعتمد على وقود الديزل، ومع الارتفاع الكبير في أسعار الوقود، فإن كل شيء آخر يصبح أكثر تكلفة أيضًا، وفي نهاية المطاف، سيؤدي هذا إلى انخفاض الاستهلاك.
اقرأ أيضاً
السعودية.. هل تصل الإيرادات غير النفطية تريليون ريال في 2030؟
كل هذا وفقا لسلاف من شأنه أن يعني المزيد من الضغط على العلاقات السعودية الأمريكية، وتعزيز التصور بأن المملكة الخليجية تتحرك في اتجاه جديد - في حالة أن قبولها في مجموعة بريكس لم يكن واضحًا بما فيه الكفاية.
ولا يبشر هذا التوتر بالخير بالنسبة لأمن الطاقة في الولايات المتحدة على المدى القريب، كما لا يبشر بخير بالنسبة لفرص بايدن في انتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.
ووفق سلاف، فإن ما سبق قد تكون المشاكل الأقل أهمية بالنظر لوجود عدد قليل جدًا من الموردين الكبار لهذا النوع من الخام الثقيل الذي تحتاجه مصافي الولايات المتحدة لإنتاج المزيد من وقود الديزل.
وتضم القائمة روسيا وفنزويلا وإيران، إلى جانب كندا، والتي ينبغي أن ترسم صورة واضحة عن سبب حاجة واشنطن إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرياض.
ومع ذلك، فهي بحاجة أولاً إلى إصلاح هذه العلاقات بعد أن ألقى الرئيس بايدن باللوم على السعوديين في ارتفاع الأسعار العام الماضي، ثم اتبع ذلك بتهديدات، ثم ذهب المملكة وصافح ولي العهد الأمير محمد بقبضة يده - وهي خطوة اعتبرها العديد من المراقبين في ذلك الوقت بمثابة القشة الأخيرة لسياسة ترامب السعوديين.
والمشكلة الأكبر التي تواجه إدارة بايدن هي أنها هذا العام، ليس لديها احتياطيات احتياطية وفيرة لاستخدامها في تهدئة الأسعار كما فعلت العام الماضي.
فالاحتياطي عند أدنى مستوياته منذ أربعة عقود، ولم تتم عملية إعادة التعبئة التي وعد بها البيت الأبيض قط، حتى عندما كانت الأسعار في النطاق الذي أرادته الإدارة، وهو ما يعني أن هناك مساحة بكثير للمناورة من قبل واشنطن لتهدئة الأسعار.
ووفق سلاف فإن إلقاء اللوم على السعوديين وتحميلهم مسؤولية ارتفاع الأسعار لم ينجح في المرة الأولى (العام الماضي)، ولن ينجح هذه المرة أيضا، كما لا يمكن لإدارة بايدن إلقاء اللوم على الروس بسبب العداوة بين الجانبين جراء حرب أوكرانيا
وإلى جانب السعودية وروسيا، لا توجد أهداف مناسبة أخرى يمكن أن يحلمها البيت الأبيض مسؤولية ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي يجعل إدارة بايدن تمر مرة أخرى بوقت عصيب.
وعقبت أن السعوديين، الذين كانوا في السابق موردًا موثوقًا للنفط الخام وحليفًا جيوسياسيًا، يظهرون الآن أنه، كما قال حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي: "لن تكون لديكم علاقة جيدة معنا، حسنًا، ستكون لدينا علاقة جيدة مع روسيا."
أما الموردون الكبار الآخرون للخام الثقيل اللازم لإنتاج الديزل فهم البلدان الخاضعة للعقوبات الأمريكية، مع استثناء ملحوظ لكندا، التي من غير المعروف أن حكومتها الفيدرالية تدعم بشكل كبير صناعة النفط في البلاد.
وخلصت سلاف أن إدارة بايدن اليوم موضوعة في مأزق، صنعته لنفسها إلى حد كبير، لكن هذه المرة مأزق يصعب الخروج منه.
اقرأ أيضاً
الوكالة الدولية: تخفيضات السعودية وروسيا ستحدث نقصا كبيرا في إمدادات النفط
المصدر | إيرينا سلاف / أويل برايس- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: خفض إنتاج النفط السعودية روسيا العلاقات السعودية الأمريكية جو بايدن الرئيس الأمريكي محمد بن سلمان السعودیة وروسیا ارتفاع أسعار العام الماضی أسعار النفط إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
النفط يرتفع فوق 63 دولاراً.. تصريحات ترامب تعيد بعض التفاؤل للأسواق!
تشهد أسواق النفط العالمية مرحلة حافلة بالتقلبات، مع استمرار التوترات بين أكبر مستهلكين للطاقة في العالم، الولايات المتحدة والصين، وسط مزيج من المؤشرات المتباينة التي تضغط على الأسعار من جهة وتدعمها من جهة أخرى.
وارتفع خام برنت فوق 63 دولارًا للبرميل بعد تراجع حاد بلغ 3.8% يوم الجمعة، وهو أكبر انخفاض منذ أغسطس الماضي، فيما استقر خام غرب تكساس الوسيط عند حدود 60 دولارًا للبرميل.
ورغم أن التراجع عكس مخاوف الأسواق من تباطؤ الطلب العالمي، فإن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استعداده لاستئناف المفاوضات التجارية مع بكين أعادت قدراً من التفاؤل إلى المتعاملين.
وقال ترمب في تصريحات الأحد إن الولايات المتحدة ستكون “بخير مع الصين”، رغم عزمه المضي في فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السلع الصينية ابتداءً من الأول من نوفمبر 2025، ما اعتبرته الأسواق إشارة إلى احتمال تخفيف حدة المواجهة الاقتصادية بين الجانبين.
في المقابل، ردت الصين بإعلان فرض رسوم إضافية على السفن الأميركية الوافدة إلى موانئها، تدخل حيز التنفيذ في 14 أكتوبر، ما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن وارتفاع أسعار ناقلات النفط، فضلاً عن اتساع حالة الغموض في السوق. وتزامن القرار مع إجراءات أميركية مماثلة استهدفت السفن الصينية، في تصعيد متبادل يهدد باضطراب سلاسل الإمداد العالمية.
ورغم اللهجة التصالحية من الجانب الأميركي، فإن المراقبين يرون أن التوتر الجيوسياسي ما زال يلقي بظلاله على الأسعار.
كما أثارت التهديدات الأميركية بفرض رسوم جديدة على المعادن الثمينة مثل الفضة والبلاتين موجة من القلق الإضافي، دفعت المستثمرين إلى التعامل مع النفط جزئيًا كملاذ آمن وسط اضطراب الأسواق.
وفي جانب آخر، تتزايد المخاوف من تخمة المعروض في السوق، مع ارتفاع إنتاج تحالف “أوبك+” خلال الأسابيع الماضية.
ويرى حارس خورشيد، المدير التنفيذي للاستثمار في “كاروبار كابيتال”، أن الأسواق كانت قد استوعبت بالفعل أسوأ السيناريوهات، وأن لهجة ترمب الأكثر اعتدالاً قد تمنح الأسعار فرصة محدودة للتعافي، لكنها تظل هشّة في غياب تقدم حقيقي في المفاوضات التجارية.
ويُتوقع أن تبقى أسواق النفط تحت ضغط مزدوج من وفرة المعروض العالمي والتوترات الجيوسياسية، رغم التراجع المؤقت في المخاطر الإقليمية بعد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس.
ويرى محللون أن هذا الهدوء النسبي قد يحد من موجات الارتفاع في الأسعار، لكنه لن يبدد تماماً المخاوف من تقلبات جديدة إذا ما تجددت التوترات في الشرق الأوسط أو تعثرت المحادثات بين واشنطن وبكين.