تحت عنوان "المسار الاقتصادي لكازاخستان العادلة"، افتتح الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف الدورة الثانية للبرلمان مطلع الشهر الحالي، ملقياً خطاب "حالة الأمة"، الذي تناول تفاصيل خطة اقتصادية طموحة ومتوسطة الأجل (6 سنوات) رسمها لكازاخستان.

أهداف تلك الخطة ترمي إلى منح كازاخستان "هوية" اقتصادية جديدة ومتطورة، تجعل من البلاد التي تقع في قلب القارة الآسيوية "محطة عبور"، أو همزة وصل بين الشرق والغرب، تدفع بالاقتصاد لبلوغ نمو مستقر نسبته بين 6 و7 في المئة ومضاعفة حجمه لنحو 450 مليار دولار بحلول عام 2029.



مسار الخطة يقوم على ثلاثة مبادئ: "العدالة" و"الشمولية" و"الواقعية"، تجمع بين الإصلاحات السياسية والإدارية من جهة والتحول الاجتماعي- الاقتصادي العميق لدولة تنتظر بلوغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة مع نهاية العام الحالي (ثلثهم من عنصر الشباب).

في خطته، لم ينسَ توكاييف أهمية اعتماد سياسة خارجية متوازنة، قائمة على "حسن الجوار"، وخصوصاً مع روسيا والصين وبقية الجيران في وسط وجنوب آسيا. حسن الجوار في نظر توكاييف سيكون كفيلاً بجعل كازاخستان "همزة وصل" بين المحورين أو "قوة نقل ولوجستيات كاملة".

النقل والخدمات اللوجستية لهما أهمية استراتيجية، نتيجة تشكّل جغرافيا اقتصادية جديدة لعالم تنمو تدفقاته التجارية بشكل مضطرد، من الصين باتجاه روسيا ودول آسيا ثم نحو القارة، وكذلك العكس.

ولهذا يخطط توكاييف للاستفادة من موقع بلاده الجغرافي، باعتبارها "مفترق طرق" يربط شمال العالم وجنوبه وغربه وشرقه، وهي ميزة قادرة على فتح آفاق غير محدودة في مجالي النقل والخدمات اللوجستية، باعتبارهما من أهم محركات التنمية، وذلك من خلال التالي:

- تنفيذ مشاريع بنى تحتية مثل سكك حديدية كبيرة، بالتعاون مع روسيا والصين.

- تنفيذ طرق نقل بحرية شبيهة لممر بحر قزوين، لزيادة حجم حركة المرور البحرية بمقدار 5 أضعاف، وكذلك توحيد الجهود مع الصين وأذربيجان وجورجيا وتركيا، من أجل الوصول إلى موانئ الخليج الفارسي، والتكامل مع مشروع "الحزام والطريق".

- تطوير مطارات المدن في أستانا وألماتي وشيمكنت وأكتوبي، لجعلها مراكز متعددة الوسائط وقادرة على تقديم خدمات تنافسية عالية الجودة، في مجال تخزين وتوزيع البضائع.

- إطلاق عملية إعادة إعمار ضخمة وعالية الجودة، لأكثر من 4000 كيلومتر من شبكات الطرقات.

بحسب الخطة، فإنّ هذا التطوّير الديناميكي لقطاع النقل هو "مهمة استراتيجية"، من أجل زيادة حصة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من قرابة 6 في المئة إلى نحو 9 في المئة في السنوات المقبلة.

أمّا الخطوط العريضة للإصلاحات الاقتصادية، فإنها قائمة على الإطار الصناعي القوي، القادر على تأمين الاكتفاء الذاتي، مع تنويع قطاعات الاقتصاد، والتركيز خصوصاً على القطاع السياحي في البلاد، وتوازياً، إطلاق عمليات الخصخصة واكتتاب عام من أجل زيادة شفافية وكفاءة إدارة أصول الدولة.

أضف إلى ذلك أيضاً، تحديث إدارة قطاع التعدين لجذب الاستثمارات، لأنّها ضرورية في إطلاق عنان القطاع الصناعي مع الاستفادة القصوى من المواد الخام وثروات البلاد، وكذلك زيادة المشتريات المحلية حتى 10 في المئة على الأقل من أجل الحفاظ على ميزان المدفوعات.

يعتبر توكاييف في خطته، أنّ مشكلة الاقتصاد في كازاخستان هي نقص الاستثمارات، الذي يؤثر بشكل كبير على حجم النمو. أمّا سبب ذلك، فهو ضعف المصارف المحلية، التي لا تشارك إلاّ بشكل ضئيل في التنمية الاقتصادية من خلال تأمين القروض، وهذا ما يجبر الحكومة على التدخل من أجل التمويل المباشر، الذي يتعارض مع مبادئ اقتصاد السوق.

ومن هذا المنطلق تدعو خطة توكاييف إلى تحفيز المصارف الـ21 في البلاد من أجل مشاركتها الفعالة في إقراض الشركات ورواد الأعمال، مع جذب 3 مصارف أجنبية موثوقة إلى القطاع المصرفي في كازاخستان، لأنّ ذلك سيزيد عنصر المنافسة.

وكذلك تطوير سوق الأوراق المالية عن طريق جمع إمكانات البورصتين في كازاخستان تحت إدارة واحدة، وذلك لتحاشي تنافسهما وزيادة قدرتهما عن طريق استقطاب رؤوس الأموال أيضاً.

الهدف الاستراتيجي الآخر الذي تبنته خطة توكاييف، هو جعل كازاخستان مركزاً زراعياً ضمن القارة الأوراسية، وذلك من خلال الانتقال من الصناعة الزراعية البدائية إلى الصناعة ذات القيمة المضافة لزيادة حصتها في السوق إلى 70 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ولا شك أن النموذج الاقتصادي الذي يصبو إليه توكاييف، بحاجة إلى بنى تحتية متينة. ولهذا اعترف الزعيم الكازاخستاني في خطابه بأهمية الطاقة، التي أفرد لها جزءاً وازناً من خطابه. فكشف أنّه على مدى السنوات الخمس المقبلة، سيتم تشغيل نحو 14 جيغاوات من قدرات الطاقة الجديدة، من أجل التوقف تباعاً عن استيراد الكهرباء من دول الجوار، خصوصاً مع تطوير الطاقة النووية. فلا يُعقل أن تكون كازاخستان أكبر منتج لليورانيوم في العالم، ولا يكون لديها طاقة مولدة بالطاقة النووية الخاصة بها!

وكذلك توسيع قاعدة موارد الغاز، من خلال تسريع بناء محطات جديدة لمعالجته من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية إلى كازاخستان من أجل استكشاف وتطوير حقول غاز إضافية.

أمّا في المجال السياسي، فتشدد الخطة على أهمية إحداث تغييرات سياسية واسعة، هي بدأ بالفعل منذ العام الفائت، ويُنتظر توسعها في المستقبل، حتى تتيح للمواطنين الكازاخستانيين المشاركة بشكل مباشر في اختيار مرشحيهم المحليين وكذلك في صناعة القرارات على مستوى السلطة التنفيذية المحلية، وصولاً إلى توسيع تلك التجربة الانتخابية مع الوقت حتى تشمل مستوى انتخاب حكّام المقاطعات والمدن ذات الأهمية الإقليمية.

وتوازياً، ترمي الخطة إلى العمل على إزالة سائر مظاهر القيود البيروقراطية من أجهزة الدولة، بما يتيح للحكومة بعمل بشكل أكثر توازناً، حتى تستطيع تنفيذ كل ما سبق ذكره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الكازاخستاني توكاييف التنمية مشاريع كازاخستان تنمية مشاريع توكاييف سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

التخطيط تعلن خطة المواطن لمحافظة الدقهلية.. 8.9 مليار جنيه استثمارات و522 مشروعًا تنمويًا

أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تقريرًا يستعرض خطة المواطن الاستثمارية عن العام 2025/24 لمحافظة الدقهلية.

ومن جانبها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن إتاحة البيانات التفصيلية عن الخطط والبرامج التنموية للدولة في كل محافظة من خلال “خطة المواطن”، يمثل خطوة أساسية في ضمان مشاركة المواطنين في متابعة تنفيذها واقتراح المشروعات ذات الأولوية، بما يعزز آليات التخطيط التشاركي وتوطين أهداف التنمية المستدامة، موضحة دور خطط المواطن في تعزيز أواصر الثقة بين المواطن والدولة، من خلال تعزيز الشفافية والانفتاح على المجتمع، ومشاركة المواطنين في متابعة تنفيذ الخطط والمشروعات.

حسن الخطيب: نعمل على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع الإماراتالتخطيط: 93.5 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الجيزة

وتتضمن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/24 على المستوى القومي، استثمارات كلية بـ 1987 مليار جنيه، تبلغ نسبة الاستثمارات العامة منها 50.3٪، في حين بلغت الاستثمارات الخاصة نسبة 49.7٪، مضيفة أن الخطة تتضمن توجيه 14 ٪ من الاستثمارات العامة المُوزعة لمحافظات الصعيد، 75 ٪ لتطوير البنية الأساسية والتنمية الصناعية، 20 ٪ للتنمية البشرية والاجتماعية، 5 ٪ من الاستثمارات العامة موجهة لبرامج التنمية المحلية، مضيفة أن الخطة تستهدف معدل نمو اقتصادي يبلغ 4.2 ٪، مع تحقيق مُعدل استثمار يبلغ 13٪، ومُعدل بطالة 7 ٪.
وحول أهم المؤشرات التنموية لمحافظة الدقهلية 2023، أوضحت «المشاط» أن معدل البطالة بلغ 2.1٪، يستحوذ القطاع الحكومي على 16.9٪ من المشتغلين، كما بلغ عدد المشتغلين من 15 سنة فأكثر 1.9 مليون مشتغل، وبلغ عدد السكان في عام 2024؛ 7 مليون نسمة.

وأشارت إلى أن الاستثمارات العامة المُوجهة لمحافظة الدقهلية في خطة 2025/24 بلغت 8.9 مليار جنيه، وبلغ عدد المشروعات بالمحافظة 522 مشروعًا تنمويًا تمثل 1.8٪ من الاستثمارات العامة الموزعة بخلاف المشروعات الموجهة من خلال المشروع القومي لتطوير الريف المصري "حياة كريمة" لافتةً إلى التوزيع القطاعي للاستثمارات العامة المُستهدفة بمحافظة القاهرة؛ لينال قطاع النقل 1.7 مليار جنيه بنسبة 19.8٪، يليه قطاع الإسكان بقيمة 1.65 مليار جنيه بنسبة 18.5٪، وقطاع التعليم قبل الجامعي بـ 1.37 مليار جنيه، التعليم العالي بـ 1.48 مليار جنيه، والصحة بقيمة 471 مليون جنيه، والتنمية المحلية بقيمة 1.5 مليار جنيه، فضلًا عن قطاعات أخري بـ 654 مليون جنيه.

وتناول تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي مستهدفات الخطة وأبرز مشروعاتها في القطاعات المختلفة، حيث استهل التقرير المستهدفات بمبادرة حياة كريمة في مرحلتها الأولى بمحافظة الدقهلية والتي استهدفت مركز شربين بعدد قرى 26 قرية، وعدد سكان بلغ 380 ألف نسمة، وفصل التقرير التوزيع النسبي للاعتمادات المالية على البرامج الأساسية بحياة كريمة حيث يحظى برنامج تطوير خدمات البنية الأساسية بنسبة80%، وتطوير الخدمات الصحية بنسبة 6%، تطوير الخدمات الزراعية والري بنسبة 5%، وتطوير الخدمات التعليمية بنسبة 4%، وتطوير خدمات الحماية والرعاية الاجتماعية وتنمية الأسرة المصرية بنسبة 1%، تطوير الخدمات الشبابية والرياضية بنسبة 2%، وتطوير الخدمات المحلية بنسبة 2%.

واستعرض التقرير أبرز مشروعات الخطة لمبادرة حياة كريمة بالدقهلية والتي تضمنت 5 عمارات سكنية للأسر الأولى بالرعاية، 12 وحدة اجتماعية، 8 مجمعات خدمات زراعية، 7 نقطة إسعاف، 24 وحدة صحية، 447 فصل دراسي، 56 مدرسة، 8 محطات مياه شرب، 26 مشروع صرف صحي، 9 محطات معالجة، 38 برج شبكات محمول توصيل شبكة الألياف الضوئية، 24 مركز شباب، 8 مجمعات خدمات حكومية، 22 مكتب بريد، 3 نقاط شرطة، 16 مشروع تأهيل وتبطين ترع بأطوال (75) كم، 35 مشروع رصف طرق رئيسية وداخلية، 26 كوبري ري/سوق، 26 مشروع كهرباء توصيل شبكة الغاز الطبيعي.

وأوضح التقرير أن الخطة تستهدف في مجال النقل تطوير نظم نقل آمنة ومستدامة” من خلال توجيه 1.7 مليار جنيه لتطوير طريق بنها/ المنصورة شرق الرياح التوفيقي، وإنشاء خط بطره/ بسنديله، وتوسيع ورفع كفاءة الطريق الدائري حول مدينة المنصورة من كوبري سندوب حتى كوبري المنصورة بطول 4.5 كم وتوسعة كوبري الجامعة.
وفيما يخص قطاع الإسكان، أوضح التقرير أن الخطة تستهدف "إتاحة السكن اللائق” من خلال توجيه 1.65 مليار جنيه لتطوير خدمات الإسكان، حيث تمثلت أهم المستهدفات التنموية لخطة 2025/24، في توجيه نحو 874 مليون جنيه، تضمنت مشروعات توسعات صرف صحي المنصورة، إنشاء كوبري ميت غمر، سكن لكل المصريين بمركز الشيخ زايد.

وعن قطاعي الصحة والتنمية المحلية، أشار تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن الخطة تستهدف إتاحة خدمات صحية متميزة” من خلال توجيه 471 مليون جنيه لعدد 15 مشروع، فضلًا عن “تعزيز التنمية المكانية والمحلية” من خلال توجيه 1.5 مليار جنيه لتطوير خدمات التنمية المحلية لعدد 282 مشروع.

وتمثلت أبرز مشروعات القطاعين وفقًا للتقرير في إحلال وتجديد مستشفى شربين العام، تطوير وحدات الرعاية الأولية، استكمال تطوير مستشفى صدر المنصورة، ومستشفى حميات المنصورة، وفيما يخص مشروعات قطاع التنمية المحلية فتتضمن الخطة وفقًا للتقرير مشروع "مصرف كتشنر" من حيث إنشاء مصانع التدوير والمعالجة البيولوجية، تطوير ورفع كفاءة مجزر شربين، تطوير ورفع كفاءة مجزر ميت غمر وبلقاس وتمي الأمديد.

وجدير بالذكر، أن الوزارة تتيح خطط المواطن الاستثمارية لكافة المحافظات على موقعها الإلكتروني، وعلى تطبيق المحمول "شارك 2030".

للحصول على التطبيق عبر متجر آبل
‏‪https://apps.apple.com/eg/app/sharek-2030/id1576704516‬ ‬‬‬

للحصول على التطبيق عبر جوجل بلاي
‏‪https://play.google.com/store/apps/details?id=com.project.egy2030

طباعة شارك التخطيط خطة المواطن الاستثمارية الدقهلية التعاون الدولي

مقالات مشابهة

  • اليمن: الفقر وسوء التغذية يفاقمان معاناة الأطفال خلال سنوات النزاع الدموي
  • انطلاق الأسبوع التدريبي الأخير من الخطة التدريبية للمحليات بسقارة
  • تحويل الأندية إلى مؤسسات صغيرة ومتوسطة
  • يديعوت تتحدث بشأن تنفيذ الخطة الأمريكية لتوزيع المساعدات خلال الأيام القادمة
  • السوداني يخاف ان يفتح فمه أمام إيران بشأن قطعها المياه عن العراق وكذلك مع تركيا
  • نائب أردوغان: الصعوبات الاقتصادية الحالية مؤقتة
  • التخطيط تعلن خطة المواطن لمحافظة الدقهلية.. 8.9 مليار جنيه استثمارات و522 مشروعًا تنمويًا
  • هذا ما يجب أن تفعله بريطانيا والغرب فورًا
  • 3 ميداليات لـ«الطيران الشراعي» في «دولية كازاخستان»
  • المركزي التركي يبقي على توقعاته لمعدلات التضخم