موقع 24:
2025-08-01@10:16:32 GMT

لماذا مجموعة «بريكس»؟

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

لماذا مجموعة «بريكس»؟

لقد جاء قرار دولة الإمارات بالانضمام إلى مجموعة «بريكس» تعبيراً حقيقياً عن عمق البصيرة وسداد الرؤى، فهذا القرار ليس مجرد تحالف مع مجموعة من الاقتصادات الناشئة، بل إنه خطوة كبيرة نحو إعادة التموضع العالمي.

ويعكس القرار بشكل جلي بُعد نظر القيادة الرشيدة، ومدى فطنتها وبراعتها السياسية التي لا يدانيها أحد في مشارق الأرض ومغاربها؛ فدولة الإمارات نجحت بلا شك في تأسيس علاقات دبلوماسية قوية مع سائر الدول في جميع أنحاء العالم، ومن خلال انضمامها اليوم إلى مجموعة «بريكس»، فإنها تعمل على تعزيز هذه القدرة الدبلوماسية، وفرض حضورها الجيوسياسي الأقوى على الصعيد العالمي، هذا الحضور الذي يمكّنها ليس فقط من التأثير في السياسات العالمية بشأن القضايا الملحة، وإنما الإسهام مباشرة في صناعة تلك السياسات، ووضع فقراتها، الأمر الذي يضيف إنجازاً جديداً للدولة على الساحتين الإقليمية والدولية.


ومن أجل الخوض عميقاً في هذا الإطار، لابد أولاً من إعطاء لمحة عن ماهية تلك المجموعة وعن أسسها وأهدافها؛ فمجموعة «بريكس» تأسست في الأصل كرابطة للاقتصادات الوطنية الناشئة، ضمت في بدايتها كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ثم تطورت على مر السنين لتصبح منصة للحوار والتعاون حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل التنمية المستدامة ورأس المال البشري، إضافة إلى التجارة والتمويل والبنية التحتية والابتكار والسلام العالمي، فمجموعة «بريكس» ليست مجرد مجموعة اقتصادية، وإنما هي تعبير عن النوايا والتطلعات فيما يخص الأنظمة المالية والتجارية العالمية القائمة، خاصة أن دول المجموعة تمثل حالياً ما يقارب 41% من سكان العالم، وأيضاً رُبع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وإذا ما أضفنا إليها دولة الإمارات التي ستنضم مع بداية العام القادم، إلى جانب غيرها من الدول التي نذكر منها المملكة العربية السعودية ومصر، فلكم أن تتخيلوا حجم تلك المجموعة وقوتها الاقتصادية والبشرية الهائلة.
لاشك في أن دولة الإمارات أدركت من زمن بعيد ضرورة تنويع اقتصادها بعيداً عن قطاعي النفط والغاز، وذلك عبر التركيز على كل من التكنولوجيا والابتكار والصناعة والسياحة وغيرها الكثير من القطاعات والخدمات، ومن هنا يأتي انضمامها إلى مجموعة «بريكس» تعزيزاً لتلك الجهود، لأن ذلك سيتيح لها أولاً إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية سريعة النمو، وثانياً التلاقي مع مجموعة جديدة من الشركاء التجاريين، فالدول الأعضاء في المجموعة اليوم تتميز بمواردها السلعية وتقدمها التكنولوجي، ما يمثل إمكانات هائلة للنمو بالنسبة لجميع القطاعات في الدولة؛ كما أن مجموعة «بريكس»، كما أسلفت أعلاه، ليست مجرد كتلة اقتصادية، بل هي تحالف يؤكد نفسه بشكل متزايد على الساحة العالمية، وهو يمنح دولة الإمارات منصة إضافية متعددة الأطراف للتعبير عن وجهات نظرها، وبناء التحالفات، وأيضاً اكتساب النفوذ في القضايا التي تعتبر بالغة الأهمية لمصلحتها الوطنية؛ فدولة الإمارات كما يعلم الجميع اليوم هي المركز الذي تتقاطع عنده المصالح الجيوسياسية ما بين الغرب والشرق، وهي الجسر الذي يربط ما بين الاقتصادات والثقافات المتنوعة، وهي أيضاً واحد من أكبر اللاعبين في عالم متعدد الأقطاب.
ولعل الجانب الأبرز في هذا القرار هو مدى توافقه مع المستقبل، فمن خلال مواءمتها ما بين الاقتصادات الناشئة التي لديها أسواق داخلية هائلة وإمكانات تكنولوجية متميزة، وما بين النظام الاقتصادي العالمي الذي يطبعه الغرب بنفوذه وتأثيراته، تعزز دولة الإمارات من حضورها الفاعل، وترتقي بدرجة مرونتها في مواجهة التحولات الاقتصادية العالمية المتغيرة باستمرار، وهي أيضاً تحمي نفسها من حالات الضباب وعدم اليقين الاقتصادية التي بتنا نشاهدها كثيراً هذه الأيام؛ أي أن دولة الإمارات توظف هذا الانضمام كدرع متين قادر على حماية الاقتصاد مهما حمل المستقبل معه من تقلبات وغموض.
يمكنني القول ختاماً إن انضمام الدولة إلى مجموعة «بريكس» هو سطر جديد في سجلها الذهبي، وإشارة واضحة على جاهزيتها للقيادة العالمية والتعاون الدولي الفعال، وهو يأتي اليوم كشهادة حقيقية على دور السياسات الحكيمة للقيادة الرشيدة في تمكين الدولة من تجاوز حدودها الإقليمية، والظهور كلاعب عالمي مؤثر؛ وذلك أن انضمام دولة الإمارات إلى مجموعة «بريكس» لا يمثل انعكاساً لمصالحها الاقتصادية فحسب، بل إنه التزام منها بالتعددية والاستدامة والنمو المشترك والاستقرار العالمي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني دولة الإمارات إلى مجموعة ما بین

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. جهود دبلوماسية استثنائية لرفع الحصار عن قطاع غزة

تقود دولة الإمارات منذ اندلاع الأزمة في قطاع غزة في أكتوبر 2023، جهودا دبلوماسية مكثفة بالتعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين لمنع تصاعد حدة العنف وتوسع دائرته، مع التأكيد الدائم على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق. وتجسد مواقف دولة الإمارات تجاه ما يحدث في قطاع غزة سياستها وجهودها المخلصة في البحث عن حل سياسي يضمن تجنيب الشعب الفلسطيني الشقيق مزيدا من المآسي والمعاناة الإنسانية، مما يتسق مع المواقف العربية والدولية.
واستحوذت جهود وقف العنف والتصعيد الدائر في قطاع غزة على جانب مهم من اتصالات ولقاءات التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، مع قادة الدول العربية والأجنبية، خلال الفترة الماضية، والتي ركزت على حشد الجهود الدولية لضمان احترام القانون الدولي الإنساني وتوفير الحماية للمدنيين وتجنيبهم المعاناة المتفاقمة نتيجة التطورات الميدانية المقلقة.
وشارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، في الاجتماع الاستثنائي الذي عقده قادة مجموعة «بريكس» في نوفمبر 2023 بشأن الأوضاع في قطاع غزة عبر تقنية الاتصال المرئي، حيث جدد سموه دعوة دولة الإمارات إلى حماية المدنيين في قطاع غزة وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل آمن وعاجل ومستدام دون عوائق والوقف الفوري لإطلاق النار.
وحققت الجهود الدبلوماسية الإماراتية العديد من النجاحات في التوصل لهدن إنسانية واتفاقيات تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومن أبرز الأمثلة على تلك النجاحات، الاتفاق على بدء إدخال مساعدات إنسانية عاجلة من دولة الإمارات، تهدف لتلبية الاحتياجات الغذائية لنحو 15 ألف مدني في قطاع غزة كمرحلة أولى، والذي جاء بعد اتصال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، مع معالي جدعون ساعر، وزير خارجية دولة إسرائيل، في 21 يوليو الماضي.
وتمتلك دولة الإمارات سجلا طويلا من الجهود السياسية والدبلوماسية في دعم الأشقاء الفلسطينيين منذ اندلاع الأزمة في قطاع غزة، ويمكن التوقف عند العديد من المحطات البارزة مثل قرار مجلس الأمن رقم 2712 بتاريخ 15 نوفمبر 2023 الذي يدعو إلى سلسلة من فترات التوقف عن القتال تمتد لعدة أيام في قطاع غزة، تكفي لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل وعاجل وآمن ومن دون عوائق، إذ عملت الإمارات، بصفتها العضو العربي في المجلس، بشكل وثيق مع البعثة الدائمة لـ «مالطا» لدى الأمم المتحدة، القائمة على صياغة هذا القرار وتقديم الدعم اللازم لصدوره.
واعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في ديسمبر 2023 القرار رقم 2720، الذي قدمته دولة الإمارات ويطالب باتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة في قطاع غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض.
وشاركت دولة الإمارات في الاجتماع الوزاري العربي الذي عقد في مارس 2024 بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي أكد على أولوية تحقيق وقف شامل وفوري لإطلاق النار، وزيادة نفاذ المساعدات الإنسانية، وفتح جميع المعابر بين إسرائيل والقطاع، وعلى ضرورة توفير الدعم الكامل لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».
ورحبت دولة الإمارات في مايو 2024 بقرار محكمة العدل الدولية فرض تدابير مؤقتة إضافية على إسرائيل تطالبها بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية في محافظة رفح، وما يتسبب به ذلك من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة.
وشاركت الإمارات في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي عقد بتاريخ 29 مايو 2024 في بروكسل، والذي دعا إلى وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وجددت دولة الإمارات التأكيد على مواصلة الدعم الإنساني والإغاثي للأشقاء الفلسطينيين، وعلى أولوية الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في قطاع غزة، خلال مشاركتها في كل من مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة الذي عُقد في ديسمبر 2024 في القاهرة، والاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في مارس 2025 بالمملكة العربية السعودية.
وشددت دولة الإمارات على ضرورة تضافر الجهود الدولية لوقف الحرب في غزة، وتمهيد الطريق لحل مستدام للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وذلك خلال مشاركتها في المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين الذي عقد مؤخرا في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك.

 

أخبار ذات صلة الرئيس اللبناني يطالب «حزب الله» بإلقاء السلاح وإسرائيل بالانسحاب المبعوث الأميركي يزور غزة على وقع «المجاعة» ومقتل العشرات المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. جهود دبلوماسية استثنائية لرفع الحصار عن قطاع غزة
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في قطاع غزة
  • الرباعية في خبر كان… لماذا؟
  • ترامب يهدد برسوم جمركية على مشترين نفط روسيا وسط تحديات دول بريكس
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في غزة
  • عادل الباز يكتب: الرباعية في خبر كان.. لماذا؟
  • الإمارات تدين الهجوم الذي استهدف مركبات في ولاية بلاتو بنيجيريا
  • الإمارات تدين الهجوم الذي استهدف مركبات في ولاية “بلاتو” بنيجيريا
  • «إي آند» تطلق برنامج خريجي الذكاء الاصطناعي لعام 2025
  • الإمارات تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة في الكونغو