ليوناردو دينى يكتب: نهاية يفجينى بريجوجين.. دروس من وفاة زعيم فاجنر قبل عام من انتخابات الكرملين
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
«لقد كان رجلًا موهوبًا، مصيره مؤلم».. هكذا عرّف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى ٢٤ أغسطس ٢٠٢٣، يفجينى بريجوجين عندما تذكره.. بعد شهرين بالضبط من زحفه إلى موسكو أخذت القصة الإنسانية ليفجينى بريجوجين نهاية مأساوية.. لقد اختفت الشخصية الروسية شبه الأسطورية، والتى دخلت التاريخ لمحاولتها «غير التقليدية» للوصول إلى السلطة فى روسيا، فى ٢٣ أغسطس الماضى.
نهاية حقبة فى روسيا؟
تذكر قصة المغامر الروسى بريجوجين، فى بعض النواحى، بشخصية فيلم ستانلى كوبريك الشهير: بارى ليندون، الذى يحكى قصة الصعود الاجتماعى لرجل أعمال إنجليزى من القرن الثامن عشر جاء من وسط شعبى متواضع للغاية وغامر ببناء شخصيته حيث كان يعتبر «ظلا حقيقيا» لبوتين وسلطته وتجاربه السياسية المبكرة التى يواصل تنفيذها حتى وقت قريب. لقد تم تكوينه فى الواقع بالتعاون مع المافيا الروسية الناشئة (الثمانينيات والتسعينيات) وكان رئيسها الفعلى وزعيمها فى سان بطرسبرج.. إنه رجل بألف وجه، انتقل بسهولة من المطاعم إلى المؤسسات العسكرية والسياسية، حتى أنه أحرق نفسه، مثل بروميثيوس أو إيكاروس الحديث (شخصيات من الأساطير اليونانية) من خلال تحدى القيصر الحاكم فى الكرملين، والسفر إلى موسكو.. هذا التحدى غير المسبوق، الذى لا يمكن العثور على معادل له إلا فى العصور الوسطى الروسية البعيدة، فى زمن إمارة كييف، انتهى بانتصار آخر لبوتين، الذى يبرز الآن باعتباره إيفان الرهيب المعاصر (القيصر إيفان) الملقب بالرهيب لشراسته فى عصر النهضة). وبالتالى فإن نهاية بريجوجين أعادت التأكيد على السلطة الوطنية المركزية الروسية ووضعت بوتين على مسار الاستمرار وحتى التغلب على سيادة حكم ستالين غير المقسم، والذى ظل فى مكانه لمدة ٣١ عامًا، مع العلم أن بوتين فى طليعة السلطة منذ عام ١٩٩٩، ولمدة ٢٤ عاما.
شهر أغسطس.. «شهر الإنجازات» بالنسبة لموسكو
قبل سنوات عديدة، فى روسيا، فى ١٩ أغسطس ١٩٩١، فى منتصف العطلة الصيفية وفى هدوء واضح للهدنة السياسية، كانت هناك محاولة انقلاب ضد ميخائيل جورباتشوف، الزعيم السوفيتى الشهير ومؤلف كتابى البيريسترويكا والجلاسنوست. وقد وصف المؤرخون فيما بعد محاولة الانقلاب عام ١٩٩١ باسم «انقلاب أغسطس». ومن بين المتآمرين فى الانقلاب الفاشل، الذى نظمه جينادى جاناييف فى ذلك الوقت، الجنرال سوروفيخين الذى أطيح به مؤخرًا من قبل المؤسسة الروسية. والجدير بالذكر أن محاولة الانقلاب التى قام بها بريجوجين حدثت خلال فصل الصيف، فى ٢٤ يونيو، إلا أنه يبدو أن تصفية الحسابات فى موسكو ستكون أيضا خلال شهور الصيف.
دعونا نضيف تفصيلة أخرى مهمة حول الوضع الذى كان سائدًا فى موسكو فى أغسطس ٢٠٢٣: بعد أشهر من التكهنات حول مصير الجنرال الانقلابى الذى تحدثنا عنه، سوروفيخين، الوحيد الذى تحدث لصالح بريجوجين فى يونيو.. وبسبب ذلك فى ٢٢ أغسطس، فإن هذا الجنرال - الذى شارك فى محاولة الانقلاب عام ١٩٩١ - تم استبداله فجأة حيث أعلنت وكالة ريا نوفوستى، أن فيكتور أزفالوف رئيس أركان قوات الطيران الروسية تسلم منصبه الجديد كقائد لشركات الطيران الروسية.. كان ينبغى لهذه الأخبار أن تبدو وكأنها دعوة للاستيقاظ لهذا القائد العسكرى الروسى، لكن بريجوجين فضل العودة إلى موسكو على الرغم من المخاطر، وهذه المرة بالطائرة وبالتالى التضحية بحكم الأمر الواقع بنفسه من أجل قضيته «الثورية» التى زعزعت الاستقرار وأحدثت ثورة ضد «الوضع الراهن البوتيني».
بعض المصادفات المهمة
يُكتب التاريخ عن بعد، حتى لو حدث ذلك فى الحياة اليومية: فالحادث أو الهجوم الذى قضى على بريجوجين وموظفى ميليشيا فاجنر التابعة له، حدث بشكل موضوعى فى ظل وجود مصادفات كبيرة:
١- ٢٣ أغسطس، يوم الوفاة المأساوية لرجل الأعمال الروسى بريجوجين، هو يوم العلم الروسى الوطنى فى روسيا: صدفة غريبة لزعيم ميليشيا اتهمه رئيس الكرملين بالخيانة.
٢- تقع مدينة تفير (كوزنكينو) على بعد حوالى ٣٠٠ كيلومتر شمال غرب موسكو، وتم إيقاف مسيرة فاجنر إلى موسكو على بعد ٣٠٠ كيلومتر جنوب غرب موسكو، وكأنها للتأكيد على رسالة من القوة الروسية تؤكد أن: «بريجوجين لا يعتبر رجل يوليوس قيصر الجديد ولا يستطيع عبور «الروبيكون» لغزو موسكو». دعونا نتذكر هنا أنه قبل ٢٠٠٠ عام فى روما القديمة، أصبح الجنرال الرومانى يوليوس قيصر ديكتاتورًا رومانيًا وحقق تقدما عسكريا نحو روما بعد عبور حدود الـ «روبيكون» الممنوعة. وفى الواقع، لم يكن خطأ بريجوجين القاتل الحقيقى هو هزيمة موسكو بالسلاح، حتى لو كان صحيحًا أنه لا يمكن لأى زعيم أن يصبح نابليون أو يوليوس قيصر، وذلك على الرغم من محاولته حتى النهاية تنفيذ خطته الانقلابية المفترضة، بهذه الطريقة. وفى عام ١٩٩١، كان من الممكن أن يصطدم بالجيش الروسى، وربما لا يعد فعالًا فى أوكرانيا، لكنه قوى بما يكفى للسيطرة بشكل صحيح على ملف الدفاع عن موسكو عسكريًا.
٣- رمز مدينة تفير هو التاج الموضوع على الطاولة.. مرة أخرى تقريبًا وكأن ذلك يعد إشارة إلى أن السلطة كانت فى متناول بريجوجين لكنه لن يتمكن من تحقيقها أبدًا.
٤- كانت مدينة تفير تسمى كالينين خلال الحقبة السوفيتية، تكريما للرئيس الروسى الذى يحمل نفس الاسم، والذى يعتبره المؤرخون ظلًا لستالين وذا وزن سياسى قليل. حتى عام ١٩٩٠، كانت المدينة تحمل نفس اسم كالينينجراد، الجيب الروسى فى أوروبا الشرقية والذى كان، ممر سووالكى، موضوع التحدى الأوروبى الأخير لعائلة فاجنر، وهو التسلل إلى بولندا وكما قال الرئيس البولندى دودا إنه يخشى توغل ميليشيا فاجنر فى بولندا المتمركزة فى بيلاروسيا على الحدود.
٥- كان يوم ٢٣ أغسطس أيضًا يوم انعقاد قمة مجموعة البريكس، فى جنوب أفريقيا، وهى القمة التى لم تتمكن روسيا من تقديمها للعالم بانقسامات داخلية قوية - حقيقية أو مفترضة - ولا بقوة مركزية ضعيفة وغير مؤكدة.
وبالتالى فإن نهاية بريجوجين أصبحت مفيدة للغاية فى هذا اليوم من أجل تأكيد صلابة القوة الروسية، سواء على المستوى الوطنى أو على مستوى العلاقات الدولية والعالمية. وهكذا أصبحت النهاية العنيفة لزعيم ميليشيا فاجنر (التى لا يتحمل أعضاؤها مسئولية «سوء السلوك الخطير»، والذين تم دمجهم فى الحرس الوطنى والجيش منذ نهاية أغسطس ٢٠٢٣) «بطاقة اتصال» للقوة الروسية.. لقد كانت قمة جوهانسبرج بمثابة توقيع دموى على «خيانة» افتراضية، والتى كانت فى واقع الأمر لعبة قوة أو لعبة «حيل» قام بها شخص من حاشية بوتين ولا ينبغى أن تمر دون عقاب.
٦- من المفارقات أن بريجوجين أصبح بطلًا قوميًا عن غير قصد، سواء فى الكفاح ضد بوتين أو ضد الاستبداد فى روسيا ثم الكفاح ضد الاستعمار الغربى الجديد فى أفريقيا: حتى فى رسالته الأخيرة بالفيديو من مالى، وهى دولة ما بعد الاستعمار ذات أبعاد جيوسياسية فرنسية قوية. أطلق بريجوجين «نداء إلى جميع الشعوب والدول الأفريقية»، قبل أيام فقط من قمة البريكس فى جنوب أفريقيا، وحث الأفارقة على الوقوف إلى جانب فاجنر وروسيا العظمى الجديدة، ضد الغربيين ومن أجل حرية أفريقيا.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد واجه زعيم عائلة فاجنر فى صدفة قاتلة - نفس مصير إنريكو ماتى، الرئيس الإيطالى البطل لشركة إينى، الذى تم القضاء عليه بهجوم على طائرته فى ٢٧ أكتوبر ١٩٦٢، وربما وقعت هذه الحادثة آنذاك بالتنسيق بين أجهزة المخابرات الإنجليزية والفرنسية والأمريكية، بما يخدم المصالح المشتركة لشركات النفط الإنجليزية والفرنسية والأنجلو أمريكية التى «سُرقت» منها فرص وموارد السوق فى أفريقيا، وذلك لأن هذه الشركة عرضت على تلك البلدان المنتجة للبترول ومشتقاته - وخاصة الأفريقية منها - سياسة تحقيق المكاسب للطرفين المتعاقدين فى إطار الاتفاقيات التجارية.
أعداء آخرون غير بوتين؟
ربما كان لدى بريجوزين أعداء آخرون، إلى جانب الكرملين والأوكرانيين: فقد وضع يديه بالفعل على رواسب اليورانيوم الفرنسية فى النيجر وغيرها من الموارد التى تطمع فيها الدول الغربية، وبالتالى أدار عددًا كبيرًا جدًا من التبادلات ومناجم الماس والذهب والنفط، التى كانت تسيطر عليها بشكل متزايد. ويحميها رجال ميليشيات مجموعة فاجنر. وربما باقتراحه طرد «المستغلين» الغربيين من أفريقيا، فقد تعارض ذلك مع مصالح عالمية أكبر وأشرس من مصالح منافسيه فى روسيا.. وكما يحدث دائما فى مثل هذه الحالات، طغت قضايا المصالح الدولية السياسية والعسكرية والمالية بعيدا عن القوة الناشئة لفاجنر فى أفريقيا.. وأخيرا، كان بريجوجين يقاتل ضد الجهاديين فى أفريقيا: ليس هناك شك فى أن القادة الاقتصاديين والماليين للجماعات الأصولية والجهادية قد فتحوا الشمبانيا (ربما كانوا يتناولونها فى السر) فى الخليج العربى الفارسى احتفالا باختفائه.
عواقب نهاية بريجوجين
فى الوقت الذى يفكر العالم فى مصير ميليشيا فاجنر العالمية يظهر لنا ثلاثة بدائل حقيقية:
١- التكامل التام وإعادة التطبيع غير المحتملة داخل الجيش الروسى وفى الحرس الوطنى (وهو ما بدأ بالفعل جزئيًا بالنسبة للعناصر الأقل «خطورة» على الكرملين من فاجنر).
٢- تحول عائلة فاجنر إلى المعادل الغربى للجهاديين، أى إلى كتلة من الإرهابيين المرتزقة العالميين، الذين يتم إعادة تدويرهم لخدمة المافيا والقوى المالية المستمدة، وليس بالضرورة الروسية علاوة على ذلك، لأنه فى بعض الأحيان حتى الأوروبيين أو الأفارقة.
٣- ثورة جديدة لقادة فاجنر فى بيلاروسيا أو روسيا، الذين سيحاولون الإطاحة بعقيدة السلطة المطلقة لبوتين.
ومن الواضح أنه فى أفريقيا، ومن بين العواقب المترتبة على تشتت مجموعة فاجنر، سيكون هناك حتما تقدم جديد فى حرب العصابات الإسلامية، مع خطر وقوع النيجر مباشرة تحت سطوة دولة شمولية جديدة فى حال تقدم الجهاديين.. أما فى أوروبا، أصبح لدى أوكرانيا وبولندا الآن عدو واحد أقل رسميًا، فى غياب قوات فاجنر؛ إذا تم تدمير الميليشيات أو استيعابها من قبل جيوش الكرملين؛ فإن ذلك يمكنهم من «التنفيس عن غضبهم» من خلال مهاجمة أوكرانيا أو باستفزاز بولندا من خلال القواعد العسكرية فى بيلاروسيا. ومن ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل واقع حقيقى فى جميع الإمبراطوريات التاريخية، القديمة أو الحديثة، لعب البريتوريون، أى الميليشيا، دائمًا دورًا مهمًا فى تحديد توازن القوى. وبالتالى، يمكن استخدام رجال الميليشيات التابعين لمجموعة فاجنر مرة أخرى، هنا وهناك، ولا سيما من قبل جزء من الجيش الروسى «الأكثر استياء» من بوتين، من أجل استخدامهم كأداة ضاربة ضد قوة موسكو.
الخلاصة
كان بريجوجين يحمل الاسم نفسه تقريبًا لعالم الفيزياء والحائز على جائزة نوبل إيليا بريجوجين، المشهور بدراساته حول الإنتروبيا الديناميكية الحرارية، ولكن من المفارقة أن الوضع المربك فى روسيا يمكن أن ينتج عنه قريبًا تقلبات ومنعطفات مثيرة جديدة.. وبمرور الوقت، القوة التى اعتاد عليها الروس ستؤدى إلى تغييرات غير متوقعة. ولنتذكر أنه فى أخبار البرافدا، الصحيفة الرسمية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، كانت الأمراض القاتلة التى يعانى منها الزعماء السوفييت تعتبر «نزلات برد»، وفى وقت ما، حتى ستالين وجد نفسه مسموما فى ظروف غامضة. وفى أحيان أخرى، كما فى حالات خروتشوف وجورباتشوف ويلتسين، حدث تغيير السلطة فى موسكو بطريقة أقل دموية، ولكنها ظلت مثيرة. ونحن الآن على مشارف منعطفات أخرى قد تحدث مع انتخابات ٢٠٢٤ أو فى ظروف تاريخية أخرى. فى الواقع، هناك اثنان من المرشحين المحتملين للكرملين، وهما من المعارضين المتشددين، خارج اللعبة الآن وهما قيد الاعتقال: نافالنى فى السجن وسوروفيخين تم اعتقاله أو عزله من السلطة العسكرية.. وهنا نذكر أن ميدفيديف ظل لسنوات عديدة مرشح الظل بعد رحيل بوتن مؤقتًا عن الرئاسة، وهذا الرجل الثانى المفيد لبوتين يبذل كل ما فى وسعه للبقاء فى مركز الاهتمام ولفرض نفسه باعتباره «ملكيا أكثر من الملك». ومع ذلك، فإن التاريخ العام، وخاصة تاريخ روسيا، قد اعتدنا فيه دائما على مفاجآت خاصة وغير متوقعة.. وفى الواقع، فإن «العملية الخاصة» للجيش الروسى فى أوكرانيا، ومستقبل الاقتصاد المالى الروسى ستكون أبرز الملفات الحاسمة التى يمكن من خلالها فى الفترة المقبلة التعرف على ما ستكون عليه روسيا فى فترة بعد بوتين! ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد: أيًا كان الزعيم الروسى القادم، فسوف يتعين عليه إرضاء شركائه فى مجموعة البريكس، وسوف يرغب فى إرضاء حليفه الصينى شى جين بينج الذى يمثل المصالح المشتركة الأساسية لروسيا المستقبلية.
معلومات عن الكاتب:
ليوناردو دينى مفكر وفيلسوف من أصل إيطالى.. كانت أطروحته للدكتوراه حول نظرية السياسة وفلسفة القانون، له العديد من الكتب والدراسات، كما كتب الرواية إلى جانب القصائد الفلسفية.. يكتب تحليلًا حول نهاية زعيم فاجنر وتأثيره على مجمل الأوضاع فى الاتحاد الروسى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين روسيا فى أفریقیا فى الواقع إلى موسکو فى روسیا فاجنر فى من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
زعيم إسرائيلي معارض: ما حدث الليلة وسط الضفة "مجزرة يهودية عنيفة"
قال زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير غولان إن ما حدث مساء اليوم الأربعاء في قرية كفر مالك الفلسطينية وسط الضفة الغربية المحتلة، هو "مجزرة يهودية عنيفة".
وفي وقت سابق الأربعاء، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، بـ"ارتقاء 3 شهداء وإصابة 7 آخرين جراء عدوان المستوطنين على بلدة كفر مالك" شرق مدينة رام الله (وسط).
وقال غولان في تدوينة بحسابه على منصة "إكس" تعليقا على الواقعة: "ما حدث هذا المساء في قرية كفر مالك هو مجزرة يهودية عنيفة، فعشرات المعتدين أحرقوا منازل، وسيارات، واعتدوا على فلسطينيين وعلى قوات الأمن".
وأكد أن حكومة بنيامين نتنياهو لن تدين أو تمنع مثل هذه الجرائم التي يقوم بها المستوطنون، مضيفا "بل ستواصل (الحكومة) دعم وتشجيع العصابات العنيفة التي تنشط في المناطق الفلسطينية، وليس سوى مسألة وقت قبل أن تعمل هذه العصابات في قلب الدولة أيضا".
ومساء الأربعاء، نقلت هيئة البث العبرية الرسمية عن مصدر أمني لم تسمه قوله: "وصل مستوطنون إلى قرية كفر مالك قرب رام الله، وأحرقوا مبانٍ ومركبات، واشتبكوا مع الأهالي، وخطّوا شعارات على الجدران وأصيب عشرة فلسطينيين جراء رشقهم بالحجارة"
وأضاف المصدر: "وصلت قوة عسكرية إسرائيلية إلى المكان وأطلقت النار، ما أسفر عن مقتل ثلاثة فلسطينيين وإصابة آخرين".
وقال المصدر إن "تحقيقا يجري في سبب إطلاق القوة العسكرية النار على الفلسطينيين" المعتدى عليهم من قبل مستوطنين.
وخلال مايو/ أيار الماضي، ارتكب مستوطنون إسرائيليون 415 اعتداء بالضفة الغربية المحتلة، وفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية).
وأفادت الهيئة بأن الاعتداءات "راوحت بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض وإعدامات ميدانية وتخريب وتجريف أراض واقتلاع أشجار والاستيلاء على ممتلكات وإغلاقات وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية".
وبالتوازي مع الإبادة بقطاع غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 986 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال أكثر من 17 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 188 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.