12 مسلما بينهم عمدة ولاية نيوجيرسي يرفعون دعوى قضائية ضد العدل الأمريكية
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
رفعت مجموعة من 12 أمريكيًا مسلمًا، من بينهم عمدة ولاية نيوجيرسي منذ فترة طويلة، دعوى قضائية ضد وزارة العدل يوم الاثنين في محاولة لإنهاء استخدامها لقائمة المراقبة السرية لمكتب التحقيقات الفيدرالي والتي يصفونها بأنها 'سجل إسلامي فعلي'.
وتقول الدعوى، المرفوعة أمام المحكمة الجزئية الأمريكية في ماساتشوستس، إنه من خلال إدراج الأفراد على مجموعة بيانات فحص الإرهابيين، 'حكمت' الحكومة الفيدرالية على المدعين 'بمواطنة من الدرجة الثانية مدى الحياة'.
وتقول الدعوى القضائية: 'هذا التنسيب يصنفهم على أنهم يستحقون الشك الدائم ويفرض عواقب كاسحة تغير كل جانب من جوانب حياة المدعين تقريبًا'.
وتزعم أن المدعين تعرضوا لأضرار، بما في ذلك الإذلال العلني والمراقبة والمضايقة أثناء السفر والحرمان من الوظيفة و'نفيهم فعليًا من الولايات المتحدة'، وتقول إن القائمة نفسها هي 'سجل إسلامي فعلي' يضم أكثر من 98% من المسلمين. تم تحديد الأفراد علنًا على أنهم مسلمون.
وتؤكد الدعوى كذلك أنه حتى بعد إزالة الفرد من القائمة، فإنه يعاني من آثار مضاعفة ضارة مدى الحياة.
'إن وصمة العار والضرر الناجم عن وضع قائمة المراقبة يستمر مدى الحياة، حتى لو قرر المدعى عليهم في نهاية المطاف أن الفرد لا يستوفي المعيار الغامض والشامل للوضع واختاروا إزالة فرد من قائمة المراقبة'، كما جاء في التقرير.
ويذكر أن المدعي العام ميريك جارلاند، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، ومدير الخدمة السرية الأمريكية كيمبرلي تشيتل، ومساعد المدعي العام لقسم الأمن القومي ماثيو أولسن، ومدير المخابرات الوطنية أفريل هاينز وآخرين كمتهمين مشاركين.
وفي حديثها للصحفيين في المقر الرئيسي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) في واشنطن العاصمة، قالت المحامية هانا مولين إن المدعين 'تم إدراجهم في قائمة المراقبة لأن معايير إدراج قائمة المراقبة هي طوابع مطاطية غامضة في أحسن الأحوال، وفي الممارسة العملية' تُستخدم لاستهداف المسلمين والتمييز ضدهم'.
وأضافت: 'أكثر من 98% من الأسماء الواردة في أجزاء قائمة المراقبة التي تم تسريبها في عام 2019 هي أسماء مسلمة. وهذا لم يحدث عن طريق الصدفة'.
'تعتبر الحكومة الفيدرالية حقيقة كونك مسلمًا أمرًا مثيرًا للريبة وتضع الأشخاص على قائمة المراقبة نتيجة لهويتهم الإسلامية، ومعتقداتهم الدينية الإسلامية، وممارساتهم الدينية الإسلامية، وسفرهم إلى بلدان ذات أغلبية مسلمة وعوامل تمييزية أخرى. لا أحد من عملائنا وأضافت: 'سبق أن تم اتهامهم أو إدانتهم بجريمة تتعلق بالإرهاب'.
الأسماء المتبقية في القائمة، حوالي 1-2%، تتألف من أشخاص مدانين بهجمات إرهابية، بما في ذلك تفجير السارين عام 1995 في طوكيو، والثوار الكولومبيين المسجونين، ومفجر من الجيش الجمهوري الأيرلندي، وفقًا لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية.
ومن بين المدعين بروسبكت بارك، عمدة ولاية نيوجيرسي محمد خير الله، الذي تم إلغاء دعوته من احتفال البيت الأبيض بالعيد في اللحظة الأخيرة في مايو، ومايكل ميجليور، وهو أمريكي مسلم يقيم في المملكة العربية السعودية، ونضال الطكاش، وهو مقيم في ميشيغان، و تسعة آخرين.
وقال خير الله، في حديثه للصحفيين في نيوجيرسي، إنه لم يتم إبلاغه رسميًا بسبب إدراج اسمه في القائمة المسربة، ولم يتم إبلاغه بشكل قاطع بإزالته، وقال إن 'حقيقة منعنا من الوصول إلى البيت الأبيض تشير إلى أن قائمة المراقبة هذه له تأثير مضاعف.'
وقال: 'إنه ينتهك حقي الدستوري كأميركي في اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، لأن هناك أشخاصًا يعتقدون أنني شخص سيء'. 'لقد تسببت حكومة الولايات المتحدة في ذلك. ويتعين على حكومة الولايات المتحدة تبرئة اسمي وأسماء الآخرين الذين يتعرضون للمضايقة والترهيب'.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحكومة الفيدرالية الدعوى القضائية العدل الأمريكية الولايات المتحدة دعوى قضائية مكتب التحقيقات الفيدرالي
إقرأ أيضاً:
آفاق العلاقات السورية ـ الأمريكية
منذ تسلمه السلطة في سورية عام 1970، أي في ذروة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، لم يتبع حافظ الأسد سياسة أحادية الجانب، سواء في سياساته المحلية أو الإقليمية أو الدولية.
ورغم انحيازه التام للاتحاد السوفييتي أيديولوجيا وعسكريا، إلا أن الأسد الأب لم يجعل سورية تابعا آليا لموسكو، كما هو حال كوبا وكوريا الشمالية، إذ ترك مسافة معها تسمح له باتباع سياساته الخاصة، في عالم لا يمكن فيه إطلاقا تجاهل قوة الولايات المتحدة، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حيث إسرائيل غاشمة عليه.
من هنا، جهد الأسد على عدم وصول العلاقات مع الولايات المتحدة إلى نقطة الصفر السياسي، فلعب في الساحة الإقليمية، خصوصا في لبنان ومع المقاومة الفلسطينية، وفق مقاربة لا تتجاوز الخطوط الحمر الأمريكية، فيما فتح قنوات خلفية بين استخبارات البلدين، زودت دمشق من خلالها واشنطن بمعلومات حول التنظيمات الإسلامية الراديكالية، إضافة إلى التزامه الاتفاق مع هنري كيسنجر أثناء اتفاقية فك الاشتباك مع إسرائيل عام 1974، بأن تبقى جبهة الجولان هادئة عسكريا.
ومع ممارسته السياسة في إطار فن الممكن، وإدراكه لموازين القوى الإقليمية والدولية، أصبحت سورية الأسد بنظر الولايات المتحدة دولة غير صديقة، لكنها في المقابل دولة ليست عدوة.
الأسد الإبن
بضغط إيراني، وغياب روسي، وسذاجة سياسية للأسد الابن، قامت سوريا ببناء مفاعل نووي عام 2007، سرعان ما دمرته إسرائيل قبل أن يكتمل.
شكلت هذه الخطوة خروجا على الخطوط الحمر الأمريكية ـ الإسرائيلية، وأظهرت الأسد الإبن رجل يفتقر للمهارة السياسية وموازين القوى في المنطقة كوالده.
وعلى الرغم من شدة التوتر السياسي بين الدولتين عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، وتحول سورية إلى منصة لتدريب وإرسال المجاهدين للعراق، سرعان ما أدركت الدولة العميقة السورية خطورة وحدة الموقف الأمريكي من سورية، فعمدت الأخيرة منذ عام 2009، إلى الانسحاب سياسيا وعسكريا من العراق، في وقت بدأت تمرر معلومات استخباراتية للأمريكيين حول المنظمات الإرهابية.
على الرغم من شدة التوتر السياسي بين الدولتين عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، وتحول سورية إلى منصة لتدريب وإرسال المجاهدين للعراق، سرعان ما أدركت الدولة العميقة السورية خطورة وحدة الموقف الأمريكي من سورية، فعمدت الأخيرة منذ عام 2009، إلى الانسحاب سياسيا وعسكريا من العراق، في وقت بدأت تمرر معلومات استخباراتية للأمريكيين حول المنظمات الإرهابية.ومرة ثانية، بقيت سورية بالنسبة للولايات المتحدة، دولة غير صديقة، لكنها أيضا غير عدوة.
وطوال العقود الأربعة من عام 1970 وحتى عام 2010، بل وحتى عام 2025، لم تفكر الولايات المتحدة إطلاقا بجر سورية إلى فلكها، فهي تدرك تماما طبيعة تكوين سورية القومي، حكومة وشعبا، وأن المسألة الإسرائيلية بالنسبة للسوريين خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه.
الثورة السورية
منذ اندلاع الثورة السورية، وخصوصا في بداياتها السلمية، لم تمارس الولايات المتحدة ضغطا كبيرا على سوريا، لسببين رئيسيين:
الأول، لأن الولايات المتحدة لا تمتلك في سورية أدوات الضغط، حيث لا علاقات اقتصادية ولا عسكرية، من خلالها يمكن أن تمارس الضغط.
الثاني، أن الولايات المتحدة وإن امتلك أوراق الضغط على دمشق، فهي غير راغبة بإسقاط نظام الحكم، بقدر ما كانت راغبة في مراقبة الوضع.
ولما انتقلت الثورة إلى العنف المسلح بسبب لجوء النظام إلى العمل العسكري، وجدت واشنطن في ذلك فرصة لتدمير سورية.
هكذا، منعت واشنطن حلفاء الثورة الإقليميين، لا سيما تركيا والسعودية، بعدم إعطاء الثوار أسلحة متطورة من شأنها أن تساهم في إسقاط النظام السوري عسكريا.
قامت الاستراتيجية الأمريكية على مقاربة مفادها أن الوضع في سورية سينتهي يوما ما بسقوط النظام من داخله، وحتى تلك اللحظة تكون سورية مدمرة على كافة الصعد بما يخدم الأمن الإقليمي الإسرائيلي، وعندها تكون سورية ورقة بيضاء، أو بلدا خاما.
مرحلة الشرع
مع رفع الرئيس دونالد ترمب العقوبات الاقتصادية عن سوريا، بدأت صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدولتين.
قرار ترمب رفع العقوبات الاقتصادية في الرياض كان مفاجئا للأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية في توقيته، لكنه لم يكن مفاجئا في ضوء المقاربة الاستراتيجية الأميركية تجاه سورية الجديدة.
قبل قمة الرياض الثلاثية (ترمب، بن سلمان، الشرع)، جرت لقاءات أمريكية سورية عديدة:
ـ في 20 ديسمبر الماضي، زارت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف دمشق والتقت الشرع.
ـ وفد من الكونجرس زار دمشق يوم 18 أبريل 2025، ضم عضوي الكونجرس الأمريكي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان.
ـ في 21 إبريل الماضي، زار وفد وزاري سوري ضم وزيري الخارجية والمالية وحاكم المصرف المركزي واشنطن، في إطار المشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ـ في 15 مايو الماضي، اجتمع وزير الخارجية أسعد الشيباني مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو في ولاية أنطاليا جنوبي تركيا بحضور نظيرهما التركي هاكان فيدان.
على الرغم من أهمية هذه اللقاءات ودورها في فهم الولايات المتحدة للحكام الجدد في سورية، إلا أن ثمة أربعة عوامل رئيسية أدت إلى قرار ترمب رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وفتح صفحة جديد في العلاقات بين الدولتين.
قرار ترمب رفع العقوبات الاقتصادية في الرياض كان مفاجئا للأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية في توقيته، لكنه لم يكن مفاجئا في ضوء المقاربة الاستراتيجية الأميركية تجاه سورية الجديدة.الأول، مراقبة واشنطن لرد فعل السلطة السورية إزاء الهجمات العسكرية الإسرائيلية الهائلة على سورية منذ سقوط نظام الأسد، وقد حظي الهدوء السوري ورد الفعل السلمي الرافض لأي حرب مع إسرائيل اهتمام البيت الأبيض.
الثاني، تفاصيل اللقاء بين ترمب والشرع في الرياض، وما جرى بينهما من تفاهمات حيال العقة السورية الإسرائيلية، حيث أكد الشرع على أن سورية لن تكون دولة معادية لإسرائيل، وأنها على استعداد لإقامة سلام معها يعيد الجولان كاملة.
الثالث، عقلية ترمب التجارية، حيث يسعى إلى يكون للولايات المتحدة الدور الرئيس في إعادة الإعمار، بعدما سارعت الصين إلى تقديم مناقصات للمشاركة في إعادة الإعمار.
الرابع، أدرك ترمب أن بقاء العقوبات الاقتصادية سيؤدي بالضرورة إلى خسارة سورية، ودفعها مجددا نحو الشرق بحكم الأمر الواقع، أو على الأقل استغلال روسيا والصين لهذا الوضع للتحرك في الساحة السورية.
فضلا عن ذلك، فإن استمرار العقوبات الاقتصادية سيضع سورية في عنق الزجاجة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردكلة السياسة السورية الإقليمية وفسح المجال لتجدد التطرف والإرهاب، أي عدم استقرار سورية، وبالتالي تهديد الاستقرار الإقليمي.
وجاءت مسألة المقاتلين الإيغور في سورية لتؤكد مجددا على براغماتية الشرع من جهة وعلى أن التفاهمات السورية الأمريكية وصلت لأدق التفاصيل.
هنا، تبدو الولايات المتحدة تسير في اتجاه مغاير، بل متناقض للاستراتيجية الإسرائيلية حيال سورية، ومع أن البيت الأبيض قادر على لجم إسرائيل وإجبارها على القبول بالضفقة الجديدة، إلا أن الأخيرة لديها هوامش لا يستهان بها للعمل على عرقلة التفاهمات السورية الأمريكية.
غير أن السؤال الرئيس الذي يحتاج إلى إجابة، هل ستصبح سوريا جزءا من الفلك الأمريكي؟
أغلب الظن نعم، ولكن على الطريقة السورية، ذلك أن الأيديولوجيا الدينية لدى الحكام الجدد من جهة، وتاريخ من الوعي الجمعي السوري المعادي لإسرائيل والمدافع عن فلسطين من جهة ثانية، لن يجعل سورية أداة للإسرائيليين في المنطقة على غرار بعض الدول العربية.