رأي الوطن : جرائم الاحتلال تتواصل وسط صمت دولي
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
تستمرُّ آلة القمع التي تملكها دَولة الاحتلال الإسرائيليِّ في ممارستها الإرهابيَّة ضدَّ أبناء الشَّعب الفلسطينيِّ الأعزل في كُلٍّ من الضفَّة الغربيَّة المحتلَّة وقِطاع غزَّة وسط صمْتٍ دوليٍّ لدرجة أنَّه لَمْ يخرجْ ببيانات استنكار أو شجْبٍ كعادته، ما يُمثِّل ضوءًا أخضر لدَولة الاحتلال لِتستمرَّ في عدوانها المتواصل دُونَ خوفٍ أو قلقٍ من محاسبة، متجاهلةً كافَّة الأعراف والقوانين الدوليَّة والإنسانيَّة، مواصلةً سياسات القمع والإرهاب في غيابٍ متعمَّد للمحاسبة الأُمميَّة، ما يُنذِر بأوضاع أكثر مأساويَّة يتعرَّض لها الشَّعب الفلسطينيُّ ومقدَّساته.
وتأتي جرائم الاحتلال الإسرائيليِّ المتصاعدة في الأوان الأخير، والتي كان آخرها استشهاد (6) فلسطينيِّين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة خلال اليومَيْنِ الماضيَيْنِ، في سياق الردِّ الإسرائيليِّ الرسميِّ على الدَّعوات لإحياء عمليَّة السَّلام في المنطقة، حيث تُعدُّ جرائم الاحتلال في مخيَّم جنين، وغزَّة، وعقبة جبر بأريحا، جرائم متعمَّدة من قِبل سُلطة الاحتلال الإسرائيليِّ لتحويلِ الأرض الفلسطينيَّة إلى ما يُشْبه ساحة حرب، في الوقت الذي تُحمِّل فيه الفلسطينيِّين المسؤوليَّة عن التصعيد لإخفاء حجم الانتهاكات التي تُرتكب يوميًّا ضدَّ كُلِّ ما هو فلسطينيٌّ بَشَرًا كان أو حجَرًا، في محاولة من الكيان الصهيونيِّ القاتل لاعتماد الحلول العسكريَّة في التعامل مع القضيَّة الفلسطينيَّة، بدلًا من الحلول السِّياسيَّة التي تُعبِّر عن حقوق أبناء فلسطين العادلة والمشروعة، وتخريب أيَّة جهود دوليَّة وإقليميَّة لِتحقيقِ التهدئة كمقدِّمة لاستعادة الأُفق السِّياسيِّ لحلِّ الصراع.
إنَّ العالَم الآن باتَ مُطالَبًا بموقفٍ صارم لإجبار دَولة الاحتلال الصهيونيِّ على وقف تصعيدها، خصوصًا في ظلِّ الحكومة اليمينيَّة التي تَقُودُها والتي تُعدُّ الأشدَّ تطرُّفًا في تاريخ هذا الكيان الغاصب، ويجِبُ أن نحذِّرَ بوضوح من أنَّ استمرار إفلات دَولة الاحتلال الإسرائيليِّ المستمرِّ من العقاب يشجِّعها على ارتكاب المزيد من الجرائم. فالقضيَّة الفلسطينيَّة باتَتْ تُواجِه ظروفًا صعبة للغاية، مع تواصل العدوان والعنف الذي يقضي على فرص إعادة تفعيل المفاوضات السِّياسيَّة، وينهي المشروع الوطنيَّ الفلسطينيَّ في تجسيد الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة وفق مبدأ حلِّ الدولتَيْنِ، ويُهدِّد الأمن والسِّلم الإقليميَّيْنِ والدوليَّيْنِ.
وعلى الصَّعيد العربيِّ يجِبُ دعم فلسطين في المحافل الدوليَّة، خصوصًا أمام محكمة العدل الدوليَّة فيما يخصُّ الفتوى الاستشاريَّة التي ستصدرها حَوْلَ ماهيَّة الوجود الإسرائيليِّ في فلسطين، والتَّبعات القانونيَّة له، بالإضافة إلى مساندة السُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة في عمليَّة حشد أوسع ضغطٍ دوليٍّ على «إسرائيل» كقوَّة احتلال، لرفع أيَّة قيود على حُريَّة أبناء فلسطين في وطنهم، ووقف سياسات الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينيَّة التي تتبنَّاها حكومة نتنياهو لفرض الحلِّ الأحادي الذي تريده، دُونَ النظر إلى قرارات الشرعيَّة الدوليَّة ونصوص القانون الدوليِّ، وتأييد معظم دوَل العالَم لحلٍّ عادل قائمٍ على حلِّ الدولتَيْنِ.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی ة الفلسطینی التی ت ة التی
إقرأ أيضاً:
حرب الـ12 يوما.. ما التغييرات التي طرأت على إيران بعد الهجوم الإسرائيلي؟
نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية، مقالا لباحث إيراني يعيش في طهران في الوقت الحالي وشهد حرب الـ12 يوما بين إيران وإسرائيل خلال يونيو الماضي.
ويصف الباحث حسين حمدية، الحاصل على درجة دكتوراه مشتركة في الجغرافيا والأنثروبولوجيا من جامعة هومبولت في برلين وكلية كينغز في لندن، كيف أضحت إيران بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي.
دروس الحرب الإيرانية الإسرائيليةويؤكد حمدية في مقاله أن هناك عددا من الدروس التي خرج بها الإيرانيون من المواجهة ضد إسرائيل، أبرزها أنه لا ثقة مرة أخرى في الغرب، وأن السلاح النووي بات امتلاكه أمرا ملحا وهو اقتناع تسرب إلى الذين عارضوا امتلاكه من قبل.
ويقول الباحث الإيراني: "لمدة ١٢ يومًا، عشنا في العاصمة تحت وطأة هجمات إسرائيلية متواصلة، وما رأيناه غيّرنا إلى الأبد: جيران موتى، مبانٍ مدمرة، وقلق - قلق لا ينتهي، عميق - على وجوه الناس".
وأضاف: "هناك راحة في الحديث عن "الشعب الإيراني" كما لو كنا كتلة واحدة موحدة لكن، كما هو الحال في معظم المجتمعات، لدى الإيرانيين آراء متباينة".
وأشار إلى أنه عندما اندلع القتال لأول مرة، كان هناك من سعد برؤية قوة أجنبية تستهدف كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، المكروهين على نطاق واسع، على الأقل في البداية لكن آخرين - وإن كانوا معارضين أنفسهم - استاؤوا بشدة من فكرة الغزو الأجنبي.
ولفت الباحث الإيراني إلى أنه رأى بعض المتشددين في هذه الحرب مهمةً خلاصيةً يجب خوضها حتى النهاية المريرة؛ بينما شعر آخرون بالخدر تجاه ما يحدث، ولكن مع امتلاء الأخبار بصور الضحايا المدنيين، وازدياد حدة الهجمات وتراجع استهدافها، بدأت مختلف الفصائل الاجتماعية تتوحد حول مفهوم "الوطن".
وتابع: "اكتسبت الوطنية رواجًا جديدًا، وساد الفخر الوطني على معظم الألسنة وكثرت مشاهد التضامن - وإن كان لا يزال من غير المعلوم مدى استمرارها -: أصحاب العقارات يُلغون الإيجارات في ظل الأزمة؛ وسكان خارج طهران يستضيفون الفارين من العاصمة؛ ولا اندفاع نحو محلات البقالة، ولا فوضى، ولا عمليات إجلاء مذعورة".
الغرب والحرب الإيرانية الإسرائيليةوأوضح حسين حمدية قائلا: "في رأيي، لعبت طريقة رد فعل الدول الأوروبية على الهجوم الإسرائيلي دورًا رئيسيًا في هذا التحول ودعمت الدول الثلاث، إلى جانب دول صامتة أخرى في جميع أنحاء القارة، الضربات الإسرائيلية، مستخدمةً جميع المبررات المعتادة، من البرنامج النووي الإيراني إلى دعمها للإرهاب، كل ذلك بينما كان الرئيس الأمريكي يرسم صورة وردية لعظمة إيران المزعومة "في اليوم التالي" على منصة "الحقيقة الاجتماعية". لكن نحن في الشرق الأوسط ندرك ذلك".
ونوه إلى أن صور الدمار الجديد في غزة تظهر يوميًا، ونتذكر الفوضى في ليبيا، والحرب الأهلية في سوريا، وعقدين من الاحتلال في العراق، وعودة طالبان إلى أفغانستان لم يكن هناك أي أمل في هذه الصراعات - لم تُزرع بذور الديمقراطية، ومن المؤكد أن حقيقة العدوان الإسرائيلي السافرة ستُصدم نفس القوى التي أدانت، عن حق، غزو روسيا لأوكرانيا - حتى لا تُدمر حرب أخرى المنطقة مرة أخرى.
وقال إنه من المؤكد أن هذه الهجمات - الوحشية، وغير المُبررة، والمُتعمدة - كان ينبغي أن تُقابل بفيض من الإدانة والغضب لتجاهلها ميثاق الأمم المتحدة لكن لم يحدث شيء، وكان الصمت مُطبقًا تذكيرٌ بأن حياة الإيرانيين، بلا شك، أقل قيمةً من حياة الآخرين هذا، بالنسبة للكثيرين منا، كان الدرس الرئيسي من دعم الدول الغربية لإسرائيل وكانت الحرب على إيران، لكنها بُرِّرت بنفس المنطق القديم: العنصرية. لامبالاة وتقاعس من يملكون سلطة التدخل؛ لهجة الإعلام السلبية عند الإشارة إلى الضحايا من غير البيض؛ التجاهل المُعتاد لمعاناتهم؛ واللامبالاة تجاه الهجمات على دول خارج المدار الغربي - حتى أن المستشارة الألمانية قالت: "هذا عملٌ قذرٌ تقوم به إسرائيل من أجلنا جميعًا".
ولفت إلى أن كثيرا من الإيرانيين يغضب من هذا الظلم، لدرجة أن فكرة بناء سلاح نووي، التي كانت في السابق حكرًا على هامش الراديكالية السياسية، تكتسب الآن زخمًا بين عامة الناس، وكما عبّر أحد المستخدمين على منصة “إكس”: "لا يبدو أن أحدًا مهتم بحالة حقوق الإنسان في كوريا الشمالية"، مشيرًا إلى أن الرؤوس الحربية النووية لا تزال الرادع الوحيد الموثوق ضد العدوان.
إسرائيل تخرق الاتفاقياتوأكد أنه من “الحماقة أن نثق بإسرائيل لوقف إطلاق النار فلدى هذا البلد سجل حافل بانتهاك الاتفاقيات دون عقاب، هذا يعني أن سيفًا مسلطًا على طهران لا يزال مسلطًا عليها، حتى مع خفوت دوي الانفجارات”.
وأوضح أنه “من بعيد، قد تبدو هذه المدينة التي يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة وكأنها عادت إلى صخبها المعتاد، لكن الغموض لا يزال يخيم على الأجواء، وما يزيد الأمر سوءًا هو غياب أي وسيط موثوق قادر على إنهاء الحرب، بالنسبة للكثيرين هنا، فإن مشاركة الغرب الضمنية أو الصريحة أو حتى النشطة في الصراع تحرمه من أي دور كمفاوض حسن النية”.
واختتم مقاله قائلا: "من موقعي هذا، تترسخ مرة أخرى مشاعر عدم الثقة تجاه أوروبا ستُعاد بناء المباني، وستُصلح البنية التحتية لكن ما قد يتضرر بشكل لا يمكن إصلاحه - ربما بشكل لا يمكن إصلاحه - هو النسيج الأخلاقي الذي تستند إليه أوروبا لتبشّر الآخرين، ازدواجية المعايير. النفاق. الظلم الكامن في كل هذا. العقلية الإمبريالية - التي لا تزال حيةً ونابضةً بالحياة - تُلقي بظلالها الثقيلة على كيفية النظر إلى أوروبا. ليس فقط على الإيرانيين، على ما أظن، بل على كثيرين في جميع أنحاء الجنوب العالمي".
وأضاف: “هذه أوقات عصيبة نعيشها لا أعلم ما إذا كانت إيران ستصمد في هذه اللحظة، أو ستُبرم اتفاقًا، أو ستواصل مسارها الانتقامي الحالي لكن المؤكد هو أن من يحكم إيران في المستقبل لن ينسى ما حدث هنا”.