البطل الذي أنقذ البشرية: "كنت كمن جرّ كي يصلب" (صور)
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
يصبح بطلا من ينقذ شخصا أو أكثر، لكن بماذا يمكن أن نسمي من ينقذ الملايين من هلاك داهم، مثل الضابط السوفيتي الذي أنقذ الأرض من حرب نووية؟
إقرأ المزيدحدث ذلك ليلة 26 سبتمبر عام 1983، وكان المقدم ستانيسلاف بيتروف يشرف في مركز قيادة "سيربوخوف -15" للإنذار المبكر، على عمليات الرصد، وتحت إمرته 80 عسكريا متخصصا منصبة أعينهم على شاشات الرادار وقياسات لأجهزة .
قبل وفاته بوقت قصير وصف المقدم بيتروف ما جرى في ذلك اليوم قائلا: "بدأت نوبة عملية كالمعتاد في الساعة 20:00، وكان يوجد تحت قيادتي 80 عسكريا. كنا نقوم بما نفعله دائما، مجرد عمل روتيني".
وفجأة في الساعة 00:15 دوت صفارات الإنذار في مركز الرصد، وظهرت كلمة "إطلاق" على شاشة مقابلة للمقدم ستانيسلاف بيتروف.
بالجوار أمام المقدم كانت توجد خريطة لأمريكا الشمالية ومربع صغير بالقرب من قاعدة عسكرية على الساحل الغربي للولايات المتحدة، ومن هناك بحسب منظومة الإنذار، كانت الصواريخ تنطلق!
كان الأمر بيد المقدم بيتروف، وكانت أعين الجميع في القاعة منصبة عليه في انتظار الأوامر، لكن المقدم أمرهم بالتزام أماكنهم.
كان يتوجب عليه وفقا للقواعد والتعليمات أن يخطر قائد المنظومة ورئيس الأركان بالإنذار بهجوم صاروخي، ولفعل ذلك كان عليه أن يتوجه إلى قاعة ثانية لإجراء اتصالات هاتفية.
المقدم ستانيسلاف بيتروف وصف الموقف قائلا: لم أستطع النهوض من الكرسي كانت ساقاي متخدرتان، عانيت بشدة كما لو أني حملت كي أصلب".
المعلومات عن الضربة أتت من نظام الإنذار المبكر الفضائي "أوكو"، وقد صُمم بحيث يمنح القيادة العسكرية والسياسية للبلاد وقتا يقدر بحوالي 10 دقائق، لاتخاذ قرار بشأن توجيه ضربة مضادة.
في تلك اللحظة، بحسب المقدم بيتروف، لو كانت الصواريخ لا تزال منطلقة، فسيكون بالإمكان اكتشافها من قبل المستوى الثاني من نظام الدفاع الراداري الذي يبلغ عن الضربة الصاروخية قبل حوالي 20 دقيقة من إصابة الرؤوس الحربية لأراضي الاتحاد السوفيتي. وهكذا، كان من المفترض حينها أن تنفجر الصواريخ، لو كان التحذير حقيقيا، على الأراضي السوفيتية في غضون نصف ساعة فقط.
في تصريحه الأخير، روى المقدم بيتروف أن دماغه تحول إلى ما يشبه الكمبيوتر في تلك اللحظة في تعامله مع كم هائل من المعلومات التي لم تتكامل وتترابط، ولذلك اتصل بعد دقيقتين بقيادته بالهاتف مفيدا بأن الإنذار كاذب، وأن خللا حدث للكمبيوتر.
روى أن ما كان يتوجب فعله بعد ذلك هو انتظار الصواريخ، وإذا تم إطلاقها فعلا، فستصل المجال الجوي السوفيتي ويتم اكتشافها بالرادارات، وكان يفترض أن يحدث ذلك في 18 دقيقة، وهو الأمر الذي لم يحصل.
ما الذي دفع المقدم السوفيتي إلى التريث والشك في صدق الإنذار بهجوم نووي؟
علاوة على الخبرة والدقة والحدس، شك الضابط السوفيتي في الأمر لأن الإنذار رصد إطلاق صواريخ من قاعدة واحدة فقط، وهو أمر مستبعد في حال حدوث هجوم صاروخي، كما أن منظومة التحذير التي كان يديرها لم تظهر في نفس الوقت أي علامات على حصول خلل بها.
إضافة إلى كل ذلك، كانت المعلومات التي تأتي من العسكريين الذين تتركز أنظارهم على قراءات الرادار في الغرفة المظلمة حاسمة في تلك اللحظات، وهؤلاء لم يؤكدوا عملية إطلاق الصواريخ الأمريكية.
تريث الضابط السوفيتي بصبر أسطوري وخالف حتى التعليمات لأنه شك في حقيقة الإنذار لأسباب موضوعية دقيقة، وكان يعي ثقل المسؤولية التي يحملها على كتفيه، وقد كان في غاية السعادة أن ينتهي الأمر بهذا الشكل وألا يكون المتسبب في حرب نووية مهلكة.
بعد مرور ستة أشهر، عرف سبب الخلل في منظومة الإنذار الصاروخي المبكر، وكانت بسبب انعكاس أشعة الشمس بطريقة معينة من غيوم فوق القاعدة الصاروخية الأمريكية على القمر الصناعي. وفي وقت لاحق تبين أن الأمريكيين مروا بحالتين مماثلتين.
هذا الضابط، صاحب الفضل في تفادي وقوع حرب نووية، كان يقول في تصريحاته قبل وفاته عام 2017 أنه قام بعمله كما يجب ولا يرى أي بطولة في الأمر.
تواضع هذا الضابط لا يلغي أن ما قام من تحمل لمسؤولية كبرى وخطيرة، جنبت سكان الأرض في عام 1983 ويلات جحيم نووي، بل وهو صاحب فضل حتى بالنسبة لمن ولد بعد ذلك.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أرشيف الاتحاد السوفييتي الاسلحة النووية
إقرأ أيضاً:
تركيا تختبر بنجاح نظام يلدريم-100 لاعتراض الصواريخ الموجهة وتؤكد تفوقها التقني
أعلنت شركة الصناعات الدفاعية التركية "أسيلسان"، الجمعة، نجاح اختبار جديد لنظام الدفاع الجوي "يلدريم-100"، المخصص لمواجهة التهديدات الصاروخية الموجهة بالأشعة تحت الحمراء، في خطوة تؤكد تصاعد القدرات التقنية لأنقرة في مجال الحماية الجوية للطائرات.
وفي بيان رسمي، أوضحت الشركة أن الاختبار شمل إطلاق صواريخ حقيقية مزودة برؤوس حربية، وتمكن النظام من تحييدها بفعالية عبر تعطيل رؤوس التوجيه الحراري باستخدام طاقة ليزر متعددة النطاقات، ما يمنح تركيا تفوقًا دفاعيًا لا تمتلكه سوى دول قليلة حول العالم.
Geliştirmekte olduğumuz YILDIRIM-100 Yönlendirilmiş Kızılötesi Karşı Tedbir (DIRCM) Sistemi’nin bir test sürecini daha başarıyla tamamladık.
⬇️
✅ Gelişmiş güdümlü füze tehditlerine karşı hava platformlarımızı koruma yeteneğimiz, saha testleriyle daha da güçleniyor.
✅ Lazer… pic.twitter.com/MOl3Hh9m0o — ASELSAN (@aselsan) July 4, 2025
تعمية الصواريخ وتغيير مسارها
وذكرت "أسيلسان" أن نظام "يلدريم-100"، المصمم لحماية الطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات على حد سواء، يعتمد على تقنية تعمية الباحثات الحرارية للصواريخ المهاجمة، عبر توجيه شعاع ليزري دقيق نحو رأس الصاروخ لتشويشه وتغيير مساره، قبل أن يصيب الهدف.
ويتميز النظام بوحدة تثبيت دقيقة، قادرة على تتبع ورصد التهديدات متعددة الاتجاهات، والتعامل معها بشكل متزامن، بفضل حساسات متقدمة ووحدات تحكم مدمجة، تعمل بانسجام تام مع أنظمة التحذير من الصواريخ.
خطوة تكنولوجية نوعية
وفي تعليق على هذا الإنجاز، قال رئيس مجلس إدارة "أسيلسان" ومديرها التنفيذي أحمد أكيول، إن النظام الجديد يجسّد ريادة تركيا في الابتكار الدفاعي، مضيفاً: "نحن فخورون بتحقيق هذا النجاح بالتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس أسيلسان. يلدريم-100 يرفع قدراتنا الدفاعية إلى مصاف الدول المتقدمة، ويعكس قوة صناعتنا الوطنية وتفوقنا في تقنيات تغير قواعد اللعبة."
وأكد أكيول أن الشركة ستواصل تطوير حلول مستقبلية تواكب تطورات ساحة المعركة الحديثة، وتضمن الحماية الفاعلة للقوات الجوية التركية والحليفة.
شراكة دولية مع الناتو
ويأتي هذا التطور في وقت وقعت فيه "أسيلسان" اتفاقية إطارية مع وكالة الدعم والمشتريات في حلف شمال الأطلسي (NSPA)، إلى جانب أربع شركات كبرى في قطاع الصناعات الدفاعية، هي: "إيرباص للدفاع والفضاء"، و"لوكهيد مارتن يو كي"، و"رايثيون"، و"تاليس"، وذلك ضمن المرحلة الأولى لمشروع دفاع جوي أرضي متكامل.
وتهدف الاتفاقية، التي تنتهي مرحلتها التصميمية في سبتمبر/أيلول المقبل، إلى تطوير بنى تحتية مرنة وقابلة للتشغيل البيني ومستدامة، تلبي احتياجات الناتو في مواجهة التهديدات الجوية المتنامية. وستقدم كل شركة رؤيتها التقنية الخاصة ضمن إطار تنافسي.
وتُعد مشاركة "أسيلسان" إلى جانب عمالقة الصناعات الدفاعية الغربية شهادة دولية على مستوى التقدم الذي أحرزته الصناعات الدفاعية التركية، خصوصًا في مجالات الاستشعار الإلكتروني، والدفاع الجوي، والأنظمة الليزرية.
مسيرة نصف قرن من التطوير الدفاعي
تأسست "أسيلسان" عام 1975 في أعقاب فرض حظر عسكري غربي على تركيا بسبب تدخلها في قبرص، ومنذ ذلك الحين لعبت الشركة دورا محوريا في تطوير القدرات الدفاعية المحلية.
وتتنوع منتجات الشركة لتشمل أنظمة الاتصالات العسكرية، ومنظومات الدفاع الجوي، والحرب الإلكترونية، والاستطلاع الكهروضوئي، إلى جانب تقنيات التوجيه الذكي، والطائرات غير المأهولة.
ويُعد نظام "يلدريم-100" امتدادًا لهذه المسيرة، ومؤشرًا على دخول تركيا مرحلة جديدة من القدرة الذاتية على مواجهة التهديدات الصاروخية المتطورة، بوسائل تكنولوجية وطنية.