القدس المحتلة - خاص صفا

فوق قبور مقبرة باب الرحمة الملاصقة للجدار الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، رقصوا وغنوا وأدوا طقوسهم التلمودية وانتهكوا حرمة الأموات، احتفالًا بما يسمى "عيد الغفران" اليهودي، في مشهدٍ يعكس مدى وحشية وعنصرية المستوطنين المتطرفين ضد مقبرة تُمثل تاريخ وحضارة إسلامية عريقة.

المقبرة التي تعتبر إحدى أقدم المقابر الإسلامية في القدس، يعود تاريخها إلى 1400 عام، تضم قبورًا لصحابة شاركوا في فتح المدينة مع عمر بن الخطاب، ورفات مئات ممن شاركوا مع صلاح الدين الأيوبي في تحريرها من الصليبيين، ما أكسبها مكانة خاصة لدى المسلمين.

وتمتد المقبرة من باب الأسباط وحتى نهاية سور المسجد المبارك قرب القصور الأموية في الجهة الجنوبية، تبلغ مساحتها 23 دونمًا، تنوي سلطات الاحتلال الإسرائيلي اقتطاع جزء منها وتحويله إلى "حديقة توراتية"، ضمن مشروعها الاستراتيجي لتهويد القدس.

ومع كل اقتحام للمسجد، سيما فترة الأعياد اليهودية، يتعمد المستوطنون اقتحام المقبرة، والرقص والغناء وأداء طقوسهم التلمودية داخلها، والدوس فوق قبور المسلمين، الذين لم يسلموا من تلك الاعتداءات والغطرسة الإسرائيلية.

واعتداءات الاحتلال على المقبرة لم تتوقف على مدار السنوات السابقة؛ بل تتعرض لهجمة مستمرة وغير مسبوقة، في سبيل اقتطاع أجزاء منعا، بهدف طمسها ومحو معالمها الإسلامية، وتغيير المشهد الثقافي لهذه المنطقة الحساسة، كجزء من محاولات السيطرة على القدس القديمة ومحيطها.

وتصاعدت وتيرة أداء الطقوس التلمودية في مقبرة باب الرحمة، خاصة بعدما أصدرت محكمة الاحتلال عام 2022، قرارًا بعدم ممانعتها أداء المستوطنين لتلك الطقوس، بما فيها "نفخ البوق" فيها.

عداء ديني

المختص في شؤون القدس جمال عمرو يقول إن "مقبرة باب الرحمة مستهدفة إسرائيليًا بشكل كامل منذ نشأتها، من منطلق عقائدي ديني متطرف، حيث يكتب اليهود في أبجديتاهم ومراجعهم بأن المسلمين تعمدوا دفن موتاهم بجوار باب الرحمة، لاعتقادهم بأن هذا الباب هو المدخل لبناء الهيكل".

ويضيف عمرو، في حديث لوكالة "صفا"، أن "العداء لهذه لمقبرة التاريخية مُستحكم وعميق في وجدان وتاريخ اليهود، رُغم عدم وجود أي صلة لهم لا علميًا ولا تاريخيًا في هذا المكان".

ويتعمد المستوطنون استفزاز مشاعر المسلمين خلال اقتحام المقبرة، وتحطيم شواهد القبور، وأداء طقوسهم التلمودية، في انتهاك واضح لحرمة الأموات والمقابر الإسلامية.

ويوضح أن اعتداءات الاحتلال ضد المقبرة لم تتوقف، بل تصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة، في محاولة لاقتطاعها أجزاء منها والاستيلاء عليها، وصولًا لداخل المسجد الأقصى.

ومنذ سنوات طويلة، تمنع سلطات الاحتلال المقدسيين من دفن موتاهم في السور الجنوبي من المقبرة، كما يشير عمرو، مضيفًا "لدى اليهود عداءً مستحكمًا ضد المسلمين، فهم يشنون حربًا ضد الأحياء والأموات، والماضي والتاريخ والحاضر".

سيطرة وتهويد

ووفقًا للباحث المقدسي، فإن "الاحتلال لديه مخططات تهويدية خطيرة إجرامية يريد تطبيقها في مقبرة باب الرحمة لإطباق السيطرة على باب الرحمة من الداخل والخارج، تمهيدًا للانقضاض على المسجد الأقصى".

ويؤكد أن هناك مساعٍ إسرائيلية لإقامة "حديقة توراتية" على أجزاء من المقبرة الإسلامية، كما جرى اقتطاع جزء من المقبرة اليوسفية ليحولها إلى "مسارات تلمودية".

ولم تتمكن سلطات الاحتلال من "إكمال إقامة حزام المسار التوراتي في المقطع الذي يبدأ من باب الأسباط حتى الزاوية الجنوبية الشرقية من الأقصى الملاصقة لأبواب الرحمة والتوبة والجنائز، لهذا يعتدي المتطرفون على الأموات وشواهد القبور في مقبرة باب الرحمة ويرقصون ويُغنون فوقها".

إجراءات قمعية

وأدان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالقدس، اقتحام وتدنيس متطرفين مقبرة باب الرحمة، والدوس بأقدامهم والرقص فوق قبور أموات المسلمين، بحماية معززة من شرطة الاحتلال وعساكرها.

وقال المجلس: إن "المشهد يعكس روحًا عدائية ضد مقبرة تمثل تاريخ حضارتنا الإسلامية في محيط المسجد الأقصى المبارك، وعموم المدينة المقدسة".

واستنكر كافة الإجراءات الشرطية والعسكرية في محيط الأقصى وداخله، بما فيها اقتحامات المتطرفين التي استباحت كل المحرمات الدينية والقانونية، كما تجاوزت الإجراءات القمعية المدانة على أبواب المسجد كل الحدود.

وأكد أنه "لا يمكن القبول بمثل هذه الإجراءات التعسفية بحجة الأعياد اليهودية، والتي ليس لها أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بتاريخ وواقع ورسالة الأقصى"، معتبرًا كافة هذه الإجراءات تشكل مدخلًا لزعزعة الوضع التاريخي والقانوني والديني القائم بالمسجد.

 

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: عيد الغفران باب الرحمة المسجد الأقصى مقبرة باب الرحمة تهويد الأقصى

إقرأ أيضاً:

أوقاف غزة: الاحتلال نبش القبور في خان يونس وسرق الجثامين

قالت وزارة الأوقاف في غزة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جريمة مروعة تمثلت في نبش قبور وسرقة جثامين لـ"الشهداء" والموتى، بعد اقتحام إحدى المقابر في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وأضافت الوزارة في بيان وصل عربي21 نسخة منه، إن هذه الممارسات تمثل انتهاكا صارخا لكل القيم والأعراف الدينية والإنسانية.

وأوضحت، أن "في مشهد يتجاوز حدود الإنسانية ويتجرد من كل القيم والأعراف الدينية والدولية، أقدمت قوات الاحتلال فجر أمس الخميس على ارتكاب جريمة مروعة جديدة، من خلال تجريف ونبش القبور وسرقة جثامين الشهداء والموتى".

ووصفت الوزارة ذلك بالسلوك "الوحشي الإجرامي الذي لا يقره دين ولا قانون".

وأكدت الوزارة أن "هذه الجريمة تمثل انتهاكا صارخا لحرمة الموتى، واعتداء سافرا على قدسية المقابر وكرامة الإنسان بعد وفاته، وتكشف عن مدى الانحطاط الأخلاقي الذي بلغه الاحتلال. والذي لم يكتف بقتل الأحياء، بل لاحق الأموات في قبورهم".

كما أشارت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دمر متعمدا تحت "حجج واهية" 40 مقبرة من أصل 60 في أنحاء القطاع.



وأعلنت وزارة الصحة في بغزة، ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى "57 ألفا و823 شهيدا و137 ألفا و887 مصابا".

وقالت الوزارة، في بيان إحصائي يومي: "وصل مستشفيات قطاع غزة خلال 24 ساعة (الأخيرة) نحو 61 شهيدا و231 إصابة".

وأوضحت أن عددا من الضحايا ما زال تحت ركام المباني المدمرة وفي الطرقات حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.

وذكرت الوزارة، أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة "6 شهداء وأكثر من 20 مصابا" من منتظري المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية، التي تم إعدادها خصيصا لاستهدافهم.

وأشارت إلى أن حصيلة ضحايا المساعدات ارتفعت منذ 27 مايو/ أيار الماضي، إلى "788 شهيدا، وأكثر من 5 آلاف و199 إصابة".

وفي السياق ذاته، قالت الوزارة إن حصيلة الضحايا الفلسطينيين منذ استئناف دولة الاحتلال إبادتها في القطاع في 18 مارس/ آذار 2025 ارتفعت إلى "7 آلاف و261 شهيدا، و25 ألفا و846 مصابا".

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها، وإضافة إلى الشهداء والجرحى ومعظمهم أطفال ونساء، خلفت الإبادة بدعم أمريكي ما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

مقالات مشابهة

  • أوقاف غزة: الاحتلال نبش القبور في خان يونس وسرق الجثامين
  • “أوقاف” غزة: العدو الصهيوني يرتكب جريمة باجتياح المقبرة التركية ونبش القبور وسرقة الجثامين
  • ‎50 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 50 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 3 شهداء بينهم امرأتان برصاص وقصف الاحتلال في خان يونس وغزة
  • ‎50 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • دعواتٌ لشدِ الرحال للأقصى لأداء صلاة الجمعة والرباط فيه
  • قوات الاحتلال ومستوطنيه يقتحمون المسجد الأقصى والمصلى القبلي
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • المستوطنون يعربدون بالضفة الغربية.. والاحتلال يهدم منازل الفلسطينيين (شاهد)