يصادف اليوم ذكرى ميلاد توماس ستيرنز إليوت، الشاعر والناقد والمسرحي الإنجليزي الكبير الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1948، ويعد  واحدًا من رواد الحداثة في الشعر الإنجليزي. وُلِدَ ستيرنز في 26 سبتمبر عام 1888 في الولايات المتحدة، ثم انتقل إلى بريطانيا في عام 1914.

والده كان رجل أعمال ثريًّا، ووالدته كانت شاعرة.

تلقى توماس تعليمه حتى التحق بجامعة هارفارد في عام 1906 وحصل على درجة الماجستير في عام 1910. ثم سافر إلى فرنسا ودرس في السوربون قبل أن ينتقل إلى بريطانيا في عام 1914. في عام 1927، أعلن اعتناقه المذهب الإنجليكاني وأنه من الرعية الإنجليزية، واعتمد الأسلوب الكلاسيكي في كتاباته.

في ندوة ثقافية.. طارق شوقي يكشف عن بدايات المشروع القومي لتطوير التعليم غدا..دار الكتب تعلن الانتهاء من ترميم مصحف حجازى يعود إلى القرن الأول الهجري

أُطلِقت أولى قصائده المميزة في عام 1917 تحت عنوان "أغنية الحب"، وتميزت بأسلوبه الذي أصبح معتادًا في أعماله، وهو الكتابة بلغة شعرية سلسة يمكن فهمها وإعجاب المثقفين وغيرهم دون تعقيد أو استعراض.

شهرة عالمية

في عام 1922، زادت شهرة إليوت على المستوى العالمي بعد نشر قصيدته "الأرض اليباب" و"قوة عظمى". صور إليوت في قصائده مجتمع ما بعد الحرب وعبر عن غضبه واشمئزازه من الحروب بأسلوب شعري معقد ورفيع. في قصيدته "المدينة الأبدية"، صوَّر إليوت المدينة العلمانية وأرض النفايات التي انقسمت إلى خمسة أقسام، واستخدم أسلوب الانقطاع الخطابي للتعبير عن القرن العشرين وتأثير الحداثة على الأشياء.

مساهمات توماس ستيرنز إليوت

بالنسبة لمساهماته في المسرح والنقد، اهتم إليوت في فترة الثلاثينات باللاهوت وعلوم الاجتماع، وكتب ثلاثة كتب نقدية متأثرًا بهذه المجالات، بما في ذلك "فكرة المجتمع المسيحي" عام 1939 و"ملاحظات لتعريف الثقافة" عام 1948. في قصيدته "أربعاء الرماد"، اعتمد أسلوبًا صوفيًا دينيًا مختلفًا عن كتاباته السابقة،  لكن لم يحسن النقاد استقبال تلك القصيدة وقت نشرها.

في المسرح، كتب إليوت أولى أعماله المسرحية، سويني أعونيستس، في عام 1926، وعرضت للمرة الأولى في عام 1958، كما عبر عن المآسي المسيحية من خلال مسرحية القتل في الكاتدرائية، التي نشرت ونفذت في عام 1935، تحدث فيها عن استشهاد توماس بيكيت، وتعد القتل في الكاتدرائية أهم وأشهر أعماله المسرحية على الإطلاق.


في الشارع الدميم، تركني وحدي، وكنوع من أنواع الوداع، تلاشى عند نفخ البوق!.. عُد توماس ستيرنز إليوت، من أكثر المؤثرين في الشعر الإنجليزي، في بريطانيا وأمريكا، كما عد أيضًا، الشاعر الذي لا يستطيع أن يجاريه أي شاعر إنجليزي في القرن العشرين، خاصة من ناحية استقطاب الجمهور إلى شعره.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: توماس الولايات المتحدة جامعة هارفارد فی عام

إقرأ أيضاً:

العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي

 

بدر بن خميس الظفري
@waladjameel

مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، حدث تحول جذري في المفاهيم الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك النظرة إلى العنصرية والتمييز على أساس اللون أو النسب، التي كانت سائدة في العصر الجاهلي.
ومع ذلك، لم تختفِ العنصرية تمامًا من المجتمع العربي بعد الإسلام، بل استمرت بعض مظاهرها، خاصة مع اتساع الدولة الإسلامية وامتزاج العرب بغيرهم من الشعوب. وقد انعكس ذلك في الشعر؛ حيث نجد بعض الشعراء يمارسون العنصرية في أشعارهم، خاصة في سياق الهجاء، كما هو الحال مع المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي.
ويُعدّ أبو الطيب المتنبي من أعظم شعراء العربية على مر العصور، وقد اشتهر بقصائده في المدح والفخر والحكمة. ومع ذلك، فقد مارس المتنبي العنصرية في بعض قصائده، خاصة في هجائه لكافور الإخشيدي، حاكم مصر في ذلك الوقت.
كان كافور الإخشيدي عبدًا أسود من أصل حبشي، اشتراه محمد بن طغج الإخشيد، حاكم مصر، ثم أعتقه وقربه إليه حتى أصبح من كبار قادته. وبعد وفاة الإخشيد، تولى كافور الوصاية على ابنيه، ثم استقل بحكم مصر والشام.
انتقل المتنبي إلى مصر سنة 346هـ، بعد أن ساءت علاقته بسيف الدولة الحمداني في حلب. وقد مدح المتنبي كافورًا في البداية بقصائد رائعة، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة. ومن أشهر قصائده في مدح كافور قصيدته التي مطلعها:
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا *** وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُن أَمانِيا
وفيها يخاطب كافور قائلًا:
أبا المِسكِ ذا الوَجهُ الذي كُنتُ تائِقًا // إِلَيهِ وَذا اليَومُ الذي كُنتُ راجيا
أبا كُل طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ // وَكُل سَحابٍ لا أَخَص الغَواديا
لكن عندما أيقن المتنبي أن كافورًا لن يحقق له طموحه في الولاية، غادر مصر غاضبًا، وبدأ يهجو كافورًا بقصائد لاذعة، استخدم فيها خطابًا عنصريًا يعير فيه كافورًا بلونه الأسود وأصله كعبد سابق.
من أشهر قصائد المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي قصيدته المعروفة "عيد بأي حال عدت يا عيد"، التي نظمها بعد مغادرته مصر سنة 350هـ. وتعد هذه القصيدة نموذجًا صارخًا للخطاب العنصري في الشعر العربي، حيث استخدم فيها المتنبي ألفاظًا وعبارات تحط من قدر كافور بسبب لونه الأسود وأصله كعبد.
تبدأ القصيدة بمطلع حزين يعبر فيه الشاعر عن حاله في العيد، وهو بعيد عن أحبته:
عيدٌ بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ // بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ
ثم ينتقل إلى هجاء كافور، مستخدمًا خطابًا عنصريًا صريحًا:
أكُلَمَا اغْتَالَ عَبْدُ السُوءِ سيدهُ // أو خانه فله في مصر تمهيدُ
صار الخصيُّ إمام الآبقين بها // فالحر مستعبد والعبد معبود
في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى أصل كافور كعبد، ويتهمه بالخيانة والغدر بسيده الإخشيد، ويصفه بأنه "خصي" و"عبد السوء"، في إشارة عنصرية واضحة.
ويستمر المتنبي في هجائه العنصري لكافور، مؤكدًا على أن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، مهما تغيرت ظروفه:
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ // لَوْ أنهُ في ثِيَابِ الحُرِّ مَوْلُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلا وَالعَصَا مَعَهُ // إن العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكيدُ
في هذين البيتين، يؤكد المتنبي على نظرة عنصرية تجاه العبيد، معتبرًا أنهم "أنجاس مناكيد" لا يصلحون إلا بالعصا، وأن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، حتى لو ولد في ثياب الحر، في إشارة إلى أن أصله (العبودية) لا يمكن تغييره.
ويتابع المتنبي هجاءه العنصري، مشيرًا إلى لون كافور الأسود بشكل مباشر:
وَأن ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ // تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرعاديد
مَنْ عَلمَ الأسْوَدَ المَخصِي مكرُمَة // أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصيدُ
في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى لون كافور الأسود، ويصفه بأنه "مثقوب المشفر"، في تشبيه له بالحيوان، ويتساءل استنكارًا عمن علّم هذا العبد الأسود المكرمة، هل هم قومه البيض أم آباؤه الأشراف، في إشارة ساخرة إلى أن كافورًا لا أصل له ولا نسب.
وفي قصيدة أخرى، يقول المتنبي هاجيًا كافورًا:
وَإنكَ لا تَدْري ألَوْنُكَ أسْوَدٌ من // الجهلِ أمْ قد صارَ أبيضَ صافِيًا
في هذا البيت، يسخر المتنبي من لون كافور الأسود، متسائلًا إن كان كافور لا يدري أن لونه أسود من الجهل، أم أنه يظن أن لونه قد صار أبيض صافيًا.
ولفهم عنصرية المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي، لا بُد من النظر إلى الدوافع النفسية والاجتماعية التي كانت وراء هذا الهجاء العنصري.
إذ من الناحية النفسية، كان المتنبي يتمتع بشخصية طموحة ومغرورة، وكان يرى نفسه أهلًا للإمارة والحُكم. وقد ذهب إلى مصر، كما أشرنا سابقًا، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة، كما يتضح من قوله في إحدى قصائده المادحة لكافور:
وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجلٌ // فَيَرجِعَ مَلكًا لِلعِراقَينِ والِيًا
لكن عندما خاب أمله ولم يحقق كافور طموحه، شعر بالإحباط والغضب، وتحول مدحه إلى هجاء لاذع، استخدم فيه كل ما يمكن أن يحط من قدر كافور، بما في ذلك لونه وأصله.
من الناحية الاجتماعية، كان المتنبي ابن عصره، متأثرًا بالنظرة العنصرية السائدة في ذلك الوقت تجاه السود والعبيد. فرغم أن الإسلام جاء بمبادئ المساواة، إلّا أن المجتمع العربي في العصر العباسي لم يتخلص تمامًا من النظرة العنصرية تجاه غير العرب، خاصة السود والعبيد. وقد استغل المتنبي هذه النظرة العنصرية في هجائه لكافور، معتمدًا على أنها ستجد صدى لدى المتلقي في ذلك العصر.
كما أن المتنبي كان يتمتع بقومية عربية مُتعصِّبة، وكان يرى في وصول عبد أسود مثل كافور إلى الحكم إهانة للعرب وللعروبة. وقد عبّر عن ذلك في قوله:
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ // يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهمْتُ أن الناسَ قَدْ فُقِدوا // وَأن مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
في هذين البيتين، يُعبِّر المتنبي عن استيائه من أن يعيش في زمن يسيء إليه فيه عبد مثل كافور، وهو محمود من الناس، ويتعجب من أن يُفقد الناس (يقصد العرب الأحرار) ويوجد مثل كافور (العبد الأسود).
وهكذا، نجد أن العنصرية استمرت في الشعر العربي في العصور الإسلامية، رغم المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى المساواة. وقد تجلت هذه العنصرية بشكل خاص في شعر الهجاء؛ حيث كان الشعراء يستغلون الفروق العرقية واللونية في الهجوم على خصومهم.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الأربعاء.. عرض«Those Magnificent Men in Their Flying Machines» بالثقافة السينمائية
  • كنز أدبي مخفي في غلاف كتاب.. العثور على مخطوطة فرنسية نادرة من العصور الوسطى
  • قوات الأمن اليمنية تعتقل 132 مهاجراً قبالة سواحل لحج
  • التراث الشفهي.. وضرورة الحفاظ عليه
  • الرسام الألماني أنسيلم كيفر يفتتح متحفا في منزل والديه
  • صراع الأجيال
  • بايرن ميونخ يودّع أسطورته توماس مولر في ليلة استثنائية بأليانز أرينا
  • بهذه الطريقة.. جماهير بايرن ميونخ تودع توماس مولر بعد رحيله عن الفريق
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: حكومة نتنياهو تفرّط بفرصة القرن وتدفع نحو هزيمة تاريخية
  • العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي