اكتئاب وفقدان نطق.. ماذا فعل الإعصار بأطفال درنة؟
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
"بعضهم اكتأب ومنهم من فقدَ النطق وآخر حاول الانتحار".. هذا ما تسبب به الإعصار المتوسطي "دانيال" بأطفال شرق ليبيا، إذ دمّر قبل أكثر من أسبوع منازلهم ومدارسهم ومدنهم وفقدوا عائلاتهم، وذلك أمام أعينهم.
وتأثر نحو 300 ألف طفل بالكارثة في شرق ليبيا، وفق ما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف، عقب الإعصار الذي اجتاح في 10 سبتمبر/أيلول الجاري عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، بالإضافة إلى مناطق أخرى بينها درنة الأكثر تضررا.
هذه الأعداد التي وصفتها المنظمة الأممية بـ"الضخمة" تعد "جيلا كاملا"، وفق ما قال الطبيب النفسي شاهين الزياني الذي أوضح لوكالة الأناضول أن "أولئك الأطفال هم غد ليبيا لكنهم تأثروا بشدة نفسيا، وهو ما سيلقي بظلاله على كامل البلاد مستقبلا".
الطبيب النفسي الليبي، وهو يتحدث من مدينة درنة، أكد أن ما شاهده خلال معاينته لعدة أطفال في المدينة "أمر محزن للغاية".
وفي 24 سبتمبر/أيلول، أعلنت لجنة تابعة للحكومة المكلفة من البرلمان الليبي أن حصيلة ضحايا الإعصار بلغت 3 آلاف و868 حالة وفاة، وهي حصيلة قريبة من أخرى أعلنتها منظمة الصحة العالمية، في الـ16 من الشهر نفسه، حين أفادت بمصرع 3 آلاف و958 شخصا وفقدان أكثر من 9 آلاف آخرين.
مشاهد مرعبة
وقال الزياني "لك أن تتخيل أن يفقد طفل أمه وأباه في لمح البصر، ولك أن تتأمل حال طفل يفقد منزله بل ومدينته وجيرانه وأصدقاءه وكذلك مدرسته، وآخر يفيق في الليل ويجد منزله غارقا في المياه وسط صراخ كل من حوله في المنزل والشارع".
وأكد الطبيب الليبي أن "هناك أطفالا دخلوا في حالة اكتئاب وآخرين فقدوا القدرة على الكلام من هول ما عاشوه خلال ساعات الفيضانات التي بدأت في مقتبل المساء وجرفت المنازل التي ظلت داخلها وأمامها أعداد من الجثث إلى أن انحسرت المياه في الصباح".
وأضاف "بل إن بعض الأطفال الذين نجوا لم يسعفهم أحد حتى وصول المساعدات بعد الظهيرة".
مدة الفيضانات عقب الإعصار -وفق الزياني- "تقدر بأكثر من 15 ساعة كان فيها أولئك الأطفال، إما تحت أنقاض منازلهم أو جرفتهم المياه لأماكن عدة أو حتى بجانب جثث أشخاص آخرين لقوا حفتهم، وربما جثث عائلاتهم كما حدث في بعض الحالات في درنة".
وأشار إلى أن "إدراك الطفل لهول ما عاشه يختلف كليا عن إدراك الإنسان البالغ، وهنا تتمثل الأزمة والكارثة والمصيبة".
ومتحدثا عن أصعب الحالات النفسية لدى الأطفال الناجين من الفيضانات، قال الطبيب الليبي "عاينت طفلا في مدينة بنغازي التي نقل إليها هو وشقيقته الصغيرة، حيث فقد أباه وأمه في الفيضانات، وحاول أكثر من مرة أن يلقي بنفسه من مكان مرتفع، وهو يفعل ذلك دون وعي".
مشكلات النزوحوعن الأطفال الذين تم جلبهم إلى بنغازي ومدن أخرى أو نزحوا من مناطقهم مع عائلاتهم الناجية، يؤكد الزياني أن "ذلك في حد ذاته أمر سيزيد من الأزمات النفسية لدى الأطفال".
ويضيف الطبيب الليبي "أن يترك طفل مدرسته وبيته وجيرانه ويجد نفسه فجأة في بيئة أخرى أقل أمانا وطمأنينة من البيئة التي كان يعيش فيها، أمر سلبي خاصة وأن البيئة الجديدة عبارة عن مدارس خصصت لتجميع النازحين".
وخلّف الإعصار والفيضانات الناجمة عنه نحو 40 ألف نازح شمال شرقي ليبيا، وفقا لأرقام نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في 16 سبتمبر/أيلول الجاري.
ووفق الزياني "تؤكد بيئة النزوح الجديدة للطفل أنه يعيش أزمة فعلا وهنا بيت القصيد، فالمفترض أن يبعد الطفل عن كل ما يشعره بأن الوضع استثنائي لتهيئته للاستجابة للعلاج النفسي ما بعد الصدمة".
صدمة عامةوقال وكيل وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل إن "جميع سكان مدينة درنة في حالة صدمة حقيقية نظرا لحجم الكارثة، والتي تعتبر غير مسبوقة في تاريخ ليبيا".
وذكر عبد الوكيل أن السلطات "تعمل على برنامج لتقديم الدعم النفسي معتمد من الوزارة سيشمل الجميع ومنهم الأطفال".
وأوضح أن "الفرق التابعة لوزارة الصحة منها المستشفيات النفسية ومؤسسة الرعاية الصحية وبعض المؤسسات التابعة للشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر والكشافة باشروا مهامهم منذ الأسبوع الماضي، بالتركيز في المدى القصير على تقديم الدعم النفسي".
ولفت إلى أن "عدة جهات ومؤسسات ومراكز بحثية وفرق تابعة لوزارة الصحة ستعلن خلال الأيام المقبلة عن عمل مشترك، سيتم من خلاله دراسة الكثير من الظواهر والمسائل النفسية والاجتماعية التي نجمت عن كارثة الفيضانات".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
«الإعصار» يهدد سان جيرمان في «مونديال الأندية»!
أتلانتا (أ ف ب)
إذا كان من لاعب يُجسّد العقلية القتالية لبايرن ميونيخ الألماني في كأس العالم للأندية بكرة القدم، فهو المهاجم الإنجليزي هاري كين المتعطّش للألقاب، بعد تذوقه الأول لطعم التتويج في الدوري الألماني، والعازم على إسقاط باريس سان جيرمان الفرنسي في ربع النهائي المرتقب السبت.
بعد مشوار مريح نسبياً حتى الآن، رغم الخسارة غير المؤثرة أمام بوتافوجو البرازيلي 0-1، ستواجه كتيبة الأبطال الأوروبيين أول اختبار حقيقي.
وليس ملعب مرسيدس بنز ستاديوم الحديث والمحصّن في أتلانتا من سيحميهم من إعصار «هاري كين»، أو كما يلقبونه في إنجلترا: هوري كاين (الإعصار).
ولتفادي الأضرار الكبرى التي قد يتسبب بها هذا الإعصار، سيكون على دفاع سان جيرمان أن يظهر صلابة وانضباطاً لا هوادة فيه.
فبعد دور مجموعات خافت، بدأ النجم الإنجليزي في التصاعد بكل ثقله في ثمن النهائي، حيث قاد البايرن إلى إقصاء فلامنجو البرازيلي بثنائية رائعة، فضلاً عن مساهمته الهجومية الكاملة وروحه القتالية في الدفاع.
وسجل كين هدفين من خارج منطقة الجزاء، مؤكدا أنه ليس مجرد «قناص داخل الصندوق»، لكنه لفت الأنظار أيضاً باندفاعه في الدقائق الأخيرة للحفاظ على التقدم 4-2، من خلال تدخل قوي على أحد لاعبي الخصم.
قال مدربه البلجيكي فنسان كومباني بعد اللقاء: «من الرائع أن يكون لديك لاعب بهذه الجودة يهتم بالواجبات الدفاعية، هذا ليس سهلاً دائماً بالنسبة لمهاجم، لكنه جزء من كرة القدم، ولا أظن أنه بإمكان أي فريق حصد الألقاب اليوم من دون أن يظهر كل لاعبيه هذه الروح».
أما المدير الرياضي ماكس إيبرل فقال: «لقد فعل ذلك أكثر من مرة، بعد الخسارة في برشلونة (4-1 في دوري الأبطال في أكتوبر)، تعلمنا أن علينا أحياناً ارتكاب الأخطاء التكتيكية، ومنذ ذلك الحين، يؤدي كاين هذه الأدوار ببراعة، أحييه ليس فقط على الأهداف، بل على طريقته في خدمة الفريق. وهذا بالضبط ما نحتاجه».
وما يزيد من أهمية ما فعله كين أنه قدّمه بعد 85 دقيقة مرهقة تحت رطوبة ميامي وحرارة 35 درجة مئوية، وفي موسم خاض فيه 50 مباراة (سجّل خلالها 41 هدفاً، ومرّر 12 تمريرة حاسمة).
وعن ذلك، قال كين ببساطة: «أعرف أن الكثيرين قيّموا مسيرتي من خلال عدد الأهداف، لكن جماهير البايرن باتت تدرك أنني أقدّم كل شيء للفريق، إذا كان عليّ أن أركض 11 كلم في المباراة، فسأفعل، وإذا كان المطلوب العودة للدفاع، فسأعود. طالما أن هذا يساعد الفريق، فسأقوم به».
وأكد كين: «تسجيل الأهداف أمر أحبه، لكنه ليس أغلى ما لدي، ما أريده فعلاً هو الفوز».
وقد نال أخيراً أول ألقابه الجماعية، بعد مسيرة مليئة بالتتويجات الفردية، وذلك بتتويج بايرن ميونيخ ببطولة الدوري الألماني قبل شهرين فقط.
ولمّا كان عليه انتظار بلوغ سن الـ31 للتتويج بلقبه الأول، فإن نهمه بات مضاعفاً الآن، خصوصاً مع شعوره المتزايد بأن الوقت يمر، ما يجعله يقاتل بكل حماسة لرفع المزيد من الكؤوس.
وفي الولايات المتحدة، لا يبدو كين راغباً فقط بإضافة لقب جديد، بل بأن يصبح أول لاعب ضمن مجموعة يُتوّج مع البايرن بنسخة كأس العالم للأندية الجديدة.
وبات يفصله عن ذلك ثلاث مباريات فقط، لكن المواجهة المقبلة لن تكون نزهة.
واختتم كين قائلاً: «باريس فريق رائع، بطل أوروبا. لقد لعبنا ضدهم مرة هذا الموسم وفزنا 1-0 (في دوري الأبطال)، كانت مباراة صعبة، نعرف قدراتهم وسنكون جاهزين، نشعر أنه عندما نلعب بأفضل مستوياتنا، يمكننا هزيمة أي فريق، وسنخوض هذه المباراة بهذا الإحساس».