سلط موقع "المونيتور" الضوء على تصنيف المملكة العربية السعودية باعتبارها الدولة التي تتمتع بأعلى حجم نمو في معاملات العملات المشفرة على مستوى العالم خلال فترة 12 شهرًا، مشيرا إلى أن اعتماد التمويل اللامركزي أكسب عديد البلدان في الشرق الأوسط قوة جذب كبيرة لسوق تلك العملات.

والتمويل اللامركزي هو مصطلح شامل للنظام الرقمي الذي يسمح للناس بشراء وبيع وإرسال واستلام الأصول الرقمية مثل العملات المشفرة دون الاعتماد على الوسطاء التقليديين مثل البنوك، بل على سلاسل الكتل (بلوكتشين) التي يمكن الوصول إليها لإجراء المعاملات.

وتصدرت المملكة قائمة الدول الأسرع نموا بمعاملات تلك العملات عالميًا بزيادة بنسبة 12% لتصل إلى ما يقرب من 31 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز 2022 حتى يونيو/حزيران 2023، مقارنة بالفترة نفسها من 2021-2022.

 وجاءت فيتنام في المرتبة الثانية (11.6%)، ثم نيجيريا (9%)، وإسبانيا (6.9%)، حسبما ذكرت شركة "تشينا" لتحليل البلوكتشين ومقرها نيويورك في تقريرها للعملات المشفرة لعام 2023.

وحدد التقرير السنوي للشركة منذ عام 2019 منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتبارها سادس أكبر اقتصاد مشفر عالميًا بقيمة 390 مليار دولار أمريكي في الفترة من يوليو/تموز 2022 حتى يونيو/حزيران 2023، متخلفة كثيرًا عن المناطق الرائدة مثل أمريكا الشمالية (1.22 تريليون دولار) وأوروبا الغربية (1.07 تريليون دولار).

وجمعت الشركة بيانات التقرير من خلال مراقبة خدمات المحفظة المالية اللامركزية التي تسمح بتبادل العملات المشفرة إلى جانب شراء بيانات طرف ثالث لمراقبة حركة المرور الإلكترونية.

وقال كيم غراور، مدير الأبحاث في "تشينا"، إن القيمة المنخفضة لدول العالم العربي تعزى إلى قوتها الاقتصادية الناشئة بشكل عام ولا تعكس مستوى اهتمام المنطقة بالتمويل اللامركزي، موضحا: "الأمر يتعلق بالحجم والسكان أكثر من مستويات التبني الإقليمية".

وأفادت "تشينا" بأن سوق العملات المشفرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصبح الأسرع نموًا على مستوى العالم من يوليو/تموز 2021 حتى يونيو/حزيران 2022 حيث حصل على 566 مليار دولار من العملات المشفرة، وهو أعلى بنسبة 48% عن العام السابق.

وأضافت أن "هذا يوضح بشكل خاص الاهتمام الإقليمي وسط سوق العملات المشفرة الهبوطي هذا العام، والذي انخفض من أكثر من 2 تريليون دولار في يناير/كانون الثاني 2022 إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند حوالي 800 مليار دولار بحلول ديسمبر/كانون الأول بسبب سلسلة من انهيارات البورصة وأزمات السوق ونقص التمويل".

اقرأ أيضاً

الكويت تحظر معاملات العملات المشفرة والأصول الافتراضية

وأشار التقرير إلى أن غياب تنظيم النشاط في مجال التمويل اللامركزي أدى إلى بناء حالة من عدم الثقة بين المستثمرين، ولذا فقدت بيتكوين، العملة المشفرة الأكثر شعبية، 60% من قيمتها العام الماضي.

وتعاني معظم مناطق العالم من انخفاض الثروات، وخاصة البلدان ذات الدخل المرتفع. لكن البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تنمو في معاملات العملات المشفرة، وبمستوى مماثل لما كانت عليه قبل موجة الصعود الأخيرة.

 وذكر التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت ارتفاعًا في اعتماد العملات المشفرة نظرًا لارتفاع أعداد الشباب الذين يتعاملون عبر الإنترنت، والحاجة إلى التغلب على العقبات الاقتصادية مثل العقوبات وانخفاض قيمة العملات، وبسبب تأثير الأطر التنظيمية الأكثر وضوحًا في بعض البلدان.

محفزات السوق

وفي تركيا، ذكرت "تشينا" أن (USDT)، وهي واحدة من أكبر العملات المستقرة للعملات المشفرة المرتبطة بالدولار الأمريكي، هي الأصل المشفر الأكثر شيوعًا، ويتم شراؤها بالليرة التركية عبر البورصات العالمية، واستخدامها كوسيلة للحفاظ على المدخرات التركية من الانخفاض الهائل في قيمة العملة بالبلاد، الذي أدى إلى انهيار الليرة عام 2021، تلاه ارتفاع التضخم، ما ساهم في خسارة أكثر من 30% من قيمتها هذا العام.

واحتلت تركيا المرتبة الرابعة عالميًا لأكبر حجم معاملات بالعملات المشفرة، إذ تلقت 170 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز 2022 حتى يونيو 2023، وفقًا لتقرير "تشينا"، ولم تتخلف إلا عن الولايات المتحدة والهند والمملكة المتحدة.

وتستخدم إيران أيضًا سوق العملات المشفرة غير المنظم عالميًا لتجاوز الحصار الاقتصادي لتحويل الأموال أثناء خضوعها للعقوبات الغربية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أفادت "تشينا" بأن شركة "باينانس" العملاقة للعملات المشفرة عالجت ما يقرب من 8 مليارات دولار من المعاملات مع أكبر بورصة عملات مشفرة في إيران "نوبيتكس".

وتعد إيران واحدة من أكبر 30 دولة تتبنى التمويل اللامركزي، وفقًا لتقرير "تشينا"، الذي يشير إلى حجم معاملات يقدر بنحو 23 مليار دولار للبلاد خلال فترة 12 شهرا.

اقرأ أيضاً

دبي تصدر لوائح جديدة لمقدمي خدمات الأصول الافتراضية والعملات المشفرة

وبالانتقال إلى منطقة الخليج، ذكر التقرير أن الجهات التنظيمية المبكرة لسوق العملات المشفرة، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، وفرت بيئة أكثر ثقة لشركات التكنولوجيا المالية للعمل، ما أدى إلى ارتفاع معدلات اعتماد العملات المشفرة من قبل المستثمرين وغيرهم من العاملين في مجال التكنولوجيا المالية وقطاع التمويل اللامركزي.

ويعود ذلك إلى إطلاق الإمارات استراتيجية وطنية للبلوكتشين، في عام 2016، وإنشاء سوق أبو ظبي العالمي كإطار تنظيمي للعملات المشفرة في عام 2018، كما أطلقت هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي في أوائل العام الماضي، ما سمح "بتطور منصات العملات المشفرة الرائدة مع الإشراف الذي يحافظ على حقوق المتعاملين"، بحسب التقرير.

سعود خليجي

وقال مازن سلهب، كبير استراتيجيي السوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة BDSwiss العالمية للاستثمار والتجارة عبر الإنترنت، إن زيادة الوضوح التنظيمي يعني أن الاستثمار في العملات المشفرة يخضع لتنظيم صارم من قبل السلطات، مشيرا إلى أن ذلك يتضمن إجراءات مثل عمليات "اعرف عميلك" التي تتطلب تنفيذ خطوات إلزامية للتحقق من هوية العميل.

ويرى سلهب ضرورة حصول البورصات على تراخيص صادرة عن الحكومات للعمل مع المستثمرين بالعملات المشفرة، مشيرا إلى أن سياسات العملات المشفرة في الإمارات تساعد في توليد الثقة التي تنعكس في سوق الدولة.

ولفت سلهب إلى أن "الأرقام تظهر أن 35% من سكان الإمارات يستثمرون في العملات المشفرة، وهذه واحدة من أعلى المعدلات في العالم".

وتتمتع الإمارات، إلى جانب سنغافورة، بأعلى معدل اعتماد عام للعملات المشفرة على مستوى العالم، وفقًا لتقرير ثروة العملات المشفرة الصادر عن شركة Henley & Partners والذي نُشر في أوائل سبتمبر/أيلول.

وفي المملكة العربية السعودية، فعلى الرغم من أن البنك المركزي السعودي لم يشرع في رحلة تنظيمية مماثلة لدولة الإمارات، إلا أن سلهب أشار إلى أن معدل اعتمادها سريع النمو ومكانتها كأكبر اقتصاد في العالم العربي ستجعل منها سوقًا تنافسية.

وأوضح: "هناك اهتمام متزايد بين الشباب السعودي بالعملات المشفرة"، مشيرا إلى أنهم يمثلون غالبية سكان المملكة.

وتشير تقديرات الدراسات المختلفة إلى أن جيل الألفية (الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 40 عامًا) والشباب من الجيل Z (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 24 عامًا) يشكلون ما يتراوح بين 70% إلى 94% من جميع مشتري العملات المشفرة على مستوى العالم.

وقال سلهب إن الطبيعة عالية المخاطر والعائدات العالية لسوق العملات المشفرة تجذب أيضًا عقلية المستثمر العادي في المملكة.

وأضاف: "إن المتداولين في السعودية مجازفون، ليس فقط في سوق الأصول المشفرة ولكن في جميع المجالات (..) وهذا هو أفضل سيناريو تبحث عنه شركات العملات المشفرة".

وخلص سلهب إلى أنه من غير المرجح أن يضيف البنك المركزي السعودي لوائح جديدة للعملات المشفرة في أي وقت قريب لتقليل مخاطر سوق العملات المشفرة بالسعودية.

ومع ذلك، فإن الزخم الاقتصادي للمملكة، إلى جانب الزخم الاقتصادي لدور الريادة الإقليمية، مثل الإمارات، سيدفع السعودية إلى إجراء مناقشة حقيقية حول ممارسات صناعة التمويل اللامركزي في السنوات القادمة، حسب توقعات سلهب.

اقرأ أيضاً

أثرياء العملات المشفرة.. شباب الخليج يقودون انتعاشة كبيرة لسوق العقارات الفاخرة في نيويورك

المصدر | المونيتور/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية العملات المشفرة بيتكوين إيران بلوكتشين منطقة الشرق الأوسط وشمال سوق العملات المشفرة على مستوى العالم للعملات المشفرة من یولیو تموز ملیار دولار المشفرة ا حتى یونیو عالمی ا

إقرأ أيضاً:

بلومبيرغ: البنوك الكبرى تبحث عن الأمان عبر عملة مشفرة مشتركة

نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرًا تناول فيه احتمالية دخول البنوك الكبرى، مثل جيه بي مورغان وبنك أوف أمريكا وسيتي غروب وويلز فارجو، في مشاريع العملات المشفرة المستقرة، خصوصًا إذا تم إقرار تشريعات أمريكية جديدة مثل قانون "جِينْيَس" وقانون "ستابل"، اللذين يهدفان إلى تنظيم العملات المشفرة ومنحها أساسًا قانونيًا أكثر وضوحًا.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن البنوك الكبرى، مثل بنك أوف أمريكا وسيتي جروب وجي بي مورغان وويلز فارجو، يفكرون في إصدار عملات مستقرة مشتركة إذا أقرّت تشريعات أمريكية تدعم العملات المشفرة، فيما تبدي بنوك أوروبية مثل بنك سانتاندير اهتمامًا مماثلًا بمثل هذه المشاريع.

واعتبر الموقع أنه من المنطقي أن تشارك البنوك في المنتجات التي قد تنافس خدمات الدفع والودائع الخاصة بها. كما من الحكمة أن تتعاون معًا لحماية سمعتها من المخاطر المحتملة التي قد تنشأ إذا ما تم استخدام أي عملة يصدرونها في تمويل الجريمة أو الإرهاب. ومع ذلك، لا تزال بحاجة إلى قواعد أكثر صرامة ودفاعات أفضل لمواجهة هذه الاحتمالات، بالإضافة إلى ضمان ثقتها في موثوقية التقنية المستخدمة.

وأشار إلى أن الرئيس دونالد ترامب، وعائلته وأصدقائه، يعتبرون أكثر انفتاحًا على إمكانيات العملات المشفرة مقارنة بالإدارات السابقة. ويعمل الكونغرس على إعداد تشريعات تنظم العملات المشفرة والعملات المستقرة، بهدف منحها أساسًا عمليًا.



وأضاف أن بنك جيه بي مورغان يمتلك بالفعل عملته الرقمية، ولكن يقتصر استخدامها على الاستخدامات الداخلية لإجراء التحويلات بسرعة وكفاءة لعملائه، لكن البنوك الكبرى تفضل مشاريع مشتركة لتقاسم التكاليف والمخاطر وتعزيز الثقة. وقد دعمت البنوك سابقًا تقنيات جديدة مثل خدمة "زيل" للدفع الإلكتروني الفوري، والتي تشارك شركتها المشغّلة الآن في محادثات حول العملة المستقرة المشتركة.

وقد تُستخدم العملات المستقرة مستقبلاً في المدفوعات الدولية وحفظ الأموال خارج البنوك. وتتمثل وظيفتها الرئيسية اليوم في كونها وسيطًا لتحويل الأموال بين الأصول المشفرة. ومن المفترض أن تحتفظ هذه العملات بقيمتها بالدولار وأن تكون مدعومة بأصول نقدية مثل السندات والأذون الحكومية والودائع المصرفية.

ووفق الموقع؛ لكي تحظى العملات المستقرة بانتشار واسع، ينبغي أن تُشبه صناديق السوق النقدي من خلال تمرير جزء كبير من العوائد لحامليها. وقد شهدت العملات المستقرة التي توفر عوائد نموًا سريعًا مؤخرًا، ما يشكل تهديدًا متزايدًا للإصدارات التقليدية الخالية من الفوائد، بحسب تحليل حديث من بلومبيرغ.

وذكر أن التشريعات المطروحة حاليًا في الكونغرس تقترح حظر دفع الفوائد على العملات المستقرة، مما يحمي أرباح الجهات القائمة في السوق. كما تدعم البنوك هذا الحظر لمنع العملات المستقرة من منافسة صناديق السوق النقدي على مصادر التمويل.



بالنسبة لبنوك الاستثمار؛ فإن الجائزة الأكبر تتمثل في الوصول إلى أسواق تداول العملات المشفرة، التي تشهد إقبالًا واسعًا من الأفراد واهتمامًا متزايدًا من المؤسسات. وتُهيمن شركات صناعة السوق الإلكترونية مثل شركة جين ستريت أو سيتادل سيكيوريتيز على توفير السيولة في أسواق الأصول الرقمية، نظرًا لعدم مشاركة البنوك لها حتى الآن.

وأوضح الموقع أن الجهات غير المصرفية حققت إيرادات مرتبطة بالعملات المشفرة السنة الماضية مماثلة لما حققه سوق صرف العملات، بنحو 3.25 مليارات دولار. ورغم صعوبة فصل إيرادات صناعة السوق والتداول الخاص، قد تكون رسوم التداول للبنوك الكبرى كبيرة إذا توسعت هذه الأسواق.

وقال إن أكبر مخاطر دخول البنوك في سوق العملات المشفرة تكمن في ارتباطها المستمر بالنشاطات الإجرامية، سواءً بالعملات المستقرة أو غيرها، مما دفع الكثير منها للابتعاد، رغم شكاوى داعمي الصناعة من حرمانهم بشكل غير عادل، أو حتى سياسي، من الوصول إلى الخدمات المصرفية.

واختتم بالتأكيد على أن البنوك الكبرى يجب أن تشارك بلا شك في هذه التكنولوجيا إذا ثبتت فائدتها، لكن الدفاع عن نفسها وعن دولها من تمويل النشاطات الإجرامية والإرهابية يبقى التحدي الأكبر الذي يجب حله قبل ذلك، كما أن التعاون المشترك منطقي لحماية المصارف من المخاطر المتعلقة بالسمعة.

مقالات مشابهة

  • أستراليا تقاضي المدير السابق لبورصة العملات المشفرة Blockchain Global بسبب انتهاكات مالية
  • بلومبيرغ: البنوك الكبرى تبحث عن الأمان عبر عملة مشفرة مشتركة
  • انخفاض أسهم ترامب ميديا بأكثر من 10% بعد إعلانها جمع 2.5 مليار دولار لشراء بتكوين
  • ثبوت رؤية هلال شهر ذي الحجة في السعودية والإمارات
  • “STC Bank” يحصد جائزة “البنك الأسرع نمواً” ضمن جوائز Temenos السنوية
  • صحار.. الميناء الأسرع نموًا في العالم
  • مجموعة ترامب ميديا تخطط لجمع 3 مليارات دولار لشراء عملات مشفرة
  • أسعار العملات المشفرة مقابل الدولار
  • موقع أمريكي: يبدو أن صحيفة فاينانشال تايمز توظف كتّابا أغبياء يستمعون إلى مصادر أغبى
  • ترامب ميديا تعتزم الاستثمار بـ3 مليارات في العملات المشفرة