ما يقرب من خمسمئة صفحة يُوثِّق ويُحلِّل ويرصد الضابط العراقي الكبير الفريق أوَّل ركن سيف الدين فليح الراوي تفاصيل كثيرة لأحداث كبيرة في كتابه الصادر مؤخرًا بعنوان (محطَّات في ذاكرة مقاتل ـ قصَّة أربع حروب) وشغل الراوي مناصب عديدة في الجيش العراقي كان آخرها رئيس أركان الحرس الجمهوري خلال الغزو الأميركي للعراق في العام 2003.
يكشف الكتاب عن معلومات كثيرة وثريَّة، ومن بَيْنَ أهمِّ تلك المعلومات، يتحدث عن «خطَّة الدِّفاع عن بغداد» يقول (لقَدْ كانت كافَّة دراساتنا وهي بالعشرات التي توصلنا خلالها بأنَّ جرَّ العدوِّ إلى القتال على محيط المُدُن وبداخلها هو الذي يضاعف قدراتنا ويُقلِّل من تأثيرات العدوِّ، وقَدْ درّبت كافَّة قطعات الجيش والحرس الجمهوري على القتال في المُدُن وبمناهج مركّزة ودقيقة، ولكن القطعات تدرَّبت ولَمْ تحصل الموافقة على أعداد المُدُن كمسْرَح عمليَّات للقتال، وقَدْ أردنا سدَّ المنافذ للطُّرق الكثيرة والمُؤدِّية إلى بغداد وتهيئة السَّاحات العامَّة ومفارق الطُّرق للقتال من خلل عمليَّات الحفر). بِدُونِ شكٍّ أنَّ كتاب الراوي يسدُّ الكثير من الثغرات في أحداث هائلة مع بداية الغزو الأميركي وأثناءه، إذ يعْلَم الجميع أنَّ ثمَّة تساؤلات كثيرة عن أسباب الانهيار السريع للقطعات العراقيَّة، هذا من جانب، ولا يعرف النَّاس الكثير من التفاصيل، فقَدْ توزَّع كبار القادة بعد الغزو ومع بداية الاحتلال بَيْنَ متخفّين أو في المعتقلات الأميركيَّة، كما أنَّ الوثائق الخاصَّة بالجيش والمؤسَّسات الحكوميَّة قَدْ أصبحت في حوزة القوَّات الأميركيَّة، والفريق أوَّل ركن سيف الراوي من بَيْنِ القلَّة القليلة التي لَمْ تتمكن القوَّات الأميركيَّة من الوصول إليه واعتقاله، لهذ حرص على التدوين والتوثيق في هذا الكتاب. هنا لا بُدَّ من ذكر حقيقة يعرفها البعض، إذ إنَّ العامل الرئيس الذي يقف وراء انهيار القطعات العراقيَّة هو «عامل عدم التكافؤ في القوَّة» ولمجرَّد أن نقولَ إنَّ العراق كان مجرَّدًا تمامًا من أيَّة قوَّة في سماء البلاد فإنَّ التفوُّق المطلق كان للقوَّات الأميركيَّة والبريطانيَّة. الكتاب الذي نتحدث عَنْه وثيقة وطنيَّة عراقيَّة تاريخيَّة في غاية الأهمِّية.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ات الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
هيئة الكتاب تصدر السبنسة لسعد الدين وهبة
أصدرت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، المسرحية الشهيرة "السبنسة" للكاتب الراحل سعد الدين وهبة، ضمن إصدارات سلسلة أدباء القرن العشرين، التي تهدف إلى إعادة تقديم أبرز الأعمال الأدبية لكبار المبدعين المصريين.
تدور أحداث المسرحية في قرية "الكوم الأخضر" بإحدى قرى دلتا مصر، قبيل ثورة يوليو 1952، حيث يعثر الشاويش صابر على قنبلة في القرية، فيبلغ الصول درويش الذي يسارع بإبلاغ رؤسائه، ووسط هذا الحدث الخطير، يطلب المأمور نوعًا معينًا من البلح لابنته التي تعاني من الوحام، في مشهد يجسد استغلال السلطة وسخرية الواقع، حيث يمتزج الهزل بالمأساة في إطار درامي ساخر.
عُرضت المسرحية لأول مرة عام 1963، ثم أعيد تقديمها على المسرح القومي عام 1986، كما قُدمت في عمل درامي تليفزيوني عام 1990، ما يعكس أهمية النص وثراءه الدرامي والفكري. كما تُعد المسرحية علامة بارزة في مسيرة سعد الدين وهبة، لما تمثله من نقلة نوعية في أسلوبه المسرحي وقدرته على المزج بين البعد السياسي والإنساني بلغة مسرحية محكمة.
إعادة إصدار "السبنسة" يأتي تأكيدًا من وزارة الثقافة على أهمية إحياء التراث المسرحي المصري وتقديمه للأجيال الجديدة باعتباره جزءًا من الذاكرة الثقافية والوطنية.
سعد الدين وهبة، مؤلف مسرحي وكاتب سيناريو مصري، قدم العديد من المسرحيات منها: سكة السلامة (1964)، السبنسة، كفر البطيخ، كوبري الناموس، الحيطة بتتكلم، رأس العش، وقام بكتابة السيناريو والحوار لعدد من الأفلام السينمائية والأعمال التليفزيونية منها: زقاق المدق، أدهم الشرقاوي، الحرام، مراتي مدير عام، الزوجة الثانية، أرض النفاق، أبي فوق الشجرة، أريد حلا، آه يا بلد آه، السبنسة، قصور الرمال، بابا زعيم سياسي.