ديفيد زيني حصان طروادة الذي يتحدى به نتنياهو الجيش والقضاء
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
أثار تعيين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللواء ديفيد زيني، رئيسا لجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" زوبعة من ردود الأفعال في إسرائيل كان أخطرها من المعارضة القضائية، في حين تبين أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير كان آخر من يعلم، بل إنه قام بطرد زيني من منصبه بعد الاجتماع الذي تم بينهما.
وعلى إثر ذلك، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد إيفي دفرين بيانًا غير عادي، جاء فيه أن "رئيس الأركان يوضح أن أي حوار بين أفراد الجيش والمستوى السياسي يتطلب موافقة رئيس الأركان".
يرى المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي في مقال له أن نتنياهو ألحق ضررًا نفسيًا خطيرًا بزيني في ظروف التعيين، بما في ذلك حقيقة أنه لم يتشاور معه أو يبلغه مسبقًا، "بل اختطف لواءً في الخدمة دون أن يسأله، وهذا يعبر عن ازدراء لرئيس الأركان، الذي هو الرئيس المباشر لزيني".
كما سبب تعيين زيني صدمة في المنظومة الأمنية، وبحسب الكاتب بن كسبيت في مقال نشرته معاريف فإنه "لم يُر مثلها قط، للجنرالات العاملين والمتقاعدين، وكبار المسؤولين الأمنيين، سواء كانوا في الخدمة أو خارجها، ولا لموظفي الشاباك، وموظفي الموساد، حتى إن بعضهم أرسل رسائل حقيقية مليئة بالقلق، وتحدثوا عن حرب أهلية على الأبواب، وعن خسارة عامة للرأي في مواجهة ما اعتبره الكثيرون مظهرا مرعبا من مظاهر الجنون".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
محلل إسرائيلي: إسرائيل أمام أزمة دستورية بعد رفض تعيين رئيس الشاباك
في خطوة قد تؤدي إلى تفجير أزمة دستورية غير مسبوقة في إسرائيل، سقط تعيين اللواء ديفيد زيني رئيسا جديدا لجهاز الأمن العام (الشاباك) بعد رفض المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، تمرير التعيين، معتبرة أنه "غير قانوني" في ضوء تضارب المصالح الذي يحيط برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، نظرا لارتباط مكتبه المباشر بتحقيقات أمنية حساسة يقودها الجهاز نفسه.
ولم يكن قرار الاستبعاد مفاجئا للمحلل السياسي الإسرائيلي البارز نداف إيال، بل اعتبر -في مقال له في يديعوت أحرونوت- أن القضية برمتها تبدو وكأنها "مسرحية أعدت مسبقا"، مما يدفع إلى التساؤل عما إذا أراد نتنياهو فعلا تعيين زيني في هذا المنصب؟ أم أنه اختار عمدا هذا الطريق لإطلاق مواجهة مباشرة مع النظام القضائي، في خطوة قد تكون بدايتها أزمة تعيين، ونهايتها انهيار النظام الدستوري برمته؟
تعيين مفخخيرى إيال أن نتنياهو، وهو على دراية كاملة بكونه في حالة تضارب مصالح نتيجة تحقيقات أمنية جارية تتعلق بمقربين منه في ملف التمويل القطري المزعوم لمستشارين له، أصر على دفع اسم زيني إلى الواجهة، رغم معرفته المسبقة بأن ذلك سيقود إلى اعتراض قانوني حتمي.
ورغم أن المنصب شاغر منذ استقالة الرئيس السابق للشاباك رونين بار، فإن الإجراءات التي اتُبعت لتعيين خلفه اتسمت، حسب المحلل، بـ"السلوك الفاشل والمريب"، بدءا من إجراء مقابلة مع المرشح في مكان سري بعيدا عن القنوات الرسمية، وبغياب التنسيق مع هيئة الأركان والجهات القانونية، وصولا إلى تقديم الترشيح دون استشارة قانونية تسبق الخطوة، وهي خطوة كان يمكن أن تنقذ التعيين، لو طُرِح من قبل وزير آخر في الحكومة وليس نتنياهو نفسه.
إعلانويقول المحلل السياسي: "نتنياهو يعلم تماما أنه لا يستطيع قانونا ترشيح رئيس جديد للشاباك في ظل ارتباط مكتبه ومقربيه بتحقيقات حساسة، أبرزها يتعلق بمستشاره الإعلامي الأقرب يوناتان أوريتش، الذي يعد المشتبه الرئيس في ملف تمويل إعلامي مرتبط بقطر".
لكن ما يزيد من تعقيد الأزمة، وفقا لإيال، هو أن نتنياهو لم يكتفِ بطرح التعيين شخصيا، بل عمل على ضمان تصويت الحكومة كلها لصالح زيني، مما يعني أن الطعن الذي تقدمت به المستشارة القانونية، لم يعد موجها فقط لرئيس الوزراء بل للحكومة كلها، بعد أن وقفت رسميا وراء قرار يشوبه عيب قانوني واضح.
ويضيف إيال: "هكذا تلطخت الحكومة كلها، وباتت شريكة في تجاوز القانون، لا سيما أن المحكمة العليا سبق أن أصدرت حكما صريحا يعتبر إقالة رئيس الشاباك السابق غير قانونية، وبالتالي فإن تعيين خلفه من قبل الطرف نفسه (نتنياهو) يعد ملغى أيضا".
وبينما تنشغل الأوساط السياسية والقانونية في تحليل أبعاد الخطوة، يقدم إيال 3 فرضيات محتملة حول دوافع نتنياهو، يرى أن أيا منها، على تناقضها، تصب في مصلحته السياسية في نهاية المطاف:
الفرضية الأولى تقول إن نتنياهو لا يريد بالفعل تعيين زيني، وكان الهدف من طرح اسمه هو افتعال أزمة، واستغلالها كأداة مواجهة مع النظام القضائي في البلاد. أما الفرضية الثانية فترى أنه يريد فعلا تعيينه، ولكنه يدرك أن الطريق لذلك يمر عبر تفجير أزمة مع القضاء، تمهيدا لفرض وقائع جديدة على الأرض. وتعتبر الفرضية الثالثة والأخطر أن نتنياهو، على نحو متعمد، قرر كسر قواعد اللعبة الديمقراطية، والمضي قدما في مسار لا يعترف بقرارات المحكمة العليا، في محاولة لتحويل إسرائيل من دولة قانون إلى نظام سلطوي خالص. إعلانويرى إيال أن الاحتمال الثالث، رغم أنه يبدو "غير مرجح جدا"، فإن نتنياهو يمهد الطريق له منذ وقت طويل، وربما يأتي اليوم الذي يسلكه فيه بالفعل.
إسرائيل بين حكم القانون، وحكم السلطةيصف المحلل السياسي المواجهة بين نتنياهو والقضاء بأنها لم تكن مجرد خلافات قانونية على مدار العامين الماضيين، بل تحولت إلى حرب استنزاف، تشكل في جوهرها معركة على طبيعة النظام السياسي الإسرائيلي، بين من يسعى لتكريس "حكم القانون"، ومن يريد "حكم السلطة".
ويقول إيال إن قرارات المستشارة القانونية للحكومة لم تعد مجرد تحفظات قانونية، بل أصبحت تصدر في سياق "رفع الراية السوداء" في وجه سلوك حكومي يهدد بنية النظام الديمقراطي نفسه.
ويضيف: "تحذير بهاراف ميارا أمس -بأن النظام السياسي يتغير أمام أعيننا، وأن المؤسسات الديمقراطية تُضعف بشكل ممنهج- لم يكن شعارا.. بل هو وصف دقيق لحقيقة ما نعيشه منذ أكثر من عامين".
وفي خضم هذه الأزمة، تبرز المحكمة العليا كلاعب مركزي في تقرير المصير الدستوري للبلاد. فإما أن تصر على استبعاد التعيين، أو تقدم صيغة تسمح بإقراره شرط تمريره عبر قنوات قانونية سليمة.
ويشير المحلل السياسي إلى أن كلا الخيارين يحمل مكاسب محتملة لنتنياهو: فلو وافقت المحكمة على تعيين زيني ضمن عملية قانونية جديدة، سيقدمه نتنياهو كـ"انتصار ضد الدولة العميقة". أما لو رفضت المحكمة العليا التعيين بالكامل، فسيتم تصوير القرار على أنه اعتداء على إرادة الناخبين، مما سيزيد من الالتفاف الشعبي حول نتنياهو في أوساط اليمين.
أما السيناريو الثالث والأخطر، فهو أن يتجاهل نتنياهو قرار المحكمة -إن صدر- ويكمل مسيرته نحو تجاوز السلطة القضائية بشكل علني، وهو ما سيضع إسرائيل في أزمة شرعية غير مسبوقة، بين سلطة تنفيذية لا تعترف بأحكام القضاء، ومؤسسات قانونية لم تعد تملك أدوات تنفيذ فعالة.
إعلانفي نهاية مقاله، يخلص نداف إيال إلى أن إسرائيل تقف اليوم أمام مفترق طرق دستوري حاسم، عنوانه: هل لا تزال دولة قانون؟ أم أنها بصدد التحول إلى "دولة شخص واحد"، حيث تُفصَّل المؤسسات والقرارات على قياس رجل واحد.. بنيامين نتنياهو.
ويقول: مهما كانت نتيجة هذه الجولة، فإن ما يسميه النظام الديمقراطي الإسرائيلي لم يعد قادرا على الصمود كثيرا، إذا استمرت المواجهة بهذا النمط، ومع هذا المستوى من الإصرار على تجاهل القوانين والمؤسسات والحدود الدستورية، وفق تعبيره.