معاش التقاعد يجعلنا مثل المتسولين.. هكذا يهرب كبار السن في أوروبا من الفقر إما بالعيش في السفن أو الهجرة لوطن أرخص "قصص مؤلمة"
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
إن كنت ممن يؤمنون بالحلم الأوروبي، فعليك أن تقرأ هذا التقرير الذي يتحدث عن المستقبل، ويرصد لك كيف ستكون حياتك عند التقاعد في بلاد القارة العجوز، أو أستراليا، ووفقا لما نشرته صحيفة فوكس الألمانية، فإن هناك معاناة شديدة لسكان القارة العجوز عند بلوغ سن التقاعد، وذلك في ظل ضعف العائد المادي من المعاشات، والتي لا تتناسب مع ظروف الحياة الباهظة مع التضخم الذي ضرب كل مناحي الحياة في دول العالم بأكمله، وأوروبا بالأخص.
ويرصد التقرير تجارب محاولة التعايش مع الظروف الصعبة لأصحاب المعاشات، وهنا نرصد نموذجين أحدهما اضطر أن يغارب وطنه الألماني، والذهاب إلى دولة بلغاريا في قرية أصبحت معروفة بأنها مكان تجمع لعواجيز ألمانيا، والثانية لعائلة بأستراليا اكتشفت أن العيش على ظهر مركب سفر، أرخص لهم من السكن والعيش في الحياة العادية في ظل أسعار الأجور والطعام، وهنا نروي تفاصيل تلك الوقائع المؤلمة للغرب.
متقاعدان من ألمانيا .. في بلغاريا كل شيء أرخص بـ50%
مارليس وهاري متقاعدان ويعيشان في ألمانيا بمعاشهما التقاعدي الصغير "مثل المتسولين"، وأصبح حلمهم لما تبقى من عمرهم، هو لانتقال إلى قرية تقاعد ألمانية في بلغاريا والعيش في رفاهية هناك، حيث يحصل المتقاعدان مارليس وهاري على معاش تقاعدي صغير، ولم يبق لهما سوى بضع مئات من اليورو للعيش في ألمانيا، ويقولا: "لقد كانا زوجين لمدة سبع سنوات، ونحن نحلم بحياة أفضل، للخروج من الفقر، والعودة إلى الحياة"، ويريد الاثنان الانتقال إلى قرية تقاعد ألمانية في المناطق الداخلية من بلغاريا، حيث يتراوح إيجار المنزل هناك بين 490 و660 يورو.
وكلاهما "تفاجأ بشكل إيجابي" عندما وصلا إلى بلغاريا، بأن الجيران هم أيضاً من المتقاعدين الألمان، وقد غادروا جميعاً ألمانيا لسبب واحد: "ليس لدي سوى معاش تقاعدي صغير جداً"، كما تقول جارتنا كارولا، وكان الأمر صعباً للغاية بالنسبة لي في ألمانيا، ففي بلغاريا كل شيء أرخص بنسبة 50 بالمئة.
وجبة من 3 أطباق مقابل 6 يورو
وكل شيء أرخص بكثير في السوبر ماركت، فالمنتجات البلغارية غير مكلفة للغاية، لذا فإن الشراء بالجملة بما في ذلك النبيذ يكلف 22 يورو فقط، حيث سيكون هناك قريبًا منزل مجتمعي به مسبح كبير، و"هذا حلم أصبح حقيقة،" هاري متحمس، في ألمانيا، أنت واحد من هؤلاء الأشخاص الذين يتعين عليهم تسليم كل يورو مرتين.
وفي المساء، يخرج الجميع لتناول الطعام معًا، وهو ترف لا يمكنهم تحمله في ألمانيا، ففي بلغاريا، يدفع المتقاعدون من ألمانيا 6 يورو للشخص الواحد مقابل المقبلات والطبق الرئيسي والحلوى، حيث يمكنك أن تأكل هناك كل مساء، فهنا تعيش مثل الأغنياء في فرنسا ، ولكن في ألمانيا تعيش مثل المتسول."
زوجان والعيش على متن السفن
فيما قرر زوجان أستراليان متقاعدان العيش على متن السفن السياحية، فبالنسبة لهم، الحياة على الطريق أرخص من الإقامة في دار للمسنين، لذلك قاموا بحجز 51 رحلة بحرية متتالية، ومنذ حجزهما الأول في يونيو 2022، أمضى مارتي وجيس أنسن، الزوجان الأستراليان المتقاعدان، آخر 450 يومًا على متن السفينة السياحية Coral Princess، فقد قرروا أسلوب الحياة غير المعتاد هذا بعد عامين من جائحة كورونا لأنهم أرادوا السفر مرة أخرى بغض النظر عن موجة كورونا الجديدة المحتملة.
ووفقًا لتقرير صادر عن A Current Affair، فإنهم يخططون للبقاء في البحر لمدة عامين وقد حجزوا بالفعل 51 رحلة بحرية، ويبرر الاثنان قرارهما بالعيش على متن سفينة سياحية بالقول إنها أرخص من دار التقاعد، كما أنهم يقدرون الحياة المتنوعة على متن السفينة مع وسائل الترفيه والمطاعم وفرص الرقص، ويقول الزوجان المتقاعدان: "لم يعد علينا الآن غسل الأطباق أو ترتيب السرير".
الزوجان الكبيران من المشاهير على متن السفينة
ويبدأ مارتي وجيس يومهما بلعبة تنس الطاولة ثم يستمتعان بالمنظر من شرفتهما مع احتساء البيرة، وفي المساء، تستمتع جيس بالرقص بينما يستمتع مارتي بالدردشة مع الركاب الآخرين، ووفقًا لمدير الفندق رين فان روين، فإن الاثنين نجمان على متن السفينة "كورال برينسيس" ويعتبرهما الركاب الآخرون من المشاهير على متن السفينة.
وتريد عائلة Ansens البقاء على متن "Coral Princess" لمدة ثمانية أشهر قبل الانتقال إلى السفينة التالية، "Crown Princess"، وهم يرون أسرهم في كل مرة ترسو فيها السفينة في ميناء قريب، ويصف مارتي الحياة في البحر بأنها رائعة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
«الطوق والأسورة».. مأساة تتناسل من رحم الفقر والخذلان
قدمت فرقة المسرح بقصر ثقافة طنطا العرض المسرحي الطوق والإسورة على مسرح المركز الثقافي بطنطا،
ضمن فعاليات المهرجان الإقليمي للمسرح بمحافظة الغربية، والذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، ضمن خطة عروض وزارة الثقافة المسرحية.
"الطوق والإسورة"، مقتبس عن رائعة يحيى الطاهر عبد الله، ويكشف عبر دراما ريفية مأساوية رحلة الفتاة "حزينة" وابنتها "فهيمة"، التي تموت بالحمى، وتترك طفلة تقع ضحية علاقة غير شرعية مع صديق الطفولة، قبل أن تنتهي القصة بجريمة قتل.
شارك في بطولة العرض عدد من أعضاء فرقة طنطا المسرحية، من بينهم: عبد الله صالح، مي الخولي، يارا علي، وكان الإعداد والإخراج لمحمد عفيفي.
ينتمي "الطوق والأسورة" للأدب المصري الجنوبي الذي تميز به يحيى الطاهر عبد الله، حيث يكتب عن البشر المهمشين، وعن نساء مقهورات في مجتمع ينهش أرواحهن ويجعل أجسادهن ساحة للفقر والعار والتضحية.
تمكّن العرض المسرحي من استلهام روح النص الأم، لكنه لم يركن إلى السرد فقط، بل أعاد بناء الشخصيات والمواقف على الخشبة، بما يناسب الحس المسرحي والبصري، بفضل دراماتورج واعٍ من محمد عبد الله.
تدور الأحداث حول "حزينة"، الأم المقهورة التي تمثل صوت الجبر والخذلان، وتمر عبرها مأساة كاملة تمتد إلى حفيدتها "نبوية".
المميز هنا هو أن العرض لم يتعامل مع الشخصيات كأنها مفعول بها، بل أعطاها أبعادًا إنسانية واضحة، خاصة مع شخصية "فهيمة" التي قُدمت بوصفها ضحية مؤامرة جسدها المجتمع ضد الأنثى.
أما نبويه، فهي ذروة هذه المأساة، والنقطة التي التقت فيها خيوط الظلم الاجتماعي والجنسي والطبقي.
برز عدد من الممثلين في تقديم أداء صادق ومؤثر، لا سيما: مي الخولي التي أدّت دور "حزينة" بانكسار حقيقي وصوت مشحون بالحزن، وعبد الله فتح الله في دور "البشاري" قدم أداء داخليًا عميقًا، بلا مبالغة، ومريم ماجد ونورين إبراهيم في أدوار "فهيمة" و"نبويه" على التوالي، نجحن في تجسيد الألم الأنثوي والبؤس الاجتماعي بجسدية واضحة وصدق شعوري لافت.
ونجح المخرج محمد عفيفي في قيادة فريق كبير معظمه من المواهب الشابة، وحافظ على توازن الأداء داخل مشاهد كثيفة بالعواطف.
فيما أعطت أشعار سامح رخا العرض بُعدًا تأمليًا ووجدانيًا، وساهمت في خلق جسر بين الماضي والحاضر، وموسيقى عاصم علاء جاءت ملائمة جدًا للبيئة الصعيدية، تحمل نكهة محلية دون ابتذال، وتخدم الإيقاع العام للعرض.
أما الاستعراضات والدراما الحركية التي وضعتها رضوى إيهاب كانت متقشفة وموحية، ولم تخرج عن الإطار الشعبي للمأساة، بل دعمته بصريًا، وديكور نهلة مرسي قدم بيئة فقيرة موحشة بأدوات قليلة لكن دلالية (مثل السرير، الحفرة، والمعبد).
كما ساعدت الإضاءة (محمود علاء) في الانتقال السلس بين الأزمنة النفسية للعرض، وأضاءت مشاهد الحلم والموت والذاكرة بحرفية.
فيما جاءت الرؤية الإخراجية للمخرج محمد عفيفي لتقدم معالجة إخراجية تعتمد على التوازي بين الواقعي والرمزي.
فلم يكتفِ بسرد المأساة، بل عبّر عنها بصريًا عبر تكوينات مسرحية قوية، مع توظيف الحركة والغناء والإنشاد في لحظات ذروية تُشبه الطقوس الجنائزية، ما ضاعف من تأثير القصة على المتلقي.
عرض "الطوق والأسورة" لفرقة قصر ثقافة طنطا هو تجربة مسرحية ناضجة وواعدة، تعيد للخشبة دورها الاجتماعي والتنويري، ونجح في أن يكون صرخة مكتومة ضد الفقر والتواطؤ المجتمعي، عبر توليفة فنية مشغولة بصدق رغم محدودية الموارد.
يُذكر أن المهرجان يُقام بإشراف الإدارة العامة للمسرح برئاسة سمر الوزير، والإدارة المركزية للشئون الفنية بقيادة الفنان أحمد الشافعي، وبالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة محمد حمدي، وفرع ثقافة الغربية برئاسة وائل شاهين، وبحضور لجنة مشاهدة تضم النقاد يسري حسان، وطارق مرسي، ومهندس الديكور يحيى صبيح.