ما هو البديل للمركزية الديمقراطية؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
قدمت في المقال الأول عرضا تاريخيا لظهور المصطلح. ركز المقال الثاني على دور لينين في صياغة المفهوم بشكله التنظيمي المكتمل، وهو الحالي المعروف. وهو أعد كشكل للتنظيم في إطار حزب سياسي يعمل في ظروف السرية المطلقة في روسيا القيصرية. المقال الثالث، قدم باختصار اطروحات دعاة المركزية الديمقراطية، ونقد من يختلفون معها، ثم أعقب ذلك تحليل سريع لسماتها العامة.
البديل:
هذه مجرد رؤوس مواضيع حول البديل اطرحها للنقاش والتطوير بالتعديل او التبديل او النقد والوصول لأشكال اخري.
في البداية اود ان أركز على نقطة مهمة هي ان محاولات تبديل اسم المركزية الديمقراطية بالديمقراطية المركزية لن يجدي وقد رأينا ما حدث عندما حاول السوفييت تحت قيادة غورباتشوف فعل ذلك. والاهم ان مجمل أعضاء الأحزاب الشيوعية في كل العالم تمت تربيتهم على الاشكال التنظيمية النابعة من المركزية الديمقراطية وتمت برمجة عقولهم على هذا الأساس، وهو ما يسمي أحيانا بروح اللائحة. لذلك اعتقد الغاء المركزية الديمقراطية ونقدها بلا هوادة سيفتح الطريق للجديد المتجدد.
وهذه هي بعض الأسس العامة والمقترحة لتجديد وتفعيل مبادئ التنظيم الحزبي:
• التمسك بالمركز الواحد كقيادة للتنظيم ويقوم بإدارة شئونه الداخلية والخارجية ويطرح سياساته امام الرأي العام ويحدد استراتيجيته وتكتيكاته. كما له كامل الحق في رفع أي من بنود اللائحة في ظروف العمل السري او عند تعرض الحزب لهجمات أجهزة السلطة كحل الحزب ومصادرة نشاطه الخ.
• يسمح بوجود تيارات داخل الحزب (وهي حقيقة لا مجازا موجودة داخل كل الأحزاب رغم عدم الاعتراف ووصفها بكافة الاسماء). وتنظم اللائحة الجديدة أسس تنظيمها واشكال عملها. أهمية هذا في انه يحمي الحزب من التآمر والطعن في الظهر والشللية والثرثرة، وفى نفس الوقت يرتقي بالصراع الحزبي ويفتح افاقا جديدة للديمقراطية الحزبية. السمعة السيئة التي خلقتها القيادات الشيوعية حول قضية التيارات جعل الأعضاء يحسون بقشعريرة في جلودهم عند ذكرها ويعتبرونها رجس من عمل الشيطان اليميني التصفوي. لكنها، عند التطبيق، ستخرج الحزب من عنق الزجاجة الذي ادخل نفسه فيه. إضافة لذلك كانت التيارات موجودة داخل حزب لينين نفسه خلال بعض فترات تطوره، ولكن التجربة الخاصة للثورة السوفيتية وما تعرضت له ادي لإيقاف تلك التيارات.
• الرأي الرسمي للحزب حول أي قضايا عامة يعلنه المتحدث الرسمي المعلن والمعروف او يصدر من قيادة الحزب كتابة. اما بقية أعضاء الحزب، مهما كانت مواقعهم الحزبية، فلهم الحرية في طرح آرائهم والدفاع عنها بدون
• رأي الأغلبية هو رأي الحزب الذي سيعلن وللأقلية الحق في الاحتفاظ برأيها والتبشير به لأقناع الاخرين به
• تفتح مجلات الحزب الداخلية، والتي نري ان تكون مجلات لترسيخ الديمقراطية الحزبية وتفعيل الصراع الفكري وليست أداة تستخدمها قيادة الحزب في التعبئة فهنالك أدوات اخري معروفة لتعبئة العضوية وان تفتح لكل الآراء بلا حجر على أي منها. وان يكتمل ما تقوم به داخليا بإصدار مجلة فكرية علنية (مثل الفجر الجديد التي كان يصدرها عبد الخالق) تبشر بآراء الحزب وتفتح الحوارات حول القضايا العامة البرامجية والفكرية امام الجميع ولنا مثال جيد في ذلك الحوار الذي تم بين فاروق محمد إبراهيم وشريف الدشوني حول السياسة الزراعية ونشر في حلقات في جريدة اخبار الأسبوع في عام 1970..
• في حالة القضايا الكبيرة الخلافية او البرامجية يطرح امام العضوية رأي التيارات المختلفة ويسمح لكل تيار بتنظيم اشكال الدعاية والتعبئة لرايه من اجل كسب الأعضاء لجانبه.
• لا يسمح بان يشغل أي زميل موقع لأكثر من دورتين بما في ذلك السكرتير العام ويمكن للزميل المحدد تبوأ مناصب أخرى في القيادة او القاعدة. وهكذا يمكن تجديد دماء القيادة وتدريب الكوادر الشابة وفتح المجال للرؤي الجديدة ولأشكال متطورة للتفكير والعمل.
• الصراع الفكري ليس ممارسة موسمية تفتح بقرار وتغلق بقرار من المركز، بل هو جزء اصيل من نشاط أي حزب وهنا ادعو للتمسك بمقولة لينين الشهيرة حرية المناقشة ووحدة التنفيذ. بمعنى الا نضع أي قيد على حرية المناقشة وبعد تحديد الرأي النهائي نتوحد في تنفيذه.
• الايمان فعلا لا قولا بانه لا توجد حقيقة مطلقة لا يأتيها الباطل من امامها او خلفها وان نقرأ مقولات الجدل حول الحركة والصراع ووحدة الضدين. وهذا يستدعي الا نؤمن بالمسلمات والا يكون هنالك أي مبدا او برنامج او شخص قائد فوق النقد والمحاسبة.
• عدم تقييد الترشيح بما تقدمه اللجنة المركزية من أسماء ليتم انتخابها، بل يفتح الباب للتيارات لتقدم برنامجا يتم الانتخاب على أساسه ويتم محاسبتها عليه في نهاية الدورة.
• يحق سحب الثقة من القيادات من مستوى المركز وانتهاء بالفروع في حالة فشلها.
• تحديد سن أقصى لشاغلي المواقع الحزبية القيادية والا يصبح القبر او الانقسام او الفصل هي ما تبعد القيادي عن منصبه.
• ادخال أسلوب التخصص في تعيين المتفرغين الحزبيين (تنظيم، صحافة، تعليم حزبي، عمل جماهيري، وعلوم الاتصالات الخ) ويتم تدريبهم لأعلى المستويات على عملهم وان يسري عليهم مسألة الحد الأقصى من سنوات التفرغ.
• الاستفادة والانفتاح على تجارب التنظيم والادارة المختلفة، وعدم الركوع امام صنم التنظيم اللينيني والاستسلام له باعتباره اخر منجزات الفكر التنظيمي وان العقل التنظيمي تجمد بعده.
• تمليك الأعضاء كل ما يدور من مناقشات في القيادة ليعرفوا مواقف من يتقلدون مواقع في المركز مما يساعد على تقييم أدائهم في المؤتمرات وتحديد هل سيتم انتخابهم مجددا ام لا.
• استقلالية التنظيمات الديمقراطية حقيقة لا اسما عن الحزب وخلق شكل جديد وديمقراطي للتحالف والتنسيق بينها والحزب، ويشمل ذلك منظمات الطلاب والشباب والنساء الديمقراطية.
خاتمة:
هذه مقدمة تطرح رؤوس مواضيع للمناقشة وستعقبها، بعد الحوار والاخذ والرد والحذف والاضافة، ورقة أكثر شمولا وأعمق طرحا تستخدم المراجع والامثلة الواقعية بعيدا عن التجريد والحذلقة الفكرية واستخدام المحسنات البلاغية. ولكي تكون مساهمة في معركة التجديد التي تحتاج للتشمير عن السواعد وشحذ الاذهان وتفعيل العقل الجمعي والمعارف العصرية وتراكم الخبرات.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المرکزیة الدیمقراطیة
إقرأ أيضاً:
الشوبكي .. لا بد أن يقفوا امام القضاء والقضاء يقول كلمة الفصل
#سواليف
كتب .. د. #عساف_الشوبكي
حتى يرتاح #الوطن
لا بد أن يقفوا امام #القضاء
مقالات ذات صلة “أونروا”: طواقمنا عادت إلى شمال غزة وتواجه نقصا حادا بسبب تدمير المنشآت 2025/11/21والقضاء يقول كلمة الفصل
هناك حالة عامة من النقاش والجدل يشهدها #المجتمع_الأردني بعد إفصاح #وزير_المالية عن مقدار الدين الذي استدانته كل #حكومة كما هو موضح بجدول وزير المالية.
يا جماعة ترى الشعب الأردني على علم ودراية بأرقام المديونية وعلى علم ودراية بمن استدان أكثر من غيره من رؤساء الوزارات، وحكوماتهم طبعاً.
إذا بلدنا فعلاً #وطن_ديمقراطي، ومؤمن بالإصلاح الحقيقي ويرسخ عمل السلطات ولا تتعدى سلطة على أخرى، ومؤمن بالشفافية والنزاهة وملتزم بتحقيق معايرهما العالمية، فلا بد من #المكاشفة_والوضوح في هذا الأمر الوطني الهام ( #المديونية ) التي ستوقف حال البلد إذا استمرّت الطبطبة وعدم كشف الحقائق.
ولا تكون المكاشفة إلا بالمحاسبة والمساءلة
والجهة الوحيدة التي تقوم بالمحاسبة والمساءلة هي السلطة القضائية- القضاء
وعلى السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب احالة كل رؤساء الوزارت، إلى #النيابة_العامة حيث يحاكم الوزراء في الأردن أمام المحاكم النظامية المختصة في العاصمة، وهي المحاكم التي لها صلاحية النظر في الجرائم المدنية والجزائية، وذلك بعد تعديلات دستورية جرت عام 2011. يتم تحريك الدعوى الجزائية ضدهم بقرار من #مجلس_النواب بإحالة الوزير إلى النيابة العامة.
وهناك المحاكم تسألهم أين صرفوا هذه الأموال وعليهم أن يجيبوا ويتحملوا المسؤولية أمام قضائنا العادل، فإما أن يبرئهم وأما أن يدينهم، وفي كلتا الحالتين ترسيخ لمبدأ الفصل بين السلطات واحترام كل سلطة للأخرى وعدم تغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات وبذلك يؤمن الشعب بأننا في دولة تحترم شعبها وسلطاتها وتقيم العدل على الجميع والجميع تحت مظلة القانون وجلالة الملك وحده مصونًا من أي مسؤولية، .
هذا ما اعلمه وما أقتنع به.