مدير عام المباحث والأدلة الجنائية يشارك في المؤتمر العربي
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
شارك مدير عام الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية في المؤتمر العربي التاسع عشر لرؤساء أجهزة المباحث والأدلة الجنائية والذي عقد في مقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بالجمهورية التونسية الشقيقة، بمشاركة جامعة الدول العربية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
(تسعة طويلة .. مجرد رقم على السجلات الجنائية)
قبل اكتر من خمستاشر سنة كنت قاعد في المكتب مع الزميل الحبيب عمر دبورة و هو حاليا مفترض يكون وصل لرتبة مقدم او عقيد ، المهم كنا بنشرب في القهوة و بنخطط في توزيع قوتنا الميدانية و انا كنت ماسك لي تقرير احصائي فيهو جداول و ارقام و احصائيات جنائية فلاحظت في واحد من الجداول رقم كده لنوع من الجرائم خلاني اقيف عندو كتير و اتكلم فيهو مع الاخ عمر و طوالي قررنا انو نعمل مراجعة لكل القضايا المن النوع ده لانو شعرنا انو في خلل و خطر خفي و فعلا بدينا نشتغل و حددناها لي حدها و كانت النتيجة انو نكتشف تنظيم اجرامي و اسلوب اجرامي مستحدث و نفك طلاسم جريمة منسية و تم تكريمنا بي ثناءات من المدير العام للشرطة .
اكيد ح اوريكم قبضنا على العصابة كيف بس جهزوا القهوة خالي سكر و دواء و كملو البوست للاخر و اعملو مشاركة للبوست لانو مهم جدا يوصل للسيد وزير الداخلية الفريق ابوبكر سمرة .
كلنا عارفين إنو عصابات تسعة طويلة اصبحت شغالة بالنهار و الليل ، مجموعات بتظهر للمواطنين ذي الاشباح ، ينهبوا و يسرقو و يقتلوا بدم بااارد ، عصابات اصبحت بتمثل عنوان للفوضى و صورة مصغرة لانهيار الأمن اثناء الحرب .
تسعة طويلة ما ظاهرة جديدة جات بعد الحرب بل هي ظاهرة انتشرت قبل سنوات و تمددت بسبب الفشل الامني ، تسعة طويلة ما مجرد انحرافات فردية بل هي جريمة منظمة بكل المقاييس عندها شبكات و قيادات و خطط و مناطق نفوذ و اي ظاهرة في الدنيا دي عشان نكافحها لازم نناقشها بكل وضوح و نتتبع جذورها و نشوف اسبابها و نحللها التحليل السليم .
بالتاكيد ما ممكن نجزم بانو ظاهرة تسعة طويلة الحالية بيقودوها نظاميين سابقين لكن من المؤكد و بحسب الاسلوب الاجرامي المستخدم بنلقى في لمسات ظاهرة لنظاميين سابقين تحت دعم و متابعة من اجهزة استخباراتية خارجية هدفها تخويف المواطنين من العودة و زعزعة الامن الداخلي و إفشال المنظومة الأمنية ، و عشان نقدر نوصل للحقائق و القدرة على تفكيك الشبكات الاجرامية دي لازم نتكلم بوضوح و نشير باصابعنا لاماكن الخلل و نقترح الحلول و نقدم الرؤى و الافكار .
ناس السجون في السودان عندهم ادارة مهمة جدا اسمها ( الرعاية اللاحقة ) و دي ادارة مهمتها الاساسية إنو تتابع المجرمين الانتهت فترة عقوبتهم و طلعوا للمجتمع في الخارج ، الادارة دي بتراقبهم و تراقب سلوكياتهم و نشاطاتهم و بذات الطريقة دي مفترض تكون في ادارة في استخبارات الشرطة و اجهزة الامن الداخلي بترصد و تتابع النظاميين الخرجو من الخدمة و ترصد نشاطاتهم و حركة اموالهم و يا ريت كمان ذي ما بنعمل فحص طبي و فحص امني و فيش لاي زول يتقدم للعمل في الشرطة و الامن او مؤسسات الدولة الاخرى يفترض نضيف شرط ( الفحص النفسي ) .
تسرب كوادر الشرطة و الامن بعد الحرب من دون تتبع او مراقبة او حتى إحصاء دقيق احدث فراغ كبير و خطير جداً لانو الكتير من العناصر دي عارفين تفاصيل العمل الامني و اساليبه و ثغرات النظام الامني و فيهم ناس لسه عندهم سلاح و بطاقات عسكرية عشان كده من الطبيعي نشوف بصمات أمنية محترفة في اساليب تنفيذ الجرائم المنظمة خاصة جرائم تسعة طويلة ، فعسكري الجيش البيطلع من الجيش و ينضم للمليشيات او المتمردين بيعمل صداع للجيش بسبب خبرتو و تدريبو العالي و كذلك ضباط و عساكر الشرطة و الامن المنحرفين لامن يهربو او يتم فصلهم من الخدمة بيمارسو انشطة اجرامية و بيأسسو عصابات قادرة انو تسبب الصداع للمؤسسة الامنية بسبب خبرتهم الكبيرة .
كلنا عارفين ان وزارة الداخلية بتواجه ازمة مركبة ضاعفتها الحرب خصوصا في الامكانيات لكن الخطر الكبير و الحقيقي البيواجه الشرطة السودانية ما بسبب ضعف الامكانيات بل بسبب فقدان التقييم و التحليل العلمي للواقع الميداني فالجريمة عندنا للاسف بنواجهها بردود فعل انفعالية بدون رؤية إستراتيجية ، يعني بي بساطة كده ما قاعدين نهتم بالعمل الإحصائي و الرصد الدقيق و التحليل السليم ، بنرتجل ساااي كده .
معظم القيادات الميدانية بيتجاهلو العمل الإحصائي و معظم القيادات العليا بيوقعوا على التقارير الإحصائية بدون ما يهتموا بتفاصيلها و تحليلاتها و توصياتها ، و الكلام ده ما عند ناس الشرطة بس ، بل في اغلبية الوزارات و الدوائر الحكومية بنلقى إنو مسؤلين الإحصاء و المعلومات مافي زول بيشتغل برصدهم و تحليلهم و حتى مكاتب الإحصاء بنلقاها اكتر مكاتب حكومية مهملة و موجودة في اذقة الوزارات و جدرانها منهكة من تسربات الصرف الصحي بتاع المؤسسة بالرغم من انو عندنا حاجة اسمها الجهاز المركزي للاحصاء و المركز القومي للمعلومات تحت مظلة رئاسة مجلس الوزراء و ما اظن في زول بيعرف اسماء المسؤلين من الاجهزة ديل منو ؟؟ و الكلام ده ليك يا دكتور كامل ادريس ، الموضوع ده طويل لكن لو ما فتحناهو ما ح نقدر نلامس جزور ازماتنا كلها و على راسهم الازمة الامنية .
واحدة من الكوارث المؤسسية الاتراكمت عبر الانظمة المتعاقبة في بلدنا هي الإستخفاف بالعمل الاحصائي و خاصة الاحصائيات المتعلقة بالجريمة رغم وجودها في سجلاتنا بقوالب و جداول قديمة و غير محدثة الا انها تعتبر كنز معلوماتي لكن للاسف ما بيتم تحليلها و فهمها الفهم الصحيح و لا بيتم البناء علي ضوءها رغم انها واحدة من اهم ادوات الامن القومي .
الرصد و التحليل السليم بيورينا الجريمة ح تحصل متين و وين بتتركز الجريمة و منو هم الجناة المحتملين و حتى نوع الاسلحة و اساليبهم الاجرامية و توقيتات انشطتهم ، ده كلووو ما ممكن نعرفو من غير مركز معلومات أمني حديث بيستخدم البيانات في رسم السياسات و توجيه القوات و اختيار الرد و التحرك المناسب .
ما عايز اطول في الكلام و انسى الحلول و واحدة من اقرب الحلول و اهمها هي إنشاء مركز معلومات و غرفة عمليات داخل حوش الوزارة و تحت رعاية وزير الداخلية شخصياً و إشراف المدير العام و يكون عندها افرع في ادارات الامن الجنائي ( المباحث ، استخبارات الشرطة ، السجون ) و بتنسيق كامل مع اجهزة المخابرات و الاستخبارات .
المركز و غرف العمليات دي تعمل على حصر كوادر الشرطة و الامن الهاربين و القدموا استقالات و المعاشيين و تتبع انشطتهم و تعمل قاعدة بيانات موحدة للمشتبهين و اصحاب السوابق او تأسيس مركز تحليل بيانات أمني متخصص يعتمد على تقارير البلاغات وسجلات الجرائم وربطها جغرافياً و زمنياً و تحويل البيانات الأمنية دي إلى خرائط إجرامية يتم تحديثها بشكل يومي عشان توجه العناصر في الميدان و ترسم الخطط .
و من المهم جدا تدريب ضباط و صف ضباط المباحث و الامن الجنائي على تحليل البيانات و المعلومات و اتخاذ القرار على اساسها و ليس على اساس الحدس و المصادر البشرية ، لانو الشغل بتاع الحملات المشتركة و انتشار العناصر ما ح ينجح لو ما كانت في خطط و توجيهات مبنية على رصد و تحليل سليم ، الشغل بتاع معلومات المصادر براهو ما بيحل لينا المشكلة من جذورها .
مسؤلية مكافحة الجرائم المنظمة ما مسؤلية الداخلية بس ، دي مسؤلية جماعية بيتشاركو فيها الشرطة و القضاء و النيابة و الرعاية الاجتماعية و لجان الاحياء و منظمات المجتمع و الإعلام و كل جهة عندها ادوارها المفترض تقوم بيها لكن الدور الاكبر على الامن الجنائي و على وزارة الداخلية انو تشرع في اصلاحات عميقة بتبداء من اعادة هيبة الشرطة و تفعيل العقل التحليلي داخل المؤسسة و إحترام الإحصاء كعلم و كسلاح و ما اعتقد انو دي حاجات محتاجة لامكانيات كبيرة او اموال خرافية ، دي حاجات محتاجة لعقول مهنية ما عقول سياسية ، فاذا احنا فقدنا الامل في ساستنا و كفرنا بيهم ما تخلونا نفقد الامل في المهنيين داخل مؤسساتنا .
العصابة الاتكلمت عنها في بداية البوست كانت بتستهدف الشماسة و المجانين مجهولي الهوية البموتو نتيجة للحوادث المرورية بقوموا يجيبو ليهم زول يمشي للشرطة و يدعي انو الشماسي المتوفي هو ابنه عشان يستفيد من اموال التامين ، العصابة دي مافي زول كان جايب خبرها او شاعر بيها لانها كانت بتشتغل باحترافية و هدوء لانو الضحية شماسي ما عندو اهل يسالو عنو و الدولة ما مهتمة بيهو كان مات و لا طار ، و لو ما تدقيقنا على سجلات و تقارير الاحصاء ما كان تم اكتشافهم و اتفككت العصابة بسبب مجرد رقم داخل جدول احصائي قادنا لكشف تنظيم اجرامي و تفكيكه .
لامن الدولة تدرك انو كل رقم في تقرير امني هو تهديد لحياة زول و كل نقطة حمراء على الخريطة بتعني اسرة مروعاها الجريمة و قتها ممكن نبداء المعركة الحقيقية ، معركة إستعادة الوطن من قبضة الخوف و الفوضى .
نزار العقيلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب