(عدن الغد)خاص:

الحقوق العمالية والوظيفية.. بين تسيس العمل النقابي والعجز الحكومي لمواجهتها..

ما الأضرار التي تلحقها الإضرابات على التعليم العام والجامعي؟

ما دور النقابات العمالية للوصول إلى تسوية بشأن هذه المطالب؟

هل هذه المطالب واقعية أم مجرد مكايدات سياسية.. ولماذا تعجز الحكومة عن مواجهتها؟

هل تثمر الإصلاحات الحكومية وفق شروط المنحة السعودية في وضع حلول لهذه المطالب؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

تتصاعد المطالب العمالية والحقوقية هذه الأيام في المحافظات الجنوبية ومن بينها العاصمة المؤقتة عدن.

ومنذ دحر مليشيا الحوثي في يوليو 2015م، والنقابات العمالية التي تأسست من بعد هذا التاريخ هي التي تتبنى هذه المطالب العمالية في المحافظات الجنوبية.

وترتفع أصوات موظفي الدولة في المكاتب التنفيذية والهيئات والمصالح الحكومية الخدمية والجامعات في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، مطالبة بالدرجات الوظيفية والأكاديمية وصرف العلاوات والتسويات والترقيات والاستحقاقات الوظيفية الأخرى المتراكمة منذ سنوات مضت.

ومؤخرا اتسعت دائرة الإضرابات في العاصمة المؤقتة عدن، لتشمل نقابة هيئة التدريس بجامعة عدن، بالإضافة إلى احتجاجات التربويين الذين قاموا بإغلاق المدارس الحكومية في مدينة عدن، كما أن هذه الاحتجاجات شملت المحاكم، وبشكل جزئي القطاع الصحي.

وعلى الرغم أن هذه الإضرابات مستمرة في بعض المرافق الحكومية حتى اليوم، إلا أنها تواجه بالتجاهل والصمت من قبل حكومة معين عبد الملك، ولأسباب عدة أهمها الضائقة المالية التي تعاني منها الحكومة، جراء استهداف مليشيا الحوثي لموانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، فضلا عن تأخر الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية والنقدية في الجهاز الحكومي للدولة.

> إضراب المحاكم

تكررت الإضرابات للسلطة القضائية في العاصمة المؤقتة عدن، مما أثر ذلك سلبا على سير العمل الأمني بالمحافظة، نتيجة لتراكم قضايا المواطنين وتحول أقسام الشرط بالمديريات إلى ما يشبه بالسجون المركزية.

وتتعالى المطالب من قبل رجال الأمن إلى أعضاء نادي القضاء الجنوبي والمجلس الأعلى للقضاء، بإعادة النظر في الإضرابات والنظر في قضايا المواطنين، لافتين إلى أن طول فترة الاحتجاز وتزايد أعداد المحتجزين في أقسام الشرط يتحول إلى عبئ كبير أمام الأجهزة الأمنية بالمحافظات.

وفي العاشر من شهر سبتمبر الماضي، أصدر نزلاء سجن المنصورة المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن، بلاغا أعلنوا فيه بدء الإضراب عن الطعام جراء تعطيل المحاكم، الأمر الذي يسبب لهم معاناة فوق معاناة السجن.

وجاء في بلاغ مقتضب صادر عن السجناء، أنه بسبب إضراب القضاء وتعطل المحاكم، فإن ذلك يتسبب ذلك بزيادة المعاناة للمسجونين وإطالة أمد بقائهم في السجن دون النظر في قضاياهم.

وحسب البيان المقتضب أعلنوا عن بدء إضراب مفتوح عن الطعام، وتحميل السلطة القضائية تبعات أي شيء يحدث لهم، نظرا لتعطيل أعمال المحاكم.

ويتصدر رفع ميزانية السلطة القضائية قائمة المطالب التي تقف أمام الإضراب في المحاكم، بالإضافة إلى رفع رواتب وحوافز الكادر الإداري العامل في المحاكم.

> إضراب في التعليم العام والجامعي

دخل إضراب الجامعات الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن، وبقية الجامعات في محافظات لحج وأبين وشبوة، أسبوعه الثالث دون استجابة من جانب حكومة معين عبد الملك.

وجددت نقابتا أعضاء هيئة تدريس وموظفي جامعات (عدن- لحج- أبين- شبوة) في بيانهم أمس الأول الثلاثاء المطالبة بإعادة الراتب إلى قيمته قبل عام 2015، وتعيين المتعاقدين الذين مرت عليهم سنوات وهم يعملون مقابل 9 آلاف ريال شهرياً، علاوة على المطالبة بإطلاق العلاوات السنوية والتسويات المتوقفة منذ سنوات.

ووفق باحثين أكاديميين، فإن للإضرابات والاحتجاجات آثارا سلبية على العملية التعليمية وتسهم إلى حد كبير في تعطيل النشاط التعليمي والأكاديمي.

ويرى مختصون في الشؤون الأكاديمية والتعليم الجامعي أن التأثير الذي تخلفه الإضرابات والاحتجاجات، تمتد إلى البرامج والأنشطة الأكاديمية، وأن التوقف عن الدراسة يؤدي إلى التأخير في الجدول الزمني للبرامج الأكاديمية، وقد يعاني الطلاب من تأثير ذلك على مساراتهم التعليمية وموعد تخرجهم المتوقع.

ووفق هذا الرأي، فإن التأثير يطال البحث العلمي أيضا في الجامعات اليمنية، وقد يتسبب بانقطاع الدعم والتمويل وتعطيل الأنشطة البحثية المختلفة حسب الخطط المقررة لها، مما يلقي بظلاله سلبا على تقدم البحث العلمي والابتكار في تلك الجامعات.

أما تأثير الإضرابات على الطلاب والطالبات وفق مختصين، تتمثل في الصعوبات التي يواجها الطلاب والطالبات في متابعة دراستهم والحصول على الدعم الأكاديمي اللازم، علاوة على التأثيرات النفسية المتعلقة برضا الطلاب وتحفيزهم، بالإضافة إلى مشاعر القلق التي تنتابهم بشأن مستقبلهم التعليمي.

ووفق باحثين في الشؤون الأكاديمية، فإنه من الآثار المحتملة للإضرابات العمالية أنها تقود العملية التعليمية للتوقف عن الدراسة، مما يؤثر على سمعة الجامعات اليمنية، علاوة على فقدان الثقة بالمؤسسة الأكاديمية وتأثير سمعتها في المجتمع المحلي والمجتمع الأكاديمي العالمي.

ويوصي المختصون أنه يجب مراعاة هذه التأثيرات المحتملة عند التعامل مع الإضرابات في مجال التعليم الجامعي، وينبغي أن تعمل الحكومة والنقابات في الجامعات الحكومية على إيجاد حلول وسط تلبي مطالب أعضاء هيئة التدريس وفق الإمكانات المتاحة للحكومة.

وفي سياق آخر يطالب أولياء الطلاب في مدارس التعليم العام الحكومي، بتفادي التصعيد الاحتجاجي الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأثير سلبي على العملية التعليمية ومستقبل أبنائهم.

ويتواصل إضراب المعلمين في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة لها، منذ أكثر من أربعة أسابيع، وهو ما قد يترتب عليه من أضرار كبيرة على العملية التعليمية في البلاد.

ويأتي إضراب المعلمين في المدارس الحكومية استجابة لدعوة أطلقتها رابطة المعلمين الأحرار الشهر الماضي، التي أعلنت من خلالها رفضها تحويل مرتبات المعلمين إلى البنوك الخاصة، ومنذ شهر لم يتلقَّ المعلمون أية استجابة من قبل الحكومة الشرعية.

وفي الوقت الذي تغلق المدارس الحكومية أبوابها أمام تعليم الطلاب، تستمر المدارس الخاصة بفتح أبوابها وتواصل العملية التعليمية بانتظام، تاركة التساؤلات لأولياء الأمور عن المستفيد من إغلاق المدارس الحكومية ومن تدني مستوى تعليم أبنائهم؟

> تصاعد المطالب.. وعجز حكومي

للنقابات العمالية دور كبير في الحفاظ على حقوق العاملين والقيام بدور إيجابي في رفع مستويات الأجور وتحسين ظروف العمال، وفي السابق كان لها دور فاعل ومؤثر في صياغة التشريعات العمالية.

ويرى نقابيون يمنيون أن النقابات أصبحت اليوم تنطلق من دوافع وأجندات سياسية وممارسة بعض الضغوط أكثر منها حقوقية، لذلك أصبح دورها ضعيفا وغير مؤثر على الجانب الحكومي وصناعة القرار فيها.

ومنذ أن تم إعادة هيكلة النقابات الجنوبية في إطار الاتحاد العام لعمال الجنوب، ومهمة هذه النقابات تمثل في رفع "العلم الجنوبي" في الدوائر الحكومية، علاوة على تمكين الجنوبين من إدارة مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد فيها، والمطالبة بحقوق العمال والموظفين المتراكمة منذ سنوات سابقة.

وردا على هذه المطالب العمالية، تسعى الحكومة المعترف بها دوليا وفق اشتراطات المنحة السعودية القيام بالإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية على مستوى قطاعات الدولة المختلفة، مع بذل الجهود للتغلب على التحديات الكبيرة التي أفرزتها الحرب الاقتصادية الحوثية، فضلا عن الحد من زيادة تدهور الأوضاع الخدمية وتفاقم الأوضاع المعيشية والمعاناة الإنسانية.

وتعد الحكومة المواطنين أنها بصدد تنفيذ حزمة من الإصلاحات عبر ووزارة المالية، يتمثل في تنفيذ برنامج الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى متابعة الإجراءات التصحيحية بصرف مرتبات موظفي الدولة عبر البنوك، للتخلص من الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية التي أثقلت كاهل الموازنة الحكومية.

ومع هذه الوعود الحكومية، ماتزال تتصاعد الإضرابات في الجامعات والمدارس الحكومية التي تزامنت مع بدء العام الدراسي الحالي 2023م، دون الالتفات لها من قبل حكومة معين عبد الملك، ولم تصل كما يبدو النقابات العمالية التي تمثل هذه الجهات حتى اليوم إلى تسوية أو اتفاق لحل هذه المطالب مع الحكومة.

ووفق مختصين في الشأن الاقتصادي، فإن هذه الإضرابات تشكل عقبات والتزامات مالية كبيرة تجاه حكومة معين عبد الملك التي تعاني أصلا من شحة الموارد المالية والكفاءة في تحصيلها، وتعمل في نفس الوقت على تعطيل عمل المرافق الحكومية وتؤثر على تقديم الخدمات الحكومية المتدنية أصلا التي تعمل في الوقت الحالي بحدها الأدنى.

كما أن الإضرابات المتواصلة وفق مراقبين، تتسبب بتأزيم الحالة السياسية في المحافظات الجنوبية المتأزمة أصلا وتعبر عن نفسها بأكثر من طريقة ووسيلة، ولعل إحداها هذه الاحتجاجات التي تتخذ الطابع المطلبي.

وعلى الرغم من أن واجب هذه الحكومة تنفيذ مطالب النقابات العمالية وتحسين أوضاع العاملين في الجهاز الإداري للدولة بزيادة الأجور بشكل عادل ومستدام، غير أن الحكومة تتعلل بالظروف الاقتصادية والمالية الاستثنائية التي يمر بها البلد، وما تسبب به مليشيا الحوثي من دمار وحرب اقتصادية على مختلف قطاعات الدولة المختلفة.

ختاما.. تأتي هذه الإضرابات التي دعت إليها النقابات العمالية في المكاتب التنفيذية والمصالح الحكومية في ظل ازدياد تكاليف المعيشة وتدني قيمة العملة المحلية وتحويل الرواتب عبر البنوك الحكومية والتجارية، وأصبح من الضروري مراجعة أجور العاملين وزيادتها؛ للإسهام بتحسين جودة حياتهم وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية المناسبة لأسرهم.

كما أن هذه المطالب الحقوقية تتزامن مع تحديات ماثلة تقف أمام الحكومة المعترف بها دوليا، وتزايد مخاوفها من أنها ربما قد لا تستطيع المحافظة على دفع الرواتب في مطلع العام القادم.

وطبقا لتصريحات حكومية، فإن الحكومة تبذل الجهود الكبيرة في سبيل الحفاظ على استقرار العملة وتقديم الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للمواطنين، وتتخوف في نفس الوقت أن يستمر الحال على حاله بعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها في حالة عدم تصدريها للنفط والغاز من موانئها الرئيسة.

وعلى الرغم من كثرة الإضرابات والاحتجاجات التي تشهدها غالبية المحافظات الجنوبية، لكن يبقى أبرزها هي الإضرابات التي طالت المحاكم وتعطيل التقاضي بين الناس، وكذا إضرابات الجامعات والمدارس الحكومية والمرافق الخدمية، لما لذلك من آثار مباشرة على تعطيل المرافق الخدمية، ومعها حياة المواطنين في ظل تدني أو انعدام تقديم الخدمات حتى قبل حدوث الإضرابات هذه.
 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: فی العاصمة المؤقتة عدن المحافظات الجنوبیة النقابات العمالیة العملیة التعلیمیة المدارس الحکومیة بالإضافة إلى علاوة على من قبل أن هذه

إقرأ أيضاً:

تحليل- رئيس الوزراء اليمني يعود إلى عاصفة من الأزمات.. تحديات مستعصية وشارع يغلي

يمن مونيتور/ وحدة التحليلات/ خاص:

برفقة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وصل رئيس الوزراء اليمني، سالم بن بريك، إلى العاصمة عدن يوم الأحد، في أول زيارة له للبلاد منذ تعيينه في منصبه. يأتي ذلك في وقت تواجه فيه حكومته عاصفة من المشكلات والتحديات الاقتصادية والسياسية.

ويوم السبت، خرجت تظاهرات نسائية في عدن وتعز تطالب بالكهرباء والمياه ومكافحة الفساد، ودفع الرواتب وزيادتها مع انهيار قيمة العملة الوطنية. في ظل استياء عام متزايد في مناطق سيطرة الشرعية مع تفاقم الوضع المعيشي في البلاد.

وكان بن بريك قد صرَّح في منتصف مايو/أيار الماضي بأنه لن يعود إلى عدن إلا “بانفراجة حقيقية في الدعم المالي والملفات العالقة”. لكنه عاد دون تفاصيل حول الوعود التي حصل عليها بشأن تقديم الدعم.

وقال مصدر بمكتب رئاسة الجمهورية إن رشاد العليمي: لقاءات برئاسة الحكومة، وقيادات السلطات المحلية، والجهات ذات العلاقة، لتشارك الخطط والسياسات الموجهة لتعزيز مسار الاصلاحات الشاملة، وتحسين الموارد العامة للدولة، واحتواء التدهور الاقتصادي، والخدمي خصوصا في قطاعي الكهرباء، والمياه، ودعم معركة التحرير، واستعادة مؤسسات الدولة.

فما التحديات التي تواجه حكومته؟

رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة خلال العودة إلى عدن

 

أزمة اقتصادية حادة

تعاني الحكومة اليمنية من أزمة مالية خانقة مع تجفيف مصادر دخلها، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد. وهناك عدة عوامل أدت بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تقليص الإيرادات الحكومية بشكل كبير، منها توقف صادرات النفط منذ نهاية عام 2022 بسبب تهديد الحوثيين بقصف موانئ تصدير النفط، والذي أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة المعترف بها دوليًا بنسبة 42% في النصف الأول من عام 2024، مما منعها من تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

كما أن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والشريك في الحكومة، على جزء من إيرادات الموانئ والجباية في المحافظات الخاضعة اسميًا لسلطة الحكومة الشرعية، تُعد جزءًا من تراجع الإيرادات. يضاف إلى ذلك تراجع مقدار الدعم السعودي والإماراتي أو تعليقه.

كما كان لتحول مسار السفن التجارية من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة، وإجبار الحوثيين للتجار على التعامل رسميًا عبر الحديدة، وإلزامهم بتوقيع تعهدات بذلك في فبراير/شباط 2023، دور سلبي على الاقتصاد وانهيار العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، مما تسبب في انخفاض قيمة الريال اليمني في سوق عدن من 1,619 ريالًا للدولار في يناير/كانون الثاني 2024، إلى 2,546 ريالًا للدولار في الأول من يونيو/حزيران 2025م.

 

استياء عام متزايد

يعود رئيس الوزراء اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن في وقت يتزايد فيه الغضب المحلي تجاه الحكومة والأطراف الأخرى الموالية لها بسبب تردي الوضع المعيشي والانقطاعات المتزايدة للكهرباء في المحافظات الساحلية، وانعدام المياه في محافظة تعز.

وعشية وصول سالم بن بريك إلى عدن، خرجت تظاهرات في عدن وتعز تطالب بتوفير الخدمات، وتتهم الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات بالفساد. وهي مظاهرات تخرج بشكل شبه يومي منذ أسابيع دون إجراءات حكومية فعالة لحل الإشكاليات.

تظاهرة نسائية في تعز (وسط) تندد بتردي الخدمات العامة وتطالب بوقف انهيار العملة

في عدن، طالبت النساء المحتجات، وسط تشديد أمني من المجلس الانتقالي الجنوبي، بتوفير الكهرباء والمياه، وتحسين الوضع المعيشي والتعليمي، وصرف الرواتب المتأخرة.

وفي تعز، طالبت النساء المحتجات بتوفير المياه الصالحة للشرب مع ارتفاع قيمة صهريج المياه إلى أكثر من 50 ألف ريال، وإيجاد حلول دائمة للمياه والكهرباء التي تعتمد على الكهرباء التجارية.

وتعاني مدينتا عدن وتعز من تدهور كبير في مستوى الخدمات – مثل المحافظات الساحلية المجاورة حضرموت وأبين وشبوة والمهرة – أبرزها انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تصل إلى 14 ساعة يوميًا مقابل ساعة إلى ساعة ونصف تشغيل، في ظل درجة حرارة مرتفعة تصل إلى أكثر من 45 درجة. كما تعاني من ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية مع انهيار قيمة العملة وضعف الرواتب، حيث يتسلم الموظف الحكومي العادي أقل من 50$ في الشهر.

الحكم المحلي وديناميكيات الصراع

كما يعود سالم بن بريك إلى عدن في ظل سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي وتحكمه بسلطة القرار منذ عام 2020 في المحافظات الجنوبية والشرقية، مما يثير ديناميكيات صراع جديدة.

والمجلس الانتقالي الجنوبي (المدعوم إماراتياً) جزء من هيكل الحكومة المعترف بها دوليًا، لكنه يلقي باللوم دائمًا على فشلها متهربًا من مسؤولياته؛ مع استمرار رفضه القاطع لشرعية الحكومة الحالية المعترف بها دوليًا، ويطالب بتحقيق أمنيته في دولة جنوبية منفصلة.

وفي سابقة غير مألوفة، وجه المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدير عدن والمحافظات المجاورة رسالة إلى مجلس الأمن الدولي “للمطالبة بتحرك دولي عاجل وفوري لإنقاذ الواقع ومعالجة الأزمة المعيشية والانهيار الخدمي المتفاقم بعدن”.

في سياق متصل، تشهد المحافظات الجنوبية، خاصة حضرموت والمهرة وشبوة، تصاعد موجة استياء متزايدة بالفعل من الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو للانفصال.

هبة حضرموت الثانية.. أين تتجه المحافظة النفطية مع التصعيد القبلي؟! (تحليل خاص) أهداف وخبايا.. لماذا يجتهد المجلس الانتقالي لإعلان فشل الحكومة اليمنية؟ (تحليل خاص)

وتُعد أبرز التحديات في محافظة حضرموت الغنية بالنفط، حيث يطالب “حلف قبائل حضرموت” بالحكم الذاتي مدعومًا بقوى قبلية وتشكيلات مسلحة محلية، مما ينذر بانفجار وشيك.

وفي مارس/آذار المنصرم، وخلال زيارته للمكلا، مركز المحافظة، اتهم رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي “حلف قبائل حضرموت” بالعمالة، الأمر الذي أثار موجة غضب داخل المكونات القبلية في المحافظة.

وعلى الرغم من أن جذور ذلك تعود إلى قرابة 8 سنوات، إلا أنه تصاعد منذ أبريل/نيسان حيث يخرج حلف قبائل حضرموت في تنظيم تجمعات جماهيرية حاشدة في مناطق نفوذه شرقي المحافظة، رُفعت خلالها شعارات تطالب بـ”الحكم الذاتي” و”تقرير المصير”. ويُعد هذا التحرك الأول من نوعه من حيث الطابع السياسي العلني، بعد سنوات اقتصرت فيها مطالبه على قضايا ذات طابع حقوقي.

يأتي ذلك وسط إعجاب من القوى القبلية والشعبية في المحافظات الأخرى الرافضة للمجلس الانتقالي الجنوبي الساعي للانفصال وضم المحافظات لتبعيته لتكرار نفس التجربة.

وقال إبراهيم جلال، الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن مواجهة هذا التحدي تتطلب: تعزيز العلاقات بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية وإعادة بناء الثقة، وتحسين الاستجابة، بما في ذلك من خلال الحوار بين المحافظين والحكومة؛ (حيث كان مؤتمر المحافظين يوفر منصة للتنسيق).

كما يرى جلال ضرورة “إنشاء برنامج حكومي مدعوم دوليًا بأجندة إصلاحية، والتركيز المتجدد على تماسك الدولة، للحد من التشرذم وتعزيز شرعيتها”.

President Rashad AlAlimi on the right, and the head of the Southern Transitional Council(STC), Aidaroos AlZubaidi Graphic Yemen Monitor تراجع المساعدات

تواجه الحكومة المعترف بها دوليًا بالفعل أزمة كبيرة في تراجع المساعدات الدولية العام الجاري، وهذا يفاقم من الأزمة الإنسانية الكارثية التي يمر بها اليمن بالفعل، ويصبح ذلك تحديًا كبيرًا للحكومة.

ويعود ذلك إلى عدة أسباب مرتبطة بالصراع طويل الأمد في البلاد وتباطؤ الحوكمة، وكان لإيقاف الولايات المتحدة تقديم المساعدات لليمن -التي كانت الداعم الأكبر لبرامج الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية- تأثير مباشر.

وتشير الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025 تعاني من نقص تمويلي هائل. فمثلًا، في مايو/أيار 2025، كانت الفجوة التمويلية لخطة الأمم المتحدة تبلغ حوالي 90% أو أكثر من المبلغ المطلوب لتسيير أعمال الاستجابة الإنسانية.

ويرى إبراهيم جلال ضرورة “تبسيط الإجراءات الحكومية لتسهيل الدعم الدولي وتيسيره، وضمان الاستجابة والمرونة التي يتطلع إليها المانحون. وينبغي أن يشمل هذا النهج آليات واضحة للمساءلة والكفاءة والشفافية، ومراقبة وتقييم فعالين ومستمرين، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية”.

وأشار إلى أنه “من خلال مواءمة التدخلات الدولية مع أهداف التعافي الوطني، وضمان البرمجة التي تراعي الصراع والاستقرار، والتنسيق مع السلطات المحلية والوزارات المعنية، يمكن أن يكون الدعم أكثر حساسية للتنمية وأن يعزز بشكل فعال التعافي الشامل في اليمن”.

الاحتياجات الإنسانية لليمن بعد 10 سنوات من الحرب- جرافيك يمن مونيتور طريق شاق لكنه ممكن

بينما يعود رئيس الوزراء سالم بن بريك إلى عدن، تقع على عاتقه مسؤولية قيادة جهود مضنية لتجاوز هذه المرحلة الحرجة. إن حجم التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية يتطلب تضافر جهود كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. فمن الضروري أن تعمل الحكومة على استعادة مصادر الدخل، والتصدي للفساد، والاستماع إلى مطالب المواطنين المشروعة بتوفير الخدمات الأساسية.

وقال إبراهيم جلال: يعتمد استقرار اليمن وتعافيه على نهج متكامل: الإصلاحات الاقتصادية، والشرعية الشعبية، والمشاركة المحلية، والتعاون الدولي.

وأضاف: أمام رئيس الوزراء سالم بن بريك طريقٌ شاق، ولكن مع تحديد الأولويات الصحيحة، يُمكن تحقيق التقدم.

 

يمن مونيتور2 يونيو، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام النبي والمحتال مقالات ذات صلة النبي والمحتال 1 يونيو، 2025 السلطة المحلية في تعز تعلن حزمة معالجات لأزمة المياه 1 يونيو، 2025 “غروندبرغ” ووزير الخارجية المصري يناقشان تطورات اليمن والبحر الأحمر 1 يونيو، 2025 إدارة “اليمنية” في صنعاء تندد برفض التعامل مع تذاكرها 1 يونيو، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية إدارة “اليمنية” في صنعاء تندد برفض التعامل مع تذاكرها 1 يونيو، 2025 الأخبار الرئيسية تحليل- رئيس الوزراء اليمني يعود إلى عاصفة من الأزمات.. تحديات مستعصية وشارع يغلي 2 يونيو، 2025 النبي والمحتال 1 يونيو، 2025 السلطة المحلية في تعز تعلن حزمة معالجات لأزمة المياه 1 يونيو، 2025 “غروندبرغ” ووزير الخارجية المصري يناقشان تطورات اليمن والبحر الأحمر 1 يونيو، 2025 إدارة “اليمنية” في صنعاء تندد برفض التعامل مع تذاكرها 1 يونيو، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك السلطة المحلية في تعز تعلن حزمة معالجات لأزمة المياه 1 يونيو، 2025 “غروندبرغ” ووزير الخارجية المصري يناقشان تطورات اليمن والبحر الأحمر 1 يونيو، 2025 إدارة “اليمنية” في صنعاء تندد برفض التعامل مع تذاكرها 1 يونيو، 2025 “العليمي” و”بن بريك” يعودان إلى عدن بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية 1 يونيو، 2025 عمل تخريبي يقطع الكهرباء عن مأرب ويُخرج المحطة الغازية عن الخدمة 1 يونيو، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 21 ℃ 27º - 18º 15% 2.91 كيلومتر/ساعة 27℃ الأثنين 28℃ الثلاثاء 28℃ الأربعاء 29℃ الخميس 29℃ الجمعة تصفح إيضاً تحليل- رئيس الوزراء اليمني يعود إلى عاصفة من الأزمات.. تحديات مستعصية وشارع يغلي 2 يونيو، 2025 النبي والمحتال 1 يونيو، 2025 الأقسام أخبار محلية 30٬328 غير مصنف 24٬215 الأخبار الرئيسية 16٬552 عربي ودولي 7٬796 غزة 10 اخترنا لكم 7٬380 رياضة 2٬559 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬396 كتابات خاصة 2٬179 منوعات 2٬110 مجتمع 1٬941 تراجم وتحليلات 1٬950 ترجمة خاصة 183 تحليل 25 تقارير 1٬706 آراء ومواقف 1٬604 ميديا 1٬535 صحافة 1٬501 حقوق وحريات 1٬414 فكر وثقافة 952 تفاعل 854 فنون 504 الأرصاد 477 بورتريه 68 صورة وخبر 40 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات أحمد ياسين علي أحمد

المتحاربة عفوًا...

أحمد ياسين علي أحمد

من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...

haber-haziran

It is so. It cannot be otherwise....

haber-7

It is so. It cannot be otherwise....

عبدالعليم محمد عبدالله محمد البخاري

سلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...

مقالات مشابهة

  • العمليات الحكومية: المساعدات التي تدخل غزة 0.1% من الحد الأدنى المطلوب
  • تحليل فيتامين B12 لم يعد روتينيًا.. إجراءات جديدة لتحسين جودة الرعاية الصحية
  • الجولة التاسعة من "التصفيات الآسيوية".. تحليل لحسابات التأهُّل والصعود
  • تحليل لـCNN: ما الذي يميز صورة ترامب الجديدة عن صور رؤساء أمريكا السابقين؟
  • الصفارة تجذب النكد ليلاً.. سونيا الحبال تحذر من الطقوس الليلية السلبية
  • بيراميدز والأهلي والزمالك.. صراع الثلاثي على زعامة القارة.. تحليل للمنافسة المستقبلية
  • وفد شباب كيمان المطاعنة يطالب بإزالة تعديات الباعة الجائلين وتخصيص موقف للتوك توك
  • تجمع النقابات العمالية جنوبًا استنكر استهداف المواطن سرور في عيتا الشعب
  • تحليل- رئيس الوزراء اليمني يعود إلى عاصفة من الأزمات.. تحديات مستعصية وشارع يغلي
  • ما وراء ضباب الحرب: تحليل ادعاءات التفوق الجوي بين الهند وباكستان