"شرطة الأخلاق لم تذهب حتى تعود"، هذا ما يؤكده عدد من النشطاء الإيرانيين الذين تحدث معهم موقع "الحرة"، بعد إصابة الإيرانية، أرميتا غاراواند، بجروح خطرة خلال مشاجرة اندلعت بينها وبين شرطيات في مترو الأنفاق بالعاصمة الإيرانية طهران.

وفي وقت نفت السلطات الإيرانية وقوع أي احتكاك بين غاراواند وعناصر من أجهزة رسمية، مؤكدة أنها "فقدت الوعي" لانخفاض ضغط الدم، قالت منظمة هنجاو الحقوقية إن الفتاة، البالغة من العمر 16 عاما، دخلت في غيبوبة بعد تعرضها "لاعتداء".

كما قالت المنظمة، على منصة إكس، إن قوات الأمن قبضت على شاهين أحمدي والدة الفتاة، دون أن يصدر أي تأكيد رسمي حتى الآن بشأن الاعتقال.

وعبر ناشطون عن غضبهم إزاء الحادثة التي تأتي بعد أيام قليلة على الذكرى السنوية الأولى لوفاة مهسا أميني، وقالت الناشطة مسيح علي نجاد، على أكس، إن الفتاة تقبع الآن في المستشفى في حال غيبوبة بعد مواجهة مع "شرطة الأخلاق".

My heart is broken. Right on the first anniversary of the murder of #MahsaAmini in the hand of morality police, this horrifying images, emerging of #ArmitaGaravand, the 16 year old girl who is in a coma in Iran after a reported confrontation with the morality police in Tehran.… pic.twitter.com/P14YmA15ZC

— Masih Alinejad ????️ (@AlinejadMasih) October 3, 2023

والمثير أن السلطات الإيرانية كانت قد أعلنت وسط احتدام الاحتجاجات على مقتل أميني العام الماضي عن حل شرطة الأخلاق، ولكن يؤكد نشطاء في المقابل أن هذا الجهاز لايزال يمارس نشاطه ولكن تحت مسميات أخرى.

عودة شرطة الأخلاق؟

وفي هذا السياق، تقول الناشطة السياسية الإيرانية المقيمة في لندن، ليلى جزايري، إن النظام الإيراني يستخدم "شرطة الأخلاق" لقمع النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإلزامي".

وهذه القاعدة "موجودة دائما ولم يتم إلغاؤها أبدا"، لكن بعد انتفاضة سبتمبر 2022، التي استمرت عدة أشهر، غير النظام تكتيكاته، وفق حديثها لموقع "الحرة".

وبدأت شرطة الأخلاق في مضايقة الفتيات الصغيرات في المدارس عن طريق تسميم التلميذات لعدة أشهر، على حد قولها.

وتؤكد جزايري، أن السلطات الإيرانية أدخلت "شرطة الحجاب" الجديدة ونشروا قوات قمعية في محطات مترو الأنفاق لترهيب وقمع النساء، والهجوم الوحشي الأخير على الفتاة نفذته تلك القوات.

في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، على منصة إكس، الخميس، إن الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا "تبدي قلقا غير صادق بشأن النساء والفتيات الإيرانيات".

ومن جانبه، يشير المعارض الإيراني المقيم في لندن، وجدان عبدالرحمن، إلى أن تصريحات السلطات الإيرانية حول إلغاء شرطة الأخلاق بعد الاحتجاجات التي اندلعت إثر وفاة الشابة، مهسا أميني، كانت "كاذبة وليس لها أي أساس من الصحة".

وفي ديسمبر 2022، قال المدعي العام في إيران، محمد جعفر منتظري، إن "شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها"، كما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إسنا)، وقتها.

إيران.. حل شرطة الأخلاق التي تسببت في مقتل مهسا أميني أعلن المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، إلغاء شرطة الأخلاق من قبل السلطات المختصة، كما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إسنا)، الأحد.

و"شرطة الأخلاق لم تلغى من الأساس"، وشاركت بقوة في قمع الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة أميني، في 16 سبتمبر 2022 بعد أيام على توقيفها على خلفية انتهاكها قواعد اللباس الصارمة في إيران، حسبما يوضح عبدالرحمن.

ويشدد المعارض الإيراني أن قوات "شرطة الأخلاق" انشغلت خلال الفترة الماضية بقمع الاحتجاجات، وبعد الانتهاء من التنكيل بالمحتجين عاودت الظهور مرة أخرى لتمارس المزيد من "التسلط على النساء"، وتفتش السيدات في القطارات والمطارات ومحطات المترو.

ومن جهته، يؤكد المحلل السياسي الإيراني المقيم في ستوكهولم، نوري آل حمزة، أن "شرطة الأخلاق لم تلغى"، لكن تم رفع "شعاراتها من السيارات التابعة لها وملابس عناصرها".

ومازال عمل شرطة الأخلاق "مستمرا"، لكن عناصرها يتنكرون في ملابس مدنية ويتحركون في محطات المترو والحافلات والقطارات والأسواق، ويهاجمون النساء، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويرى آل حمزة أن السلطات الإيرانية سعت لـ"إبعاد اسم شرطة الأخلاق" عن الرأي العام، وبذلك قامت بـ"عملية خبيثة"، بإلباسهم ملابس مدنية تقليدية لكنهم يمارسون "نفس المهام السابقة".

وكل ما تغير هو "إزالة الشعار"، لكن المهام والمسؤوليات "لم تتغير"، حسبما يشير المحلل السياسي الإيراني المقيم في ستوكهولم.

ما هي شرطة الأخلاق؟ سيدة إيرانية تبكي في سيارة شرطة الأخلاق عقب اعتقالها- صورة أرشيفية.

ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979 كان في إيران أشكال مختلفة من "شرطة الأخلاق".

في العام 2006، بدأت شرطة الأخلاق دورياتها بعدما أنشأها المجلس الأعلى للثورة الثقافية في عهد الرئيس الأسبق المحافظ، محمود أحمدي نجاد، (2005-2013)، من أجل "نشر ثقافة الأدب والحجاب"، وفق وكالة "فرانس برس".

واسمها بالفارسية "غاشت إرشاد"، أي دوريات الإرشاد، وهي مكلفة بتطبيق تفسيرات النظام الصارمة لمفهوم الأخلاق وبإنفاذ مدونة قواعد السلوك الإسلامية الإيرانية في الأماكن العامة.

وبموجب القانون الإيراني، يحق لعناصر شرطة الأخلاق توجيه الاتهامات وفرض غرامات أو حتى اعتقال من تعتقد أنهن يخالفن "القواعد".

وتحظى شرطة الأخلاق بدعم من ميليشيا البسيج الإيرانية، ويُعتقد أن جماعة "غاشت إرشاد" تستقطب الكثير من أفرادها من تلك المليشيا، وهي وحدة شبه عسكرية متشددة، وتشمل أيضا العديد من النساء، وفق تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

حوادث مستمرة؟

وفقا لمنظمة "هينغاو"، فإن الفتاة، أرميتا غاراواند، البالغة من العمر 16 عاما أصيبت بجروح خطرة خلال مشاجرة اندلعت بينها وبين شرطيات في شرطة الأخلاق في مترو الأنفاق بالعاصمة الإيرانية.

وأصبحت قضية هذه الفتاة محور نقاشات عديدة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تم تداول مقطع فيديو يظهر، بحسب البعض، الشابة التي بدا أنها غير محجبة تُدفع من قبل شرطيات إلى داخل قطار المترو، قبل أن تسقط أرضا ويتم نقلها بعيدا من دون أن يتحرك جسمها الذي بدا أشبه بلوح خشبي.

فيديو يوثق حادثة الاعتداء على شابة في إيران بسبب الحجاب.#الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة pic.twitter.com/O3AlNJvUnV

— قناة الحرة (@alhurranews) October 4, 2023

وتنحدر الفتاة من مدينة كرمانشاه، في غرب إيران ذي الأغلبية الكردية، وتعيش في طهران، بحسب "هنغاو".

وتذكر هذه الواقعة بوفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية انتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق خلّف احتجاجات واسعة في إيران

ولذلك تشير ليلى جزايري إلى أن النظام الإيراني يستهدف النساء على وجه التحديد كـ"وسيلة لقمع وبث الخوف في المجتمع من أجل منع الانتفاضات".

وينبع هذا النهج القمعي من كراهية النظام الإيراني العميقة للنساء، وفق الناشطة السياسية الإيرانية المقيمة في لندن.

وترى أن النظام الإيراني يستخدم "فرض الحجاب الإلزامي" كأداة، لترهيب النساء وخلق الخوف على نطاق واسع داخل المجتمع.

وتماشيا مع هذه الاستراتيجية، حدثت زيادة في عمليات الإعدام التي تهدف إلى خلق جو من الرعب وردع الاحتجاجات العامة، حيث تم إعدام أكثر من 530 شخصا منذ بداية العام، حسبما توضح.

وتشدد على أن المرأة تشكل نصف المجتمع، ولذلك يفرض النظام الإيراني "قوانين همجية" لاستخدام العنف بشكل منهجي، وخلق جو من الخوف والرعب في جميع أنحاء إيران من أجل السيطرة على النصف الآخر من المجتمع.

ويخدم غرض السلطات الإيرانية في "السيطرة على السخط العام ضد النظام ومنع الانتفاضات من الحدوث"، بحسب الناشطة السياسية الإيرانية المقيمة في لندن.

ومن جانبه، يؤكد وجدان عبدالرحمن أن النظام الإيراني يعتبر أن "الحجاب الإلزامي والزي الإسلامي"، هو المظهر الوحيد المتبقي من شعارات الجمهورية الإسلامية.

ويرى النظام الإيراني أن "التدين الظاهري" المتعلق بالحجاب واللباس الإسلامي هو "خط أحمر"، ليستمر في ممارسة "سطوته الدينية" على الإيرانيين، وفق عبدالرحمن.

ويتفق معه نوري آل حمزة الذي يشير إلى أن "الإيرانيات يناضلن من أجل حقوقهن في اختيار ملابسهن"، في مواجهة "وصاية النظام".

وإذا تخلت السلطات الإيرانية عن "فرض الوصاية الدينية"، فهي ستفقد "سطوتها" على الشارع الذي يناضل سياسيا واجتماعيا بهدف إزاحة النظام، حسبما يؤكد المحلل السياسي الإيراني المقيم في ستوكهولم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: السلطات الإیرانیة النظام الإیرانی شرطة الأخلاق مهسا أمینی فی إیران فی لندن من أجل

إقرأ أيضاً:

من دون تكييف ولا دعم.. لاعبات عراقيات على الكراسي المتحركة إلى العالمية

30 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: تمضي نور الهدى سرمد على عجلتها كأنما تسابق الريح، لا تستسلم لكسر منضدة ولا لانقطاع تيار، ولا لسخرية مركونة في زاوية من زوايا المجتمع. ففي صالة غير مهيّأة، دون تكييف أو دعم مؤسسي، تولد بطولات نسوية عراقية صامتة، على يد نساء اختصرن طريق التغيير بالشجاعة وحدها، لا بانتظار الإنصاف.

وتأتي هذه الطفرات الفردية في سياق معقّد تُثقل كاهله الإعاقةُ البنيوية للدولة قبل الأجساد. فالدولة التي أغرقتها الموازنات التقشفية، والنزيف الإداري، والمحسوبيات، لا تلتفت لبطولات نساء جئن من خلف جدران العزلة الاجتماعية إلى منابر الذهب، لتقول إحداهن: “لا شيء مستحيل”. فعبارة مثل هذه ليست خطاب تحفيز، بل نتيجة يومية لنضال شخصي مكلف، تدفع فيه اللاعبة من مالها وصحتها ووقتها لتشتري مضرباً بمئتين وعشرين دولاراً، مقابل بدل نقل لا يتجاوز خمسة وسبعين.

وتكمن المفارقة هنا أن الإنجاز الأولمبي العراقي في تنس الطاولة لم يأتِ من ملاعب الدولة، بل من رياضية مثل نجلة عماد التي احتضنتها الرعاية الخاصة حين غابت يد الحكومة. وهي مفارقة تكرّس ما بات يعرف في الخطاب السياسي بـ”غياب الدولة التنموية”، حين تُهمل أدوات البناء البشري، ويُختزل مفهوم الرياضة الوطنية في متابعة كرة القدم، كأنما باقي الألعاب لا تُنتج شرفاً ولا علماً ولا تاريخاً.

وتفتح تجربة فريق الديوانية للنساء من ذوي الإعاقة نافذة على خطاب التمكين الحقيقي، لا ذلك المشغول بالشعارات، بل ذاك الذي يخترق قيود النقل والصورة النمطية المجتمعية، ويروّض نظرة عشائرية ترى في خروج المرأة للرياضة تحدياً لمفهوم الشرف، لا تعبيراً عن حقّ مكتسب.

وتتزامن هذه التحركات الرياضية النسوية مع سياق إقليمي أوسع يعيد النقاش حول المساحة المتاحة للمرأة في المجال العام، خصوصاً بعد إلغاء مشاركة النساء في ماراثون البصرة العام الماضي لأسباب “اجتماعية”، وهي سابقة أعادت إنتاج الصراع القديم بين القيم المحافظة وحق النساء في التمثيل والمنافسة.

وتبدو الرياضة هنا، في أعمق مستوياتها، مرآة لحال العقد الاجتماعي العراقي. ففي ظل غياب سياسات الإدماج الفاعلة، وضعف البنية التحتية، وتآكل الثقة بالمؤسسات، تنبثق حكايات البطولة من تحت الأنقاض. وهي بذلك ليست مجرد صراع في حلبة، بل فعل مقاومة ناعم، يراكم شرعية جديدة للمرأة، ولمفهوم مختلف للوطن.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • واقعة صادمة.. استدراج واعتداء جنسي على فتاة من ذوي الهمم
  • بعد واقعة تحـ.ـرش فتاة أكتوبر.. عقوبات رادعة تنتظر المتورطين وفقاً للقانون
  • خلافات عائلية.. «أمن القاهرة» يعيد فتاة لـ أسرتها بعد فقدانها في الشرابية
  • خلافات عائلية.. الأمن يعيد فتاة تركت منزل أهلها بالقاهرة
  • من دون تكييف ولا دعم.. لاعبات عراقيات على الكراسي المتحركة إلى العالمية
  • الداخلية تعيد فتاة الشرابية المتغيبة لأحضان أسرتها
  • تصعيد بوقت خاطئ.. هل يُعيد مقتل 6 مصريين على يد الشرطة مشهد يناير؟
  • سر الخصوبة.. دراسات تكشف تأثير النظام الغذائي على الصحة الإنجابية للمرأة
  • أنقرة.. التحقيق في واقعة ولادة بدون طبيب بمستشفى خاص
  • توفيق عكاشة: النظام الإيراني يلفظ أنفاسه الأخيرة.. وانهياره مسألة وقت